في بلاد بعيدة تحيط بها الجبال الشاهقة، كان يحكمها ملك اشتهر ببخله الشديد، حتى بات يُلقب بـ"الملك البخيل". لم يكن يمر يوم إلا وأصدر مرسومًا جديدًا يزيد فيه الضرائب، مبررًا ذلك بأن المملكة بحاجة إلى "إعادة الإعمار". لكن الحقيقة كانت أنه يكدس المال في خزنته العملاقة داخل قصره، مغلقًا عليها بأقفال لا تُعد ولا تُحصى.

كان الشعب يعاني من الفقر المدقع، لا يجدون قوت يومهم، بينما يعيش الملك في قصر يفيض بالذهب والفضة. ومع ذلك، لم يكن يُنفق ولو قطعة نحاسية لإصلاح الطرق أو مساعدة المحتاجين.

كانوا يكنون له الحب الشديد ،لكن ليس من المنطقي أن يموتوا من الجوع من اجله .

شرارة الغضب

في إحدى الليالي، اجتمع أهل البلدة سرًا وقرروا أنهم لن يتحملوا المزيد من الظلم. خططوا لاقتحام القصر، لكنهم أرادوا أن يوصلوا رسالة إلى الملك، تُظهر ولاءهم، رغم غضبهم. كانوا يهتفون:

"يا جلالة الملك، إخلاصنا دائمًا لك! لكن عليك التخلص من عادة البخل عندك!"

الهيستيريا داخل القصر

وصلت أصوات الشعب إلى مسامع الملك. وقف عند نافذته المرتفعة، ينظر بذهول إلى الحشود. دبت الرعشة في أوصاله، وبدأ يتمتم بصوت مرتجف:

"خذوا روحي ألف مرة... ولا تأخذوا قطعة ذهب واحدة!"

عندما أدرك أن الشعب قد اقترب من القصر، ركض بجنون نحو خزنته الضخمة. أغلق الباب الحديدي الثقيل خلفه وأحكم الإقفال. كان المال يحيط به من كل جانب، وكأن الذهب يعانقه، لكنه لم يشعر بالأمان.

لحظة الجنون

في لحظة هستيرية، بدأ الملك يبتلع القطع الذهبية واحدة تلو الأخرى، وهو يقول لنفسه:

"إنها ملكي... لا يمكنهم أخذها مني!"

مع كل قطعة ذهبية يبتلعها، كانت أنفاسه تضيق، حتى سقط على الأرض مغشيًا عليه.

النهاية المأساوية

عندما اقتحم الشعب القصر وفتحوا الخزنة، وجدوا الملك ميتًا، وبطنه منتفخ من كثرة الذهب الذي ابتلعه. رغم غضبهم من ظلمه، شعروا بالحزن لرؤية نهايته البائسة.

قرر أهل البلدة أن يجعلوا قصته عبرة للأجيال. بنوا له تمثالًا يحمل تعبيرًا يجسد الجشع، ونصبوا له يوم حزن سنوي. كما أدرجوا قصته في كتبهم المدرسية لتذكير الجميع بأن الجشع لا يجلب سوى الهلاك.

وهكذا، أصبحت حكاية "الملك البخيل" درسًا خالدًا

في تاريخ تلك المملكة البعيدة.

2025/01/09 · 1 مشاهدة · 324 كلمة
نادي الروايات - 2025