الظلام في الغابة كان حيًا، يتنفس. الأشجار القديمة التي بدا أنها تمتد إلى السماء كانت ملتفة كأنها تهمس بعضها لبعض. كان الهواء ثقيلًا، مليئًا برائحة الرطوبة والدم، وكأن الأرض تحت أقدامهم تخفي شيئًا قديمًا وغاضبًا.
"إيلينا، ابقي قريبة مني." همس كايل بصوت منخفض، بينما كانت عيناه تفحصان الظلال المتحركة.
"أشعر وكأن هذه الغابة... تنظر إلينا." أجابت إيلينا وهي تمسك بذراع كايل بقوة.
تقدموا ببطء، متبعين مسارًا بالكاد يمكن رؤيته بين الأشجار. لكن شيئًا غريبًا كان يحدث. كلما خطوا خطوة إلى الأمام، بدا أن الغابة تتغير. الأشجار التي تركوها خلفهم لم تكن في مكانها، وأصوات حفيف الأوراق كانت أشبه بضحكات مكتومة.
"هذه ليست غابة عادية. إنها مكان حي." قال كايل، وهو يتذكر حكايات والده عن ليلينار.
ليلينار لم تكن مجرد غابة. كانت مملكة قديمة، سُحقت خلال الحرب الإلهية الكبرى، وتحولت أرواح سكانها إلى أشجار وصخور، محاصرة هنا للأبد.
بينما كانا يقتربان من وسط الغابة، توقف كايل فجأة.
"إيلينا، هناك شيء يتحرك."
قبل أن تتمكن من الرد، انطلقت كائنات غريبة من بين الأشجار. كانت أشبه بظلال مشوهة، مزيجًا من أغصان متحركة ووجوه بشرية ميتة.
"اركضي!" صرخ كايل، ودفع إيلينا بعيدًا.
لكنها لم تركض. بدلاً من ذلك، أمسكت بعصا مكسورة من الأرض وحاولت الدفاع عن نفسها. الكائنات كانت سريعة وشديدة القوة. أحدها هاجم كايل مباشرة، لكن قبل أن يصل إليه، اشتعلت القوة السوداء داخله مرة أخرى.
رفع كايل يده، وشعر بالطاقة تتدفق كالنار في عروقه. انفجر الضوء الأسود من يده، ممزقًا الكائنات إلى أشلاء.
لكن الغابة لم تتوقف. بدت وكأنها غاضبة، وأصبحت الأصوات فيها أكثر وضوحًا.
"لماذا... أتيتم... إلى هنا؟"
كانت هذه الكلمات تتردد عبر الرياح، وكأن الأرض نفسها تتحدث.
بينما كانا يلتقطان أنفاسهما، ظهر رجل عجوز فجأة بين الأشجار. كان يرتدي عباءة رمادية متسخة، ووجهه محفورًا بالتجاعيد. عينيه كانتا غريبتين؛ واحدة سوداء تمامًا، والأخرى تتوهج بضوء أبيض.
"أنتم الحمقى الوحيدون الذين يدخلون ليلينار في هذا العصر." قال العجوز، وصوته يحمل مزيجًا من التوبيخ والشفقة.
كايل أمسك الكتاب بشدة، وشعر بعدم الثقة تجاه الرجل. "من أنت؟"
ابتسم الرجل ابتسامة خافتة. "أنا مجرد حارس... وأنت؟ أنت من أحمل اسمه منذ زمن بعيد."
كايل نظر إليه بتعجب. "ما الذي تقصده؟"
"ذلك الكتاب الذي تحمل، ليس مجرد أداة، إنه جزء من إرثك. أنت وريث الظلال، المقدر لك إما أن تعيد التوازن لهذا العالم... أو تدمره."
جلس العجوز بجانب نار أشعلها بيد واحدة، وكأنه يتحكم بها بسحر بسيط. بدأ يروي القصة:
"منذ آلاف السنين، كانت الممالك الخمس موحدة تحت حكم واحد. لكن ظهور بوابة العدم غير كل شيء. البوابة كانت قوة عظيمة، لكنها تحتاج إلى مفتاح: وريث الظلال. شخص قادر على التحكم في السحرين، النور والظلام. لكن الحروب الإلهية دمرت هذا التوازن، وقُتل كل وريث... حتى وصلت القوة إليك."
كايل شعر بضغط هائل في داخله. "إذا كانت هذه القوة خطيرة إلى هذا الحد، لماذا أُعطيت لي؟"
العجوز حدق فيه بصمت. "لم تُعطَ. لقد وُلدت معها. السؤال الآن... هل ستستخدمها أم ستسمح لها باستخدامك؟"
عندما شقوا طريقهم خارج الغابة، ظهرت أمامهم أطلال عظيمة. كانت الأعمدة الحجرية منحوتة بأشكال غريبة لأرواح وسحرة، والهواء كان ينبض بالسحر.
"هذا هو الملاذ الأسود." قال العجوز، وهو ينظر إلى كايل نظرة حادة. "إنه ليس مكانًا، بل اختبارًا. إذا أردت الدخول، عليك أن تثبت أنك تستحق."
كايل نظر إلى الأطلال بشجاعة، لكنه شعر بثقل المهمة التي تنتظره. كانت الغابة مجرد بداية، والآن عليه أن يواجه الأسرار المخفية لهذا العالم.
.