' تبا.. '
فتحت عيني ببطء عندما سقط علي إحساس حارق في رأسي، مثل بضع صعقات كهربائية عنيفة و متواترة. أمسكت صدغَي بيدي و ضغطت عليهما عسى أن أخفف من صداعي قليلا.. تلى ذلك شعور خفيف بالراحة.
" أين أنا.. " تمتمت تحت أنفي..
عاينت محيطي الذي كان عبارة عن غرفة صغيرة نسبيا، فارغة إلى حد ما عدى المقعد الخشبي منزوع الظهر و الطاولة المرتفعة التي حملت بضع أدوات غريبة بجانبي، أشبه بأدوات طبية من عالمي لكنها بدت ذات صناعة يدوية.. ذلك عندما فرقعت الإجابة في رأسي..
' المركز الإستشفائي.. '
كنت حاليا منسدلا على سرير وحيد، استطعت رؤية قدمي المضمدة بمادة فلينية رقيقة جعلتني أتذكر سبب وجودي هنا في المقام الأول.. لكن
" لقد نجوت؟ "
تذكرت اللحظات الأخيرة قبل فقداني للوعي، بعد إنهائي على حياة تيري كارتر إنقض علي ذئبان رهيبان، قاتلتهما بما تبقى لي من قوة و إرادة.. أتذكر إشعالي لقدرة 'رقصة فوق الحلبة' في اللحظة الأخيرة قبل أن ينتهي بي الأمر بقتلهما و سقوطي مغشيا..
صحيح، كان أثر هذه القدرة جليا علي بعد تجربتها مرة.. ناهيك عن استخدامها مرتين على التوالي، لكنها أنقذتني في النهاية و هذا هو الأهم..
' لكن.. هناك قطعة ناقصة، جزء غير مفهوم من الأحداث.. '
لقد كنا ثماني حراس في مواجهة ثلاث ذئاب رهيبة في البداية، قمت بمواجهة الذئب الأكبر تاركا إثنين للبقية.. مع ذلك، قام بمهاجمتي ذئب آخر و فقدنا ذئبا و ست حراس.. لم يعد لهم أثر.
فكرت في الأمر قليلا..
' عسى أنهم هربوا؟ ' كان هذا الإفتراض الوحيد، لكنه لم يقنعني.. أيضا..
' قوة فالفارو! '
اشتعلت فكرة أخرى في رأسي..
لا أعلم إن كانت المشكلة فيَ أو في جسد فالفارو، لكنني على تمام اليقين أن تلك لم تكن قوته، و لو حتى جزءا صغيرا!
احتمال أنني لا أستطيع إخراجها بالكامل في الوقت الحالي بسبب حدود فهمي للسحر احتمال مأخوذ في الحسبان، لكن.. ألا يجب أن أشعر بها على الأقل بداخلي؟
لقد فكرت بالأمر منذ دخولي لهذا العالم، حدسي أخبرني أن للنظام علاقة بالأمر.. أدعم كلامي باختباري أخيرا لطاقة فالفارو على أرض الواقع، قوة بسيطة مثل تلك يمكن الشعور بها ناهيك عن قوة كافية لتدمير جيوش!
غرقت في أفكاري للحظة..
' صحيح! '
تذكرت نوافذ النظام التي انبثقت فور إنهائي على حياة كارتر.. سارعت الى تفقدها من جديد
' نقاط التناسخ '
[ نقاط التناسخ الحالية: 25
مبارك لك على أولى نقاطك!
بداية لطيفة، لكنها لا شيء صدقني.. ينصحك هذا النظام بادخار بعض من نقاط التناسخ للمستقبل عساك تجدها وقت الحاجة! ]
" النظام اللعين! " كشرت على أسناني بضعف
لم أعرف أي نوع من المشاعر علي أن أشعر، حقيقة أن قتلي لأعز أصدقاء فالفارو كان الطريقة لجمع هذه النقاط جعلتني أبتئس.. أعني، كيف فعلتها أساسا؟!
تذكري لحظة فتح عنقه جعل يداي ترتجفان على الفور بينما خالجني شعور بالإقياء.. أطبقت بيدي على فمي خشية حدوث ذلك.
فتحت نافذة النظام الرئيسية متفقدا إسم الخاصية الجديدة، أذكر أنه تحدث عن شيء مثل الشخصية أو التلاؤم، ذلك قبل أن أتأكد.. لقد كانت السابعة
' نافذة الشخصية '
[ مرحبا بك في نافذة الشخصية!
المستوى: 1
هنا يمكنك الإطلاع على كل ما يخص تجسدك، العديد من المعلومات بانتظارك.. لكن لا تتحمس كثيرا فهذا ليس سوى المستوى 1 .
_ نسبة التلاؤم: 50% معتدل
كما يشير الإسم تماما، تشير هذه النسبة إلى معدل تلاؤمك مع جسد المضيف، ستتأثر بمشاعره، ستعمل بغرائزه، ستحاكي نمط معيشته.. مع ذلك فاحذر!
وصول هذه النسبة إلى 100% قد يؤدي إلى اختفاء شخصيتك!
يمكنك الدفع مقابل خفض نسبة التلاؤم ب5%
التكلفة: 50 نقطة تناسخ
_ رتبة المضيف: D0
رتبة المضيف هي معدل قوته بالإجمال، يخص ذلك القوة، السرعة، مخزون السحر، قدرة التحمل و باقي الخصائص الأخرى.
_ غطاء الرتبة: SS6
غطاء الرتبة هو أقصى ما يمكنك الوصول إليه بهذا الجسد.. و هو لا يشمل جميع الخصائص.
قم بتطوير نافذة الشخصية و احصل على معلومات جديدة و معلومات مفصلة! ]
" ماذا! D0 ؟! " صحت بانفعال..
كان ذلك أول ما لامس بصري، في لحظة واحدة أصابني صداع آخر جعلني أضغط على رأسي بقوة..
لقد فتحت فصا آخر من ذاكرة فالفارو، و هو فص مثير للإهتمام حقا..
رغم أن تصنيف القوة لم يعتمد حقا على الأحرف الإنجليزية إلا أنه كان مشابها، بحروف و أرقام مختلفة فقط..
اعتمد التصنيف على الأحرف و الأرقام، E مثلت قمة البشر العاديين و SSS كانت قمة عظماء السحر، داخل كل حرف تواجد تسلسل في الأرقام، من 0 و الذي يعني دخول الشخص كجديد في الرتبة إلى 6 الذي يعتبر عنق الزجاجة نحو الرتبة الموالية..
يطلق على E0 بنقطة البداية، أي شخص يملك سحرا و لا يجيد فعل شيء به يعتبر داخل هذه الرتبة، أما عن SSS فقد كانت حالة خاصة، فهي لا تحتوي على تسلسل أرقام فيها و إنما وصولها بحد ذاته يعتبر معجزة..
' لكن! '
بالعودة إلى معلومات هذا النظام و الذي يريد أن يقودني للجنون.. أنا لم أكن مخطئا!
أعني D0؟! هذه رتبة واحدة فوق E! أصحاب هذه الرتبة لا يخول لهم حتى الإنضمام إلى فرق الإستطلاع خارج الإمبراطورية.. ناهيك عن كونهم أبطال حرب من نوع ما!
من جهة أخرى، غطاء الرتبة لفالفارو هو SS6 ما يشرح الكثير في الحقيقة! ذكريات قتالاته أيام الحرب قد تحدثت عوضا، لا شك أن شيئا ما قد حدث لقوته في فترة من الزمن.
عبرت علي صورة من ذاكرته حيث قام بقطع وحش مجنح عظيم إلى نصفين بتلويحة واحدة، إستمر الهجوم ليمحو جبلا كاملا! جعل ذلك شعر جسدي يقف لثانية..
' هل يمكن أن يتراجع الساحر في الرتب أساسا؟ ' خالجتني هذه الفكرة لثانية
كان علي سؤال النظام بما أنني أصبحت أملك نقاطا لكن أولا.. أعدت إلقاء نظرة على ما سمي بنسبة التلاؤم.
" 50% معتدل "
أمكنني فهم ما تعنيه هذه النسبة بوضوح، خصوصا مع تحذير النظام. شخصية فالفارو قد تطغى علي بين الفينة و الأخرى و هذا ما حدث فعلا! لحظة هجومي الوحشي على الذئب الرهيب بعد موته و أيضا قدرتي على قتل تيري.. لم أكن أنا من فعل هذا!
" هووف! " أخذت شهيقا بطيئا حاولت به تهدئة أفكاري.. هذا الخوف الذي جاء من العدم أصبح يأكلني، خوف فقداني لنفسي..
أغلقت نافذة الشخصية و فتحت غرفة المعلومات، لقد كانت في رأسي بضع أسئلة أردت الإجابة عنها.. لم أتأخر أكثر عندما سألت
' ما الذي حدث لقوة فالفارو؟ أين اختفت؟ '
[ الدفع مقابل الإجابة: 5 نقط تناسخ ]
5 نقاط لم تكن بالشيء الكبير مقابل إجابة ستحدد الكثير.. واصلت فأجاب
[ قوة فالفارو مختومة بسحر قوي.. قوي جدا!
نقاط التناسخ الحالية: 20 ]
' هكذا إذن! '
انكشف الغموض بإجابة واحدة، فالفارو لم يفقد قوته و إنما هي مختومة.. هذا شرح كل شيء في الحقيقة. مع ذلك
' قوي جدا.. ' أرعبتني هذه الجملة..
لم يسعني سوى السؤال من جديد..
' ما أو من الذي ختم قوة فالفارو؟ '
[ عذرا لكن مستوى النظام غير كاف للإجابة عن هذا السؤال.. الرجاء رفع مستوى النظام ]
" تبا! " شددت على فكَي
لم يعطني رقما حتى مما يعني شيئا واحدا.. من قام بختم قوة فالفارو هو وجود مرعب! لا عجب أن النظام قد أشاد بقوة سحره..
عبرت جسدي ارتعاشة باردة بينما انتصب شعر جلدي..
طرق طرق
" أدخل! "
أغلقت نافذة النظام قبل أن يفتح الباب و يدخل رجل شاب تعرفت عليه على الفور..
بردائه الأبيض المطرز الأشبه بعبائة دينية، لم يكن ذلك سوى سايلر..
" مرحبا فالفارو.. "
تقدم سايلر و جلس على المقعد بجانبي، أضفى وجهه ابتسامة مريحة عندما واصل
" لقد جعلت عائلتك قلقة عليك.. حمدا لله أنك بخير "
" ما الذي حدث؟ كيف نجوت؟ " لم أمسك نفسي على السؤال، كان الفضول قد نمى بداخلي عندما شرح سايلر بهدوء
" لقد أرسل الحراس نداء استغاثة، لحسن الحظ أن القسم الثاني كان جاهزا لتوفير الدعم.. كل ذلك بفضل رجل من الحرس يدعى مانلي " صمت سايلر لحظة ثم أضاف
" لقد وصلوا في الوقت المناسب، أخبرونا أنهم وجدوك مغشيا عليك فوق جثة.. "
" جثة تيري كارتر " أخرج سايلر الإسم بصعوبة، كانت أعين الحزن بادية عليه
" تيري.. " كررت خلفه..
شعرت بقلبي يغرق، أصبح هذا الإسم يعزف أوتار الحزن على مشاعري.. لم أعلم أن فقدان شخص عزيز قد يصنع هذا الألم!
" مع ذلك يا فالفارو.. " استرسل سايلر
" إصابتك قد شفيت بالفعل بفضل الطبيبة ميري و سحر شفائها العجيب، إلا أنك تعرضت لإصابة أخرى.. إصابة أخطر"
" الطاقة الملوثة.. " تمتمت بصوت مسموع
" تماما. لكن المشكلة تكمن في أن سحر التطهير خاصتنا لم يعد يعمل سوى كخط دفاعي تأخيري لهذه الطاقة، طائفة شوكة الروح لا تستطيع علاجك.. "
' جديا؟! '
" و ما العمل إذن؟ " سألت بفضول قلق
" حسنا.. هناك طريقة لعلاجك، فقط لأنك فالفارو.. لكنها " استصعب على سايلر إنهاء جملته، فرك مؤخرة رأسه في تردد
" لكنها؟! " سألت و قد قتلني الفضول فواصل
" لكنها من سحر اللعنات.. "
' هذا فقط؟ و لما كل هذا التعذيب '
تسائلت ما الذي جعله مترددا هكذا، ثم تذكرت شيئا مهما.. لطالما كان سحرة اللعنات خصوما لسحرة التطهير، هذان الإثنان في عداوة، أو لنقل منافسة إن صح التعبير..
أن يعلن سايلر هزيمته في مواجهة ساحر لعنات لهو عار بالنسبة له.. لكن من يهتم؟
" أنا أريد العلاج.. " أجبت مباشرة
' لا أهتم بمنافستكم الغبية! '
سحر اللعنات هو سحر قوي، لكن هدفه ليس العلاج في الحقيقة عكس سحر التطهير أو الشفاء. مع ذلك، هناك بضع لعنات صممت لأغراض علاجية لحالة كحالتي بالذات.. بعض الطاقات الملوثة عنيدة و تحتاج إلى طرق ملتوية لتطهيرها.
" حسنا إذن، أنت موافق على توظيف ساحر لعنة من أجل تطهيرك؟ "
" نعم " أجبت دون تردد
' آسف يا سايلر، أعلم أنني قد هشمت فخرك لكن هذا هو الحال! و كما يقال، أبلغ هدفك حتى و إن عنى ذلك دوسك على جماجم أصدقائك! '
' أشك أنني سمعت هذه المقولة في مكان ما.. '
أومأ سايلر على إجابتي، نهض من مكانه و أفصح
" يمكنك مغادرة المركز الإستشفائي لو رغبت في ذلك، أنت في صحة جيدة بالفعل.. مع ذلك، أنصحك أن لا تتأخر عن حصة علاج الطاقة. حبذا لو تأتي قبل نهاية اليوم "
" حسنا "
أخذ سايلر خطواته خارج الغرفة قبل أن يتوقف عند الباب، استدار إلي من جديد ثم أضاف
" منزل السيدة تارا يتواجد على طرف شارع الستائر، إنها ساحرة اللعنات الوحيدة في بييك، و هي جيدة في ذلك.. أخبرها أنك جئت من طرفي "
أومأت لسايلر قبل أن يختفي من المكان..
....
" حسنا إذن! "
مرت قرابة الساعة منذ غادر سايلر، لقد اخذت قسطا جيدا من الراحة و قد حان وقت الرحيل..
لقد دخلت إحدى الممرضات قبل عدة دقائق و نزعت عني الضمادة، شعرت و كأن قدمي لم تتعرض للعض أبدا، بل على العكس شعرت أنها أصبحت أخف من ذي قبل.. كان السحر حقا مدهشا ناحية الطب!
خرجت من المركز الإستشفائي بعد شكر الطاقم الطبي و الطبيبة ميري خاصة، استرجعت ذاكرة فالفارو الخرائطية و توجهت نحو شارع الستائر.. تحديدا منزل السيدة تارا..
أخذت الطريق عشرين دقيقة بالكاد قبل أن أجد نفسي هناك، ألقيت نظرة على المنازل مستذكرا كلمات سايلر..
' على طرف شارع الستائر '
كان هنالك منزل واحد بهذه المواصفات، ألا و هو المنزل الأخير..
طرقت الباب بلطف و ما هي إلا ثوان قبل أن يفتح كاشفا عن فتاة صغيرة، لم تتجاوز العشر سنوات على الأرجح.. لقد تعرفت عليها على الفور!
.......
لا تبخلوا علينا بالتعليق يا شباب! فالتعليقات هي المحفز الأول و الوحيد للإستمرار بالكتابة.. و شكرا لكم!
نحن على وشك الوصول للبداية الحقيقية للرواية! تجهزوا..