يجلس شخصان قربَ نخلة عند عين ماء ، يركل الشاب صاحبه ليستيقض " فلتقم ايها العملاق الكسول أنه الصباح" يستيقظ من نومه و يقترب من عين الماء ليغسل وجهه و قال له " لماذا انت نشيط هكذا يا بَيهَس ؟ أهكذا انت تريد الرجوع الى القبيلة ؟ " يضحك بَيهَس و يأخذ حربته و يبدأ بتلويح بها " من قال إنِي اريد العودة للقبيلة ؟ انا متحمس لمقاتلة اولئك الذين هاجموا المملكة " يقف الرجل الاخر على قدميه و يسرج فرسه " هذا سيكون انتحاراً لقبيلتنا ، بعد مقتل الملك الضحاك الذي كانت كل قبائل العرب تحت حكمه ، لن يكون هناك أي مكان آخر يذهب إليه الذين تعهدوا بالولاء له " يسرج بَيهَس فرسه أيضا و يقول له " اظن بأن هذا الأمر سيرجع إلى شيخ القبيلة يا لبيد ، هيا لنذهب" ، كان بَيهَس شاباً جلداً ذا شعراً اشقر قصير و كان النادر رؤية شخصاً لديه مثل لون شعره ، و هو بين الطول و القِصر ، أما لبيد فكان ضخم البنيه طويل الذراعين شعره اسود اللون يصل إلى كتفيه. في أثناء توجههم إلى قبيلتهم بني عبد المدان ، يمران بشخصاً عجوز جالساً عند صخرة يترجل بَيهَس عن جواده و يدنوا منه " يا عماه هل انت عطشان ؟ سأسقيك أن كنت كذلك" يقف العجوز على قدميه و يطيل النظر في عيني بَيهَس طويلاً و بعد ذلك يبتسم و يرد قائلاً " انتما أحوج إليه مني إنكما مقبلان على سفراً طويل " اختلطَ شعور بَيهَس بين الاستغراب و الحيره ، يجلس العجوز مجدداً و يغفو ، بينما يترك بَيهَس قربة الماء بقربه و يغادر مع لبيد. بعد أن وصلا إلى قبيلتهما يترجلان عن جواديهما مستغربين من الهدوء يأتي أربعة رجال من قبيلتهم شاهرين سيوفهم يحاول شخصان مهاجمة بَيهَس و لكنه تمكن من صدهما بالرمح و يفرقهما و يقطع يد الرجل الذي على اليمين و يكسر رقبة الذي على اليسار. بينما لبيد قام بقطع رأس الاثنين الآخرين ، يمسك لبيد بالرجل مقطوع الذراع قائلاً له " انتم من أبناء قبيلتنا ماذا حدث حتى قمتم بالتمرد ؟ " يرد عليه الرجل قائلاً " أنتما من قام بالتمرد على أمر قائد القبيلة و الان يجب عليكما الموت " يغضب لبيد و يقوم بقطع رأسه بعد ذلك يأتي رجلاً نحيل الجسم طويل القامة " عثمان ما الذي يحدث هنا لما أمر شيخ القبيلة بقتلنا ؟!" قالها بَيهَس غضباناً ، يخرج عثمان من وراء ظهره سيفاً مكسوراً و يلقيه في الأرض ، يغضب بيهس و يقول له " كيف تكسر الميثاق بيننا وبين الملك الراحل؟!" يرد عثمان" ليس فقط الميثاق بل أيضاً عمي الذي كان شيخاً عليكم قد قتلته ، والآن نحن نتعهد بالولاء لحاكم اليمن الجديد العرندس " يرى بيهس و لبيد العديد من رجال القبيلة يقفون خلفه و لكنهما استطاعا ركوب جواديهما و الهرب ، و يقول بَيهَس للبيد " لقد انتهى الأمر نحن الآن غريبان لا ننتمي إلى اي قبيله" يرد لبيد قائلاً " علينا أن نخرج من جزيرة العرب إذا كانت كل القبائل تحت حكم العرندس سوف نلقى حتفنى ، سنذهب نحو اي بلاد، بلاد السواد ، أو الشام أو أي مكان يعصمنا من كل قبائل العرب "