أضاءت النيران أطراف السماء فوق القرية، تحمل معها رماد الماضي وحطام الحاضر. كايل، الذي كان جسده يرتجف من قوة غامضة لم يعرفها من قبل، وقف وسط الركام وهو يحدق في يديه. كانتا تشتعلان بنور أسود، ينبض وكأنه يحمل روحًا مستقلة. صرخات الجنود التي كانت تملأ المكان قبل لحظات تحولت إلى صمت ثقيل، يعكر صفوه أزيز الرياح التي تحمل رمادهم.

"ما الذي فعلته؟" همس كايل لنفسه بصوت مبحوح. كانت عيناه مشتعلة باللون الأحمر القاتم، تعكس شيئًا أكبر منه، شيئًا لم يطلبه ولم يرده.

إيلينا، التي كانت ترتجف من الرعب، اقتربت بخطوات مترددة. "كايل... ماذا فعلت؟" كانت كلماتها تحمل مزيجًا من الخوف والدهشة، لكنها لم تجرؤ على الاقتراب أكثر.

قبل أن يتمكن كايل من الإجابة، قطع صوته صوت خطوات تقترب من خلف الظلال. الرجل الذي كان يحمل الصولجان وقف هناك، ابتسامة باردة ترتسم على شفتيه.

"أخيرًا استيقظت، وريث الظلال. كنت أعرف أن هذه اللحظة ستأتي."

كايل نظر إليه بغضب، لكنه لم يعرف من هو أو ماذا يريد. "من أنت؟ وما الذي تتحدث عنه؟"

الرجل اقترب بخطوات بطيئة، وكأن المكان ملك له. "أنا لوسيان، اليد اليمنى لملك الممالك الخمس. أو، كما يحب البعض أن يطلقوا عليّ، جامع الأرواح."

قبل أن يتمكن كايل من الرد، رفع لوسيان الصولجان الذي كان يحمل معه. انبثقت منه طاقة غريبة، تشبه الخيوط السوداء، تطايرت نحو كايل كما لو كانت تسعى لابتلاعه.

لكن القوة داخل كايل اشتعلت فجأة. النور الأسود الذي كان يحيط به انفجر، دافعًا تلك الخيوط بعيدًا. لوسيان تراجع خطوة، لكن ملامحه لم تتغير؛ كان يبدو مستمتعًا أكثر من كونه غاضبًا.

"رائع... يبدو أنك أقوى مما توقعت."

كايل لم يكن يعلم ما يحدث، لكنه شعر بشيء داخله يتحدث إليه. "لا تثق به. إنه يريد استخدامك. أطلق العنان لي وسأحميك."

لكن كايل لم يستجب لذلك الصوت. بدلاً من ذلك، نظر إلى إيلينا التي كانت تختبئ خلفه، ثم إلى لوسيان.

"لا أعرف من أنت أو ما الذي تريد، لكنك لن تؤذينا."

ابتسم لوسيان مرة أخرى. "شجاع، لكن هذا لن يكفي. سأعود قريبًا، وحينها، ستكون مستعدًا."

وبكلمة واحدة، اختفى في الظلال كما ظهر، تاركًا كايل وإيلينا وحدهما وسط الخراب.

---

بعد ساعات...

في أعماق الغابة، كان كايل وإيلينا يجلسان بجانب نار صغيرة. كانت شقيقته تحدق به بعينين مليئتين بالقلق. "كايل، ما الذي يحدث؟ لماذا يبحثون عنك؟"

كايل هز رأسه، غير قادر على الإجابة. "لا أعلم... كل ما أعرفه هو أن هذا الكتاب هو السبب. لكنني لم أطلب هذه القوة، ولم أردها."

إيلينا اقتربت منه، وضعت يدها على كتفه. "أيا كانت هذه القوة، يجب أن نجد طريقة لفهمها. لا يمكننا البقاء هنا. سيعودون."

كايل حدق في الكتاب الذي كان مغلقًا بجانبه. كان يشعر بأنه ينبض بالحياة، وكأنه يهمس له بأسرار لا يريد سماعها. "علينا الذهاب إلى مكان آمن. لكن أين؟"

إيلينا فكرت قليلاً قبل أن تقول: "سمعت عن مكان يُدعى 'الملاذ الأسود'. إنه ملجأ للسحرة المنفيين والمتمردين. ربما يمكنهم مساعدتنا."

كايل لم يكن متأكدًا. "إذا كانوا من السحرة، كيف نثق بهم؟"

إيلينا نظرت إليه بجدية. "لا خيار لدينا، كايل. إذا بقينا هنا، سنُقتل."

وافق كايل أخيرًا. أخذ الكتاب وربطه بحزامه، وهو يشعر بوزنه وكأنه عبء ثقيل على روحه.

---

على الطريق...

بينما كانا يسيران عبر الغابة، بدأت الظلال تتحرك بطريقة غريبة. الأشجار بدت وكأنها تهمس، والهواء أصبح أثقل. فجأة، توقفت إيلينا. "هل سمعت ذلك؟"

كايل نظر حوله. "ماذا؟"

لكن قبل أن يتمكن من الرد، انقضت عليهم كائنات غريبة، أشبه بظلال متحركة، عيونها تتوهج بضوء أحمر. كانت سريعة وشرسة، وحاصرتهم من كل جانب.

كايل شعر بالقوة داخل جسده تشتعل مرة أخرى. "دعني أساعدك..." همس الصوت داخل رأسه.

هذه المرة، لم يتردد. أطلق العنان لتلك القوة، وشاهد كيف تحول النور الأسود إلى أسلحة تقطع الظلال حوله.

لكن القوة كانت لها ثمن. كلما استخدمها، شعر وكأنه يفقد جزءًا من نفسه.

بعد المعركة، كان كايل منهكًا، لكن إيلينا كانت تحدق به بخوف واضح. "كايل... أنت تتغير."

كايل لم يكن يعرف ماذا يقول. كان يعلم أنها محقة، لكن لم يكن لديه خيار. العالم بأسره كان يسعى خلفه، والقوة التي بداخله كانت سلاحه الوحيد.

2024/12/21 · 16 مشاهدة · 627 كلمة
نادي الروايات - 2025