بعد خفض رأسي بشده للمره 19 فى ذلك اليوم كتعبير عن "انا حقا اسف" . شعرت بالدوار و انهرت على الارض فاقدا الوعى
حدث هذا اثناء دوامي الجزئي فى حديقه للبيرة (حديقه البيرة هى مكان حيث يتم تقديم الكحول و الطعام المحلى اثناء الاستماع الى الموسيقى).
كان السبب وراء ذلك واضحا اى احد كان سيفقد الوعى بعد العمل تحت أشعة الشمس الحارقة مع القليل من الطعام.
بعد دفع نفسي للمكان الذى اعيش فيه شعرت بالألم فى عيني وكأن شيئا يحفرها من الداخل لذلك كان على التوجه الى المستشفى.
كان استئجار سيارة أجرة للذهاب الى العياده يمثل ضربة قوية لمحفظتي علاوه على ذلك اخبرني رئيسى ان اخذ عطله لبعض الوقت.
اعلم اني يجب ان اقتطع من التكاليف ولكنى لم اعد اعلم ما يجب ان اقتطع منه.
لا استطيع ان أتذكر اخر مره تناولت فيها اللحم و لم اقم بشراء أى ملابس منذ ذلك المعطف فى الشتاء لم اقم حتى بزياره احد منذ دخلت الجامعه.
لم استطع الاعتماد على والدي لذلك كان على جني المال بطريقه ما (فى الخارج بعد سن 18 ينتقل الاطفال من منازل آبائهم ليعتمدوا على انفسهم )
بعد تفكير عميق قررت التخلى عن الاقراص المدمجة و الكتب مما جعل قلبي يتألم ولكن كانت هذه هى الاشياء الوحيده فى شقتى التى يمكنني بيعها لم امتلك حتى حاسوبا.
قررت انه يجب ان استمع الى الاقراص للمره الاخيره قبل قول الوداع لذلك وضعت السماعات و استلقيت على السجادة وضغط زر التشغيل.
قمت بتشغيل مروحه ذات شفرات زرقاء قمت بشرائها من محل ادوات مستعمله و توجهت الى المطبخ للحصول على كوب من الماء البارد .
كانت هذه هى المره الاولى التى اتغيب فيها من الجامعه ولكن لا اظن ان احد سيشغل عقله بغيابي ربما لم ينتبه احد حتى لعدم حضوري.
تم نقل إلبوم تلو الاخر من الكومه على جانبي الايمن الى الكومه على جانبي الأيسر.
لقد كان الصيف. وكنت فى العشرين من عمري ولكن مثل بول نيزان (فيلسوف فرنسي) لم ادع أحدا يقول ان هذا هو افضل عام فى حياتى.
"شئ جيد حقا سيحدث لنا فى الصيف بعد عشر وعندما سنشعر بالسعاده لكوننا على قيد الحياه"
كان تصريح هيمينو خاطئاً على الاقل بالنسبه لى لا يوجد شئ جيد يحدث ولا توجد علامات ان شيئاً جيداً سيحدث
اتسائل كيف احوالها الآن لم ارها منذ انتقلت من المدرسه فى الصف الرابع.
لم يكن يجب ان يكون الوضع هكذا.ولكن يمكن ان يكون جيدا من ناحيه اخرى حيث أنه عن طريق عدم اتباعي عبر المدرسه الاعداديه و المدرسه الثانويه و الجامعة لم تستطيع ان تري تحولي الى شخص ممل و متوسط
ويمكن ايضا ان تفكر فى الامر هكذا : اذا كان صديق طفولتى معى لم يكن الوضع سيكون هكذا
عندما كانت بالجوار كانت تضع تأثيرا جيدا على نفسي حيث كانت تضحك عندما اقوم بشئ مخجل وتلعنني عندما اقوم بشئ عظيم ربما بسبب هذا الضغط كنت اسعى دائماً لأكون افضل ما استطيع.
على مدى السنوات القليلة الماضية كنت نادما لهذا السبب.
ما الذى سيفكر فيه انا ذو العشر سنوات عني الان ؟
بعد قضاء ثلاث ايام فى الاستماع الى معظم الاقراص قمت بحزم الاقراص بالاضافه الى الكتب فى صندوق وتوجهت الى المدينه
فور خروجي شعرت بأذني ترن من حولي ربما اكون اتوهم الاشياء فقط بسبب بكاء الزيز من حولى ولكنى شعرت بذلك كأنها بداخل اذني مباشره.
كان الصيف الماضى بعد عده اشهر من التحاقي بالجامعة هى اول مره ازور فيها هذه المكتبه .
فى ذلك الوقت لم يكن لدى فهم جيد للمدينة لذلك كنت ضائعا اتنقل من شارع الى اخر حتى وجدت هذه المكتبه.
لقد حاولت الوصول فى العديد من المرات ان اصل الى هذه المكتبه ولكن لم استطع ابدا ان اتذكر اين كانت حتى عندما قررت البحث عنها لم استطع تذكر اسم المكتبه.
لذا فإن الطريقة التي تعمل بها عاده هى كلما كنت ضائعا ينتهى بى الامر هناك وكأن الطريق الى هناك يغير نفسه لمجرد نزوه.
لقد كان فقط هذا العام الذى استطعت فيه ان اجد المكتبه دون ان اضيع.
على غير العاده كان الجو يتفتح بمجد الصباح (مشرقا بشده) امام المتجر. لقد قمت بفحص ارفف المكتبه الرخيصه بدافع العاده للتاكد من عدم وجود اختلاف ثم قمت بالدخول.
كان الجو كئيبا بالداخل مع الرائحه الطاغية للورق القديم تهب من الداخل وكان يمكن سماع صوت المسجل من الخلف.
قمت بعبور الممرات الضيقه عن طريق السير بالجانب ثم ناديت صاحب المحل.
اخرج الرجل العجوز وجهه من بين كومه الكتب.
كان من المستحيل للرجل العجوز الذى يملك المكتبه ان يبتسم لأى احد كان دائما يوجه رأسه لاسفل ويتحدث بهدوء.
ولكن كان اليوم مختلفاً. عندما احضرت صندوق الكتب لبيعها قام بالتفات و النظر الى مباشره.
كان وجهه الرجل العجوز يحمل شيئا من الذهول ولكن استطيع ان افهم الامر.
كانت الكتب التى ابيعها من النوع التى اكتسبت قيمتها من ابقائها و قرأتها مراراً و تكراراً .كان يجب ان يكون الامر صعبا على شخص محب للقراءه فهم سبب التخلى عنها.
"هل ستنتقل؟" لقد سئل. كان صوت الرجل العجوز يحمل شيئا من الاهتمام
"لا، لا شئ مثل هذا "
"حسنا اذا " لقد قال ذلك ناظرا لكومة الكتب " لماذا تفعل شيئاً مسرفا جدا "
"لا يصلح الورق كوجبة جيدا فهو ليس مغذيا"
يبدو ان الرجل العجوز فهم المزحة فقال مع فم ملتوي "ليس لديك مال"
هززت رأسي موافقا.
قام الرجل العجوز بضم ذراعيه وكأنه يفكر بعمق ثم غير رأيه و اخذ نفسا عميقا و قال " سيحتاج الامر الى 30 دقيقه لتقدير ثمن الكتب" ومن ثم قام بحمل كومه الكتب.
خرجت من المكتبه ونظرت حولى فوجدت لوحه قديمه عليها منشور عن احتفال الصيف ، الالعاب النارية، مراقبه النجوم و نادى الكتب.
من الناحيه الاخرى من السياج كان يمكن شم رائحة العطور و الحصير ممزوجة برائحه الأشجار قادمه من المنزل البعيد.
بعد انتهاء عمليه التقييم وبعد حصولي على 2/3 مما توقعته تحدث الرجل العجوز.
"اريد ان اتحدث معك بخصوص شئ"
"نعم؟"
"انت تتألم من اجل المال.صحيح؟"
"ليس الامر و كأنه بدأ الآن" ردت بطريقه غامضة
هز الرجل العجوز راسه ويبدو انه يفهم.
"حسنا. انا لا اهتم ان اعرف كم انت فقير او كم اصبحت فقيرا .كل ما اريده هو ان اسئلك سؤالاً"
توقف الرجل العجوز للحظه ثم أكمل
"هل تريد ان تبيع حياتك"
..............
فى حاله وجود اخطاء الرجاء الكتابة في التعليقات