الضوء تصدّع.
كان نورفيس يقف بين السماء والأرض، جسده يلمع ككريستال مقدّس، لكن عيناه... لا تحملان سلامًا، بل قرارًا. قرارًا لا يُرد. وفي الأسفل، آرا وقف، جسده نصفه ظل، ونصفه إنسان. السيف في يده ينبض بحرارة لا تنتمي لهذا العالم، وكأن الشظايا التي تركها إيثار لم تختفِ بل تجمعت داخله، تناديه نحو النهاية.
"لقد اخترت الطريق الأصعب، قال نورفيس، صوته يحمل صدىً يمتد عبر الأكوان.
وهل كان هناك طريق سهل؟ تمتم آرا، لكن صوته لم يكن من فمه، بل من داخله. من الطفل الذي دُفن يوم بدأ كل شيء.
انقضّ النور.
وثب نورفيس نحوه، وكل خطوة منه كانت تُفتت الواقع. لم يكن يقاتل فقط، بل كان يُمزّق الوجود، يُعيد تشكيل المفاهيم. كل ضربة من جناحيه تُحدث صدعًا في التوازن، والظل بداخل آرا يصرخ... جائعًا.
آرا لم يتهرب، بل واجه. السيف ارتفع، لكنه لم يكن سيفًا فقط، بل ذكرى... غضب... دموع إلينور، صرخة إيثار، وموت مدينة الخيط المكسور. ضربت الظلال.
لكن النور لم ينكسر.
ارتد آرا إلى الوراء، جسده ينزف طيفًا لا يرى. الأرض تحت قدميه لم تعد أرضًا، بل صدى لصراع لا ينتمي لهذا العصر.
"أنتَ أكثر من ظل، وأقل من بشر،
قال نورفيس، وعيناه تختبران أعماقه، "لكنك لا تفهم بعد."
فهمت أكثر مما يجب، صرخ آرا، ثم أطلق العنان.
العدم انفجر.
لم تكن ظلالًا، بل شيء أقدم من الظل. شيء لم يكن يجب أن يوجد. من جوف آرا خرجت كائنات لا ملامح لها، صرخات بلا أفواه، وجوه بلا أعين. زمن تمزق، وصارت اللحظة تمتد كالأبد.
نورفيس ترنّح للحظة. النور خفت.
لكن بدل أن يسقط، ابتسم.
أخيرًا..." همس، أخرجتَ من في داخلك. لكن هل تعلم من يكون؟
آرا توقف. الظلام حوله تجمّد.
ذلك الذي استيقظ الآن... ليس أنت فقط. بل إرث قديم. لعنة نائمة. وريث الخراب."
ارتجف قلب آرا. اسم سمعه من قبل. في حلم؟ في نبوءة؟ في لحظة موت؟
لكن لم يكن لديه وقت للتفكير. الأرض انفجرت تحت قدميه.
وفي أعماق هذا الانهيار، رأى رؤيا:
طفل مغطى بالدم، امرأة تبكي في الظلال، ويد بيضاء تمزق قلبًا بشريًا.
ثم... إلينور.
كانت هناك. في العدم. عيناها تنزفان، لكنها لم تصرخ.
آرا..." همست، لا تنسَ من تكون... لا تنسَ أن تختار...
واختفت.
استيقظ آرا مجددًا، لكن في بعد آخر.
نورفيس كان هناك، منهكًا، نصف جناحه متفحّم.
المعركة لم تنتهِ، قال، "لكن المرحلة التالية... لا تكون هنا.
وانشقت السماء.
بوابة، تُدعى
عين النور الأولى
آرا شعر بجسده يُسحب، لكن للمرة الأولى... لم يقاوم.
هنا تنتهي البداية، قال نورفيس،
واختفوا كلاهما.