4 - وجبة شهية يا أسيرولا (الجزء الثالث)

بطريقة أو الأخرى، يبدو أنني مُت مجدداً.

مدركةً ذلك، صحوتُ بحالة ضعيفة، ملقاة على عرشي—بالحكم من التفاصيل حولي، يبدو وأنه بطريقة ما فإني قد مت جوعاً هذه المرة.

الموت جوعاً، ليس ذلك عادياً.

أكلتُ ما يكفي من الوجبات مؤخراً.

هل أصابني الملل من تناول الطعام بانتظام وحننت لإحساس الجوع؟

"سيدتي، استيقظت؟"

كان الصوت موقراً، ذكياً، هادئ، مع حدة تلتفت لها الأنظار، كان "شبيه الاستوائي" يركع أمام العرش.

يبدو وأنه ظل بذلك الوضع طوال الوقت عندما كنت ميتة وحتى تحولي لمومياء، رأسه للأسفل طوال الوقت، لا بد وأن ذلك كان مؤلماً.

كان يحافظ على هذا الوضع حتى آمره بالتحرر منه—وجد قلبي محب الأذى ذلك المشهد ممتعاً، ولكنني أدركت أنه إذا ما استمر ذلك المشهد فلن أبارح العرش،

"أرني وجهك."

أخبرته.

كما وكأن ذلك كان شرفاً عظيماً، هز شبيه الاستوائي جسده ورفع وجهه—عندما نظرت لأسفل، تذكرت، "أه، صحيح، هذا هو مظهر خادمي الأفضل."

إذا أمكنني الشعور بهذا القدر من الانتعاش كل مرة ارجع فيها للحياة، فلا أمانع الموت حقاً.

الموت يكاد يكون من قوي مصاصي الدماء على كل حال.

حسناً، على الأقل، ليس شيئاً نحدث الضوضاء بشأنه.

بالرغم من ذلك، عندما نظر لي شبيه الاستوائي شعرت وكأن وجهه قد ارتاح بعض الشيء من قلق كان يحمله، كان وجهه يفيض بإحساس من الولاء تحديداً.

شبيه الاستوائي ساكن الموجة أوتار الكلب.

قلت إنه أفضل خدمي، ولكن من الأكثر دقة أن أقول إنه خادمي الوحيد—قبل زمن طويل، كان لدي العديد من الخدم، ولكنه أخر من أملك.

تسلق المراتب وأصبح الرقم واحد.

ولم يتبعه أحد—لم يتبق أحد.

لا أشعر بالوحدة هكذا، وبينما لا أتذكر الماضي البعيد، الآن بما أنني قد أتقنت القوة والخلود، لا أحتاج حتى لخدم—لكن بما أن وجه شبيه الاستوائي جميل، قررت أن ابقيه بجانبي في الوقت الحالي.

ليس وكأنه يسبب أي إزعاج، على كل حال.

حسناً، ليس فقط لجمال وجهه، إنه يعمل بجد ويدير قلعة الجثث بمفرده، بصراحة، أستطيع أن أقضي أيامي في راحة بسبب مساعدته.

بالرغم من أنه أمتلك طبع العمل الجاد من البداية، لا تستطيع القول إن التحسن في مظهره كان شيئاً من إنجازه—سيكون من الأصح القول إنه من إنجازي.

بكل حال، كان بشرياً بالسابق، بشرياً قمتُ بتحويله لمصاص دماء عبر شرب دمه—تحسين لحوم الجسد جزء طبيعي من التحول لمصاص دماء. بالطبع بما أن المواد الخام تلعب دوراً أيضاً، لا أنوي قول إن كل الفضل يرجع لي، ولكنه قد أخذ تلك العيون الذهبية الساطعة والشعر الذهبي مني.

"إذا لم تقتدري على الاستيقاظ بالكامل اعتقد أنه يجب عليك أكلي، سيدتي"

قال شبيه الاستوائي.

هذا الرجل تجسيد للولاء حقاً.

بإمكانك القول إن ذلك شيء طبيعي بالنسبة للخدم، ولكن أن يكون الوحيد الذي تبقي من الخدم بسبب ذلك الولاء شيءٌ يجعله حقاً نوعاً مختلفاً من مصاصي الدماء.

غير عادي.

غير عادي أكثر من الموت جوعاً.

غير عادي، ولكن غير مثير للاهتمام.

ليس كافياً ليكون له أي قيمة.

أحبذ الذين ينقلبون ضدي أكثير—بالرغم من أنهم يختفون واحد تلو الأخر بسبب تناولي لهم متي انقلبوا ضدي.

على النقيض، يريد مني شبيه الاستوائي أن آكله. لكن حالياً، سأقوم باعتباره كاحتياط للطوارئ على الأكثر.

بطريقة أو الأخرى، يبدو أنني سأحتاج لآكل احتياط الطوارئ هذه المرة—ماذا حدث؟

لا أقدر علي تذكر ظروف موتي أبداً. لذا، أن يخبرني شبيه الاستوائي بها لم يكن روتين كل يوم، ولكنه كان "روتين الموت" الخاص بي.

جزء من طقوس العودة للحياة.

"أنا أسف حقاً. تحرياتي حول السبب أخذت قدراً من الوقت. لذا لا أعتقد أن هناك طريقة أخري، يجب عليك تناولي، سيدتي."

يحاول أن يؤكل في كل فرصة مواتية.

لقد عدت تواً للحياة، لذا لا أشعر بالجوع حتى.

"سبب موتك هذه المرة يا سيدتي هو نقص الطعام—ملاحظتي متأخراً بهذا الشكل هي قمة الفشل، ولكن يبدو أن جميع البشر في المملكة قد ماتوا."

"البشر في المملكة كلها، ماتوا؟"

أنا من بين كل الناس، لا أقدر على التصديق.

لم أفهم كل ما كان شبيه الاستوائي يقوله، ولكنه قد أرجع بعض الذكريات المشوشة—ذكريات لجوعي وخروجي للأكل، ودهشتي بعدم وجود أي بشر بالخارج.

لا شيء ليؤكل.

ذكريات جوع وعطش—ذكريات بالجفاف.

"أحدثت حرب دون أن نلاحظ؟"

"ليس الأمر كهذا بالضبط"

نفي شبيه الاستوائي، وبدى عليه قدر من الأسف.

بدى وكأن قلبه يتوجع لمعارضة كلامي—حسناً، بإهمال ذلك السلوك شديد الولاء، فإنه محق.

لم أسترجع حدسي كاملاً بعد أن استيقظت، ولكنني قلت شيئاً أحمقاً—من الطبيعي أن يحظى البشر بالحروب ولكن حتى وإن خسرت هذه المملكة حرباً فإن البشر من الدولة المنتصرة سيأتون ليملئوا المكان الشاغر.

مع ذلك، أن ينقرض البشر لدرجة ألا يجد مصاصي الدماء طعاماً.. أكان طاعوناً؟

هل فسد جميع طعامي؟

"طاعون، نعم، بإمكاننا تسميته بالطاعون."

وافق شبيه الاستوائي بشكل هادئ.

وكأن قدرته على تأكيد كلامي كان أعظم متعة لديه، ولكنه قام بإخفاء ذلك.

"بالرغم من ذلك، أنه طاعون أسمه الجمال"

"ها؟"

"سيدتي، أتعرفين قصة الأميرة الحسناء؟"

2018/08/19 · 302 مشاهدة · 737 كلمة
HusseinK
نادي الروايات - 2024