كانت السماء مضاءة بضوء قمر شاحب، محجوب خلف غيوم كثيفة تشبه غطاء من الرماد. في قرية صغيرة عند أطراف مملكة "إيفاريس"، حيث الحياة بالكاد تصمد أمام قسوة الشتاء، كان شاب يدعى "كايل" يقف أمام كوخ مهترئ، يحمل بين يديه كتابًا قديمًا مغلفًا بجلد ممزق. كان الكتاب إرثًا من والده، الذي قيل إنه كان ساحرًا نُفي بعد اتهامه بالخيانة ضد التاج.
رغم أن كايل لم يقرأ الكتاب يومًا، إلا أنه كان يعلم أن داخله شيء خطير؛ كلمات محفورة بالسحر الأسود. لكن الليلة، تغير كل شيء.
"كايل!" صرخت "إيلينا"، شقيقته الصغرى، وهي تهرع نحو الكوخ. كانت أنفاسها متقطعة، وعيناها الواسعتان تشعان بالخوف.
"جنود القصر... إنهم قادمون إلى هنا!"
قبل أن يتمكن كايل من الرد، سمع أصوات حوافر خيول تقطع الصمت، تتبعها صرخات أوامر.
دخل الجنود، يحملون أعلام المملكة، وعيونهم مملوءة ببرود لا يرحم. تقدم أحدهم، قائد الفرقة، مرتديًا درعًا أسود لامعًا عليه ختم التاج.
"كايل، ابن الساحر الملعون، أنت متهم بحيازة فنون سحرية محظورة. سلّم نفسك."
كايل تراجع خطوة للخلف. "هذا خطأ! أنا لم أستخدم السحر يومًا!"
لكن القائد لم يستمع. بإشارة واحدة منه، اقترب الجنود وبدأوا بتفتيش الكوخ بعنف. وجدوا الكتاب، فحمله القائد بابتسامة خبيثة.
"ها هو الدليل. ستُحاكم غدًا، لكن مصيرك معروف."
إيلينا صرخت: "هذا ظلم! هو لم يفعل شيئًا!"
لكن أحد الجنود ضربها بعنف، وأسقطها أرضًا.
في تلك اللحظة، اشتعل شيء داخل كايل. كان الغضب أشبه بنار باردة، تنتشر في عروقه. وفجأة، همس صوت في ذهنه، صوت غريب لكنه مألوف.
"افتحني..."
كانت الكلمات تأتي من الكتاب. للحظة، تردد، لكن عندما رأى شقيقته ممددة بلا حراك، مد يده نحو الكتاب.
فتح الغلاف، وانفجر نور أسود غريب من الصفحات، ملتفًا حوله كدوامة. توقف الجنود للحظة، يحدقون بالرعب. ثم، في لحظة واحدة، انفجرت قوة مظلمة، أطاحت بكل شيء حولها.
عندما انقشع الغبار، كان كايل واقفًا وسط ساحة مليئة بالجثث. عيناه تشعان بلون أحمر قاتم، والكتاب يطفو أمامه، وكأنه جزء منه.
"كايل..." همست إيلينا بخوف، وهي تراه يتحول إلى شيء لا يمكن فهمه.
لكن قبل أن يتمكن من استيعاب ما حدث، ظهرت مجموعة جديدة من الجنود، ومعهم شخص آخر: رجل طويل بملامح باردة، يحمل صولجانًا يتوهج بطاقة سحرية.
"هذا هو؟" سأل الرجل بابتسامة ماكرة. "أخيرًا... لقد وجدناه."
---