' مثير للإهتمام.. '

واصلت طرح الأسئلة على النظام، لم تكن النتيجة عقيمة في النهاية فقد خرجت ببضع استنتاجات مهمة، لعل أبرزها هو الإمتناع التام من النظام على إجابة أي سؤال لا أعرف أنا إجابته بالفعل.. دائما ما يطلب مبلغا معتبرا من نقاط التناسخ و في حالة كون السؤال متطرفا فيطلب مني رفع مستواه. بمعنى آخر، لا يوجد سؤال ليست له إجابة عند النظام على حد علمي. حتى لو كان مبلغ الدفع خياليا، هنالك إجابة وراءه..

هذا ما جعلني أتسائل عن هوية صانعه..

' همف.. '

حطت قدماي عند باب المنزل، أغلقت نافذة النظام و أدخلت يدي في جيبي عساني أجد مفتاحا.. لربما هي عادة مني منذ كنت في عالمي الأول. في هذا العالم، استخدم الناس أبوابا سحرية تتعرف على ملاك المنزل، طبعا لم يمتلك جميع السكان هذه الرفاهية لكن عائلة فالفارو امتلكتها.. بذلك وضعت راحة يدي على الباب و دفعت بلطف..

إنفتح الباب بسهولة و دخلت.. لم تكن مارثا بالجوار فوضعت المشتريات فوق الطاولة كما عهد فالفارو دوما و توجهت نحو منضدة المطبخ..

كانت لي فكرة أولية في التحقق من الطاقة التي تحدث عنها سايلر عند وصولي للمنزل، بذلك قمت بتفعيل الإستبصار الضئيل من جديد..

' هووه! '

ارتفع حاجباي نسبيا. على عكس الخارج، كان المنزل ينضخ بطاقة غير طبيعية.. استطعت ابصار هالة ذهبية خافتة تجوب المكان، ملتصقة بضع لطخات منها على كل شيء تقريبا، مثل هلام ذهبي..

لكنها لم تكن خبيثة أبدا، بالعكس تماما، لقد بعثت بنوع من الراحة و الإسترخاء إلى جسدي.. و كأنها طاقة تخديرية من نوع ما..

' طاقة شفائية! '

لقد استنتجت الأمر بسهولة، استرجعت ما حدث عندما أصابني ذلك الصداع بعد تناسخي، لقد اختفى الألم تماما عندما مسحت مارثا بيدها على ظهري.. هذه الطاقة بلا شك هي أسلوب مارثا في إبقاء المنزل طاهرا..

" يا لها من امرأة! " تمتمت بخفوت

فجأة..

" ما هذا.. "

دخل مجال استبصاري شيء غريب، لقد كان قريبا جدا.. بل كان على رف أدوات الطبخ تحت المنضدة.. هرعت مباشرة إلى التحقيق في الأمر حتى وجدته، لقد كان مختبئا في الخلف..

' مسدس؟ '

مسدس ريفولفر بست فتحات، ذو مقبض خشبي متقن الصنع مع رصاصة واحدة.. ليس و كأن هذا العالم لم يملك نوعا غريبا من الأسلحة النارية لكن هذا؟ هذا لم يكن اعتياديا..

" يا إلاهي.. "

نقش على المقبض عبارة قرأت " أبيكس "، لم أعلم إن كانت إسم الشركة أم إسم المُصنع مباشرة.. لكنها حملت نغمة مألوفة بعض الشيء، نغمة لم أستطع تحديد مصدرها أمن هذا العالم أم عالمي الأول..

بعد تفقد المسدس لبضع ثوان أخرى أرجعته إلى مكانه باحترافية، لم أرغب أن تقبض علي مارثا و أنا أحمله في النهاية..

' سأتحرى الأمر في وقت لاحق.. ' خرجت بهذه الفكرة

لم ألبث أن سمعت بضع خطوات من الدرج، تلك كانت مارثا بالطبع.. استقبلتها عند المنضدة و تحدثنا في أمور اليوم فحسب..

أوصلت لها كلمات المعلمة سيندي التي أثرت فيها على نحو خاص، لقد كانت أُما محبة لابنتها بكل تأكيد.. فقط حديث بسيط عن إنجازات جيلا صنع عليها وجها لم أره على أمي سوى عندما فزت بدرجة الماجستير.. هذا جعلني أحبها أكثر رغما عن فالفارو..

أقصد، هل أنا أستحق هذه المرأة؟ فكرت في الأمر للحظة.. كل ثانية أتحدث فيها معها تشعرني بتأنيب الذات، لقد كانت أبعد مما قد أستحق امتلاكه في عالمي.. منذ أن لم أكن بالشخص الجيد نوعا ما.

لقد شعرت و كأنني.. دخيل.

أنا دخيل بالفعل، طريقة حديثي و كلماتي لم تكن مثل فالفارو على الأرجح، لكنها لم تُبد أي رد فعل غريب بل لم تَبد متشككة إطلاقا..

' هل حبها لفالفارو جعلها عمياء؟ ' لم أستطع سوى افتراض هذا..

في فترة ما من حديثنا أردت إخبارها عن الطاقة الغريبة التي تحدث عنها سايلر لكنني امتنعت في النهاية، لم أرغب بإقلاقها دون جدوى و أنا الذي سيحقق في الأمر غدا..

ماذا عن المسدس؟ لربما هو ملك لفالفارو و حديثي عنه سيجلب الشك مباشرة، لم أكن لأسمح بهذا في أول يوم..

إنتهى حديثنا بعد بضع تبادلات قبل أن أتوجه إلى غرفة النوم، هناك غيرت ملابسي، ألقيت نفسي على السرير و فتحت النظام من جديد..

" لقد تبقت ميزتان.. " همست لنفسي

ميزة إفتح سؤال و الخريطة، هذه الأخيرة كانت واضحة بالتأكيد لكن إفتح سؤال؟ من خلال العنوان يمكن الإفتراض أن لها علاقة بغرفة المعلومات..

كان علي تفقد الأمر رغم خبرتي السيئة بنظام المتسولين هذا..

' إفتح سؤال '

[ مرحبا بك في إفتح سؤال!

المستوى: 1

عكس غرفة المعلومات، تقدم لك إفتح سؤال توجيهات مباشرة للوصول إلى هدفك.. ليس عليك سؤال النظام هذه المرة بل النظام هو من سيسألك!

أتريد أن تفتح سؤالا الآن؟ ]

' مثير للإهتمام حقا! '

أعني، لن أحصل على إجابة لأي شيء لكن الجانب المشرق أن الأسئلة بالغة الأهمية على الأرجح.. يبقى السؤال إن كنت أحتاج نقاط تناسخ أم لا..

' إفتح سؤالا! '

[ لقد قمت بفتح سؤال!

الدفع مقابل السؤال الأول: 0 نقاط تناسخ.

السؤال: ما الذي يعنيه الموت؟

أجب عن السؤال و ستحصل على هدية حصرية من النظام! ]

" ما هذا الهراء؟! " أمسكت ردة فعلي..

ما الذي يعنيه الموت؟ كيف يفترض بي أن أجيب على هذا؟ بقدر ما قد تكون الإجابة بسيطة مثل ' نهاية الحياة ' قد تكون أيضا فلسفية إلى أبعد المقاييس!

و كيف لهذه الإجابة أن تساعدني للوصول إلى هدفي؟

فكرت قليلا.. لا شيء برأسي

' نهاية الحياة '

لم يستجب.. حسنا هذا متوقع، لقد بدأت أفهم آلية عمل هذا النظام.. إنه مصمم ليخذلك بأي طريقة أوتيت له.. و أخاف أن يفعلها بي في أوقات حرجة مستقبلا.

' الخريطة ' زفرت ببطء

[ مرحبا بك في الخريطة!

المستوى: 1

هنا يمكنك رؤية موقعك في العالم.. طبعا لا تتوقع الكثير كونك في المستوى الأول فحسب، عليك اكتشاف العالم بنفسك! ]

ببساطة و توقعت الأمر.. لم يعد هذا مزعجا حتى!

لم تظهر الخريطة شيئا سوى الظلام، و من بين الظلام بزغت رسمة طفيفة لمنزل صغير و بضع طرق، حديقة و مدرسة.. تلك كانت جميع الأماكن التي زرتها اليوم، فوق الظلام كتبت ' بييك ' بخط عريض..

لم أتوقع أكثر من هذا.. أغلقت الخريطة و حاولت أخذ بضع دقائق من الراحة.. لربما النظام بهذه الحالة كونه في المستوى 1 فحسب، هذه هي الفكرة الإيجابية الوحيدة التي اصطنعها عقلي..

كان علي جمع نقاط التناسخ لو أردت نظاما أفضل على ما يبدو، لكن أولا.. علي أن أعرف كيف أجمعها! لقد كانت لدي فكرة عن الأمر.

لم يحمل باقي اليوم بين طياته شيئا آخر سوى لقاءنا العائلي المعتاد و حديثنا على طاولة الغداء، حديثي مع مارثا كل ما سنحت الفرصة و أيضا حمام قصير.. بذلك انتهى اليوم الأول بسلام تقريبا..

......

[ اليوم الثاني بدأ! ]

لم تختلف بداية اليوم الثاني عن الأول في شيء.. قم من السرير، تجهز، تناول الفطور و تحدث قليلا مع مارثا و جيلا ثم..

' مركز حراس الغابات لمدينة بييك '

كنت أقف حاليا أمام بناية إدارية بامتياز، يمكنك تمييزها عن أي بناية أخرى بفضل الطابع الشكلي المشابه لمدرسة بييك. مع ذلك، هي لم تكن بالشيء المدهش.. متواضعة إن صح التعبير..

استطعت استرجاع بعض من الذكريات بعد رؤيتها. فالفارو يعمل كقائد لدوريات الإستطلاع الخاصة بالغابات الشمالية، الشرقية و الغربية لمدينة بييك، ثلاثة أيام في الأسبوع فقط.. تكمن مهمته في القضاء علي أي وحوش سحرية خطيرة بالإضافة إلى الحفاظ على سلامة حدود المدينة.. لم يعتبر فالفارو هذا العمل عملا بقدر ما هو متعة له فحسب..

" هووف .. حسنا إذن " أخذت نفسا طردت به توتر اليوم الأول من العمل قبل أن أدخل المركز..

كان الوضع عاديا تقريبا، قاعة استقبال بسيطة تجمع فيها إثنان من أعوان الإدارة تعرفت عليهما على الفور، إستقبلاني بحديث اعتيادي قبل أن أتوجه بذاكرة فالفارو نحو غرفتي المخصصة..

" مكتب قائد الحرس " إرتفعت زوايا فمي بشكل طفيف..

دخلت و أغلقت الباب على نفسي. لم تحتوي الغرفة على شيء خارق، مكتب و خزانتين فحسب.. فتحت الخزانة الأولى لتقابلني بذلة خضراء رسمية، مطرزة بشكل أنيق يوحي بالقيادة و قبعة خفيفة..

بجانب البذلة إنتصب سيف حديدي متواضع، نحتت على مقبضه بضع أشكال هندسية بينما نقشت على نصله عبارة " أبناء هيندلي لصناعة المعجزات " ..

' أبناء هيندلي.. ' رن هذا الإسم مثل جرس داخل رأسي..

هيندلي لم يكن إسما في الحقيقة بل لقبا لعائلة عريقة في الإمبراطورية، عائلة لها نفوذ كبير حسب شظايا ذاكرة فالفارو..

حملت السيف مستشعرا ثقله و ديناميكيته قبل أن ألوح به بضع تلويحات..

' خفيف! '

برزت أسناني بفعل الإبتسامة الكبيرة.. لقد كنت متحمسا بحق لتجربته!

جدير بالذكر أنني قد جربت المبارزة من قبل، استطعت هزيمة صديقي بن عدة جولات بينما فعل هو الآخر بالمثل.. لذلك كنت أملك بعض الخبرة في إمساك السيف. لكن التفكير في أنني سأقتل وحشا بسيف حقيقي يجعل شعر جسدي يقف..

طرق طرق

" سيد آيرونكلاد.. نحن بانتظارك عند المخزن " صدى صوت رجولي خلف الباب

" جهزوا أنفسكم.. أنا قادم " أجبت بالذي رأيته مناسبا..

كان ذلك نائب قائد الحرس، تيري كارتر.. تعرفت على صوته بينما استطعت تخيله أمامي، لقد كان رجلا مقربا لفالفارو كونه نائبه و شخصا يعتمد عليه..

أخذت نظرة بسيطة على المكتب، فعلت الإستبصار الضئيل لتفقد أي طاقة غريبة..

' لا شيء.. '

لقد كان كل شيء نظيفا..

إرتديت البذلة بنوع من الصعوبة و وضعت السيف على حمالة الخصر، ذلك عندما توجهت إلى المخزن مباشرة..

" يا رفاق.. أنتم مستعدون بالفعل! "

كان المخزن كبيرا، أطل على بوابة حديدية تقود إلى الطريق في الخارج، استعدت أمامها ثلاث عربات كبيرة حملت كل واحدة منها ست حرس، بمجموع 18 حارسا..

" متأخر كعادتك فالفارو! " نطق أحد الحرس بنبرة مازحة..

لم يصعب علي التعرف عليه، هارت هو أحد أقوى الحرس في الفرقة و أكثرهم جرأة.. لا يعني إسم فالفارو له شيئا تقريبا لكنه مخلص في عمله.

" هاي.. تكلم مع القائد باحترام! " همس أحدهم له

" فلتتأخر أنت أيضا يا هارت إن لم يعجبك توقيت السيد آيرونكلاد.. " أجابه تيري كارتر

في ذلك الحين بدأ الحرس بالتهامس فيما بينهم..

" توقفوا توقفوا.. " تقدمت إلى العربة في المقدمة، رفعت نفسي عليها ثم واصلت

" لدينا اليوم مهمة محددة يا رفاق.. وصلني إشعار البارحة عن أحداث غير معهودة بين الوحوش السحرية.. سنحاول التحري في الأمر "

" أمرك! " نطق الجميع بصوت واحد..

إنطلقت العربات الثلاث واحدة تلو الأخرى في طريق بييك الفرعي، تجاوزنا الحقول على جوانب المدينة قبل أن ندخل أرضا برية، تكاثرت فيها الأعشاب الطويلة و الأشجار الصغيرة.. بنيت بين هذه الأشجار منارات صغيرة توزعت عبر كامل محيط بييك استخدمها الحرس للمراقبة من الأعلى..

بعد بضع دقائق أخرى أطلت علينا أرض مرتفعة، إكتظت فيها الأشجار الطويلة و المتنوعة مشكلة جدارا منع الرؤية، تلك كانت الغابة الشمالية..

توقفت العربات الثلاث عند بداية الأشجار و نزل الجميع مستعدين لاستخدام أقدامهم..

أخذت الطليعة واضعا قدمي على أرض الغابة..

' أنا قادم لكم.. أيها الوحوش! '

2024/09/20 · 163 مشاهدة · 1684 كلمة
Lst Mbryo
نادي الروايات - 2024