ظلام
يد خشنة ودافئة أحسُّ أنها تمسك بجفني عيني وتقوم بفتحهما، أرى رجلاً ولكن ما أراه مشوش، ثم يبدو الظلام مرة أخرى بالسيطرة على عينيَّ والانتشار لأعود إلى الظلام.
وفي غرفة صغيرة كان هناك رجل ذو شعر أسود وعيون بنية وأنف متوسط الحجم، ولديه لحية ظاهرة على جانبي الوجه والذقن مغمى عليه، وهو على السرير.
وكان هناك طبيب يفحصه.
وكان جساس يجلس على كرسي على الجانب.
فقال الطبيب: "الصابة ليست قوية لذلك سيستيقظ عما قريب."
"شكراً لك أيها الطبيب."
"لا داعي للشكر."
بدأ الطبيب بلمّ أغراضه والخروج، وفي الخارج كان روميو وبيرم واقفان.
وعند خروج الطبيب دخلا.
"تكلم، يا روميو."
"أهو بخير؟"
رد جساس, "الله يعلم."
"سموك، لم تخبرنا بعد، لماذا قمت بإنقاله؟ لقد حاول سرقتنا."
"الشيء المؤكد الآن أنه لم يحاول سرقتنا."
فتح روميو، وظهرت علامات الاستغراب عليه وعلى بيرم. "كيف؟"
"إنه ساحر جن، ومن المستحيل أن يكون ساحر جن قاطع طريق. لابد أنه كان لديه أسباب، أو أن هناك شخصًا يعلم بأمرنا، أحاول قطع طريقنا."
لم يعرف روميو وبيرم ماذا يقولون ولكنهم سبب اختفاء الرجل عند وصولهما إليه.
بيرم: "إنه قوي جدًا. كنت أعتقد أن ساحر الجن ضعفاء."
"هذه مشكلتكم، أنكم لم تتعاملوا معه بجدية."
وبعد قليل، بدأ كارلوس بفتح عينيه ورفع رأسه وحاول القيام.
"What happened?"
تشيك
وقُام جساس سيفه على عنق كارلوس وهو ينظر إليه بعيون حادة وقال له,
"اللغة العربية هي محور العلم، والعلماء يستحيل عليك أن تكون ساحر جن رفيع ولم تحسن اللغة العربية."
رفع كارلوس يديه وهو يرتجف وقال,
"حسناً، أنت محق، فقط ابعد سيفك عني."
ظل ممعن النظر قليلاً ثم أنزل السيف على رقبته وسأله,
"لماذا قمت بقطع طريقنا؟"
"اشتريت سيفًا ودروعًا سحرية يمكنها إطلاق الطاقة الحرارية والباردة وردّ استخدامها في أقرب وقت. لأرى كفائتها. فعلمت أن هناك الكثير من التجار الذين يأتون من هذا الطريق، وقلت مع نفسي نبتكي سوف أتي معهم حراس، فقلت لماذا لا أجرب هذا السيف والدرع عليهم."
"مالذي يجعلني أصدق كلامك؟"
"لسبب بين الأول: أني ساحر جن، وأنت تعلم من المستحيل أن يوجد ساحر يعمل كقاطع طريق، الثاني: أنني قمت بأخذ هذه الدروع من حداد مشهور، يمكنني أن أصطحبك معي لتسأله."
وأثناء هذا الحديث، دخل روميو وبيرم. تكلم بيرم,
"هل استيقظ هذا الوغد؟"
ظهرت علامات الغضب على وجه كارلوس.
تكلَّم جساس.
"كَفَى حماقة، يا كارلوس، مهما كان عُذرُك، فأنت لَنْ تُفَلِتَ مِنَ العَقَاب."
"لَكِنّي لَمْ أَقْصِدُ سَرِقَتَكُم."
وَفِي رَمشِ عَين، قامَ جساسُ بِمَسْكِ وَجْهِهِ وَالضَغطُ عَلَيْهِ وَارتطَمَ في الحائِط.
"إنَّ أكثرَ النَّاسِ أبغِضهُم وَأكْرَههُم هُمَ أولئِكَ الَّذِينَ يفْتَعِلُونَ المُشاكِل مِنَ أجْلِ المَتَعَة، وَلا تَحْسَبْ أنَّكَ سَتَنْفَذُ بفعلَتِكَ بَلْ سَتُذْهِبُ مَعَنى كالأسير وَإنْ حاوَلْتَ الهُرُبَ فَمَصِيرُكَ هُوَ المَوْت، هَلْ تَفْهَمُ هَذا؟"
وَقامَ بَعْدَ ذَلِكَ بِامْساكِ وَجْهِهِ بِقُوَّةٍ لِدَرَجَةٍ أنَّ الجمجمة كَادَتْ أن تَتَفَطَّرَ بِيَدِهِ.
"حَسَنًا حَسَنًا، أُعِدُّكَ أنِّي لَمْ أفعَلْ هذا مُجَدَّدًا."
"ماذا؟ لَنْ تَفْعلْ هذا مُجَدَّدًا، يَبْدُو أنَّكَ لَمْ تَفْهَمْ كَلامِي بَعْدُ."
قامَ جساسُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَحْبِ كارلوس وَضَرْبِ رَأْسِهِ بِالحائِط.
"سَوْفَ تَذْهَبُ مَعَنا كالأسير حَتَّى نَتَأكَّدَ مِنْ مَصْدَاقِيَّتِكَ أثْناء الطَّرِيق."
شَعرَ كارلوس بِالانْزِعَاجِ جِدًّا وَلَكِن الظّرفَ الَّذِي كَانَ فِيهِ لَا يُسَمِّحُ لَهُ بِالتَّفَكُّرِ أو بِقَوْلِ "لا".
"حَسَنًا حَسَنًا."
قامَ جساسُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَرْكِهِ، شَعِرَهُ كارلوس كَما لَوْ أَنَّهُ نَجا مِنَ المَوْت.
"هِيا لِنَذْهَب."
"كَمَا تُرِيد."
ثُمَّ خَرَجَ جساسُ مَتْبَعَهُ كُلٌّ مِنْ روميو وَبِيرَم.
وَفِي ساحَةِ تَدْرِيبِ الإمبراطوريَّةِ كَانَ هُنَاكَ رَجُلَان يَقُفَانِ أمَامَ بَعْضِهِمَا، الأوَّلُ يَرْتَدِي درْعًا أَسْوَدَ وَاسْمُهُ عِرْفان وَهُوَ جُنْدِي مِنَ الكُتَيبَةِ الثَّالِثَةِ، وَالثَّانِي يَرْتَدِي درْعًا أَبْيَضًا وَاسْمُهُ حَرٌّ وَهُوَ جُنْدِي مِنَ الكُتَيبَةِ الثَّانِيَّةِ.
كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فِي السِّنّ خَارِجَ ساحَةِ التَّدْرِيبِ، صَرَخَ بِصَوْتٍ عَالٍ: "أَبْدًا!"
وَبَدَأَ القِتالُ بَيْنَهُمَا، وَالطَّاقَةُ الحَرَارِيَّةُ تَخْرُجُ مِنْ سُيُوفِهِمَا، وَيَتَصَادَمُ الاثْنانِ، وَعِنْدَ تَصَادُمِهِمَا انطَلَقَتِ الطَّاقَةُ الحَرَارِيَّةُ كالنَارِ، وَلَكِنَّ عِرْفان قَامَ بِتَغَيّيرِ مِسَارِ سَيْفِ حَرٍّ مَوْجَهٍ ضَرْبَةٌ نَحْوَ رَقَبَتِهِ، وَلَكِن حَرٌّ جَهَزَ ضَرْبَةً مُضَادَّةً جَعَلَ السَّيْفَ عِرْفان يَطِيرُ مِنْ يَدِهِ.
لِيَصْرُخَ الرَّجُلُ العَجُوزُ قَائِلًا: "انْتَهَى القِتال، الفَائِزُ في هَذِهِ الجولةِ هُوَ حَرّ مِنَ الكُتَيبَةِ الثَّانِيّة."
كانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يُشاهِدُ النَّزالَ الَّذِي حَدَثَ، شَعَرُهُ أَسْوَدٌ وَعَيْنَاهُ بَنَفْسَجِيَّةٌ، وَكَانَ يَقُولُ مَعَ نَفْسِهِ أَنّهُ عِرْفان، لَقَدْ اسْتَعَجَلَ في هَذَا القِتَال.
لو لم يستعجل في الهجوم، لكان النصر حليفه.
"انظروا من هنا، أحد الحمقى المشكوك بأمرهم إذا كانوا يجيدون استخدام السيف."
التفت نحو المتكلم فوجده أزور، وهو سياف بتلة فصل الصيف، البتلة الخامسة. لون شعره بني وعيونه خضراء، ونمط وجهه دائري.
"أولا، اسمي بطرس. ثانيا، لقد حصلت على رتبة رقيب المجموعة من قبل القائد إسكندر. أفهمت هذا؟"
"لديك لسان طويل أيها العامي."
شعر بطرس بالانزعاج منه، فأدار وجهه متجها نحو قاعة الكتيبة الثالثة.
"مهلا، أين أنت ذاهب؟"
لم يعطِ بطرس اهتماما لكلام أزور، وأكمل سيره. شعر أزور بالغضب، وتحلف لبطرس أنه سيجعله يندم في اليوم الذي قرر فيه استخدام الواسطة للدخول إلى الكتيبة الثالثة.
في الليل، اجتمع جميع أفراد الكتيبة الثالثة، وكان الكل يجلس عند طاولة معينة، وكان أزور مع رفاقه.
فقال لهم:
"اليوم سوف يأتي زعيم الإمارة الشمالية. بهذه الحال، يجب على أحد أفراد الكتيبة الثالثة أن يقوم بتعريف نفسه ويرحب كذلك بزعيم الإمارة الشمالية. فما رأيكم بأن نجعل بطرس هو من يفعل ذلك؟ فهو لا يجيد الشعر، والشعر مهم للترحيب بهكذا شخصية."
رد عليه أحد رفاقه وقال له:
"نحن جميعا معك."
انفتح الباب ودخل القائد إسكندر. شعره ابيض وعيونه حمراء، ونمط وجهه دائري، وكانت عليه ملامح الغضب. فذهب عند الطاولة التي يجلس عليها عرفان.
وقال:
"لقد وصل كلام إلى أذني ما أحببت أن أسمعه. فهل هذا صحيح؟"
"أنا أعتذر، أيها القائد."
ضغط إسكندر على أسنانه وقام بإمساك عرفان من شعره ورفعه إلى فوق، كان يرفعه ولا كأنه يرفع رجلا يبلغ من العمر 27 سنة ووزنه 80 كيلو وطوله 180. وضربه بقوة في الطاولة، وانكسرت الطاولة. شعر الجميع بالرعب والخوف من إسكندر.
زمجر إسكندر للجميع وهو يشير نحو عرفان ويقول:
"ما حدث اليوم لا أريد أن يحدث مرة أخرى. أفهمتم هذا أم لا؟"
قال الجميع وهم مرتعبون:
"حاضر سيدي."
"اللعنة عليكم جميعا، أنتم بلا فائدة. إن الكلاب تجيد العمل في حياتها أفضل منكم. فهم يأكلون وينامون ويتزوجون، وهذا المطلوب منهم في حياتهم. أما أنتم فلديكم مسؤوليات كثيرة، لديكم واجبات دينية وعملية يجب أن تقوموا بها لا أن تكونوا كالكلاب وتعيشوا مثلهم. تلك حياة الكلاب، أما أنتم متطلباتكم تختلف تماما. أتساءل حقا كم من الوقت تحتاجون لتفهموا هذا الكلام. عموما، سوف يأتي زعيم الإمارة الشمالية ولا أريدكم أن تخجلوني أمامه."
وأكمل بعدها كلامه بنبرة مرعبة وبنظرة حادة:
"وإن أخجلتموني أمامه، أقسم أنني سوف أريكم عقابا تتمنون الموت. لهذا، احذروا. والآن قوموا بتنظيف هذا المكان، وأنت يا عرفان يجب أن تتدرب وتصبح أفضل."
وجلس عند الطاولة التي يجلس عندها القادة الكبار للكتيبة الثالثة.
وقال:
"صحيح، لقد تذكرت. من منكم سوف يصعد المنصة ويعرف عن نفسه وعن الكتيبة الثالثة ويرحب به؟"
ساد الصمت المكان لحظات، وقاطعه هذا الصمت بعدها صوت أزور:
"يا سيدي القائد، أنا أقترح أن يكون بطرس هو من سوف يعرف عن نفسه وعن الكتيبة الثالثة ويرحب به. هو لديه فصاحة لغوية وبارع كذلك في الشعر. فما رأيك؟"
كانت ملامح الغضب لا تزال على وجه إسكندر، ولكنه من الداخل استغرب عندما سمع كلام أزور لأنه كان يعلم أن هناك بعض المشاكل مع بطرس، فاعتقده انهما اصباحا صديقان و ازور كتعبير عن صداقتهما قام بالانشاد ببطرس.
فقال:
"حسنا، يا بطرس."
قام بطرس:
"نعم سيدي."
"أنت من سوف تكون المتحدث. وأتمنى أن لا تخجلنا أمامه."
"حاضر سيدي."
جلس بطرس وهو منزعج من أزور، وكان يلعنه ويسبه مع نفسه لأنه منذ أن قام جساس بإحضاره وإدخاله للكتيبة الثالثة وأزور لم يتركه إلا وكان يبحث عن زلة له.
وبعد مدة قصيرة دخل شخص وقال:
"لقد أتى زعيم الإمارة الشمالية."
فقام إسكندر وتوجه نحو الباب ليرحب به، فقام جميع أعضاء الكتيبة بالوقوف احتراما له.
كان بطرس ينظر نحو الباب وهو يتذكر عندما كان في المنطقة الجنوبية.
كان دائما يتدرب ليصبح أقوى، وكان يقول مع نفسه أن هذا العالم يختلف عن حياته السابقة فيجب عليه أن يكون أقوى. وكان يسمع من الناس عن فارس نوركان الأقوى وزعيم الإمارة الشمالية الذي وصل لمستوى محارب مبارك، فقال مع نفسه لابد أنه سوف يلتقي به يوما ولربما يحدث نزاع، ولكنه لم يعلم أن لقائهما هكذا سوف يكون.
وانصدم الجميع عندما دخل. لقد كان ضخما جدا لدرجة أنه اضطر لخفض رأسه للدخول، ودخل وراءه مجموعة من الرجال.
كان شعره طويل ولون شعره بني مائل للون الأسود وعيونه زرقاء.
الاسم: رعد
اللقب: سبع الشمال
العمر: 50 سنة
قام إسكندر بالترحيب به فقال:
"أهلا بسبع الشمال في الكتيبة الثالثة."
وقام باصطحابه للطاولة الكبيرة للجلوس عندها.
فقام بعدها بطرس بالتوجه نحو المنصة وبدأ بالكلام:
"أنا بطرس من الكتيبة الثالثة ورُتبتي نقيب وعمري 30 سنة."
توقف بعدها بطرس عن الكلام وهو كان متوترا لم يعرف ماذا يقول بعدها، فنظر نحو أزور ووجده يبتسم ابتسامة ماكرة.
وعندما نظر نحو الطاولة التي يجلس عندها إسكندر وجد رجال الشمال وهم يبتسمون ويريدون الضحك عليه، حتى ابتسم رعد بذات نفسه. إسكندر كان يحاول إخفاء ملامح الغضب وهو كان يتحلف مع نفسه أنه إذا قام بإمساك بطرس فسوف يريه معنى الألم.
كان بطرس يريد أن يجيبهم شعراً من حياته السابقة، ولكنه محتار أي شاعر سوف يختار. وعندما رآهم يضحكون أتى بباله المتنبي.
فقال:
وجاهلٍ مدهُ في جهلهِ ضحكي ... حتى أتته يدٌ فراسةٌ وفمُ
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً ... فلا تظنن أن الليث يبتسمُ
ومرهفٍ سرت بين الجحفلين به ... حتى ضربت وموج الموت يلتطمُ
فالخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب والضرب والقرطاس والقلمُ
صحبت في الفلوات والوحش منفرداً ... حتى تعجب من القور والأكمُ
كم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم ... ويكره الله ما تأتون والكرمُ
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها ... ويسر الخلق جراها ويختصم
حملت أبيات المتنبي من الهيبة ما جعل جميع من في القاعة يندهشون ويتعجبون.
________________________________________________________________
لا تنسو الدعاء لهل فلسطين و اعتذر لان ما جاي انزل بسرعة اني حاليا داخل كورس تعلم رسم وكتابة🙂💙