" يا إلهي! "

هدد قلبي باختراق صدري، أنفاسي الحارة بدأت تحرق حلقي بينما بلل عرقي الأرضية بالفعل.. لم أعرف ما كان ذلك!

لقد بدى مثل.. كابوس حقيقي! لا.. لقد شعرت و كأنني مت و عدت للحياة من جديد!

لكن، ألم يحصل هذا لي من قبل؟ لما اختلف الشعور هذه المرة؟

ببطء، عدلت وتيرة تنفسي بينما أرغمت عقلي على التزام الهدوء.. رفعت رأسي لتارا التي واجهتني بابتسامة راضية

" لقد فعلتها يا فالفارو.. لقد نجحت بربط الروح "

.....

" إذن.. أنا لا أفهم، ما الذي حدث بالضبط؟ "

أخذت تارا رشفة من فنجانها قبل أن تضع ساقا على ساق، اتكأت على الأريكة بهدوء ثم أجابت

" لهذا يعتبر العلاج عن طريق اللعن من أكثر الطرق التواءا.. هدف اللعن الأساسي هو إلقاء الضرر على المتلقي، و هو بسيط.. اربط روحك باللعنة و نفذ الطقوس فحسب.. أما عن العلاج.. "

احتست القليل ثم واصلت

" أما عن العلاج، فسيكون على المتلقي ربط روحه باللعنة أيضا و هنا يبدأ التعقيد.. ببساطة، ما قمت باختباره حاليا يا فالفارو هو تواصل روحي مع روح قديمة.. بفضل أداة خاصة بتلك الروح - و التي كانت في هذه الحالة زيت عظام الملتهم - فأنت قد أشركت اللعنة معك.. مثل عقد تماما.. "

" بمعنى آخر.. أنت، أنا و اللعنة، أصبحت أرواحنا مترابطة في الوقت الحالي.. و ليكن في علمك أن هذا مزعج قليلا لسحرة اللعن "

زفرت بهدوء على كلامها، هذا الشرح لم يلمس الجواب الذي أريده.. مع ذلك أنا امتنعت عن السؤال من جديد تجنبا لإظهار جانبي الجاهل..

من بداية الطقوس إلى نهايتها، لقد مررت بالكثير و اكتشفت الكثير، الإفتراضات السابقة و التساؤلات عن لغة سولومون و أصل هذا العالم قد عادت إلي، فكرت لثانية قبل أن تقاطعني تارا..

" على أي حال فالفارو، لعنة 'قرين نييلا' تمتلك سمعة سيئة في مجتمعنا.. أتعلم لماذا؟ "

تارا لم تنتظر سؤالي عندما استرسلت على الفور

" هذه الروح لا تكتفي أحيانا بالمضيف و تطلب المزيد، حتى أنها قد تعود لساحر اللعنة نفسه و تلتهمه! "

" إذن.. حتى أنت في خطر الآن؟ " استفسرت فأجابت بعد رشفة

" ليس تماما.. كما ذكرت سلفا، إن هي إلا الرتبة الثالثة من اللعنة و أنا أقوى من أن تحتويني.. لكنني أوجه الكلام لك، إن حدث أي شيء غريب أثناء عملية العلاج فأطلب منك القدوم هنا فورا.. و حاول أن تبتعد عن ابنتك أثناء ذلك "

صمتت تارا لثانية ثم أضافت بابتسامة

" كما عليك الإبتعاد عن اللحوم و الأطعمة الروحية، أي شيء دسم سيهيج اللعنة! أعلم أن الشروط كثيرة لكن هذا هو الحال.. "

لم يسعني سوى التنهد على كلامها.. ألا أستطيع الإستمتاع برفقتي مع جيلا أو حتى طعام مارثا الآن؟ لذلك كان علي السؤال

" كم سيستغرق العلاج في نظرك؟ "

" لا أدري.. الأمر متروك للعنة في النهاية، قد تنتهي في هذه اللحظة أو ربما بعد أسابيع من يعلم! "

" هذا مزعج! " لم يسعني سوى العبوس

إستمر حديثي مع تارا لدقائق قليلة أخرى، حاولت استخراج معلومات إضافية عن الطاقة الملعونة و السحر، لكن النتائج لم تكن مرضية. كما سألتها أيضا عن إمكانية تطهير سكان المدينة باللعنات، تارا نعتتني بالغبي لحظتها و أجابتني..

كان جوابها متوقعا بعض الشيء، يبدو أنها هي و فالفارو بالإضافة إلى سكان آخرين يعدون على الأصابع هم الوحيدون في البلدة القادرون على تحمل شيء مثل لعنة. مع ذلك، فالفارو هو الوحيد القادر على تحمل لعنة و طاقة ملوثة في نفس الوقت.. و هذا كان نقطة إضافية لي.

لكن، و في خضم حديثنا، أوقفنا صوت غريب..

بلوب! بلوب!

" هاه؟ "

كان الصوت واضحا، مثل فرقعة متواصلة لفقاعات مائية تشكل من العدم..

" هوه لا تخبرني.. " همست تارا بدهشة، وجهها أوحى على علم قليل

بلوب!

كان الصوت يصدر فوق أذني تماما ما جعلني أقلق على الفور فسارعت للسؤال لتجيب تارا

" انتظر.. لا تتحرك " مثل همسة هادئة، و هل كان علي الهدوء مثلها؟

" ماذا هنا..! " نطقت ماونا من الجانب فأطبقت تارا على فمها فورا..

" هششش "

بلوب!

لم يستمر الأمر لثانية أخرى حتى تشكلت فقاعة غريبة فوق كتفي، بحجم كرة قدم، بدت فضية صلبة غير قابلة للكسر، و أيضا..

" اللعنة! " صحت بخفوت، لم يسعني كتم رد فعلي ناظرا إلى ذلك الشيء

نحتت الكرة ذات اللون الفضي فما عريضا لمفترس و عينين مغلقتين، لقد بدى نائما و هو يطفو فوق كتفي.. بذلك همست تارا

" لا أصدق! إنه تجسيد الروح.. لكن كيف؟! " أبدت نبرتها على سعادة و فخر لم أفهمهما..

" هل يمكنك الشرح يا سيدة تارا؟ " عبست و سألت

بقيت تارا تنظر إلى الكرة بعيون مترقبة لثوان ثم أجابت

" تجسيد الروح.. ستُعبر الروح القديمة عن حبها لمتلقي اللعنة عن طريق ظهورها للعلن، هذا ليس أمرا نادرا بالنسبة للعنات منخفضة المستوى.. لكن! " أفصحت تارا بدهشة واضحة

" قرين نييلا.. لا أعتقد أنه تم تسجيل تجسيد هذه الروح القديمة من قبل! ناهيك عن كون اللعنة من الرتبة الثالثة.. هذه حقا حالة شاذة! "

" و هل هذا شيء جيد أم سيء؟ " همست، خائفا و مترقبا من استيقاظ الكرة

" الأمر يعتمد عليك حقا يا فالفارو هذه المرة.. قد لا تستيقظ الروح أبدا، و حتى و إن فعلت قد لا تتحدث معك.. و إن حدث و تحدثت، سيكون عليك مسايرتها و الإهتمام بها.. "

" إزعاج آخر! " أمسكت رأسي في ذهول، ذلك عندما أضافت تارا

" آسفة يا فالفارو.. لا يوجد كتاب أو معلومات تشرح كيفية التعامل الأنسب مع قرين نييلا، سيكون عليك الإكتشاف بنفسك "

لم تساعدني كلمات تارا أبدا، بذلك بدأت أندم على اتخاذي السريع لقرار العلاج باللعنة!

أعني، لم أعتقد أن يسوء الأمر إلى هذا الحد! بداية بالشروط الغريبة ثم المخاطر و الآن هذا؟ ناهيك عن كونها روحا لم يتم تسجيلها.. هل أنا تميمة حظ سيء أم ماذا؟!

" ليس عليك القلق لهذه الدرجة! قد لا تستيقظ الروح أبدا كما أسلفت الذكر، و إن حدث، لا تغضبها فحسب و ستختفي في الوقت المناسب! " حاولت تارا مواساتي، لربما أشفقت علي بعد النظر في حالتي المزرية..

أخذت شهيقا هدأ حالتي و رفعت ابتسامة صغيرة لأجيبها..

" لا عليك سيدة تارا.. علي أن أشكرك على خدمتك الطيبة! "

أومأت تارا بالنفي قبل أن أسألها في فضول خالجني للتو..

" ماذا عن الناس.. هل يمكنهم رؤية هذه الكرة؟ "

" لا يوجد في بييك على حد علمي من يستطيع رؤيتها سوى أنا و أنت.. لذلك لا تقلق "

" حسنا " أومأت لها ..

......

ودعت السيدة تارا و ماونا بعد دقيقة أخرى من الحديث، بذلك خرجت من المنزل.. و يا لها مغامرة!

هل كان هذا اليوم الثاني أم الثالث؟ لقد شعرت بالفعل أنني عشت سنة في هذا العالم من كمية الأحداث الدخيلة التي سقطت علي.. اختبار اللعنة وحده قد عادل جميع الغرابة التي عشتها في عالمي السابق..

أخذت خطواتي مبتعدا عن المنزل، لم أعرف أين كانت تأخذني أقدامي مذ لم يكن عقلي يركز في الطريق حتى.. لقد كان هنالك الكثير للتفكير به، و أول شيء هو..

" لغة سولومون.. "

لم أستطع تجاوز الأمر عندما عبرت الإفتراضات عقلي مجددا، لم تكن لغة سولومون مفهوما حقيقيا في عالمي الأول. مع ذلك، لقد كانت المؤلفات و الكتب الخاصة به عبرية قديمة، و هذا ما استطعت ملاحظته من خلال الحروف السحرية..

' تبا ! '

بتذكري للحروف، تذكرت الإستبصار الضئيل.. لقد نسيت استخدامه بالكامل هناك..

تثاؤب

' لكن.. '

نظرتي وحدها كانت كافية، و السؤال الأهم الآن.. كيف وصلت العبرية القديمة إلى هذا العالم؟

" أراك غارقا في التفكير أيها الرجل الشاب.. "

" إييك! "

قفزت إلى الجانب في رعب.. حركت رأسي ببطء غير مصدق لما سمعته، أو ربما حاولت تكذيب أذني بتعبير أدق.. ذلك عندما رأيتها

" هل أخفتك؟ للمرة الثانية؟ هاهاهاها! "

ضحكت الكرة فوق كتفي و كأنها سمعت أطرف نكتة في العالم، أما أنا فأصبح وجهي فارغا..

لقد كانت تنظر إلي، بعينيها الدمويتين و فمها ذو أسنان المفترس.. كان صوتها أنثويا بوضوح عندما صاحت

" أنا جائعة! فلتطعمني يا.. "

قطعت حديثها لثانية

" ما إسمك أيها الرجل الشاب؟ "

بقيت صامتا للحظة، تذكرت ما قالته تارا بالحرف الواحد.. ' لا تغضبها فحسب ' ، هل كان الأمر سهلا؟ كان علي الرد عليها

" فالفارو.. " قلتها بتكذيب لنفسي و تكذيب للموقف الذي كنت فيه..

" من تخدع؟ أخبرني بإسمك الحقيقي اللعين! "

' اللعينة! ' اتسعت عيناي في ذهول.. هل كان اكتشافي بهذه السهولة؟

حاولت الهدوء قليلا، أفكاري لم تعد ملكي لسبب ما و أصبحت مشتتا بالكامل.. كان علي التفكير بعقلانية قبل التكلم، هكذا كان إيثان!

" ما الذي تعنينه بمن أخدع؟ هذا إسمي.. فالفارو " حاولت مجاراتها خوفا و ترقبا، بذلك تحركت الكرة لتلتصق بوجهي قبل أن تزأر بهدوء غريب

" لماذا لا تبدأ بطلب الرحمة عوضا عن اخباري بإسمك؟ "

' أهكذا هو الحال؟ '

أبعدت الكرة بيدي، رفعت ابتسامة واثقة، كاذبة، ثم رددت

" هذا ليس من اللباقة يا سيدة.. ما رأيك أن نأخذ الأمور بروية.. كأصدقاء مثلا؟ "

بدت الكرة هادئة و لم تنفعل، لم أعلم إن كان ذلك مجرد حصة تفكير منها أم هدوء ما قبل العاصفة.. لكنها نطقت بعد ثانية

" أتعلم.. أنت تذكرني بشخص ما "

' هل نجح الأمر؟ بهذه السهولة؟ '

أصبحت متفائلا قليلا، إجابتها لم تحمل أي نبرة تهديدية عكس ما كنت أتوقع، بذلك رفعت ابتسامة أكبر مؤكدا سؤالي

" إذن.. نأخذ الأمور بروية؟ "

" هاه، أيا يكن " زفرت الكرة بقلة حيلة

أصبح وجهي فارغا من جديد، لم أنتظر رد فعل مثل هذا.. هل هذه حقا اللعنة التي عظمت تارا من شأنها؟

في نفس الوقت غصت في تفكير عميق بينما نسجت الأسئلة داخل رأسي، هل يمكن أن تحمل هذه الروح بعض المعلومات القيمة؟

' على حسب ما أتذكر فقد قالت تارا أن روح نييلا قد عاشت قبل آلاف السنين.. '

كذلك شخصيتها التي لم أفهمها بعد، راودتني العديد من الأسئلة بشأنها.. هي التي قاطعتني

" لا تشرد في التفكير هكذا.. فأنت تذكرني بشخص آخر أكرهه! "

' أوه، هل بدأنا الشكوى؟ '

" حسنا حسنا " ضحكت بضعف..

" إذن.. أخبرني إسمك الحقيقي هذه المرة، و أحذرك.. سأعلم إن كنت تكذب " كان صوتها صلبا

لم أعرف إن كنت سأندم على فعلتي هذه لاحقا لكن لا طريقة أخرى للهروب منها للأسف سوى قول الحقيقة..

" إيثان.. " أضفت ابتسامة

" إيثان؟ هاهاهاها يا له من إسم سخيف! غيره! "

ضحكت الكرة بشدة، لم أعلم ما الذي جعلها تضحك هكذا لذلك بقيت هادئا، بل شعرت بالإمتنان لعدم قدرة الناس على سماعها..

" لقد بدأت فعلا تذكرني بذلك الشخص.. غيره! " أضافت بنبرة شرسة

' هي مصرة؟ ' عبست، يبدو أن هذه الكرة صعبة المراس حقا..

" أستميحك عذرا، لكن.. من هذا الشخص؟ " لم أمسك نفسي عن السؤال..

هل كان هذا الشخص مهما لهذه الدرجة؟ هل فعل لها شيئا لا تستطيع نسيانه؟ كان علي التحري في الأمر

" ما رأيك لو نغير الموضوع.. آخ لقد أخبرتك أنني جائعة! "

تجاهلت سؤالي؟

حسنا لقد بدأت أفهم شخصيتها نوعا ما، إنها مثل الفتاة الصغيرة العصبية! لا أعلم إن كنت سأصدق افتراض أنها تهدد فحسب و لا تنوي على شر، هي تبدو كذلك حقا.. مع ذلك، الحذر واجب.

" سأعطيك شيئا لتأكليه.. لكن ما رأيك في سؤال معه؟ "

" هات ما عندك فحسب.. "

' لقد فهمت! '

أو ربما لم أفهم تماما. على الأرجح فنييلا لا تستطيع التهام جسدي مباشرة، و هذا يفسر عدم فعلها لهذا حتى كونها جائعة.. أو ربما هي لا تريد ذلك لسبب ما، أفترض أن جسدي له قيمة لها.

" حسنا هنالك هذه الطاقة السوداء الغريبة في قدمي.. هي لك "

فور قول كلماتي، انخفضت الكرة لمستوى قدمي، أخذت نظرة واحدة ثم عضتني على الفور.. لم تكن العضة تحمل أي ألم لأنها لم تكن حقيقية بالطبع. و بعد ثانية واحدة فعلت الإستبصار الضئيل..

" مدهش! " همست لنفسي

' هيهي هل كان التخلص من الطاقة الملوثة بهذه السهولة أيضا؟ عصفوران بحجر! '

أعني، لم يعد هنالك شيء حقا! لقد كانت حقا ببساطةِ شرب الماء..

" حسنا.. أخبرني ما هو سؤالك و سأرى لو كنت أستطيع الإجابة عنه " ردت نييلا فور صعودها من جديد فوق كتفي

" هممم، أنا لا أملك سؤالا واحدا و إنما الكثير "

" إذن عليك إطعامي أكثر.. لا تظن أن تلك المقبلات الخفيفة كافية لسد جوعي.. " أجابت بوجه بارد

لقد كانت بالفعل فتاة متطلبة! وافقت على طلبها و سألت

" ما الذي يجعلك غير قادرة على التهامي مباشرة؟ ألا يمكنك ذلك؟ "

" هه.. هاهاه.. هاهاهاه! " ضحكت.. بل ضحكت بشر هذه المرة! جعلني ذلك أقلق قليلا لكنها أجابت

" دعني أخبرك شيئا أيها الجاهل.. " صمتت للحظة

" أتعلم.. منذ أن أصبحت شظايا روحي بيد هؤلاء السحرة و هم يلعنون أعدائهم ببساطة. أيعتقدون أن استخدام روحي مجاني؟ لم يعد هنالك أي احترام لأم الوحوش! "

" أنا.. نييلا كيو.. أحم! أنا، نييلا إمبراطورة قارة الوحوش، سأتجسد من جديد و أمسح البشرية.. سأعيد بناء أرضي و قومي من جديد! "

صمتت نييلا و قد أبانت ابتسامتها على فخر و عزة..

" لكنك لم تجيبي على سؤالي.. "

" أوه؟ "

هل نييلا هذه معتوهة؟ أعني، أنا أرحب بكلماتها على أساس معلومات إضافية، لكن.. علي أخذ إجابتي بالطبع!

" أستطيع التهامك في رمشة عين، لكنني اخترتك يا إيثان.. اخترتك لأنك تملك المقومات لإعادتي، أنا إمبراطورة الوحوش! "

لقد أجابت في النهاية، لكن إجابتها جعلتني أفترض افتراضا أخشى صحته، بذلك سألت

" هل هذا يعني أنني وعاؤك؟ "

" لا.. أنت مثل الجامع، سأجعلك تجمع الشظايا 17 من روحي.. عندئذ فقط قد تصبح وعائي! "

عبست على الفور..

" و الآن إلى المأدبة! " صاحت نييلا بإثارة

تجاهلت جملتها الأخيرة، امتلأ رأسي بالأسئلة في الوقت الحالي، لذلك أنا بحاجة إلى أجوبة و ليس أسئلة أخرى!

لم أكن أعلم حتى إلى أين تقودني قدماي فتوقفت مباشرة، نظرت إلى محيطي و من خلال ذاكرة فالفارو الخرائطية تعرفت على موقعي.. لقد كنت في شارع آخر يسمى بشارع أوريت، بعيد حوالي الربع ساعة من المنزل. مع ذلك، لم أكن أنوي العودة في هذا الوقت بلا إجابة واحدة على الأقل..

كنت أفكر منذ لحظات بالذهاب إلى مكتبة بييك و تفقد شيء ما، أقول شيء و أنا أعني خريطة العالم..

لربما كانت خريطة العالم هي الإجابة المباشرة على سؤالي الأول.. هل انتقلت حقا؟ أم أنني لا أزال في عالمي فحسب؟

لذلك أخذت خطاي إلى هناك..

......

لحسن الحظ فإن المكتبة لم تبعد كثيرا عن موقعي السابق، كان اجتياز شارع أوريت بالإضافة إلى شارع الستائر مثل جولة صغيرة، حوالي العشرين دقيقة فحسب قبل أن أجد نفسي عند مكتبة بييك..

و مثل مدرسة بييك، لقد كانت مطابقة في الفن العمراني القوطي، إلا أنها كانت صغيرة بكثير.. إستقبلتني بدرج رخامي قصير لأصل للبوابة..

تجاوزت البوابة، و قد كانت هناك قاعة واحدة غطت مساحة المكتبة بالكامل.. مثل ملعب صغير اصطفت عليه خزانات الكتب المفتوحة، لم يكن هنالك الكثير نظرا لحجم المكتبة، بين كل خزانة و خزانة رواق عريض ازدحم بالطاولات و الكراسي..

" ما الذي نفعله هنا مجددا؟ " أبان صوت نييلا على ملل واضح

" لقد أخبرتك، سنتفقد خريطة العالم.. أحتاج إلى إجابة! "

" اااخ فلتسرع إذن! " لقد كانت منزعجة بحق

تجاهلت شكواها و تقدمت إلى الداخل، كان هدفي البحث في الرفوف عن كتب جغرافية لكن ذلك لم يعد مهما بعد أن قابلتني خريطة عملاقة في جانب إحدى الجدران..

' أوه! '

تقدمت و وقفت مقابلا الخريطة..

" إنها.. "

ليست خريطة العالم! في الحقيقة هي لم تشبه أي خريطة رأيتها في أي مكان!

هل أجاب هذا على سؤالي؟ لست متأكدا بصراحة.. لكن ما فاجئني تاليا هو رد نييلا

" هذه الخريطة خاطئة.. "

" حقا؟ "

كانت الخريطة عبارة عن قطعة واحدة من الأرض، بشكل هلال سميك جدا، جزؤه المقعر قد واجه الغرب، بينما اكتنف المحيط الهلال من جميع النواحي..

" دعني أصحح كلماتي.. هذه الخريطة ناقصة، ناقصة بشكل كبير.. "

.........

2024/09/20 · 92 مشاهدة · 2483 كلمة
Lst Mbryo
نادي الروايات - 2024