بعد أن خرج عمرو و من معه من أرض العرب ، و وصلوا إلى مكان بالقرب من مدينة أوروك ،
يستوقفهم رجلاً عجوز يرتدي ثياباً سوداء و كان عربي الهيئة ، يتذكر بَيهَس انهُ هو الشخص الذي إلتقى به قبل أن يرجع هو و لبيد إلى قبيلتهما ، يبتسم الرجل قائلاً " يا لهذه المصادفة الجميله ، اظن انك لا زلت تتذكرني يا فتى أليس كذلك ؟ " .
يرد بَيهَس " نعم ، انت نفس ذلك الرجل الكهل الذي لم يقبل أن يأخذ القربة مني " ،
يضحك الكهل ، يقترب منه عمرو و يبتسم الكهل قائلاً "إذن هذا اللقاء ليس مصادفةً ، يا لهذه الطلةِ البهية أيها الأمير الشاب "
، يستغرب عمرو من عمرو من كلامه و من معرفتهِ له بهذه السرعة و يقول له " يا عم ، كيف تعرفني و من تكون انت ؟ " يرد الكهل قائلاً " تعالوا معي جميعاً و سأشرح لك كل شيء" .
يأخذهم الرجل لمخيماً بين الهضاب ، يأمر عمرو الجميع بأن ينزلوا أمتعتهم هنا . يجلس الرجل على صخرة و يبدأ يتمتم بكلاماً غريب ، يطيل زيد و بَيهَس النظر إليه ،
يجلس عمرو قدامهُ على صخرة و يقول له " حسناً الان عليك أن تخبرني عن هويتك أيها الرجل".
يبتسم الرجل و يرد قائلاً " أنا المنذر نادني بالمنذر ، يبدو أن هذا الجريح هو النبراس أليس كذلك ؟ لو كان مستيقظاً لعرفني من اول نظره".
يقول المنذر " قبل أن تسقط مملكة الضحاك ، استدعاني الضحاك من مدينة عُمان لقصره في صنعاء ، أمرني أن أكون رحالاً ، أجمع الأخبار من كل حدب وصوب ، و أمرني أيضاً أن اجد نفسي و اتعلم من هذا السفر و ارجع له بعد سنة أو سنتين ، لكني حينها عدت بعد سبع سنوات ، بسبب شيئاً استهوته نفسي و كا—" ، يقاطعه أحد رجال زيد قائلاً" النساء ؟ " . يبدأ المنذر بالضحك .
يقول له عمرو " اسف لهذا يا منذر ، اكمل لو سمحت "
يكمل المنذر قائلاً" الشيء الذي استهوى نفسي هو الحقد و الكره الذي كنت أُكنه لسكان بلاد الرافدين ، الذين كانوا متعالين بسبب حضارتهم و جبروتهم ، لذا عندما وضع حاكم الشام والياً على كل بلاد الرافدين ، و حينها لا زلت أذكر عندما دخلت بين صفوف مقاتلي الشام متنكراً بزيهم العسكري ، و قتلت الكثير من الجنود البابليين ، إلى أن واجهت رجلاً شديد القوه و كان حينها جريحاً و سقط على الارض من شدت جراحه و عندما اردت قتله اتى طفلاً لم يبلغ الحلم ، و كان بيده حجارة صغيرة و بدأ يرميني بها و شعرت حينها بالخزي من نفسي و أحسست حينها بالعار ، و لا زلت أذكر أنني عندما خرجت من المعركة بعد ذلك الموقف بقيت ألكم نفسي و كسرت سيفي و جلست في كهف بعيداً عن أي مخلوق ، حتى احاسب نفسي ، و عندما خرجت من الكهف وجدت أن الشخص الذي منحني الفرصة لكي أغير من ذاتي و انقل إليه أحوال الناس قد مات ، و كل شيء حينها حتى بلاد الشام و ما بين النهرين قد اختلفت . "
بعد ان طلع النهار ، يأتي زيد لعمرو قائلاً " عمرو ، نحن ليس لدينا ما يكفي من الطعام و النوق ، لن نستطيع اكمال مسيرنا بهذا الشكل. "
يقاطع المنذر حديثهما قائلاً " لدي ما يكفي النوق و لست بحاجة لها لذا سأعطيك إياها ، لكن بالنسبة لطعام و المؤنه عليكم أن تذهبوا نحو مدينة أوروك أن أردتم ذلك "
يرد عليه عمرو قائلاً " علينا الذهاب إلى هناك إذن ، لا تقلق يا زيد أنا أُجيد تحدث لغتهم " بعد ذلك ، يأمر عمرو زيد و بَيهَس و بضعة رجالاً أن يأتوا معه ، أما لبيد و جبير و تماضر و من بقي من الرجال والنساء أمرهم أن يضلوا مع المنذر إلى حين عودتهم . يمسك المنذر بكتف عمرو قائلاً له " يا بني ، إن سمعت بأسم القائد صاحب الدرع الفضي انصحك بأن تتجنب قتاله مهما حدث. "