كان الضوء ينهار.

آرا، وسط الحطام، كان يركع. وجهه لا يحمل سوى السكون... لكن عينيه؟ كان فيهما شيء يتكسر.

أصوات المعركة ما زالت تتردد خلفه، همسات الظلال، صرخات النور، لكن داخله كان صامتًا كقبر قديم.

إلينور اختفت.

لم يرَ جسدها، ولا دماء. فقط... اختفت، كما لو أنها لم تكن إلا ظلًا من ماضٍ لم يُكتب بعد.

ونورفيس؟ ما زال واقفًا في العلو، كأن السماء أخرجت سيفها لتقطع ما تبقى من التوازن.

"أنت لست جاهزًا، يا ابن الخراب." صوته كان كالرعد البارد.

آرا نهض ببطء، يده على سيفه، جسده يهتز، والظلال تتسلل من بين أنفاسه.

"ومن قال إنني كنت أريد أن أكون جاهزًا؟"

النور والظل كانا يتداخلان حوله. ظلال تتلوى مثل أفاعٍ، ونور يتشقق من الهواء كصواعق.

نورفيس نزل من السماء، خطوة تلو الأخرى، الأرض تذوب تحت قدميه. لم يكن ملاكًا… ولم يكن شيطانًا. بل شيء بينهما.

"أنت تحمل اللعنة، آرا. دماءك ليست نقية. لا أنت منّا، ولا من أهل الظلال. أنت كائن... غير مكتمل."

ابتسم آرا، لكن ابتسامته كانت متعبة. "ربما… لكني الشيء الوحيد الذي يمكنه تدمير كل ما تؤمنون به."

في تلك الليلة، تغيّر العالم.

آرا لم يكن نفسه. جسده بدأ يتفكك بين الظل والنور، روحه تتمزق. كان يسمع همسات لم يعرفها من قبل، يرى ماضيًا لم يعشه.

ومع كل نبضة، كان يرى ما وراء نورفيس.

صور قديمة.

ماضي خفي.

نورفيس واقف في عوالم النور، يقاتل جنودًا بلا وجوه، يحرق مدنًا من أجل "توازن" ما.

آرا فهم الآن: نورفيس ليس عدواً… هو حارس فكرة. فكرة أن العالم يجب أن يبقى كما هو، بلا فوضى، بلا ولادة جديدة.

لكن آرا؟ لم يكن يريد التوازن. كان يريد التحطيم.

"لن أدعك تمر،" قال نورفيس.

"ولن أطلب إذنك." ردّ آرا.

ثم اشتعلت السماء.

المعركة الثانية تبدأ.

2025/04/18 · 8 مشاهدة · 273 كلمة
عباس 🐌
نادي الروايات - 2025