5 - الجزء الخامس (لِمَا؟)

الجزء الخامس (لِمَا؟)

نظر (جيرالت) من نافذة القصر للمرة الأخيرة. كانت الشمس تغرب بسرعة. من وراء البحيرة كانت أضواء مدينة (ويزيم) البعيدة تلمع. كانت هناك منطقة برية حول القصر القديم، قطعة أرض لا يملكها أحد تخلت عنها المدينة لمدة سبع سنوات، مبعدة نفسها عن هذا المكان الخطير، لم تترك شيئًا سوى بعض الأطلال والأعمدة التالفة وبقايا سور مكون من أعمدة خشبية يبدو أنه لم يستحق التفكيك والنقل.

في أبعد ما يمكن - في الطرف المقابل من المستوطنة - بنى الملك مسكنه الجديد. كان البرج الحصين لقصره الجديد يبرز باللون الأسود في الأفق مقابلًا السماء الزرقاء الداكنة.

في إحدى الغرف الفارغة المنهوبة، عاد الويتشر إلى الطاولة المغبرة التي كان يستعد فيها، بهدوء وتأن. كان يعلم أن لديه الكثير من الوقت. لن تغادر (الستريجا) تابوتها قبل منتصف الليل. على الطاولة أمامه كان هناك صندوق صغير مُحكم بتركيبات معدنية، فتحه وفي داخله كانت هناك قوارير صغيرة من الزجاج الداكن محشورة في أقسام مبطنة بالعشب المجفف، أزال الويتشر ثلاثة. التقط من الأرض حزمة مستطيلة ملفوفة بشكل سميك في جلود خروف ومثبتة بحزام جلدي. فكها وسحب سيفًا بمقبضٍ مزخرف، في غِمد أسود لامع مُبَروَز بصفوف من علامات ورموز رونية. سحب السيف من غمده الذي أضاء بلمعان خالص كسطوع مرآةٍ في أشعة شروق الشمس. كان من الفضة الخالصة. همس جيرالت تعويذة وشرب زجاجتين واحدة تلو الأخرى، واضعا يده اليسرى على نصل السيف بعد كل رشفة. جلس على الأرض متجليًا بثيابه السوداء الضيقة. لم يكن هناك كراسٍ في الغرفة، ولا في بقية القصر. جلس بلا حراك، عيناه مغلقتين، تنفسه في البداية كان منتظم ثم سرعان ما تسارع، وأصبح متقطعا

ومتشنجًا، ثم توقف تماما. كان المزيج الذي ساعد الويتشر على اكتساب التحكم التام في جسده يتكون في المقام الأول من نبات الخَرْبَق، الداتورا، الزعرور، والفَرْبَيُون. المكونات الأخرى لم يكن لها اسم بأي لغة بشرية.

بالنسبة لأي شخص لم يكن مثل (جيرالت)، معتادًا عليه منذ الطفولة، كان سيكون سمًا قاتلًا.

غَيّرَ الويتشر اتجاه نظره بشكل مفاجئ. يصبح سمعه في الهدوء حاد إلى أقصى درجة، التقط صوت خطوات من خلال الفناء المغطى بالنباتات. لا يمكن أن تكون (الستريجا). كانت الخطوات خفيفة جدًا. وضع جيرالت سيفه على ظهره، وأخفى حزمته في موقد المدفأة المهجورة والمحطمة، وبصمتٍ كالخفاش ركض إلى الطابق السفلي. كان لا يزال هناك ضوء كافٍ في الفناء مُمَكّنا الرجل القادم من أن يرى وجه الويتشر.

الرجل، كان (أوستريت) تراجع بشكل مفاجئ، انعكس التوتر على شفتيه بشكل غير إرادي بسبب الرعب والاشمئزاز. ابتسم الويتشر بسخرية، كان يعرف كيف يبدو شكله بعد شربه لمزيج (البانيورت) و(قبعة الراهب) و(العرقون)*. أصبح وجهه كلون الطباشير واتسعت حدقتا عينه حتى ملأت القزحية بالكامل. ولكن يتيح المزيج له أن يرى في الظلام الحالك، وهذا ما أراده (جيرالت).

البانِيورت: في روايات ذا ويتشر، هو عبارة عن نبات سام يستخدم في الكيمياء والجرعات السحرية، معروف بخصائصه القاتلة وارتباطه بالتعويذات والتحسينات السحرية الخطرة.

قبعة الراهب : في روايات ذا ويتشر، تُذكر قبعة الراهب كنبات سام يستخدم في الكيمياء والجرعات السحرية، وغالبًا ما يُرتبط بالخلطات القاتلة والسحر الخطير.

العرقون : في روايات ذا ويتشر، هي عشبة علاجية تستخدم في الجرعات لتحسين الرؤية وعلاج أمراض العيون.

_____________________________________________________

استعاد (أوستريت) السيطرة على نفسه بسرعة ثم قال. "تبدو وكأنك جثة بالفعل أيها الويتشر، من الخوف بالتأكيد، لا تخف. لقد أحضرت لك الإعفاء."

لم يرد الويتشر

"ألم تسمع ما أقول، أيها المحتال الريفيّ؟ لقد نجوت وأصبحت غني." رفع (أوستريت) محفظة كبيرة في يده ورماها عند قدمي (جيرالت). "ألف أورين. خذها، وامتطِ حصانك واخرج من هنا!"

ظل الريفيّ صامتا.

"لا تحدق بي!" رفع (أوستريت) صوته. "ولا تضيع وقتي. ليس لدي نية للوقوف هنا حتى منتصف الليل. ألا تفهم؟ لا أريدك أن ترفع اللعنة. لا، ألم تخمن. أنا لست متحالفًا مع (فيليراد) و(سيجلين). لا أريدك أن تقتل الوحش. ستغادر ببساطة. كل شيء يجب أن يبقى كما هو."

لم يتحرك الويتشر. لم يكن يريد أن يجعله يدرك مدى سرعة حركاته وردود فعله الآن. كان الظلام يزداد بسرعة، كان هذا أفضل للويتشر حيث كان ضوء الغروب النصف مظلم ساطعا جدًا بالنسبة لحدقاته المتوسعة.

"ولماذا، أيها السيد يجب أن يبقى كل شيء كما هو؟" سأل، محاولًا نطق كل كلمة ببطء.

"والآن، هذا…"، رفع أوستريت رأسه بفخر. "...ليس من شأنك."

"وماذا إن كنت أعلم بالفعل؟"

"تحدث!"

"وماذا إن كنت أعلم أنه سيكون من الأسهل إزاحة (فولتست) عن العرش إذا أفزعت (الستريجا) الناس أكثر؟ إذا أثار هذا الوحش الملكي غضب كل من الأغنياء وعامة الشعب، أليس كذلك؟ جئتُ إلى هنا عبر (ريدانيا) و(نوفيجراد). هناك الكثير من الحديث هناك أن هنالك من في (ويزيم) من ينظرون إلى الملك (فيزيمير) كمخّلصهم وملكهم الحقيقي. لكنّي، سيد (أوستريت)، لا أهتم بالسياسة أو الخلافات على العروش أو الثورات في القصور الملكية. أنا هنا لأنجز مهمتي. ألم تسمع أبدًا عن الشعور بالمسؤولية والصراحة بلا نفاق؟ ألم تسمع عن الأخلاق المهنية؟"

"احذر مع من تتحدث يا متشرد!" صرخ أوستريت بغضب شديد، ووضع يده على مقبض سيفه. "لقد اكتفيت من هذا. لستُ معتادًا على إجراء مثل هذه المناقشات! انظر إليك – الصراحة، قوانين المهنة، الأخلاق؟! من أنت لتتحدث؟ قاطع طريق ما لبث أن وصل حتى بدأ في قتل الناس، من الذي انحنى مرتين (لفولتست) ووراء ظهره يساوم مع (فيليراد) كقاتل مأجور؟ وَتجرؤ على ازدرائي، يا عبد؟ أتلعب دور الخبير؟ الساحر؟ يا لك ويتشر محتال! انصرف قبل أن يصل سيفي إلى وجهك!"

لم يتحرك الويتشر، وقف بهدوء.

ثم قال. "من الأفضل أن تغادر سيد (أوستريت)، الظلام يزداد."

تراجع (أوستريت) خطوة للخلف، وانسل سيفه بسرعة. "لقد طلبت هذا أيها ساحر. سأقتلك، لن تساعدك حِيَلك. أنا أحمل حجر السلحفاة."

ابتسم (جيرالت). كان اعتقاد حجر السلحفاة خاطئًا كما كان شائعًا. لكن الويتشر لم يكن سيضيع قوته على التعويذات، ناهيك عن تعريض سيفه الفضي للاحتكاك بنصل (أوستريت). اندفع تحت النصل المُلوّح، وبأسفل كف يده وسواره المرصع بالفضة، ضربه في صدغه.

2023/07/19 · 48 مشاهدة · 896 كلمة
Yousef _Nagy
نادي الروايات - 2025