في السابق كان الملوك الذين يحكمون اليمن يبغضون الاعراب ساكني البوادي ، و كانت قبائل العرب كذلك حتى أنهم يبغضون بعضهم بسبب الفتن التي يسببها الملوك بين القبائل حتى يقوموا بتوسيع نطاق أراضيهم بعد أن يُضعفوا بعضهم بدلاً من التكاتف والتعاون ضد الملوك ، لكن بعد فترة من الزمن أتى شخصاً لم يكن من العائلة الحاكمة ولا أبناً لملك ، استطاع أن يوثق العلاقات مع قبائل العرب و اصبح محبوباً بين شعبه في اليمن بسبب أنه كان قائداً لجيش اليمن و مع هذا كان محباً للسلام ، و لكن ملك اليمن كان يكره صفات ذلك القائد و عندما قامت الثورة على الملك و قتلت كل عائلة الملك ، اتخذ شعب اليمن ذلك القائد ملكاً لهم ، و استطاع أن يجعل علاقة اليمن مع القبائل العربية أكثر قوة ، إلى أن اتخذوه ملكاً عليهم و على كل جزيرة العرب , و كانت الابتسامة و الضحكة لا تفارق وجهه و لذلك لُقب ذلك القائد بالضحاك .

بعد مرور بضعة سنوات من حكم الضحاك........

يدخل القصر رجلاً طويل القامة ، ذو شارباً و لحيتاً غليضان ، بعيد ما بين المنكبين ، طويل الذراعين ، و عينه اليسرى عمياء ، و يجلس على العرش ، و بعد ذلك يأتي جنوداً دروعهم و سيوفهم يكسوها الدم و بيد أحدهم رأس الضحاك مخضباً بالدماء و مليئاً بالجراح و يرميه أمامه ،

قائلاً " سيدي العرندس ، هذا هو رأس عدوك الضحاك مرمياً امامك —" و قبل أن يكمل كلامه ، يغضب العرندس و يلكم الجندي في رأسه و يُحدث كسراً في جمجمته .

و بعد ذلك يقف أمامه قائلاً " أيها الجندي من أمرك أن تقتل الضحاك ؟ لقد قلت لكم قبل أن نقوم بالهجوم مراراً و تكراراً أن تأتوا بهِ حياً إلي ! كيف تريد أن تعبر عن تقصيرك ايها الاحمق ؟ " .

يرتجف الجندي و يرد خائفاً " س-س-سيدي لقد وجدناه تحت أنقاض البيوت ميتاً هكذا و قمنا بقطع رأسه و اخذناه إليك " يستغرب العرندس و يرد عليه قائلاً " ماذا تقصد انك وجدته تحت أنقاض البيوت أتعني أنه كان جالساً في بيتاً من البيوت مختبئا لا يفعل شيئاً ؟! " يرد الجندي الآخر " لا يا سيدي ، لقد قال أحد جنودنا أنه قاتله مع عدة جنود و لم يقدرو عليه ، و ايضاً قال الجنود أنهم رأوه و هو ينقذ الناس من الحرائق التي أصابت بيوتهم بنفسه . "

يدير العرندس ظهره إليهم و يسكت قليلاً ثم يقول لهم " إذن مات من النيران و حطام البيوت ؟ " يرد عليه الجندي الثالث قائلاً " مولاي العرندس ، لقد قال أحد الجرحى أنه عندما بارز الضحاك لوحده ، جُرِحَ و سقط إلى الأرض عندها رأى شخصاً متلثٍماً قام بطعن الضحاك في ظهره و بعدها غادر و لم يبن عليه انهُ من الجنود " هز العرندس رأسه ، و بعدها قال " اخرجوا جميعاً من هنا و لا يبقى أحداً منكم " .

و بعد ذلك أمسك رأس الضحاك بيده و أبدى شعوراً هو أقرب إلى الحزن من السعادة ، و قال " إذن هكذا ينتهي أمرك أيها القائد ، منذ ذلك اليوم الذي كُنتَ فيه قائداً على جيش كبير و انا كنت حينها مجرد جندياً في جيشك احبك جنودك لأنك أردت السلام و الراحة لهذه البلاد ، إلى أن غادرت أنا منزعجاً من طباعك تلك ، و انا حينها أقسمت في نفسي أن أرجع إليك و اثبت انك لو جلست في اي بقعة من بقاع الأرض لن يكون فيها اي سلام . "

بعد ذلك تأتي فتاة شابة في رداء اخضر مزخرف ، قائلةً " ابي ، هل لا زلت تتكلم مع من تقتل مجدداً ؟ "

ينزل العرندس رأس الضحاك إلى الأرض ، و يرجع ويجلس على العرش مجدداً ، ويرد عليها قائلاً " من جاء بكِ إلى هنا ؟ "

و ترد عليه " هل هذا مهم الان ؟ ، ماذا ستفعل بعد أن أصبحت ملكاً على هذه البلاد ؟ "

يبتسم العرندس و يقوم من عرشه و ينظر إلى عمود من عواميد القصر ، و يقول " اعلم انك هنا يا عثمان فالتخرج! " يظهر من وراء ذلك العمود ، عثمان بن الحمق من بني عبد المدان ، يبتسم عثمان قائلاً " يبدو أنه لا يخفى عليك يا أيها القائد ، أنني كنت أقف هنا منذ أن وطئت قدمك هذه القاعة"

يبتسم العرندس و يرد قائلاً " ماذا فعلت بشأن عمك و ذلكما الاثنين ؟ " يرد عليه عثمان " اطمئن لقد انتهى كل شيء "

يأتي العرندس باتجاه ابنته قائلاً لها " يا بُنِتي انت تعرفين أنني اهتم بأمر الحرب أكثر من أنني اهتم بأمر الناس لذلك سأوكل رعاية سكان هذه البلاد في عهدتكِ " .

بعد ذلك يأخذ العرندس رأس الضحاك و يخرج هو و عثمان من القصر ، يذهبان إلى ثكنة عسكريةً قديمه و متهالكة ، يستغرب عثمان من قدوم العرندس إلى هذا المكان ، يقوم العرندس بدفن رأس الضحاك في الأرض هناك و يضع فوق قبره حجراً رمزاً على قبره.

و يقول عثمان له " لماذا أتيت إلى هذا المكان المهجور و دفنت الرأس بدلاً من أن ترميه للكلاب مثلما تفعل في كل مرةً تقتل أحداً ؟ " يقف العرندس على قدميه بعد أن كان جالساً قرب القبر ، و يرد على عثمان قائلاً " هذا الشخص مختلف ليس لأنه ملك بل لأنه كان قائداً لي و كنت أحترمه لدرجة كبيرة ، و ايضاً هذا المكان حدث اول لقاء بيننا و كان يعلمنا كيف نقاتل بلا سلاح " .

يرجع العرندس و عثمان إلى القصر و في طريقهما يسأل العرندس عثمان " حسناً ، هل علمت اين الان وجهة الأمير و من معه ؟ " يرد عثمان عليه " لقد أخبرني رجالي أنهم الان متوجهون إلى بلاد ما بين النهرين " يبدأ العرندس بالضحك و بعد ذلك يرد على عثمان قائلاً" إذن سنعترض طريقهم قبل أن يصلوا إلى هناك".

2025/06/08 · 11 مشاهدة · 926 كلمة
نادي الروايات - 2025