”النجدة...أرجو~…!“

على أطراف المدينة المدمرة ركض رجل عجوز بما أوتي له من قوة لأجل الهروب من هذا المصير،لكن تعثر لماذا لأني أريد ذلك

سقط الرجل على الأرض و ما إن حاول الوقوف،إذ به يسمع صوت الصرصور الفضائي مقبلا على أين يضغط به الأرض

*دهس*

دهس الصرصور الفضائي الرجل العجوز،مسببا تشقق للأرض،رافقها تشكل بركة من الدماء من جثة العجوز

*هدير*

أطلق الوحش زئيرا مدويا معلنا أن النهاية آتية لا محالة و أن الحياة ماهي إلا لقطات متقطعة ستنتهي في لحظات

”أمي…!…أبي…!؟…أنا...أ...أنا مازلت...لم أعتذر عما فعلته لكم...آس...سف!!!“

على ضفاف إحدى المباني التي قد قدر لها الهلاك بسبب أثار التصدعات و الدمار الذي لحق بها،جلس شاب في العشرينات من عمره حاضنا ركبتيه،مخفضا رأسه يتمتم ببعض الكلمات و الذعر و الهلع مستحوذين على جسده

”لا...محال هذا...محال أن تكون نهاي~…!!!“

على الجانب المقابل جت رجل في الأربعينات من عمره يرتدي ملابس كلاسيكية عصرية،يضع نظارات طبية واضعا كلتا يديه على رأسه و ملامح الرهبة و الخوف مترسمان على عضلات وجهه بوضوح

{غرر…غررغرر…}

إقترب الصرصور الفضائي من مكانه و نظر له نظرات توحي بالإشمئزاز

”إنها النهاية…هاه!“

إستحوذ الخوف على جسده،خفق قلبه بسرعة مرعبة و تدلت قطرات العرق حتى غطت كل شبر في جسده

أغمض عينيه منتظرا مصيره النهائي،متقبلا نهاية قصته،فاقدا الآمل في النجاة

{غرر...سحح~...؟؟!}

تقدم الصرصور الفضائي بخطى بطيئة نحوى فريسته،مكشرا عن أنيابه الحادة و مستعدا لتهميش لحمه و إراقة دمه القرمزي

*صوت طلقة قذيفة*

لكنه ما إن لبث ليقوم بفعلته إلا و في لحظة مفاجئة إنطلقت قذيفة مستعرة لتصطدم بوجهه الضخم مسببة انفجارا هائلا

”هاه...ما هذا!؟“

تسبب الإنفجار في جعل الرجل يفتح عينيه،ليصدم بهذا المشهد أزاح بناظريه عن الوحش المصاب ليجد كتيبة من الجيش مجهزين بعتادهم و أسلحتهم

مباشرة بعد رؤيتهم تبددت تلك الحسرة و حل محلها إبتسامة باهتة،تبدد الخوف الذي سيطر عليه سابقا و حل محله الطمآنينة

”سيدي المرجوا المغادرة فهذا المكان لم يعد آمنا“

تقدم أحد الجنود و جت على ركبتيه حتى صار في مستوى الرجل،نظر في عينيه المصدومة وضع يده على كتفه و حته على المغادرة

”تقدموا!...تقدموا!...أخلوا المدنيين أولا و بعدها اقتلوا هذا اللعين“

صرخ أحد القادة آمرا الجنود من خلفه بالتقدم و محاربة هذا الكائن الخارق للعادة الطبيعية

إنقسم الجيش لقسمين قسم باشر بالتقدم نحوى البنايات المحطمة و الشبه خالية لمحاولة إنقاذ أي مدني مصاب و القسم الثاني حمل أسلحته و باشر بإطلاق أمطار من الرصاص على الوحش

*** *** *** *** *** *** *** ***

على غرار هذه المعركة التي تدور حاليا بين أفراد القوة العسكرية و بين الصرصور الفضائي،داخل أحد قاعات المؤتمرات المجهزة بعناية

إصطف جموع من البشر يرتدون ملابس كلاسيكية عصرية،جالسين على مقاعد سوداء مدرجة من الأعلى إلى الأسفل

يحدقون بتركيز و إهتمام إلى أحد المسؤولين الواقف على منصة،يحدق هو الأخر نحوهم بكل هدوء بعيون خالية من التوتر

[دون أن أملي عليكم لا بد و أنكم عالمون ما يحصل حاليا]

تحدث عبر الميكروفون لإيصال صوته إلى كل شخص داخل هذه القاعة الفسيحة

[إن أفراد الجيش حاليا متشابكين مع هذا الشيء،لا زالو لم يجدوا طريقة مناسبة لتدميره]

ثم أكمل قائلا و هو يستعرض شاشة هولوغرامية تظهر الجنود و هم يقذفون الصرصور الفضائي بوابل من الطلقات

[كما تلاحظون لم تقدر أسلحتنا النارية و لا حتى الأسلحة الثقيلة على التسبب بضرر لهذا الشيء،و كما تعلمون جميعا فإن حضوركم إلى هذا الإجتماع و وجودكم فيه ليس من فراغ]

تحدث بكل أريحية بأعين ثابتة أمام هذا الجموع الهائل

*صوت خطوات بطيئة*

[إذن أيها السادة و السيدات إني أريد معرفة قراركم بشآن~...!!؟]

أغمض المسؤول أعينه،ليأخد نفسا عميقا ليفتحها مكملا كلامه و هو يحدق نحوهم،لكنه أقلع عن الحديث بعد أن لاحظ شيئا مريبا

[هي من أنت؟؟...من سمح لك بالدخول!؟]

تغيرت تلك النظرة الهادئة و الخالية من التوتر إلى نظرة الصدمة و الإستغراب و هو يحاور شخصا مجهولا غير مرحب به

لم يكن سوى رجل عجوز يرتدي عبائة سوداء مهترئة،يمسك بأيديه الخشنة و المجعدة عصا خشبية ذات رأس ملتوي بشكل حلزوني في منتصفه تواجدت كرة بلورية ذات لون قرمزي

”تبديل!“

ضرب العجوز العصا بالأرض ضربة طفيفة،ساهمت في توهج البلورة القرمزية و إطلاق تردد طفيف غير مرئي

”من سمح لك بالد~...؟؟!...ماذا أفعل هنا؟“

وجد المسؤول نفسه بعيدا عن المنصة،علت التساؤلات و الإشكالات ذهنه

لكنه توقف عن التفكير بعد أن لمح أن العجوز واقف في مكانه يخاطب الناس الذي كان هو يخاطبهم قبل قليل

[أيها القوم إسمحوا لي بإنارتكم و إعلامكم ما أنتم مقبلون على الدخول فيه]

أزال الرجل العجوز غطائه الأسود المهترئ،كاشفا لنا عن وجه لا تخفى عنه التجاعيد،شعره أشيب من شدة البياض،عيونه خضراء صافية مازلت محتفظة ببريقها

”مهلا يا حراس أمسكوه!“

صرخ المسؤول في وجه العجوز مع مناداة الحراس،ليتقدم من خلفه رجلان يرتديان ملابس أنيقة مع وضع نظارات سوداء و جسد عضلي

[أطفال اليوم لا يحترمون من هم أكبرهم سنا يا للعار]

رفع العجوز عصاه و لوح به مع ترتيل بعض الكلمات الغير معلومة بلغة صعبة النطق

تقدم الحارسان ناحية العجوز محاولين إمساكه،لكنهم تجمدوا في مكانهم غير قادرين على الحراك

”ما هذا؟؟“

”هل هذه خدعة سحرية أم ماذا؟؟“

”العالم حقا أصبح غريبا وحش فضائي و شخص غريب يقوم بالخدع السحرية...فعلا غريب؟!“

علت صيحات الجالسين و هم يشاهدون هذه المواقف العجيبة بأعصاب مشدودة و أعين متعجبة

[يا قوم كفوا عويلا و صراخا،لست راغبا في أذيتكم إنما أنا جئتكم للمساعدة]

تحدث العجوز محاولا إسكات الحشد الغاضب

”و كيف نثق بك أيها الغريب؟“

”أجل كيف نعلم أنك ستخلصنا من هذا الشيء؟؟“

علت صيحات البشر كسرب من الطيور،لا يكفون عن العويل و الصراخ و الملامح الغاضبة و الخشنة المترسات على وجوههم تشرح ما تفكر به عقولهم

[إسمعوني أيها الحمقى أنا لست قادما لإنقاذكم بسبب الشفقة و ذاك الهراء،أنا فقط راغب في طلب مساعدتكم لإيجاد سلاح سيقدر على وضع حد له]

تلفض العجوز محدثا الحشد بنظرات غير مبالية،كلماته لم تكن تحمل و لا وزنا واحد من الشفقة والرحمة عليهم

[أسلحتكم التافهة ليست ندا لڤارڤاتوس،لو بقيتم على نفس هذا المنوال،فإن كوكبكم قد قدر عليه الهلاك]

تحدث العجوز بكل برود و هو يستحضر موضوع هلاك كوكبهم المسكين

[ماذا تنتظرون هيا قدموا لي المساعدة الازمة و أعدكم سأنهي أمر هذا اللعين!]

صاح العجوز بإبتسامة باهتة و هو يحرك يده اليسرى نحوهم طالبا التعاون

”إنه مختل!...حراس ألقوا هذا المجنون خارجا“

صاح المسؤول على حراسه الذين قد عادوا لطبيعتهم

*فتح*

فتح باب المؤتمر و تم قذف العجوز خارجا ليرتطم بالأرض بقوة،بمجرد أن أنهوا عملهم أغلقوا البوابة و عادوا للداخل

”أه...حمقى...لن تهلكوا سوى أنفسكم أيها الجهلة“

وقف العجوز مستلا بعصاه من على الأرض و ملامح الخيبة و الحسرة تشكلت على وجهه

”يا معاد أشاهدت الأخبار“

على الجانب المقابل العجوز تقدم الرفيقان يكلمان بعضهما في أمور عشوائية

”تقصد ذلك الكائن الشبيه بالصرصور،أجل...موضوع غريب!“

رد عليه معاد مع بروز قليل من التوتر في لهجته

”أيها الشابان؟“

نهض العجوز من على الأرض مستلا بعصاه و لوح للإثنان

سمع الإثنان شخصا يناديهما من الخلف،التفتا ليجدا رجلا بلغ الكبر بوجه مجعد و شعر إمتلأ شيبا ما عدا أعينه الخضراء التي لا تزال محتفظة بنورها

”أتحتاح مساعدة يا جدي؟“

تقدم عبد الحق بخطوات ثابتة و سأل الرجل العجوز بآدب

”أيها الشابان أنا حقا محتاج لمساعدتكما بشدة“

إبتسم العجوز و خاطب كل منهما بوجه بشوش

”ما نوع الخدمة أيها الجد؟“

هذه المرة سأل معاد بعد أن إقترب منهما و علم سبب توقيف العجوز لهما قبل قليل

”أيها الشابان إسمعاني جيدا،إني محتاج لمساعدتكما في العثور على مكملات لسلاح عظيم سينقد عالمكم من الفناء“

تحدث العجوز بنبرة مشحونة بالعزيمة و الجدية و هو يروي للإثنان عن نوع المساعدة الراغب منهما تآديتها

”ماذا؟؟؟...!!!“×2

نظر الإثنان للعجوز بنظرات الريبة و الإستغراب،لم يسعهما سوى توسيع أعينهما و محاولة فهم مقصده

”ساعدني في إيجاد الأحجار الستة لأجل إكمال هذا السلاح العظيم“

صاح العجوز بنبرة حماسية و هو يخرج سلاحه المزعوم متفاخرا به أمامهم

”ماذا؟؟...شبشب!؟“

علت ملامح الإستغراب وجه معاد و هو يحدق في الشيء الذي يحمله العجوز بين يديه

إذ بدا أن سلاحه الفتاك المزعوم ما هو إلا شبشب ذهبي تواجد على سطحه ستة فراغات متموضعة على كل جانب

”هاهاهاهاه...جدي أظنك تعاني من الخرف“

أطلق عبد الحق ضحكة طفيفة بعد رؤيته للشبشب الذي إدعى العجوز أنه مخلصهم

”تعال معي سأعيدك لدار العجزة،يبدوا أنك ضائع“

أمسك بمرفق يده اليمنى و حاول أخده إلى الوجهة المنشودة معتقدا أنه قد ضاع بسبب المشاكل العقلية التي يعاني منها

*صعق*

بمجرد أن حاول عبد الحق أخد العجوز لدار العجزة،إستخدم هذا الأخير إحدى تقنياته مسببا نزول صاعقة من السماء صعقت عبد الحق و أردته ساقطا على الأرض يرتعش من الألم

”ها...ماذا حد...ث؟!“

رفع عبد الحق رأسه بصعوبة ليجد العجوز واقفا مستلا على عصاه ذات الحجر القرمزي المتوهج

”هل إقتنعتم الأن؟“

نظر العجوز في أعين معاد ببرود سائلا إياه إن كانوا على إستعداد لمساعدته

”هاهاها...جدي لقد كنا نمازحك فقط،نحن على إستعداد لمساعدتك“

حك معاد فروة مؤخرة رأسه مع إطلاق ضحكة متصنعة محاولا إخفاء خوفه و توتره

”إذن ساعد صديقك فرحلتنا تبدأ الأن!“

تجاوز العجوز الإثنان و نظر نحو الأفق مخاطبا الإثنان دون النظر إليهما

2024/03/26 · 36 مشاهدة · 1376 كلمة
نادي الروايات - 2025