مُسير العوالم

الفصل 629 - مدينة جاو لونغ

سرعان ما وجد لين مو مقهى شاي مزدحمًا على الطريق الرئيسي في مدينة جاو لونغ. كان المقهى يقع في الطابق الثالث من مبنى يطل على الميناء، مما أتاح لزواره فرصة التمتع بمنظر البحر الساحر.

لم يكن المقهى عاديًا؛ فمن مظهر رواد المكان، بدا أنه وجهة للأثرياء والطبقة الراقية. لم يكترث لين مو لتكلفة الشاي، رغم أنها بلغت قطعة ذهبية واحدة، وطلب طاولة في الشرفة المفتوحة التي وفرت له رؤية واضحة للمدينة ولحركة الناس في الأسفل.

بفضل بصره الحاد، استطاع لين مو أن يرى حتى أصغر التفاصيل، مثل نملة تزحف على الأرض. وبينما كان يراقب المكان، لاحظ أن أغلب سكان المدينة هنا من العامة.

"همم... يبدو أن أغلبهم من العامة" تمتم لنفسه بينما كان يستعرض المكان بنظراته.

أخذ لين مو يفحص الحاضرين باستخدام حواسه الروحية، ليكتشف أن أقوى شخص في المقهى كان في المرحلة المتأخرة من عالم تنقية التشي، بينما كان أضعفهم في المرحلة الرابعة من تقوية الجسد.

من جهة أخرى، لفت لين مو أنظار بعض النساء في المقهى، اللواتي لم يستطعن تجاهل وسامته، مما أثار غيرة الرجال المرافقين لهن. لكن نظرًا لأن لين مو لم يُبدِ اهتمامًا بأيٍّ منهن، تلاشت الغيرة سريعًا.

— تنهدات خفيفة —

بعض النساء في المقهى تنهدن متأثرات بما رأينه، وبدأن ينسجن قصصًا خيالية عن لين مو، مُتخيلات هويته وماضيه.

بينما هو غافل عن هذه الأفكار، جاء النادل ومعه إبريق الشاي وبعض المقبلات.

"تفضل، يا سيدي، هذا هو أفضل أنواع الشاي لدينا"، قال النادل وهو يضع الإبريق على الطاولة.

نظرة سريعة إلى الشاي أظهرت لونه الأصفر المخضر وأوراق الشاي الصغيرة التي كانت تطفو كعشب يتمايل في الرياح. ابتسم لين مو بفكرة خطرت له، ثم أخرج بضعة قطع من الفضة وسلمها للنادل.

"أنا جديد في المدينة وأود معرفة المزيد عنها. لمَ لا تجلس وتخبرني عن المكان؟"

"بالتأكيد، يا سيدي! سيكون من دواعي سروري!" أجاب النادل بسرعة.

أشار لين مو إلى الكرسي بجانبه، ثم ارتشف أول رشفة من الشاي.

'إنه... بلا نكهة؟' شعر لين مو بخيبة أمل. لم يكن خبيرًا في الشاي، لكنه كان يستطيع التمييز بين الشاي الجيد والرديء. لكنه فضل ألا يعلق، بل أومأ للنادل لمواصلة الحديث.

"سأبدأ بتاريخ المدينة إذن. تأسست مدينة جاو لونغ منذ أكثر من ألف عام، وتُعتبر من أقدم المدن في القارة"

ارتفعت دهشة لين مو.

"حقًا؟ لكن كيف تكون مدينة في مملكة صغيرة بهذا القِدم؟"

"آه، هذا سؤال شائع، يا سيدي. في الواقع، مدينة جاو لونغ أقدم حتى من عاصمة مملكة فينلونغ نفسها. كانت المدينة تُعرف بأسماء مختلفة مع تغير السلالات الحاكمة، وأطلق عليها اسمها الحالي قبل ثمانين عامًا.

اختارت الأسرة الملكية هذا الاسم ليعكس أملهم في أن تنهض المدينة كـ'تنين طافٍ' من البحر، تُبهر الجميع. منذ ذلك الحين، أصبحت ميناءً رئيسيًا للرحلات البحرية إلى مملكة الشمس الأولى"

أومأ لين مو برأسه وقال: "أكمل من فضلك"

استمر النادل في الحديث بينما كان لين مو يأخذ رشفة أخرى من الشاي، لكنه لم يشعر بأي فرق يُذكر عن الماء الدافئ. قرر تذوق المقبلات، وأخذ قضمة من أصابع العجين المقلية، التي كانت هشة وأعادت له ذكريات طفولته.

'تلك الأيام قد ولّت... الغرق في الماضي لن يجلب سوى المزيد من الحزن' قال لنفسه وهو يستعيد هدوءه.

تعرف لين مو من حديث النادل أن المدينة تُدار بواسطة مجلس من التجار بدلًا من حاكم واحد. حتى الملك نفسه لم يكن لديه سلطة كبيرة هنا مقارنة بالتجار الذين يسيطرون على الاقتصاد.

لكن رغم تبريرات النادل، شعر لين مو بأن الأمور هنا ليست كما تبدو وأن هناك شيئًا غامضًا يدور في الخفاء.

2024/11/21 · 46 مشاهدة · 551 كلمة
السيادة
نادي الروايات - 2024