الفصل الثاني:

بداية ريادة الأعمال هي الاستقالة

«مع أنّ الأمر يبدو مريبًا بعض الشيء دائمًا… أيعقل أنّني، ابتداءً من اليوم، صرتُ أنا أيضًا ممّن لديهم نظام؟»

بعد أن تصفّح شو فَي سريعًا هذا نظام تطوير الألعاب، اجتاحه فيضٌ من الحماسة.

ظلّت عيناه معلّقتين طويلًا على الهدف النهائي: «ابتكار لعبةٍ على مستوى التحفة تتجاوز عصرها»، ولم تتحرّكا.

تلك الشعلة التي اشتعلت في صدره حين دخل صناعة الألعاب أوّل مرّة—ثم أُطفئت سريعًا في السنوات اللاحقة—لم تستطع إلا أن تشتعل من جديد.

فأيُّ محترفٍ حقيقيّ في تطوير الألعاب لم يحلم يومًا بأن يصنع بيديه لعبةً عظيمة؟

وأيُّ مخطِّط ألعاب لا يتمنّى أن تُحبَّ لعبته، وأن تُطلب، وأن يُفتتن بها عددٌ لا يُحصى من اللاعبين حتى حدّ العبادة؟

كان شو فَي واعيًا بنفسه؛ لو اعتمد على قدراته السابقة وحدها، فالغالب أنّه لن يبلغ هذا الهدف طوال عمره. لكن مع عون النظام… لم يعد هذا الطموح الباذخ يبدو بعيد المنال!

«يا نظام… هل أنت هنا؟»

«مرحبًا؟ هل تسمعني؟»

«هل أنت موجود؟»

«يا أبي النظام؟»

…وبعد لحظات، اسودّ وجه شو فَي.

لم يدرِ أهو نظامٌ متعالٍ أكثر من اللازم، أم أنّه ببساطة يفتقر إلى الذكاء؛ فمهما حاول أن يتواصل معه، لم يأتِه أيُّ ردّ.

أترى أنّ الجملة التي سمعها قبل أن يُغمى عليه كانت مجرّد وهم؟

لكن ما حيلته؟ وقد غلبه الضيق، فلم يجد إلا أن يترك محاولة التواصل مؤقّتًا.

«أوه؟ يا أخا شو… لقد استيقظتَ؟»

في تلك اللحظة جاء صوتٌ من عند باب غرفة المستشفى الموارب.

دخل وانغ جيانفَي مترنّحًا قليلًا من الخارج؛ كان خطّ شعره قد تراجع مبكّرًا بسبب السهر والعمل الإضافي على مدى سنوات.

وضع سلّة الفاكهة التي يحملها على الخزانة القريبة، وكأنّه لم يرَ الشاشة الافتراضية أمام شو فَي إطلاقًا.

كان واحدًا من المبرمجين في فريق مشروع عالم السيف والشفرة داخل شركة ييشين للألعاب. سبق شو فَي إلى الشركة بعامين، وكان من أكثر زملائه انسجامًا معه.

قال شو فَي: «استيقظتُ قبل قليل… يا أخا وانغ، ما الذي جاء بك إلى هنا؟»

اغتنم الفرصة فأخفى النظام، ثم اعتدل جالسًا على سرير المستشفى.

راح وانغ جيانفَي يتفحّصه من أعلى إلى أسفل، وحين رأى أنّ لون وجهه يبدو جيّدًا، ارتاح وقال: «لا شيء. جئتُ أزورك فحسب. لقد أغمي عليك فجأة هذا الصباح وأفزعتَ الجميع؛ كدنا نظنّ أنّك ستلفظ أنفاسك! فحملناك مسرعين إلى المستشفى. لا تقلق، النتائج ظهرت: لا شيء سوى انخفاضٍ طفيف في سكّر الدم، ولا توجد أيّ مشكلة أخرى.»

كان شو فَي يعلم أن إغماءه سببه النظام، لكنه جاراه وقال: «لا بدّ أنّها إرهاقُ العمل الإضافي… ثم إنّني اكتفيتُ بفطورٍ سريع، وبعدها نهضتُ بسرعةٍ زائدة…»

لم يشكّ وانغ جيانفَي بشيء، وقال مبتسمًا: «جيّدٌ أنّك بخير! كنتُ أعرف ذلك؛ بطبعك لا تبدو ممّن يغمى عليهم من الغضب لمجرّد أنّ سمعة النسخة الجديدة كانت سيئة قليلًا.»

«سمعة النسخة الجديدة؟»

هزّ شو فَي رأسه وقال: «ليست سيّئة قليلًا فحسب.»

بهذه الجملة تلاشى كثيرٌ من الابتسامة على وجه وانغ جيانفَي.

تنهد بعجز: «الجميع في فريق المشروع يعرفون ذلك، ويعرفون أيضًا أنّ المشكلة ليست منك. قائد فريق المشروع ومدير الشركة هما من أصرّا على هذه الأمور، فماذا بوسعنا نحن الجنود الصغار الذين لا يفعلون سوى تنفيذ العمل؟»

رفع شو فَي كتفيه: «يبدو أنّ اللوم سيلتصق بي على أيّ حال.»

وبعد أن تحدّثا قليلًا عن النسخة الجديدة من عالم السيف والشفرة، ولأن الجوّ بدأ يهبط ويثقل، ولأن شو فَي كان في الحقيقة بصحّة ممتازة ويستطيع الخروج في أيّ وقت، غيّر وانغ جيانفَي الموضوع وقال:

«زملاؤنا في فريق المشروع طلبوا منّي زيارتك، وقد أوصلتُ لك مشاعرهم، فلن أطيل البقاء. وقبل أن آتي، وافق المدير سون أيضًا على يومين إجازة لك، فلا حاجة للعجلة في الخروج. حتى لو كان جسدك سليمًا، تمدّد يومًا آخر وخذ قسطًا من الراحة.»

قال شو فَي بدهشةٍ خفيفة: «المدير سون وافق فعلًا على يومين إجازة لي؟ هذا نادرٌ جدًّا!»

ضحك وانغ جيانفَي وقال: «ومن غير ذلك؟ أنت شابٌّ في هذا العمر وتُغمى عليك فجأة أمام الناس بلا إنذار! وفوق ذلك هناك سياقُ العمل الإضافي المتواصل قبلها. حتى من باب المظهر، لا بدّ أن يقوم ببادرةٍ ما!»

أومأ شو فَي: «هو إنما يخشى أثر الأمر لا غير. وإلا فبسمعة النسخة الجديدة هذه، ربّما كان قد فكّر أصلًا في طردي كبش فداء.»

ظهرت على وجه وانغ جيانفَي لمحةُ تعاطف. نهض وربّت على كتف شو فَي وقال: «لا أعلم ما الذي يدور في رأس المدير سون، لكن صداقتنا ثابتة. والجميع في فريق المشروع أيضًا يتمنّون لك الشفاء العاجل.»

قال شو فَي بفتورٍ وهو يزمّ شفتيه: «طبعًا. مع غياب عاملٍ واحد سيضطرّون لعملٍ أكثر، ومن دون بدل عمل إضافي. لو كنتُ مكانهم لتمنّيتُ ذلك أيضًا.»

انفجر وانغ جيانفَي ضاحكًا، ولوّح بيده ثم استدار خارجًا من الغرفة.

وبعد قليل… عاد الهدوء إلى غرفة المستشفى من جديد.

…وقبل انتهاء الدوام في ذلك اليوم.

خرج شو فَي من المستشفى مبكّرًا، ثم دخل بخطواتٍ واثقة إلى مكتب مدير فريق مشروع عالم السيف والشفرة في شركة ييشين للألعاب، وقدّم استقالته في الحال.

«تستقيل؟»

ظهر على وجه المدير سون قدرٌ من الدهشة.

كان قد فكّر بالفعل في جعل شو فَي كبش فداء وإخراجه من الشركة، لكن بعد حادثة الصباح، ومع الشائعات التي انتشرت في المبنى المالي كلّه خلال يومٍ واحد، صار طرده الآن أمرًا غير مناسبٍ كثيرًا.

وما لم يتوقّعه أبدًا هو أنّ شو فَي—بعد أن نجا مؤقّتًا من الأزمة—سيبادر بنفسه إلى الاستقالة.

يا لك من فتى ذكيّ!

قال المدير سون ذلك في سرّه، لكنه تظاهر بالحرص وهو يحاول إقناعه: «أنت من قدامى موظّفي الشركة أيضًا، لماذا تفكّر فجأة في الاستقالة؟ أهي مشكلة راتب؟ أم تخشى أن تقسو عليك الشركة بسبب فشل النسخة الجديدة؟ إن كان السبب هو الثاني فلا داعي لهذا. ما رأيك أن تأخذ الطلب معك وتفكّر فيه مجدّدًا؟»

قال شو فَي بلا تردّد: «لا داعي.»

وحين رأى المدير سون إصراره، كفّ عن التمثيل على الفور، ورفع الهاتف بحسم ليتّصل بالموارد البشرية.

وبعد نصف ساعة، كان شو فَي قد أنهى إجراءات الاستقالة كاملة، وغادر الشركة وهو يشعر بخفّةٍ لم يذقها منذ زمن.

في ذلك الوقت، لم يكن كثيرٌ من الزملاء قد عرفوا أصلًا أنّ شو فَي استقال بالفعل.

أمّا شو فَي—وقد صار ذهنه في مكانٍ آخر—فلم تكن لديه نيّة لأن يودّعهم واحدًا واحدًا. اكتفى بإرسال رسالةٍ في مجموعة دردشة الشركة يشرح فيها قراره باقتضاب، ثم لم يلتفت إلى الردود، بل أخذ نفسًا عميقًا ومضى بخطواتٍ واسعة خارج مبنى ناندو المالي حيث تقع شركة ييشين للألعاب.

ومن هذه اللحظة… اختفى مخطِّط ألعاب مبتدئ يُدعى شو فَي، وظهر بدلًا منه منتِج ألعاب شبكية جديدٌ تمامًا!

——-

الألعاب الشبكية هي ألعاب تعتمد على الاتصال بالشبكة (الإنترنت أو شبكة محلية) لكي تلعبها، إمّا مع لاعبين آخرين أو داخل عالم لعبة متصل بخوادم.

أشهر صورها:

ألعاب جماعية عبر الإنترنت: تلعب مع آخرين في الوقت نفسه (قتال، تعاون، فرق).

ألعاب بعالم مستمر: عالم اللعبة يبقى يعمل حتى لو خرجتَ (مثل العوالم المفتوحة المتصلة).

ألعاب تنافسية/رتب: مباريات أونلاين بنظام تصنيف.

ألعاب تعتمد على خادم: تقدّم الشخصية، السمعة، العملات، والمهمات تُحفظ على الخادم لا على جهازك.

وفي سياق روايتنا، عبارة «منتِج ألعاب شبكية» تعني الشخص المسؤول عن تصميم وإدارة لعبة تعمل عبر الإنترنت: يضع الأنظمة، يوازن المهارات، يحدد المكافآت، ويتابع التحديثات وتجربة اللاعبين.

2025/12/13 · 4 مشاهدة · 1110 كلمة
نادي الروايات - 2025