" هممم ماذا هناك مارثا؟ " بصقت بفضول
عقدت ذراعي فوق الطاولة، قدمت رأسي باهتمام و نظرت إلى مارثا مباشرة، قرأت تعابيرها. أوحى وجهها على حزن و ضيق عندما زفرَت.
" لقد تحدثت مع ليز هذا الصباح.. أنت تعرفها، صديقتي و مؤمنة في طائفة شوكة الروح بالمدينة.. بعد أن قاموا بنداء عاجل لكهنة 'فيلتش' للتحري في أمر هذه الطاقة الغريبة، وصلتهم اليوم أنباء بقدوم.. ذلك الشخص.. يوم السبت القادم.. "
' ذلك الشخص؟ '
أيفترض بي أن أعرف من هو 'ذلك الشخص' فقط من حديث مارثا؟ نعم، لقد كان من المفترض أن تعمل ذاكرة فالفارو كمنقذ في هذه الحالة.. لكن هيهات عندما أحتاجها.
لم يسعني الوقت للغرق في التفكير بكلماتها بما أنني أجهل نقطة مهمة، لذلك لم أُعَقد الأمر كثيرا و سألت في جهل.
" ذلك الشخص؟ "
" ... "
نظرَت فيَ مارثا و قد ارتفع حاجباها بخفة، ربما كانت تلك مجرد ثانية عابرة لكنني أحسست بانقضاء دهر كامل، جعلتني أشعر و كأنني قمت بأكبر خطأ في حياتي. أبقت مارثا على بعض الحزن عندما رددَت ببطء.
" هل.. " تسلقت يدها الهشة فوق ذراعي لتضيف " هل نسيته حقا.. بعد كل الذي عملته فيلتش فيك؟"
' يا إلهي! ' أي فخ وقعت فيه هو هذا! لو أمكنني إيقاف الزمن لكنت قد نزعت شعري تحسرا من الوضع الذي أصبحت فيه.. بماذا أجيبها بالله!؟
" آسف لكن.. " أقمت جذعي و أمسكت جبيني في محاولة تمثيلية يائسة للتهرب، أضفت بعد تدليكي لصدغي للحظة.
" يبدو أن هناك خطبا بذاكرتي في الآونة الأخيرة.. "
قبضت مارثا يدها بيدي و صنعت وجها قلقا، شعرتُ بطاقة مريحة تسربت إلي نتيجة ذلك. منعتها من الحديث عندما استرسلت باضطراب.
" لقد أصبحت أنسى كثيرا! "
' هل نجحت؟ هل كان تمثيلي جيدا؟ '
ثبتت مارثا بصرها علي للحظة، لم أعرف أي شكل من الأفكار أصبح يدور في رأسها. أغمضت عيناها لثلاث ثوان ثم شدَت بقبضتها على يدي بلطف، مع ذلك نطقت أخيرا..
" عزيزي.. أنت بحاجة إلى حصة شفائية عميقة "
.......
' حصة شفائية.. ' بقيت أفكر بالأمر..
أفترض أن مارثا قد قامت بما يسمى ب' الكشف الطبي ' عندما سربت الطاقة بداخلي في تلك اللحظة، لكنها لم تخبرني بتفاصيل ما شعرَت به..
كان الوقت ليلا، منسدلا بجانب مارثا النائمة، لم يسع عقلي سوى استرجاع كل ما حدث في هذا اليوم الغريب. بداية من استيقاظي داخل المشفى إلى حصة اللعن مع تارا ثم الجولة داخل المكتبة، وصولا إلى ختامية طاولة العشاء رفقة مارثا و جيلا.. كان هنالك الكثير للتفكير به.
حسنا، كان اليوم ليصبح أكثر غرابة لو كنت أعلم من هو 'ذلك الشخص' الذي تحدثت عنه مارثا، لقد بدت قلقة بشأنه، و كأنه تهديد أو ما شابه.. تساءلت في نفسي أي طريق كان حديثنا سيسلك معه، كل ما أعرفه هو أنه قادم يوم السبت إلى بييك، أي بعد غد. تغير حديثنا بعد ذلك إلى ما سنفعله غدا.. نعم، الحصة الشفائية.
' آه نييلا! ' تذكرت تلك اللعنة!
استعدت صورة انفجار الكرة أمامي، مثل فقاعة. لقد قالت تارا أن أقلق بشأن وجودها بالقرب من جيلا أو الطعام الدسم. لكن، هذان الأخيران كانا حاضرين قبل قليل و لم يحدث أي شيء.. هل أصدق افتراض أنها اختفت دون عودة؟
' هممم! ' في لحظة واحدة، شعرت بيد ناعمة تسلقت كتفي قبل أن يغمر جسدي شعور بارد مريح، مثل غطسة لطيفة في مسبح، ترنيمة هادئة جعلت رأسي مخدرا بالكامل.. لم يسعني بعدها سوى إغماض عيني و النوم بابتسامة.
......
" إيثان.. إيثان " ناداني شخص من بعيد، لقد كان صوتا مألوفا، أنثويا قويا.. مع ذلك، بدى مستمتعا بترديد إسمي، مدندنا بلطف.
فتحت عيني بخمول، كانت السماء لا تزال مظلمة و القمر أبيض شبه مستدير، لكنني لم أكن في السرير بجانب مارثا. فضلا عن ذلك، كنت واقفا بجسدي الأصلي، إيثان! فوق أرض سوداء.. لم أشعر بأرجلي لسبب ما، و كأنما تم أكلهما من طرف..
' نييلا! ' فتحت عيني من جديد!
هذه المرة وجدت نفسي على السرير، فاقدا الإحساس بأرجلي كما كنت في ذلك الحلم و أيضا.. كرة فضية مشتعلة تطفو فوقي!
" أوه.. صباح الخير إيثان " لقد بدت غير مبالية و هي تمذغ شيئا في فمها..
" ما الذي تفعلينه نييلا! " همست بأدنى مستوى صوت أملكه مع أكبر نبرة متسائلة..
" لا شيء.. مجرد فطور صباحي " لم تعطني وجها، مستمرة في المذغ، حتى أنها قامت بعض قدمي أمامي!
" توقفي! "
حاولت النهوض لكن أرجلي أبت الحراك، فعلتُ الإستبصار الضئيل و اكتشفت الأمر.. لقد قامت هذه الكارثة بالتهام الطاقة من النصف السفلي لجسدي بالكامل!
" حسنا حسنا.. آسفة! " استمرت بالمذغ
لقد كان هذا أكثر اعتذار كاذب سمعته في حياتي. تبادلنا النظرات لبضع ثوان قبل أن أتذكر موضوع اختفائها، جعلني ذلك أسأل على الفور.
" ما الذي حدث لك البارحة؟ أقصد.. اختفاءك "
" أوه نعم.. حسنا، لقد تداخل مجالك الروحي بمجال روحي لشخص آخر. لا أعلم.. أظن أن أحدا كان يراقبك في المكتبة.. لم تستطع روحيتي الضعيفة تحمل الأمر لذلك انفجرت " أجابت بعفوية غريبة.
"... "
' مجال روحي؟ روحية ضعيفة؟ '
حقيقة أنني لم أفهم الكثير مما قالته لم تعد جديدة علي، بالإضافة لنشوء أسئلة أخرى كلما حصلت على نصف إجابة، بذلك لم أعبئ نفسي عناء سؤالها، هي التي بدت جاهلة أيضا من نبرتها العفوية، مكتفيا بما سمعت حاليا. لكن فكرة أن 'أحدا يراقبني' بدت مثيرة للريبة قليلا. أعني، هل هنالك أعين حولي و أنا لا أدري عنها شيئا؟
لم أعرف كيف أحقق في الأمر..
تنفست للحظات مستعيدا هدوئي، نييلا لم تذهب إلى أي مكان و لا أعرف إن كان هذا جيدا أم سيئا. مع ذلك، لقد أعطتني هذه الأخيرة الفرصة لتجربة شيء ما..
' إنشاء الهالة.. '
إختفاء الهالة في نصفي السفلي صنع لي منطقة لعب جاهزة لأحاول استعادتها بإرادتي الخاصة. بالطبع، لو تركت جسدي لوقت كاف في حالة الراحة ستعود الهالة لطبيعتها في النهاية، لقد رأيت هذا سابقا. لكن هذا ليس ما أريده في الوقت الحالي..
" أشكر زوجتك عوضا عني.. فسحرها الشفائي منعش حقا! لولاه لما عدتُ في هذا الوقت المبكر.. " علقت نييلا عرضا بينما أنهت مذغها أخيرا..
تجاهلت كلماتها و ركزت على نفسي، مستذكرا ما تعلمت من كتاب ماي هيندلي، جلست بوضعية التأمل و أغمضت عيني ثم تنفست بعمق.. كانت هذه هي إحدى الخطوات الأولى بالنسبة لمبتدئ.
' الخطوة الثانية، العثور على لوغوس.. '
بما أن فالفارو قد فتح جملة مسارات لوغوس واحدة على الأقل، فإن المراد مني هو إيجاد هذه المسارات بداخلي، استشعارها و محاولة التفاعل معها.. لكن..
' وجدتها! ' بسهولة!
و أظن أنني أعلم لما كان الأمر أسهل مما توقعت. ببساطة، تفعيلي للإستبصار الضئيل جعل المسارات مكشوفة، فبعد دخولي لحالة من الرؤية الروحية أصبحت أرى خريطة غريبة داخل جسدي، شبكة عنكبوتية إن صح التعبير.. لم أكشفها بواسطة عيني طبعا و إنما إبصار غير مفهوم، مثل حاسة سادسة أو شيء من هذا القبيل..
' شرايين لوغوس.. '
استشعرت المسارات التي توزعت داخل جسدي، و بينما كانت هناك مسارات مضاءة بهالة متوجهة نحو عيني فإن بقية المسارات كانت راكدة، أو منطفئة..
كنت لا أزال داخل حالة الرؤية الروحية، و بعد أخذي لبضع ثوان فحسب من مراقبة المسارات المضاءة اكتشفت شيئا آخر مهما، هذه المسارات كانت تنطفئ بسرعة ملحوظة.. هذا الذي كان يعني ببساطة أنني لم أكن أستخدم عيني بسبب إغلاقي لهما، أصبحت نظرتي واضحة للمسارات، بذلك استلقيت ثم تخيلت نفسي أستخدم أرجلي..
تلى ذلك إضاءة طفيفة في مسارات أخرى، المسارات التي ربطت قدماي..
' سهل جدا! ' لم يسعني سوى رفع ابتسامة.. و الفضل يعود لفالفارو طبعا!
أعني، إن لم يكن لفالفارو دور في هذا لأصبحت أنا عبقري الجيل! عبقري الجيل أقول؟ لا.. بل عبقري التاريخ! شخص تحكم في مسارات لوغوس في أول محاولة له.. كم هو رائع هذا!؟
أخمدت حماسي و استمررت في تشغيل مسارات أرجلي، لم يأخذ الأمر أكثر من دقيقة قبل أن تتشبع بالهالة. فتحت عيني و إذا بي أرى هالتي كاملة، حاولت تحريك قدمي فتحركت على الفور!
" هيهيه! " لم أستطع منع الضحكة الطفيفة التي تجاوزت شفتي، يبدو أن حماسي قد زاد عن حده قليلا، و لما لا يكون؟ أصبح التحكم بمسارات اللوغوس مثل قطعة كعك بالنسبة لي.. بقي لي فقط أن أتخيل ما أستطيع القيام به بعد تعلمي المزيد عن السحر!
' آه.. الإستبصار الضئيل! '
تذكرت مهمة المستوى الثاني.. تنشيط الهالة داخل العينين لمدة خمس دقائق.
' مثل شرب الماء! ' أو هل كان كذلك؟
لم أفقد حماسي، تحكمت في المسارات من جديد و رفعت الهالة إلى عيني، شعرت بوخز غريب لم أفهمه لكنني لاحظت أيضا تطور نظري فورا. فرغم سواد الغرفة إلا أنني استطعت رؤية بعض التفاصيل.
بقيت على هذه الحال لخمس دقائق، كانت الدقيقة الأخيرة مرهقة قليلا لكن لا شيء كبير، إنتظرت انبثاق نافذة من النظام.. الأمر الذي لم يحدث ما جعلني أفتحها بنفسي..
[ _ قدرة فرعية: الإستبصار الضئيل
المستوى: 2
سيتطور فهمك الضئيل للأشياء من حولك، تستطيع من الآن رؤية عبق أرواح الرتبة المنخفضة دون تعزيز إضافي في رؤيتك.
خفض وقت التهدئة إلى: 4:30
التكلفة: 10 نقاط تناسخ ]
' بينغو! '
لقد اختفى الشرط الثاني بالفعل! لم تتبق سوى مشكلة نقاط التناسخ. حسنا، أنا لا أنوي شراء المستوى الثاني حاليا حتى أكتشف المزيد فلا أعرف ما يخبئه المستقبل لي..
......
أنهت أولى أشعة شمس اليوم الجديد حصتي التدريبية، تعلمت كيفية التحكم بمسارات اللوغوس بسلاسة، إضافة إلى ذلك قمت بإشعال جميع المسارات المرئية حاليا. ليس ذلك فقط، بل أصبح بإمكاني التلاعب بالهالة كيفما أريد..
' إنجاز عظيم! ' على الأقل بالنسبة لمبتدئ مثلي.
لا أعرف إن كانت وتيرتي خارقة أم أنها جيدة فحسب مقارنة بعباقرة هذا العالم. مع ذلك، لم يكن علي سوى الثناء على نفسي.
' الخطوة التالية، تسخير الهالة.. '
طبعا، فإن الهالة هي أساس السحر، لكنها كوجود بحد ذاته لا تعتبر سوى طاقة إضافية للجسد.. لا يمكن للفرد استخدام الهالة في التطهير، الشفاء، القتال أو في أي مجال آخر سوى عن طريق تسخيرها أولا.. هذا كان آخر عنوان توقفت عنده في كتاب هيندلي.
' لا يزال المشوار طويلا.. ' لكن لنكتفي بهذا في الوقت الحالي، فقد استيقظت مارثا بالفعل..
أعطتني قبلة على جبيني قبل أن تغادر السرير، حدقت فيها بابتسامة و هي تترك الغرفة، بذلك استدرت ناحية نييلا لأجدها نائمة بسلام..
' جيد! ' أومأت لنفسي و نهضت من السرير.
[ اليوم الرابع بدأ.. ألازلت مماطلا؟ أيها المتخاذل ]
' هاه؟ '
انبثقت النافذة في وجهي، أتذكر ظهورها في اليوم الأول و الثاني لتذكيري ببداية اليوم.. لكن الرسالة هذه المرة غريبة بعض الشيء.
' مماطل؟ متخاذل؟ ما الذي تعنيه أيها اللعين؟ '
" إنقلع! "
أغلقت النافذة في انفعال، دائما ما يقوم هذا النظام بتعكير مزاجي! دعني أحضى ببعض الراحة يا رجل!
خرجت من الغرفة، و كالعادة، إجتمع ثلاثتنا على طاولة الفطور، كانت نييلا نائمة ما جعلني مرتاحا في الوقت الحالي. غادرت جيلا إلى منزل أحد الجيران لتقضي يومها هناك، كان ذلك رغبة من مارثا لقضاء اليوم وحدنا في سبيل ' الحصة الشفائية العميقة '..
ما هي الحصة الشفائية؟ ببساطة، سأمسك يد مارثا بينما نقضي وقتنا سويا طوال اليوم. قامت هذه الأخيرة بإعداد قائمة طويلة للمهام سمتها ' يوم سعيد ' .. حسنا، لم تكن مهاما في الحقيقة و إنما فعاليات على ما يبدو.. بداية ب
" تبدو رائعا عزيزي! "
" بل أنت الرائعة! "
تبادل كلانا الضحكات و المدائح خضم تغييرنا المستمر للملابس، اختارت مارثا سترة بيضاء لطيفة لي مع سروال أسود أنيق بينما اخترت لها جبة عربية زرقاء مطرزة بورود بيضاء على نهايتها.. لقد جعلتها تشبه صورة لأمي في فترة ما.
" حسنا إذن.. وقت خروجنا! " رفعت مارثا ابتسامة أظهرت أسنانها الجميلة لأوافقها الكلمات..
تجاوزنا الباب و أمسكَت بيدي، شعرت فورا بتسرب طاقة مريحة إلي، مثل مهدئ أو مخدر سعادة من نوع ما.. لقد كان يعمل مثل السحر، و لهو سحر حقا!
كانت هذه أول مرة أخرج فيها مع مارثا من المنزل، شعرت و كأنني في موعد، إلا أنني متزوج بهذه المرأة! إرتفعت زوايا فمي على الفور..
[ لقد ارتفعت نسبة التلاؤم من 50% إلى 52% ]
لم يستطع النظام تعكير مزاجي هذه المرة، لقد كنت سعيدا بالفعل! أغلقت النافذة و تحركت مع مارثا.
.......
بييك مدينة كبيرة، مبنية بفن عمارة قوطي قديم، تضم مختلف المرافق التي يحتاجها المواطن العادي، من مرافق إدارية إلى اقتصادية و صناعية، وصولا إلى مرافق ترفيهية متنوعة. مع ذلك، فالتعداد السكاني لبييك لم يتجاوز العشرين ألف نسمة، و هو رقم صغير مقارنة بأي مدينة أخرى بنفس الحجم..
" ما رأيك بهذا الثوب عزيزي؟ "
حملت مارثا رداءا أبيض كثير التفاصيل، مثل فساتين الأعراس، وضعته على كتفيها في تجريب بينما نظرت إلي في حماس..
" هممم.. كم هو الثمن في رأيك؟ " شدت قبضتي على ذقني و سبابتي على شفتي في تفكير بينما نظرت في الفستان..
أخذت مارثا تبحث عن الثمن المكتوب و سرعانما فتحت فمها في دهشة..
" عشرون روبل! "
" هذه مصاريف قرابة نصف عام! " علقت بتفهم، لم يكن ارتفاع أسعار أشياء مثل هذه بالأمر الجديد علي.
أعادت مارثا الرداء في مكانه و أمسكت يدي بابتسامتها المعهودة، لقد بدت مثل طفلة صغيرة تستمتع بوقتها.. الأمر الذي انتقل إلي كالعدوى.
" هيا لنذهب إلى الغرفة المقابلة! "
كنا حاليا نجوب مراكز التسوق في بييك، قاعات مخصصة لمختلف الأغراض و الخردوات، من ملابس إلى أثاث إلى أدوات منزلية، حتى الأسلحة بأنواعها قد وجدت لها بضع غرف..
" عزيزي.. أمسك هذه "
قربت إلي مارثا أداة نحاسية غريبة على شكل قلب، بحجم القبضة وضع عليها تمثال صغير ملون لفتاة.. فور أن أمسكت بها أصبح التمثال يدور على نفسه بثبات.
" لا تعمل سوى إن قام شخصان بالإمساك بها " أفصحت مارثا و ضحكت.
[ لقد ارتفعت نسبة التلاؤم من 55% إلى 57% ]
.......
بعد إنقضاء ثلاث ساعات على الأقل من التسوق دون تعب، توجهت خطواتنا نحو الحديقة، مارين على أكشاك الطعام قمنا بشراء فطورنا.. قضينا فترة ليست بالقصيرة نتحدث تحت ظل شجرة رمان ضخمة قبل أن نتوجه إلى متحف بييك.
كان المتحف صغيرا بشكل غريب، قدم بضع أغراض متنوعة من أسلحة و كتب و مخطوطات، لم يثر أي منها اهتمامي أكثر من كوني رفقة مارثا فحسب.. هذه الأخيرة أظهرت لي جانبا آخر من شخصيتها باهتمامها بالأدوات القديمة، لقد كانت منفعلة و حريصة و هي تتحدث عن كل أداة بتفصيل دقيق.. كانت كلماتها مثل الشلال على أذني، أنا الذي لم أعهد هذا منها من قبل.. مع ذلك، استمعت بسعادة.
و ما أن كدنا نخرج من المتحف حتى انقضت ساعة أخرى على الأقل..
[ لقد ارتفعت نسبة التلاؤم من 60% إلى 63% ]
......
إستمر اليوم مع استمرارنا بالتجول في بييك، كانت الطاقة التي تمدها مارثا لي تمنع أي شعور بالتعب، بالإضافة إلى إضفاء جو نعيمي غريب.. لم أشعر بصفاء كهذا من قبل في حياتي، كل دقيقة و كل ثانية، أشعر و كأنني أقترب أكثر إلى سلام لم أعهده يوما.. هل كانت هذه هي السعادة منذ البداية؟
إنتقلنا من عرض مسرحي ظريف إلى السوق مجددا، تبعنا ذلك بجولة صغيرة داخل مركز الألعاب قبل أن يكاد اليوم على الإنتهاء، و كانت وجهتنا الأخيرة..
" ماذا سنطلب عزيزي؟ "
" سآكل أي شيء تطلبينه "
لم يكن بالمطعم الفاخر، لكنه كان أنيقا بطريقته. إضاءة صفراء خافتة من المصابيح الزيتية تبعث شعورا بالرومنسية، ستائر حمراء مزركشة، طاولات دائرية من الخشب الداكن بالإضافة إلى الجو الشبه مزدحم الذي تبعثه مختلف الأغراض العشوائية حول المطعم.. و مع يد مارثا التي أبت إطلاقي و ابتسامتها الملائكية، لقد كان بالنسبة لي أفضل من أي مطعم زرته في عالمي السابق.
' لقد تذكرت ذلك اليوم.. '
إستعادت ذاكرتي صورة من يوم ما، كنت فيه جالسا مقابلا لفتاة.. كان موعدا نعم، داخل مطعم بعيد عن مسمى الأناقة. لكنني كنت سعيدا في تلك اللحظة و هذا ما جعلني أتذكره.. كانت الفتاة رائعة و تحدثنا في العديد من الأمور المشتركة مثلما أفعل حاليا مع مارثا.. أضْفت تلك الفتاة جوا غريبا علي، جوا لم أعهده مع أي شخص آخر. لقد كانت ساحرة، ليس ساحرة الجمال و إنما ساحرة فحسب! مثل مارثا تماما! لقد كانت التعريف الحقيقي ل' رفيق الروح'.
تلك الفتاة.. فقط لو أتذكر إسمها.
[ لقد ارتفعت نسبة التلاؤم من 70% إلى 75%
ينصحك هذا النظام باستعادة رشدك! هل نسيت إسمك أم ليس بعد؟ ]
.........