ملاحظة الكاتبة : يرجى الاطلاع على خريطة القصة لفهم موقع المناطق .

استيقظت على صوت جهاز قياس نبضات القلب عيناي ضبابية الرؤيا و نفسي الثقيل يعرج إلى رئتاي و أعود لأغفو مرة أخرى و أغوص في ذكريات كدت أنساها …

منزلٌ عتيق جدرانه مغطاة بالشقوق التي يتسرب منها المطر في الشتاء و الذي يقع في قمة تل بعيد عن البيوت المزدحمة في مدينةٍ يملؤها الفقر و تشتهر بالفساد و الجرائم و تدعى ( كيشاتو ) كُنتُ لا أزال في الثالثة من العمر و كل يوم اسمع شجار والداي في أثناء ذالك كانت اختي تهرع إلي و وجهها مليئ بالندوب …

ذات ليلة و كالعادة اختي قدمت إلي أثناء شجار والداي و أعطتني لعبة صغيرة فيها قمر مضيء لأنها تعرف كم كنت اعشق رؤية السماء و النجوم في الليل ف أخذت لعبتي و ذهبت للعب في المطبخ اما اختي فذهبت لتبدل ثيابها و فجأة يأتي أبي و هو غاضب كالعادة و عندها ينظر الي بنظرات مرعبة فيسحبني من شعري و هو يحاول ضربي يضرب القدر الذي كان يغلي على النار و يسقطه على ساقي اليمنى و ما هي إلا لحظات حتى شعرت بألم كانّه الموت بعينه …

بعدها استيقظت في المستشفى و لم اكن أعي بما يهمس الطبيب في ذالك الوقت لكن نظرات والدي المرعبة جعلت جسمي يقشعر و عندما عدنا للمنزل بدأ والداي بالشجار مجدداً حاولت كانامي أبعادي عنهما و وضعت يداها على أذناي و ابتسمت لي بوجهها الحزين لكن والدي قام بركلها و سحبني للقبو و كان يحمل فأساً كنت اشعر بالخوف و أن نهايتي قد حانت …

قام والدي بربطي بالحبال و اما أمي فقد دنت مني و أخبرتني ان لا اقلق و ان اسمع كلام إبي و نظرات الخوف تعلو ملامحها الحزينة فقام والدي بأبعدها و خرجت من القبو و هي تمسك باختي لتبعدها عني و أثناء تحديقي بباب القبو شعرت بألمٍ فظيع في ساقي و إذا انا أغرق في بحرٍ من الدماء و اصرخ بصوت عالي لدرجة لا اسمع اي صوت حولي سوى صراخي و صوت خوفي من…ذالك الوحش

عندما وعيت على ذاتي فهمت ان والدي قام بقطع ساقي اليمنى لان الحروق التي تسبب بها كانت خطيرة لدرجة أنها أدت لإتلاف الأعصاب و قد طلب الطبيب ان يبتر ساقي لأنها قد تتعفن لكن والدي لا يستطيع دفع تكاليف العلاج لذا قام ببترها بنفسه … لذا أفكر احياناً بانه أنقذني …و احياناً أفكر بانه كرهني لدرجة انه لم يعتبرني أنا و اختي ك إبناءه قط … و يستمر شجار والداي يوماً بعد يوم .

و في ذات ليلةٍ مقمرة شممت رائحة حريق فدخلت كانامي مسرعة و حملتني و يداها قد تلطخت بالدماء و عند خروجنا من المنزل كان والداي في صالة المنزل و هما ملطخان بالدماء و لا يتحركان و كانت والدتي مفصولة الرأس كالدمى تماماً … شعور مريب سرى في داخلي … فأبتسمت …

لم اعرف ما ذالك الشعور لكنني كنت علي يقين من أنهم كانوا يستحقون ذالك … لكن احياناً اشعر أنهم كانوا يستحقون فرصة أخرى . هذا الماضي اللئيم الذي تناسيته في ذكرياتي المغبرة قد عاد إلي بلحظة ألم … أختي الكبرى ( كانامي ) التي كانت و لازالت تسعدني دوماً و قد عانت ما عانت في الماضي و رغم معاناتها إلا أنها تفضل سعادتي دوماً و قد أعطتني من الحب و السعادة ما كان قد أنساني النقص و الخذلان الذي أحسسته في صغري من والداي …

لقد أقسمت ذات يوم لنفسي أنني سوف احميها و سوف أهب روحي في سبيل ان اصبح قوياً لحمايتها … و لكن … و لكن ماذا حدث ؟؟؟

لماذا ؟ لماذا أنا بهذا الضعف منذ صغري و للآن … كم هذا مخزي … يفترض بي كرجل ان أكون أقوى منها بكثير …لماذا … هي دوماً تهرع لإنقاذي … يال السخرية

سحقاً … أكان ذالك القسم اوهاماً … أكانت تلك التدريبات طوال سنين بلا جدوى ؟ …لم يتغير شيء اطلاقاً … هذا الشعور يمزق قلبي … لماذا لا أستطيع حمايتها بعد كل تلك السنين التي كنت تحت تحمايتها ؟

سالت دموعي بينما استيقظت مجدداً من ذكرياتي و مشاعري التي تجسدت على شكل كابوس و يجول في رأسي الندم و الغضب … و أثناء مسحي لدموعي دخل فتى و هو يرتدي كمامة و جلس إلى كرسي في مقابل السرير و هو ينظر لأختي و هي تغفو على كرسي بجانبي و تمسك بيدي و على رأسها قبعة .

هيون : يو اهلاً لقد سمعت من اختي انك من ساعدتها بإحضاري إلى المستشفى … لذا شكراً جزيلاً لك .

عم الصمت المكان فبادرت بالكلام مجدداً : إذن هل هذه قبعتك التي على راس اختي ؟

الفتى : اجل و ماذا في ذالك ؟ أعندك مانع؟ فقط لعلمك لقد حملتك إلى هنا لأنني لم ارغب بأن ارى كانامي تعاني بحملك و قد كانت مليئةٍ بالجراح .

هيون : هي … هي دوماً هكذا تعطي الأولوية لحياتي على حياتها .

نظرتُ بحزن لها و قلبي يتألم لأنني أراها تضحي بكل شيء لأجلي…

و فجاة غضب الفتى و قال : أيها الوغد … عليك ان تصبح قوياً لتحمي صديقتك و ليس ان تجعلها تحميك هل انتِ طفل ام ماذا ؟

صدمتُ من كلامه لأنه اعتقد انها محبوبتي فانفجرت ضاحكاً من كلامه فأحمر وجه الفتى و فقلت له بسخرية : ماذا اتغار مني ؟

فقال بتلكأ : م…ماذا ؟ أغار من ماذا ؟ أيها ال …

هيون : امزح معك يا رجل (ضحك ) … ثم أنها اختي الكبرى أكنت تعتقد انها حبيبتي ام ماذا ؟

فقام الفتى من كرسيه متفاجاً : هاااه ح……ح …حبيب… ما الذي قلت لك صديقة لا تحور كلامي …ثم كيف لي ان اعرف انها أختك و هي لا تشبهك البتة ؟ و لم تخبرني ابداً اي شيء منذ التقيتها .

فانفجرت ضحكاً مجددا و قلت : يا رجل أتخجل من قول حبيبتي؟

الفتى : اخرس أيها الوغد .

هيون : اه فهمت حسناً …حسناً سوف أخبرك أنا اخوها الأصغر و عمري ١٥ فقط اما هي فعمرها ١٩ و صحيح انها لا تشبهني لا في الشكل و لا في الطباع لكنها اختي حقاً أنا ولدت امهقاً ذو شعر اخضر كنت الخروف الأسود في قبيلتي و عائلتي .

الفتى : انت محظوظ بها رغم ذالك .

هيون : إذن ما اسمك ؟ و لماذا ترتدي كمامة اخلعها أريد ان ارى وجه منقذي !

خجل الفتى و قال : اخرس .

ثم خلع الكمامة و قال : اسمي أويكو … أويكو فحسب .

هيون : حسناً اويكو فحسب .

ثم بدأت بالضحك عليه فغضب مجدداً و امسكني من قميصي و فجاة استيقظت كانامي على صوتنا و هي تقول : اصمتوا لقد أفسدتم علي نومي .

فلاحظت اني استيقظت فعانقتني بقوة ثم استوعبت وجود اويكو فتماسكت و فأمسكت دموعها و هي تقول : أيها الاحمق كان عليك ان تضربهم .

لم ارد منها ان تقلق علي مجدداً فضحكت و أخبرتها عن هذا الفتى اويكو و ما حدث اثناء نومها فكان اويكو محرجاً من ذالك و كاد يضربني لكن سمعنا كانامي تضحك بخفة فنظرنا اليها و سرعان ما تظاهرت بالبرود و قالت : اه … سوف اذهب لآخذ تصريح لخروجك من المستشفى.

و قبل ذهابها أمسكت بالقبعة و أعطتها لاويكو و قالت : لقد نسيت ان أشكرك لأنني لا أثق بالغرباء فحسب … لذا اعتذر عن سلوكي الفظ تجاهك و شكراً لأنك انقذت أخي خذ قبعتك .

اويكو : لا عليك …. اه يمكنك الاحتفاظ بها ان اردتِ .

فقال كانامي ببرود : و لماذا سوف احتفظ بها ؟ … و ها نسيت ان أخبرك شيئاً …

فاقتربت كانامي منه و همست بغضب ( أياك ان تحاول ضرب أخي أفهمت ؟ )

شعر اويكو بالإحراج و قال : اه أنا آسف لم … لم اكن احاول ضربه كنت فقط امزح معه .

كانامي : حتى لو أنقذتنا فنحن غرباء بالنسبة لك … أمن السهل ان تمزح مع الغرباء ؟

اويكو : اه … كلا … لا اقصد ذالك .

كانامي : لا باس حاول ان لا تكرر ذالك فقط انه يغيظني فقط .

و اثناء توجهها للباب لتخرج التفت و قالت : أويكو أأنت آيليس ؟

أويكو : إليس هذا واضحاً من شكلي عندما أنقذتك .

فأجابت و علامات الارتباك تعلو على ملامحها : أ…أجل ذالك واضح .

ثم ذهب و أخذت التصريح بالخروج و خرجنا أنا و اختي من المستشفى التابع ل ( cold4 ) و عندما خرجنا لاحظنا شخصاً يتتبعنا انه أويكو أخبرتني كانامي ان أتجاهله فحسب لكن عندما أوشكنا الوصول للمنزل التفتت كانامي بغضب …

كانامي ( تصرخ ) : هي انتِ ما خطبك لماذا تتبعنا ؟

يحمر وجه اويكو و ينزع قبعته و يقول : كانامي لماذا لم تسأليني كيف عرفت أسمكِ ؟

كانامي : و هل تراني اهتمّ لذالك ؟ اعتقد انك من cold 4 و قد أرسلك ذالك العجوز لانقاذها فحسب .

أويكو : cold ماذا ؟ لا اعرف عن ماذا تتكلمين .

تفاجأنا أنا و اختي لأننا ببساطة افترضنا الافتراض الأكثر معقولاً لنا فقالت اختي باستغراب : كيف ذالك ؟ كيف عرفت أسمي إذن ؟ و من أرسلك ؟

أويكو : اهدأي صدقيني اني لا انوي بكم شراً و لم يرسلني أحد دعينا نجلس و نتحدث قليلاً .

فذهبنا إلى حديقة بالقرب منا كانت فارغة لان الوقت متأخر من الليل فجلسنا لنتحدث و بدأ أويكو بسرد قصته …

أويكو : عندما كنت في الحادية عشر من عمري التقيت بفتاة كانت تتدرب بالسهام و كاد سهمها يصيبني اثناء ضياعي في الغابة فسقطت من الخوف و من شدة خوفي استخدمت قوة الآيلس التي لم اكن أستطيع التحكم بها …لكن تلك الفتاة لم تكن تخاف من مظهري المخيف عندما تفعلت قوتي كنت أخشاها رغم ان مظهري مخيف اكثر لكنها اقتربت مني و أمسكت بوجنتاي لكي تمسح دموعي المنهمرة وقالت لي ( عيناك …إنهما ذهبيتان كالنجوم اللامعة …هذا جميل )…

… هذه العبارات جعلتني أهدأ قليلاً و استطعت ان اخمد قواي فقالت ( ماذا تفعل هنا سوف يغضب والديك ) ف أخبرتها أنهم لن يبالوا سواء كنت حياً أم ميتاً و لا أريد العودة لذالك الجحيم مجدداً فقالت لي ( لا تهرب …لا تهرب من مصيرك إنما واجهه لا تستطيع الهروب طيلة حياتك و انت تشعر بالخوف ذالك الخوف لن يجعلك حراً حتى لو هربت لأقاصي العالم )… فأخبرتها أنني خائف بأن أظل وحيداً في هذا العالم أسير وحدي … فأخبرتني جملة لن أنساها ( إذن خذني بقلبك لأسير معك …فالخوف لن يعود حجة لك لتتجنب ما انت متردد لفعله … عليك أن تعيش حراً و تثبت للعالم أنك موجود و تقول له هلم إلي بكل ما تريد )…

… فقلت لها و ماذا عنكِ الأ تخشين الوحدة ؟ فقالت مبتسمة ( الوحدة مجرد شعور و المشاعر ليست مخيفة ابداً فهنالك أشياء في هذا العالم أقسى من تلك المشاعر الغبية التي توهمك بأنك تشعر بها …لكن ماذا لو لم نشعر ؟ ماذا لو لم تكن تلك المشاعر حقيقية؟ ) … تلك الفتاة كانت انتي يا كانامي

… ثم أخذت قوسها و اختفت في تلك الغابة كل تلك الكلمات و التي لم يسبق لي أن اسمعها من قبل خلقت لي آملاً جديداً للعيش … أصبحت ارغب بالعيش لأنني اعتقد أنني استحقّه … لماذا علي أنا ان أموت؟ لماذا يجب ان أدفع أنا الثمن لمعاناتي ؟ كل تلك الأفكار بدأت بالنمو و لم أعد ألوم ذاتي و لم اعد ابكي مجدداً كل ذالك لأنني تخيلتك انكِ بجانبي و معي … ظننت انه ما دمتِ معي و في قلبي سوف استمرّ بالعيش حتى موعد لقائنا …

… و ها قد التقيتك اخيراً و لا أريدك ان تتركيني مجدداً فأنا أريد …ان نكون أصدقاء نساعد بعضنا للمضي قدماً في هذا الحياة …

فألتفت أويكو الينا و أنا ابتسم فقلت بسخرية : أصدقاء همم أجل أجل …(ضحك )

احمر وجه أويكو و وقف غاضباً مني على وشك ان يلكمني لولا وجود كانامي

اما كانامي فقالت : ااااه … أحقاً حدث هذا ؟

شعر أويكو بالإحباط و قال : ماذا ؟ أحقاً لا تتذكرينني ؟ أنا لقد تذكرتك من الوهلة الأولى التي رأيتك فيها بالميناء !

فأجابت كانامي ببرود : يا رجل أنا لا أتذكر ماذا أكلت على الغداء تريدني ان أتذكر صبي صغير التقيت به قبل ٨ سنوات ؟ … ثم لا أجد ان عدم البكاء قوة .

تفاجأ أويكو من ردها و بدأت بالضحك فقلت : أختي كم انتِ قاسية مع أول معجب لكِ .

و غمزت لأويكو فغضب و قال : هاااه معجب ؟ هل أنا مجنون لأعجب بها؟

هيون : لما لا فأختي حسناء و لطيفة و قوية و …

أويكو : قلت صديقة أيها الاحمق ألم يسبق لك ان حصلت على أصدقاء؟

هيون : ماذا؟ أنا لدي … و الكثير أيضاً .

أويكو : حسناً أين هم ؟لم لا أراهم ينقذونك عندما كدت تموت ؟

هيون : ليس كذالك الأمر أننا لدينا مهمات و أعمال مختلفة انت لا تفهم طبيعة عملنا فحسب .

كانامي ( تصرخ ) : هييي توقفوا عن الشجار السخيف هذا !

فصمتنا لبرهة و كل منا غاضب من الآخر ثمّ قالت كانامي : حسناً أويكو أن قصتك جميلة و مؤثرة لكنني لا أتذكرها البتة آسفة جداً و لكن ماذا تريد منا الآن؟

أويكو : أريد ان أكون معكِ لأساعدكِ … لا اهتمّ إلى أين سوف تذهبين … أنا سوف اتّبعك حتى لو كان في قعر الجحيم .

هيون : أنا من سوف يساعد اختي ايها الاحمق .

فقال أويكو بسخرية : أجل سوف تساعدها كثيراً مثلما ساعدتها اليوم !

فأنزلت راسي و أنا أشعر بالإحباط لماذا هذا الفتى يذكرني بفشلي كل مرة … ياله من متعجرف

فلاحظت كانامي صمتي و قالت : حسناً أويكو أتبعنا كما شئت سوف تبقى في منزلنا الليلة و سوف آخذك غداً للقائد الذي أوكلنا المهمة ليقرر انضمامك معنا … لكن تذكروا كلاكما لا أريد ان تساعداني …أنما سوف نساعد بعضنا البعض .

فوافق أويكو و اثناء سيرنا قال و هو محمر : اه و لعلمك أنا فقط أحترمك كصديق فحسب … و ليس كما يظن ذو رأس الفجل .

كانامي ( ببرودة ) : أياً كان شكراً .

هيون ( يصرخ ) : راس الفجل ! أيها ال …

أويكو ( يضحك بسخرية ) : ال؟ ماذا ؟ إلا تعرف كيف تشتم ؟ اتريد ان اعلمك أيها الطفل البكاء ؟

هيون : أخرس !

فأخذت كانامي قبعة أويكو و ضربتنا بها على روسنا لنتوقف عن الشجار . و بعد يوم طويل و في أول مهمة لنا التي بائت بالفشل ها نحن نعود لمنزلنا في بوتاميا و نحن نحمل ألم ذكرياتنا القديمة و المؤلمة و أحباط الفشل بعد العناء بالتدريب طوال السنوات الماضية … ماذا نحن فاعلون بعد ذالك ؟ لا نعلم لكن الذي أعلمه أنني لم أكن ارتاح لهذا الفتى أويكو و لماذا يخفي احدى عينيه اليمنى ؟ و لماذا كان يتواجد في الميناء في ذالك الوقت ؟

2024/05/18 · 179 مشاهدة · 2323 كلمة
نادي الروايات - 2025