”لا أريد أن أهلك على يد دمية شيطانية تدعي البرائة”
إرتعش معاد من شدة الهلع و هو يشعر بنظرات الدمية المبتسمة خلفه
”هممم...إنتظر!“
همهم عبد الحق و على عكس معاد،نظر بكل أريحية لوجه هاجي واجي المبتسم،يتفحص بنظراته موقف الدمية و مكانها بالتحديد
”إنها البداية!“
إرتعدت شفتيه و صاح بصوت عالي جذب إنتباه معاد الشارد
”ماذا تقصد؟“
نظر معاد لصاحبه نظرة راغبة في الحصول على تفسير
”مكان بداية اللعبة يا رجل،هذا الأحمق لن يبرح من مكانه حالما نغادر هذه الغرفة“
وقف عبد الحق يحدق بإبتسامة راضية و هو ينظر لوجه هاجي واجي المبتسم و البريئ
”فهمت!“
تقدم معاد بخطوات هادئة ناحية هاجي واجي المتصنم
ليخرج من أحد جيوبه قلما أسود،تقدم ناحيته بإبتسامة خبيثة و هو يتذكر عدد المرات التي تعرضت شخصية اللاعب للموت على يديه
”فيما تفكر يا رجل؟!“
بعد أن لاحظ عبد الحق معاد يقترب بهدوء ناحية هاجي واجي مخرجا ذاك القلم الأسود،لم يسعه سوى أن يسأله عن ما قد ينوي فعله
”ستعرف...هاهها“
أطلق معاد ضحكة مكتومة و هو يقوم بالرسم على وجه هاجي واجي
تقدم عبد الحق محاولا معرفة ما قد فعله رفيقه،لتتغير تعابيره و يطلق هو الأخر ضحكة مع محاولة كتمانها
كان وجه هاحي واجي ملطخا بالحبر الأسود،بدا كما لو أنه قد نمى شعر على رأسه،شعر أسود كثيف غط فروة رأسه بالكامل،رفقة لحية سوداء كثيفة غطت هي الأخرى ذقنه
وقف الأحمقان ينهالان بالضحك على مظهر الدمية الشبيه بالمشردين،و الذي قد أسقط من هيبة هاجي واجي على حد قولهم
”لنلتقط صورة للذكرى“
أخرج عبد الحق هاتفه و إستعد لإلتقاط صورة جماعية لهم
حاول معاد كتم ضحكته،لكنها كانت بارزة بوضوح من خلال أعينه الشبه منغلقة و شفته الملتوية على شكل إبتسامة
*إلتقاط*
بمجرد إلتقاط الصورة،تفحص عبد الحق هاتفه و نظر بتمعن في الصورة
”هذا غريب!“
تجعدت ملامح وجهه و هو يحدق في الصورة الرقمية بإستغراب
كانت الصورة تظهر كل من معاد و عبد الحق واقفين بقرب الدمية المتصنمة،لكن على غرار ذلك تغير موضع هاجي واجي
حيث أنزل رأسه ليصير مقاربا لهم مع تغير تلك الإبتسامة الجميلة و الهادئة،من إبتسامة ملائكية لطيفة إلى إبتسامة شيطانية تظهر صفا من الأسنان الحادة و الشبيهة بالأنصال
”عب...د الحق!“
إرتعشت زوايا فم معاد مع تقلب أعينه بإستمرار،رافقه إرتعاش كل شبر من جسده و هو يحدق في شيء ما
”غريب حقا!...أه نعم يا صاح“
تمتم عبد الحق و هو يحدق بالصورة بغرابة قبل أن يسمع صوت معاد المرتعش
إلتفت عبد الحق ليقابله وجه معاد الممزوج بالخوف و الصدمة،كانت كل زاوية من جسده ترتعش من هول المنظر
”هااااه...اللعنة!“
شهق عبد الحق و الصدمة تعتري ملامح وجهه،قبل أن يعبس و يلعن حظه السيء
كانت الدمية على عكس سكونها و هدوئها قبل قليل،تتحرك بشكل طبيعي كما لو أن الروح قد ذبت فيها
تحدق بهم بتلك الإبتسامة الشنيعة،مظهرة صفا من الأسنان الحادة،تنظر لهم بنشوة و لذة
*هدير*
أطلق هاجي واجي هديرا صاخبا و إنطلق يجري ناحيتهم
”اللعنة“×2
ركض الإثنان يحاولان الفرار بجلدهما،و الدمية الشيطانية تطاردهم من الخلف
”تبا...ألم تقل أنه لن يكون قادرا على الحراك الأن“
صاح معاد بصوت ممزوج بالغضب و الخوف و هو يركض بأرجل مرتعشة
”أنا أيضا تفاجئت مما حصل للتو!“
صاح عبد الحق هو الأخر و هو يسمع زمجرة هاجي واجي خلفهم
إستمرت مطاردتهم طويلا و هم يجوبون كل أنحاء المصنع المهجور،يركضان دون النظر للخلف و صيحات الوحش لا تخلو أبدا،غير يائس من مطاردتهم
بل على العكس فهو سعيد و هو يحدق بقطعتين من اللحم الطازج يركضان أمامه من شدة الذعر و الخوف
إستمروا بالركض إلا أن بلغو قاعة مدججة بمختلف الألات الصناعية الضخمة و الصدئة،لمحا مدخلا قصير الحجم يؤدي لمتاهة ضيقة
”أسرع!“
صاح عبد الحق و هو يمسك كتف رفيقه و يوجهه ناحية المدخل
*هدير*
علت صيحات الوحش الأزرق القطني من خلفهما،يتبعهما بخطوات مندفعة،مكشرا عن أنيابه غير مخفي لنواياه فبالنهاية قد فقد بشريته منذ زمن و قد صار الأن وحشا قليل الفكر يتبع غرائزه فقط كالحيونات
إستطاع الإثنان بلوغ البوابة القصيرة و نزلا من على السلالم المؤدية للأسفل،ليقابلو طريقا ضيقا ذو جدران رمادية داكنة و طريق أسود قاتم،مع قليل من الخطوط الحمراء الخفيفة الظاهرة على الأرضية
*** *** *** *** ***
إستمر الإثنان يركضان على أطراف هذه المتاهة الضيقة،أما هاجي واجي فقد كان يلاحقهم كأي وحش في لعبة رعب،فهو في النهاية قد أنشئ لغرض ملاحقة اللاعب و قتله
بالرغم من أن جسده نحيل و طويل بشكل مبالغ فيه إلا أن ذلك لم يمنعه من ملاحقتهم بجنون
”هذا الوغد مزال يلاحقنا...تبا“
شتم معاد هاجي واجي بعد أن أدار وجهه،ليصدم بوجه الوحش الأزرق المدجج بالأسنان الحادة يحدق نحوه
”ماذا تتوقع من ذكاء إصطناعي؟!“
رد عليه عبد الحق بعد سماع تذمره
لم يدم مكوتهم طويلا داخل المتاهة،فبعد أن توغلو عميقا داخلها إستطاعو المرور من خلف أحد الأبواب المعدنية،ما سمح لهم بإيجاد سلالم تؤدي إلى الأسفل
*هدير*
تقدم هاجي واجي كالمجنون و هو عازم على قضم رؤسهم و فرقها عن جسدهم
”تبا لك“
بمجرد أن لاحظه معاد يقترب شتمه،أمسك بكتف صاحبه و إنزلقى بسرعة من على السلالم
”أخيرا خرجنا من هذه المتاهة اللعينة“
تنفس عبد الحق الصعداء و هو يراقب أي تحرك قد يقدم عليه هاجي واجي
و بالطبع كان شكه في محله،من خلف الظلال تقدم هاجي واجي بسرعة جنونية مكشرا انيابه الحادة
”ماذا سنفعل؟“
إرتعشت شفتي معاد و هو يراقب بملامح مذعورة الوحش المجنون يركض نحوهم
وقف عبد الحق و تقدم ناحية هاجي واجي،إتخد وضعية فنان قتالي و إستعد لإستهداف منطقة حيوية في جسده
إنكمشت المسافة بين كل من عبد الحق و هاجي واجي،فأجساد الإثنين قريبة من بعضها و لا تكاد تفصلهم سوى بضع سنتمترات
”خد هذا أيها الوغد!“
شد عبد الحق قبضة يده اليمنى و وجهها ناحية منطقة معينة أسفل جسد هاجي واجي
{ماذا تفعل؟}
تسمر هاجي واجي في مكانه و ملامح الشك و الإستغراب تشكلت على ملامح وجهه
”اللعنة أنت حتى لا تملكه!...كيف تعيش؟؟“
أبعد عبد الحق قبضته عن...،و سأل الوحش الواقف أمامه بنظرة ممزوجة بالدهشة و الإستغراب
إستمر الإثنان يحدقان في بعضهما البعض لمدة دقيقة من الصمت،لم يتحدث أحدهم أو يحاول أي منهم كسر هذا الحاجز الصامت
{أين كنا؟...أه تذكرت سوف أق~}
كسر هاجي واجي حاجز الصمت،مكشرا عن أنيابه الحادة،وضع كلتا يديه على كتفي عبد الحق و إستعد لقضم رأسه
لكنه تعرض لضربة قوية على رأسه في غفلة منه،ليختل توازنه و تتراقص أعينه لتغمض بسرعة،سقط جسده و إرتطم بالسياج الحديدي ليرتفع قليلا و يسقط أسفل المصنع المظلم
من خلف هاجي واجي ظهر معاد،لكنه هذه المرة كان حاملا لمضرب بيسبول،كان هذا الأخير ملطخا بالدماء بسبب الضربة القوية التي أنزلها به على رأس هاجي
”واو...كيف فعلتها يا رجل؟...و كيف حصلت على ذلك المضرب؟“
تفجأ عبد الحق من التغير المفاجئ الذي طرأ للتو،و تشكلت ملامح الإندهاش على تعابير وجهه
”الأن تخلصنا من هذا الأحمق،لكن كيف سنعود؟“
رد عليه معاد و هو يحدق في الظلمة الحالكة القابعة أسفل المصنع،قبل أن يغير منظوره جهة صاحبه و يتسأل عن طريقة العودة
”لا أدري...لنسأل تلك الطفلة هناك!“
أدار عبد الحق ظهره جهة الأمام و أشار بإصبعه ناحية جدار رمادي داكن،رسمت عليه زهرة قرمزية فاتنة المنظر
*صوت خطوات*
تقدم الإثنان بخطى ثقيلة تنشئ إقاعات حادة،نحوى طريق مظلم حالك السواد بسبب الظلمة المغمورة داخل هذا المصنع القديم
*صرير*
فتح الباب الأسود مصدراً صوت صرير حاد و مزعج،تقدم الإثنان بخطوات بطيئة يحدقان في جل التفاصيل الموجودة بداخله
أرضية حمراء داكنة رفقة جدران متوسطة الحجم،زهرية اللون مائلة للأحمر بسبب الإضائة القرمزية المثبتة على جدرانها
”لنأمل أن يحالفنا الحظ يا معاد“
بالمنتصف تواجدت بوابة مزدوجة بيضاء اللون رفقة تموضع الزجاج عليها بشكل أنيق،محاطة بأعمدة بيضاء من الرخام
*صرير*
فتح الإثنان البوابة و بالمثل أصدر صوت صريره الحاد،مظهرا لنا غرفة بسيطة و متواضعة بجدران ذات حجم بسيط زهرية اللون و مائلة قليلا للأحمر بسبب الإضائة القرمزية المثبتة على سقفها
أرضية حمراء داكنة مائلة قليلا للسواد،رفقة تواجد وسادات مربعة الشكل بألوان زاهية مبعثرة في الأرجاء
و تموضعت خزانة خشبية ذات تصميم جميل على يمين جدار الغرفة المقابل للباب،رققة تموضع صندوق خشبي بسيط على يسار الخزانة
حمل عليه صندوق زجاجي،تواجد بدخله دمية صغيرة مغمضة العينين،ذات شعر أحمر ناري على شكل ضفيرتين من كلا الجانبين،ترتدي فستانا أزرق داكن
”لننهي هذا بسرعة“
تقدم عبد الحق ناحية الصندوق الزجاجي و باشر بوضع يده على المقبض لفتحه
*فتح*
بمجرد أن فتح هذا الأخير الصندوق الزجاجي،فتحت الدمية النائمة أعينها كاشفة عن أعين زرقاء فاتحة
{مرحبا بعو~}
لفضت بوبي أولى كلماتها بعد أن تحررت أخيرا من سجنها
”توقفي عن التلفض بالهراء“
لكن عبد الحق أخرسها و تركها حائرة دون أن تكمل كلامها
{ماذا؟...أنت!...أنت لست هو!}
نظرت نحوهما بنظرة متشككة ممزوجة بالغرابة،بعد أن دققت النظر فيهم جيدا لبرهة
*صوت خطوات*
لم يعرها عبد الحق أي إهتمام و تقدم بسرعة نحوها،دون أن تشعر حملها كطفل صغير لكن بشكل عنيف
{هي أنت ماذا تفعل؟}
كأي رد فعل طبيعي صرخت الدمية الصغيرة و طلبت إستفسارا منه
”توقفي عن التذمر،معاد هيا بنا يا صاح“
حدق عبد الحق بنظرة صارمة في وجه الدمية كنظرة أستاذ إشتكى من تذمر تلميذه
قبل أن يغير موضع نظرته ناحية معاد و تعود ملامحه لوضعها العادي،تقدموا ناحية البوابة مبتعدين عن هذا المسكن الكئيب
{هي أنت أنزلني حالا!}
قرب الجدار الحائز على شعار الزهرة القرمزية،وقف عبد الحق حاملا دمية بوبي قالبا إياها رأسا على عقب
”أعدينا لعالمنا!“
صاح في وجهها و هو يحاول إخافتها بأنه سيقدم على إسقاطها في براثين الظلام الغمورة أسفل المصنع
{أنا لا افهم عن ماذا تتح~}
إنفعلت بوبي في وجهه و ملامح الشك قد ترست في كل شبر من ملامح وجهها الطفولي
لكن عبد الحق هزها مرارا و تكرارا كما لو أنه يهز قنينة ماء،لم يسمح لها حتى بإكمال كلامها و هو ينظر لها تلك النظرة الصارمة
”يا صاح اظنك تبالغ“
على الجانب لاحظ معاد أن رفيقه قد فقد صوابه،وضع يده على كتفه و طالبه بالتوقف
”أسكت!“
أدار عبد الحق رأسه 180 درجة دون أن يلف جسده،بدا كما لو أنه عديم الفقرات يحدق نحوه بتلك النظرات الصارمة
”...!“
بعد هذا الموقف لم يجرؤ معاد على الحديث،ذهل مما حدث للتو،لم يسعه سوى أن يقف مكتوف الأيدي و يشاهد صاحبه الذي بدا أنه قد جن جنونه
{أنا...أنا...!،لا...لا أستطيع!}
تحدثت بوبي بصعوبة و لازالت أثار الإهتزاز بارزة من خلال عقلها المضطرب
”ماذا...ماذا؟؟...و لماذا لا تستطيعين بالتحديد!؟“
إستمر عبد الحق بالصياح كالمجنون غير مصدق ما تتلفض به بوبي
”إذن أنتي عديمة الفائدة!...حسنا وداعا“
تشكل العبوس و الإنزعاج على ملامح وجهه بعد أن علم أنا بوبي لا فائدة لها ،لذا قرر رميها أسفل المصنع
{ماذا؟؟...مهلا...مهلا لحظة!،أنا...أنا!...أست~}
بمجرد أن علمت بوبي أن هذا المجنون قد قرر رميها أسفل المصنع،بدأت تتلفض بعدة حجج محاولة إنقاد نفسها من المصير المحتوم
”وداعا!“
رغم كل هذه الحجج التي أدلت بها قام عبد الحق بإفلات قدمها الصغيرة دون أن يرمش له جفن،لتسقط نحوى الأسفل،نحوى بحر من الظلام
لحظة سقوطها ألقت وابلا من السب و الشتم على هذا الأحمق،لكنها لم تدم طويلا حيث بدأ سمك صوتها يتضائل و يختفي حضورها شيئا فشيئا
”نحن عالقون“
بعد هذا جلس عبد الحق متكئا على السياح الحديدي،رافعا رأسه يحدق فوق السقف الأسود المظلم بوجه عابس
”يا رجل ما بك سيتدخل المؤلف الوغد“
جلس معاد يستريح شابكا يديه معا خلف رأسه،مغمضا عينيه بكل أريحية
*** *** *** *** *** *** *** ***
في العالم الواقعي إستمر المطر بالهطول بغزارة،و إستمرت شرارت البرق تتراقص في كل من شبر من السماء المغلفة بالغيوم الداكنة
*صعق*
تشكلت على الغيوم الداكنة عمود متوهج من البرق،ينطلق بسرعة كما لو أنه وحش جرار،ينطلق بين مختلف أسطح المنازل باحثا عن صحن هوائيه لصعقه
و يا سبحان الله مجددا قام بضرب الصحن الهوائي الخاص بمنزل معاد،لتنطلق شرارات البرق عبر الأسلاك و تصعق الحاسوب مجددا
بعد أن ظن عبد الحق أنهم سيعلقون هنا للأبد،بينما هون عليه معاد بأنهم سيخرجون بقدرة كيس المخرج
*وميض*
تشكل من العدم وهج أبيض شديد اللمعان،لم يقدر الإثنان الإستمرار في النظر إليه لذى غطى بصرهما من شدة الألم الذي ضرب أعينهما
”ما هذا بحق الجحي~“
صاح عبد الحق مغمضا أعينه،يتسأل عن سبب ضهور هذا الوميض الشديد
لكنه إختفى قبل أن يكمل كلامه،معاد هو الأخر قد إختفى و قد تم سحبهم من عالم اللعبة
*إرتطام*
أضائت شاشة الحاسوب بوهج أزرق لازوردي،تشكلت دوامة من الطاقة مسببة تيارا هوائيا عنيفا ضرب الغرفة ما تسبب في تطاير الكتب و مختلف الأدوات المرتبة قبل قليل
لم يدم بقائها طويلا،لتطرح الدوامة جسدان بشريان على الأرض،بعد قليل بدأت بالإنكماش و التبدد لتختفي رافقها توقف التيار الهوائي و معه توقفت الأدوات المبعثرة عن الطفو في الهواء
”اوه...لقد عدنا!“
نهض عبد الحق من الأرض يتأوه بقليل من الألم،قبل أن يلاحظ الغرفة المألوفة و يلفض هذه الكلمات
”أخبرتك يا صاح“
نهض معاد من على الأرض و تقدم نحوى الحاسوب ليطفئه و يستدير عند رفيقه بإبتسامة باهتة