وسط كومة من الأزبال المركونة داخل زقاق ضيق،الضباب ملتف عليها يحتضنها من كل الجوانب مشكلا عبائة من الضباب تخفي ما يوجد أمامها و ما يوجد خلفها

*صوت خطوات*

تقدم رجل يرتدي بذلة عامل النظافة نحوى كومة الأزبال و بدأ يرفعها من مكانها لوضعها داخل الشاحنة المخصصة لحمل الأزبال

أدار ظهره للتقدم بعد أن رفع كيسا معينا،لكنه فوجئ بإمرآة تحدق به،كانت المرأة ذات شعر قصير أسود و عيون سوداء جاحضة لا يكاد يرمش لها جفن ترتدي معطفا أسود و تضع وشاحا أحمر اللون

لا تبتسم و لا تعبس فقط تنظر بلا تعابير فاتحة عيونها الجاحضة تحدق بعامل النظافة بنظرة مخيفة

رفعت كلتا يديها و قدمت للعامل كيس قمامة،بعدها أدارت ظهرها و إختفت داخل الضباب،تفحص العامل الكيس و نظر له ليجد بقع حمراء بالدم بارزة عليه

”ها ما هذا؟؟“

بدأت كلتا يديه ترتجف من الخوف و أسقط عن غير قصد كيس القمامة الملطخ بالدم

أنزل جسده بسرعة لرفعه عن الأرض و أثناء حمله أتاه فضول إكتشاف ما يقبع داخله،مد أصابع يده اليمنى و بدأ في فك الرباط الموجود على الكيس

لا يمكن إخفاء خوفه المتسرب من أصابعه المرتعدة،فتح الكيس و حدق به جيدا ليضهر من خلف السواد رأس بشرية ذات عيون جاحضة

”أعععهه!“

تجعدت عيون عامل النظافة و بدون إدراك منه قذف الكيس الدموي ناحية الأرض و إصطدم بها

بدأ قلبه بالخفقان من شدة الهلع،و شحب وجهه من الخوف لوهلة كان سيسقط فاقدا للوعي لكنه تماسك

”هي أنت!“

صدر صوت رجولي من الكيس الدموي

رفع الرجل جسده و لا يمكن إخفاء الرعب المستحوذ على قلبه،تقدم ناحية الكيس و نظر ناحيته

توسعت أعينه و إزدادت حدة ضربات قلبه مع إسوداد نظره للعالم،لم تكن سوى رأس رجل ذو شعر طويل بني داكن و عيون خضراء فاتحة المقطوعة تحدثه

”هي أنت إحملني و ضعني في الشاحنة!“

*إرتطام*

فقد الرجل وعيه و سقط على الأرض و لا زالت الرأس البشرية تتحدت بلا مبالاة

[المرأة الغامضة]

ظهر إعلان على التلفاز يبث مقطفات من فلم المرأة الغامضة الذي سيتم عرضه قريبا داخل محل لبيع الأفلام

”هل لديك فلم مخيف جدا جدا جدا!“

تقدم عبد الحق و حدث صاحب المحل مع تضييق عبنيه بشدة

بينما إستمر معاد بالتقليب بين مختلف الأفلام،صادف بين يديه فلم ون بيس ريد،كما صادف أيضا إيجاده فلم سفاح الجيزة،إضافة إلى وصول فلم جوكر بين أصابع يديه

”إنتظر لحظة!“

أدار صاحب المحل ظهره و بدأ بالتقليب،قبل أن يستدير مرأة أخرى و يقدم فلما ذو غلاف أسود اللون يظهر شكل إمرأة مشردة

ترتدي عبائة بيضاء بالية و شبه ممزقة تتميز ببشرة شاحبة كالموتى الأحياء و شعر أسود طويل فوضوي يخفي وجهها مع بروز أضافر حادة كالحيونات على أصابعها

”كم ثمنه؟“

بدأ عبد الحق بالتقليب بين جيوب بنطلونه الرمادي و هو يسأل عن ثمن الفلم

”خده مجانا!“

قدم صاحب المحل الفلم مجانا له،الشيء الذي صدم عبد الحق

ما جعله يسأله عن السبب،لكن صاحب المحل إكتفى بقول أنه فلم قديم و هو يريد التخلص منه فقط

”معاد توقف عن إمساك أفلام عشوائية و لنعد فقد عثرث على فلم جيد!“

مر عبد الحق ناحية معاد و نبه بأنهم على وشك المغادرة

___________

_________

_______

_____

___

”هل جهزت الفشار؟“

سأل معاد و هو يقوم بوضع الفلم داخل حامل الأقراص

”إنتهيت“

تقدم عبد الحق من خارج المطبخ و هو يحمل وعاء ممتلئ بالفشار

جلس الإثنان على الأريكة الحمراء المريحة مطفئين أضواء الغرفة في وقت متأخر من الليل رفع معاد يده اليسرى متفقدا مرفقه و نظر نحوى ساعته

[12:00]

”يا عبد الحق قبل المشاهدة دعنا نرتدي هذا للحصول على مشاهدة واقعية!“

حمل معاد بين يديه نظارات ثلاثية أبعاد تتميز بزجاجها الأيمن ذو اللون الأحمر و زجاجها الأيسر ذو اللون الأزرق

أضائت التلفاز بشكل مشوه مصدرتا صوت الخشخة المزعج،قبل أن تتغير بثواني و تظهر غابة ذات أشجار رقيقة و أغصان خاوية من الأوراق

يحيطها الضباب من كل الإتجاهات خالقا نمطا يعود لغابة مهجورة لا يسكنها أي حيوان،يتوسطها بئر ذو شكل يؤكد أنه بلغ القدم و قد عفى عنه الزمن

ضيقت الخلفية على البئر القديم مع إصدار نغمات و ألحان مرعبة أشبه بغناء فرقة من الشياطين

*♪♪♪...♪♪♪* *♪♪♪...♪♪♪* *♪♪♪...♪♪♪*

”رائع!...رائع!“×2

إبتسم الصديقان و هما ينصتان للألحان المتدفقة

دقائق معدودة لتظهر يد نحيلة شاحبة تخرج من البئر،إستمرت بالصعود عاليا مع بروز ذراع ثانية

إستمر الجسم الغريب بالصعود من على البئر ليظهر جسد إمرأة ذات شعر أسود طويل فوضوي يتدلى على ظهرها و يخفي وجهها،ترتدي عبائة بيضاء بالية و شبه ممزقة

مباشرة بعد صعودها من البئر بدأت بالزحف على الأرض كالثعبان،تمشي ناحية المشاهد

في غرار هذا المشهد الغريب إستقبله الصديقان بالبسمة و الضحك

توقفت المرأة المخيفة عن الزحف بعد أن بلغت مقدمة الشاشة و قربت يديها اليمنى الشاحبة المددجة بالمخالب الحادة

*إختراق*

إخترقت مخالبها شاشة التلفاز و ظهرت بشكل واقعي،تحولت يدها الرقمية! إلى يد حقيقة! لم تكتفي بذلك فقط بل بدأت بالتقدم ليسحب جسدها كاملا

خارج شاشة التلفاز،رفعت جسدها من على الأرض مستقيمة في وقفتها

”هذه النظارات مذهلة أشعر كما لو أني اراها أمامي!“

إبتسم عبد الحق و هو بنظر للمرأة المخيفة تقف أمامهم مع عدم إظهار ذرة خوف

”أنا أيضا!“

بينما كان معاد هو الأخر يحمل نفس التعابير

تقدمت المرأة المخيفة ناحية الإثنان و وقفت أمام ناظريهما مع إصدارها صوت زمجرة مخيف يشبه إلى حد ما زمجرة شيطان

”أوه صوت صراخها يبدوا كما لو أنه واقعي رائع!“

صرخ معاد بحماس و هو لايزال واضعا نظارة ثلاثية الأبعاد

”دعني أجرب!...أوه إنه خشن كالحشائش اليابسة!“

مد عبد الحق يده اليمنى و تحسس شعرها الخشن الفوضوي

”دعني أجرب أيضا!...اه إنها باردة و هزيلة!“

تحسس معاد يدها اليسرى و هو الأخر لا يزال واضعا النظارة ثلاثية الأبعاد

”هاهاها...هاهاها...هاهاها“×2

إستمر الأحمقان بالضحك غير مدركين أن ما أمامهم ليس خيال بل واقع

لكنه كل هذا ينتهي هنا عندما تقوم المرأة المخيفة بإزالة النظارات عن اعينهما لتقابلهما بزمجرة مخيفة

”ها؟...أععهخه!!!“×2

صرخ الإثنان بعد رؤية المرأة المخيفة أمامهم و ركضا بسرعة نحوى السلالم صاعدين للطابق العلوي

”شبح!...شبح!...إنه حقيقي ذلك البائع السافل!“

صرخ عبد الحق بذعر و هو يتذكر صاحب المحل

ركض شبح المرأة نحوهم هو الأخر تابعا إياهم،إستمر الرفيقان بالجري و الشبح يتبعهم في كل ركن يذهبون إليه

إنتهى الأمر بإفتراقهم و ذهاب كل واحد منهم لغرفة معينة، معاد دخل إلى أحد الغرف جهة اليمين بينما ذهب عبد الحق إلى أحد الغرف جهة اليسار

توقف شبح المرأة عن الجري و بدأت بالإلتفاف يمينا و يسارا لتقرر أي ضحية ستكون الأولى

{ميكي...كوكو...كاكا!}

قامت بترديد بعض الأسماء الغريبة و هي تشير بإصبعها في كلتا الجهتان بإنتضام إلى أن توقفت و إصبعها يشير لليسار

إنطلقت بسرعة غير إنسانية جهة اليسار و دخلت الغرفة بالتحديد التي يختبئ فيها عبد الحق،تمشت على الأرض المفروشة للغرفة بأقدامها الحافية الشاحبة

{أنت!...الإنتحار لن يفيدك}

أشارت بإصبعها ناحية عبد الحق و هي تتحدث بصوت غليض لا يعود لمرأة على الإطلاق

كان هذا الأخير واقفا مديرا ضهره جهة النافذة غير مهتم بدخولها،تقدمت الشبح نحوه بمشية معوقة شبيهة بالزومبي

”من قال إني سأنتحر!“

أدار عبد الحق ظهره نحوها و هو يحدق بها بنظرة حاسمة،متخدا وضعية فنان قتالي

{كيغ...عغ!}

لوهلة شعرت الشبح كما لو أن حواسها الخمس قد انقطعت عنها،فهي الأن تجد نفسها داخل خلفية مظلمة حالكة السواد

*توهج*

توهج من تحت أقدامها رمز أخضر فاتح اللون ذو شكل دائري واسع الحجم لم تكن سوى علامة اليين و اليانغ

”الأيادي الناعمة:الضربات الأربع و الستون!“

صرخ عبد الحق بنظرة فنان قتالي يستعد لمهاجمة خصمه،مرسلا وابلا من اللكمات جهة الشبح

”دوبو!...دوبو!...دوبو!...دوبو!...دوبو!“

إنهالت اللكمات على وجه الشبح بغزارة مسببة عدة كدمات و تورمات تملئ وجهها الشاحب

{كغغ!...أغغه!...كيغغ!}

أصدر الشبح صوت الأنين من الألم النابع من تلك القبضات الصلبة

”إذهبي إلى الجحيم!“

توقف معاد عن اللكم و ثنى رجله اليسرى،ركل الشبح على بطنها مرسلا إياها محلقة في الجو

*صوت إصطدام*

إصطدمت الشبح بالغرفة اليمنى و المقابلة للغرفة اليسرى و سقطت على الأرض المفروشة

{كغغ!!}

نهضت بصعوبة من على الأرض،كانت رؤيتها ضبابية و غير مستقرة لكنها كافحت للوقوف

*صوت خطوات*

”حان دوري!“

تقدم معاد حاملا مقلاة على يده اليمنى و ينظر لها نظرة حادة

{ما هذا الجنون؟...ما هذا التغير السريع في الشخصية؟}

نظرت الشبح بكفر لمعاد الذي تغير من فأر جبان إلى رجل لا يخاف

بدأ معاد يقوم ببعض الأختام بكلتا يديه و هو لا يزال حاملا المقلاة مع بروز النظرة الحادة على وجهه

”نينجيتسو:المقلاة العملاقة!“

ثواني ليضهر دخان أبيض يغطي المقلاة المحمولة بين ذراعه اليمنى،لم يدم تغلفه بها كثيرا ليتقشع عنها مظهرا مقلاة عملاقة بحجم يصل لثلاثة أمتار

{ها؟؟؟... لماذا بحق الجحيم قابلت هؤلاء المجنونان؟}

حدقت الشبح في معاد و نظرة الإستسلام و الندم تعلو وجهها مع صراخها

*إصطدام*

أنزل معاد بقوة المقلاة العملاقة على رأس الشبح،مصدرا صوت إصطدام حاد تردد صداه في كل ركن من أركان الغرفة،سقطت الشبح مغشيا عليها من الألم بدون مقاومة

___________

_________

_______

_____

___

تبددت ظلمة الليل الحالكة و حل محلها السماء الزرقاء الصافية رفقة شروق الشمس المرسلة لخيوطها الذهبية المنيرة

*صوت فتح باب*

فتح معاد باب المنزل و تقدم نحو سلة المهملات أمسك شريط الفلم و ألقاه داخلها

”ياله من إهدار سخيف للمال و الوقت“

إستدار عائدا لمنزله و هو يتمتم

2024/02/23 · 33 مشاهدة · 1399 كلمة
نادي الروايات - 2025