( تنويه و تأكيد: كما تم الذكر في الفصل السابق، كلمة مبجل هي مجرد كلمة مغايرة لكملة 'إله'. حاكم أو سيد لا يناسبان منصب المبجلين لذلك لم أستخدم إحداهما )
......
' تغادرين بهذه السرعة... '
لم أستطع سوى النظر و ابتسامة خافتة تعلو وجهي. هذه الفتاة، جايدن... لطالما اعتبرتها مميزة، و ها هي الآن تثبت لي ذلك للمرة لا أدري كم.
" آسف... "
لقد رأيته يتحلل أمام عيني، يتحلل و يتلاشى بسرعة مرعبة، ذلك الجسد الذي لم أدر إن كان ملكا لجايدن أو لمارثا.. لكنني اعتذرت له فقط.
" آسف لعدم ردي على مكالماتك الخمس ذلك اليوم.. "
و إن كان اعتذاري غير كاف، و إن كان اعتذاري غير مسموع.. و إن لم يغير شيئا من الأساس.
" لكنك... لكنك لم تتغيري يا جايدن! "
كان هذا إدراكا توصلت له، و هذه كلمات نطقتها بعفوية خلال الإدراك. كلمات أعادتني للواقع.
أخذت نفسا عميقا و نظرت من حولي، لقد تركت وحيدا من جديد.
لقد عدت لجسد فالفارو و ها أنا ذا بكامل وعيي كإيثان بعد أن غرقت في ظلمات أفكارٍ غير أفكاري.
" نافذة الشخصية " تمتمت بهدوء لتفتح النافذة دون تأخير. كان علي إلقاء نظرة على شيء محدد.
[ نسبة التلاؤم: 0%
لا توجد ذرة من غرائز جسد المضيف تدفعك أو تساعدك على التأقلم في الوقت الحالي. ينصحك هذا النظام برفع النسبة قليلا ]
' هكذا إذن... ' فكرت في الأمر على مهل
لقد اختبرت أثر نسبة التلاؤم هذه في أقصى درجاته خلال الأيام الأخيرة، حيث كانت إرادة فالفارو هي المسيطر الوحيد، حتى أنني لم أعد أعرف نفسي، أمر لم أتخيل حدوثه يوما. و الآن.. مع عودة قدرتي على تأكيد هويتي و معرفة سبب وجودي...
هذا الإختلاف الشاسع، مرعب حقا... و هو معلق بالكامل بمجرد نسبة مئوية!
" نعم... أنا إيثان، و ليس فالفارو. و لتذهب نسبة التلاؤم إلى الجحيم! " شددت على قبضتي في امتنان، و رفعت ابتسامة من جديد.
لا أرغب بفقدان نفسي مجددا.. و لو واحد بالمئة.
" أيضا.. فلتبدأ اللعبة بهذا "
' اللعبة... ' أضفت في داخلي
بالتفكير بالأمر على نحو منظم، فإن هذه الكلمة موضوعة على جانبين بالنسبة لي.
اللعبة الأولى هي ما قرره النظام سلفا، أنقذ الشرير من البطل حتى ينجب إبنا، هذه هي مهمتي التي تناسخت لأجلها.
اللعبة الثانية يمكنني اعتبارها أقدم، و ربما سأجادل أنها أصعب من مهمة النظام، رغم أن هذين الأخيرين متصلان بشكل مباشر على ما يبدو. لعبة بيني و بين جايدن، لعبة يمكن تلخيصها في كلمتين... الحرب حب.
" الحرب حب.. " هذا ما قالته ذلك اليوم.
' من الغريب أن أحدنا لم يعترف للآخر بعد.. '
مستذكرا الأيام الستة الأخيرة، هل علي أن أضحك؟ أعني.. واضعا حقيقة كوني في جسد فالفارو و كونها في جسد مارثا بالجانب، فإننا كنا إيثان و جايدن كزوجين بالفعل. ألا يتحدث هذا بشكل صاخب؟
تنهد
بالحديث عن الأيام الستة، هناك الكثير من التحليل و الإستنتاج ينتظرني.. فلنترك الأمر في وقت لاحق.
أما الآن، فقد كانت عيناي تجوبان تلك البلاطة منذ بعض الوقت.
' لوح النبي الأول.. ' أو هذا ما قالته جايدن على الأقل.
اقتربت بهدوء و قرفصت، قرأت ما كان مكتوبا مرة أخرى... و كما أول مرة، لقد أمسكتني تلك اللغة.
' أبجدية أنكو، لغة فون.. يا له من اختيار خارج عن المألوف. أتذكر أنني قرأت بضع فقرات شاذة من هذه اللغة في كتاب يحمل شعائر خاصة لتمجيد أرواح معينة. أرواح لها ارتباط وثيق بما سمي بالمبجل في شعائر الفودو الهايتية '
مستذكرا ما قالته جايدن عن المبجلين السبعة.. غرقت أفكاري للحظة.
' هل تلك الوجوه السبعة التي لم أستطع رؤية ملامحها ملك للمبجلين السبعة؟ هل لأحدهم علاقة بالمبجل من تلك الشعائر؟ ربما لجميعهم علاقة؟ ماذا يكونون أساسا؟! '
كلما فكرت في الأمر أكثر وجدت نفسي أغرق في أسئلة أكثر... و هذا ما قادني إلى نقطة مختلفة.
" البلاطة نفسها.. " اتسعت عيناي قليلا
' أيفترض أن يمتد عمر هذه البلاطة إلى زمننا؟ لما أفترض أننا في نفس العالم أساسا؟ أعني... هذه اللغة المكتوبة هي بالفعل لغة من عالمي لكن هذا لا يعني أن من كتبها ليس من هذا العالم. أنا و جايدن... و ربما جميع أعضاء قاعة الفرسان السبعة هم متناسخون؟ من أحضرنا؟ المبجلين السبعة؟ '
' كما أنني لا أعرف حتى متى تناسخت جايدن في هذا العالم! '
هذا ما قادني إلى سؤال آخر.. سؤال ضرب رأسي بمطرقة فور تشكله.
" كيف عرفت جايدن من الأساس أنني سأتناسخ في جسد فالفارو؟! منذ متى و هي تنتظرني؟ هل يعقل... هل يعقل أنها كانت السبب في تناسخي؟ "
علامات استفهام... علامات استفهام كثيرة!
و أين الإجابات؟! أنا لا أملك فكرة واحدة حتى.. ليس حتى طرف حبل أشده على أمل فك عقدة من عقده!
" فيووووه "
أخذت نفسا عميقا عساه لدماغي مهدئا و طردته ببطء.
' نعم هي أسئلة كثيرة، و لما لا أكون ممتنا عوضا؟ '
أعني، أنا في عالم جديد يكتنفه الغموض. غموض ذو مستوى يرقى لجعلي أحرك هذا الدماغ الصدئ...
" ههههه " لم يسعني سوى الضحك عند التفكير في هذه النقطة بالضبط.
لطالما أصبح دماغي يظهر معدنه الحقيقي فقط في جانب فك ألغاز العالم، و لطالما كان كذلك من البداية... إن هو إلا إدراك متأخر فحسب.
" حسنا إذن! هذه بداية رحلة طويلة على ما يبدو... و لأجعلنها الأكثر إثارة! " بروح معنوية عالية حدثت نفسي.
" أيها النظام، إفتح دفتر الملاحظات " لم أكن متحفظا في صوتي.
[ دفتر الملاحظات: المستوى 1
إسمي هو إيثان ويليامز، شاب في الثالثة و العشرين من عمره انتقل إلى عالم جديد.. و الآن يقوم هذا النظام.
دفتر ملاحظاتك الحالي يمثل قصاصة ملاحظات صغيرة. قم برفع مستوى دفتر الملاحظات لفتح صفحة تتسع لأكثر من 200 كلمة!
المستوى 2 : 100 نقطة تناسخ! ]
" تسك... نقاط التناسخ "
[ نقاط التناسخ الحالية: 65 نقطة تناسخ!
يا لك من لاعب فقير.. لا، بل الأفقر! ]
" تبا لك فحسب " لم أستطع امساكها، لكنني ضحكت على نفسي غصبا.
نعم، أنا الأفقر على ما يبدو... لكن ما العمل؟ طريقة جني نقاط التناسخ تعتمد على قتل البشر بشكل أساسي على حد علمي.
و إن استطعت استنتاج أمر واحد فسيكون أن هذه الطريقة حصرية لأمثالي... داعمي الشرير. نعم، لقد فكرت في الأمر منذ بعض الوقت.
و لربما هذا استنتاج سابق لأوانه لكنني أجزم أن مهمة جايدن و الستة الآخرين تقتصر على مساعدة البطل على قتل الشرير. بذلك، لا أفترض أن نقاط هذه الأخيرة سترتفع بقتلها للأبرياء... هذا ليس طريق "الخير".
' حسنا، هذا ليس وقت التفكير في هذه الأمور.. ' ذكرت نفسي
السبب الرئيسي لفتحي دفتر الملاحظات كان لتدوين محتوى البلاطة.. لكنني نسيت بالكامل أن المساحة غير كافية. كما أن الوقت مبكر لتضييع أموالي على المستوى الثاني. لذلك...
قرأت محتوى البلاطة، و أعدته، و أعدته، و أعدته... أغلقت عيني و أعدته، حتى حفظته بالكامل.
" حسنا إذن! "
بعد كسب ثقة كافية أنني لن أنسى حرفا واحدا استقمت على قدمي من جديد.. و في تلك اللحظة أمسك طرف عيني شذوذا.
الحاجز الشفاف الذي كان لا يزال يحيط بموقعي قد بدأ بالتلاشي، من خلال ذلك استطعت رؤية المعالم الخارجية المختلفة. ثم نظرت بتمعن لأرى جسدا مألوفا يقف عند حافة الحاجز مباشرة.
" سِيد.. "
حارس الغابات الذي كان برفقة فالفارو طوال الرحلة، واقف دون أي أثر من التعب. و أيضا... بابتسامة لا تنوي على خير!
" إعذرني سيد فالفارو... على ما يبدو، لقد حدث سوء فهم بسيط من جانبي "
و بينما كان يتكلم، استطاعت عيناي ملاحظة نجمة خماسية برتقالية سريعة التشكل تتجمع تحت قدمي.
' الإستبصار الضئيل! '
بتفعيل القدرة تدحرجت للجانب، غير مضيع أي ثانية قمت باستلال سيفي.
في مكان وقوفي السابق نتأت عدة أشواك صخرية صلبة، طول أحدها تجاوز المتر.. لقد كانت بالفعل كافية لخوزقتي!
' قتالي الحقيقي الأول! ' مع هذه الفكرة رفعت ابتسامة و اندفعت نحو سيد.
لم تكن هذه المرة إرادة فالفارو القتالية و لا غرائزه.. إنما جسده فحسب. و من يهتم.. إنه ملكي الآن!
كلانغ!
اصطدم السيفان و العينان مرسلان بريقا خافتا..
" كما ترى... فأنا لم أكن سوى مراقب جانبي طوال هذه الرحلة "
تحدث سيد، و إن كانت طريقة له للتشتيت و التلاعب بخصمه فهي لم تنطبق علي. أنا الذي استطعت استبصار عدة نجوم تتشكل على الأرض خلفي.
ركلت الأرض دافعا إياه للأمام و هممت بتلويحة سريعة صدها دون عناء.
تبادلنا التلويحات عدة مرات في غضون ثوان.. لكنه أبى كشف ثغرة، عكس ما أبداه من ضعف خلال الرحلة.
في تلك الأثناء لم يخفى علي تشكل النجوم من عدة زوايا، بعضها سريع و الآخر أبطأ قليلا.
كان بعضها يبعث بأشواك سريعة نحوي و الآخر يقودني لأتخذ حركات صعبة عن قصد.
لولا الإستبصار الضئيل لما استطعت تفادي واحدة منها، لكنني رأيت بين الحركات... و قمت بالتحليل.
بين كل تلويح و صد، استطعت اكتشاف جزء من نمطه المتبع.. و ما أبسطه.
' كل تلويحة بالسيف تقابلها ثلاث نجوم متمركزة في نقاط مختلفة من النصف الآخر من دائرة الهجوم. واحدة للتمويه و أخرى لتقييد الحركة و الثالثة هجوم قاصد '
كلانغ!
" إذن... هل أنت هنا من أجل مارثا، أم من أجل بقايا أتاراشيا... أخبرني! " صدح سيد الذي لم يتوقف عن التحدث بالهراء.
أما أنا... فقد ضحكت!
لم أستطع التوقف عن الضحك في وجهه.. بعد كل تلويحة، بعد كل صد و بعد كل تفاد... لقد شعرت بتلك النشوة!
" إعذرني يا سٍيد... لكنك مخطئ تماما. أنا لست فالفارو! " ضحكت و ضحكت.
' رقصة فوق الحلبة! '
غزت الطاقة الغريبة كل خلية من جسدي، أصبح لعضلاتي القدرة على الرؤية بنفسها. تجعدت الثواني لتمكنني من توقع كل حركة.. بذلك أبصرت نقاط ضعفه!
' هناك! '
كانت دفاعاته ضد ذراعيه ضعيفة و بطيئة... هذا كل ما في الأمر!
كلانغ!
تلاحم السيفان لآخر مرة، فما كان ظنه أنني سأقوم بتلويحة أخرى تحول إلي أرفع قبضتي للأعلى. هناك حيث انخفض رأس السيف إلى ذراعه مباشرة!
قطع!
" اااارغ! "
نقطة ضعف غريبة... لكن من أنا لأكترث!
تداعى ساعده نحو الأرض بينما تراجعتُ خطوة للخلف، فقط لأعطيه فرصة لتوجيه ضربة أخيرة.
تشنج وجه سيد بوضوح و هو يحمل سيفه بذراع واحدة. و كما كان متوقعا، هجومه اليائس كان عبارة عن بضع نجوم تحيط بي... هذا ما كنت أنتظره.
" أجبني على الأقل.. فالفارو! " صدح سيد بشكل يائس
" هاه؟ " لكن بصراحة، أنا لم أكترث حقا.
سيد هذا لم أعتبره سوى الجزئية التعليمية الموجودة في بداية كل لعبة.
" هاااا! "
اندفع بصرخة نهائية رفقة نجومه، لكنني رأيت كل شيء.. بل كنت أنتظره.
نجمتان تمويهيتان على جانبي بالإضافة إلى ثلاث نجمات قاتلة خلفي.. حدوده هي خمسة.
تقدمت بخطوتين حيث بالكاد لامستني الأشواك الناتئة. مددت ذراعي لسيد الذي قفز نحو قبره. احتضنته بهدوء و قلبته بشكل رائع على الأشواك خلفي.
[ مبروك!
لقد قمت بقتل: سيد دامر
المكافأة: 30 نقطة تناسخ! ]
[ مبروك!
لقد أصاب سهمك دائرة سوداء
لا بد أن سهامك أصبحت أكثر حدة على ما يبدو! ستباركك هذه الدائرة خصيصا بمضاعفة نقاط تناسخك!
لقد حصلت على: نقاط التناسخ ×2 ]
' أوه.. '
فاجأتني النافذة الثانية قليلا، بذلك فتحت نافذة النقاط.
[ نقاط التناسخ الحالية: 190 نقطة تناسخ!
أنت لا تزال الأفقر صدقني. ]
لم أهتم لتعليق النظام لأنني شعرت بفخر لارتفاع ذلك العدد أخيرا، رغم أنني قتلت شخصا للتو!
أول قتل لي! هل أنا سعيد بذلك؟ طبعا لا! هل أنا نادم على فعلتي؟ حتما لا أيضا!
أعني، ليس و كأنني راغب و مستمتع بالقتل. كل ما في الأمر أن هذا ما يجب علي القيام به من وقت لآخر على ما يبدو..
لا أعرف حقا، لو عدت إلي في عالمي السابق و أعطيتني هذا النظام لبغضته. لكن الآن، لا يسعني سوى عدم الإكتراث. لقد تغير شيء ما بداخلي بعد الذي مررت به.
" أتاراشيا إذن... من تكون هذه مجددا أيها السيد سِيد؟ " حدثت الجثة أمامي ضاحكا.
لقد استمعت لما قاله بالطبع أثناء قتالنا، و يبدو الأمر مثيرا للإهتمام. لكنني لست بحاجة إلى أسماء و أسئلة أخرى لتملأ عقلي...
" آه اعذرني، نسيت أن أقدم نفسي... أنا إيثان " قلتها مبتسما.
كانت الجثة تقطر في الوقت الحالي بعد أن أفرغت جميع محتوياتها السائلة، ما أشار الى نهاية العرض.
" هووووف... ماذا الآن؟ " سألت نفسي بغموض قبل أن تومض الإجابة داخل رأسي
" أوه نعم... اللعبة! "
إنه وقت مراجعة كل شيء حدث حتى الآن!
' أيضا.. أين اختفت تلك اللعنة اللعينة؟ '