انغمس فوزي في مكتبه يتفقد الوثائق وينظمها رفع راسه للساعة التي على الحائط انها الحادية عشر صباحا ،وقف ثم اتجه الى النافذة واخذ يحدق في المنظر البديع وهو يتمتم قائلا:(مش قبل سنة دي ليلة حب حلوة ....مش الف ليلة وليلة )اغنية للمطربة الراحلة ام كلثوم ،ثرررن ثرررن رن الهاتف فالتفتت عينا فوزي له مع لمحة من القلق جلس على الكرسي ونظم هندامه ووضع الهاتف على اذنه ،السيكرتيرة (سيد نجيب الرئيس حسني مبارك معك على الخط )،اتسعت عينا فوزي و تنهد ماسكا راسه ثم قال (صليني به)،(سيدي الرئيس كيف حالك الحمد لله ...نعم سيدي الرئيس هاذا صحيح....نعم....نعم....نعم.....شكرا لك سيادة الرئيس)ثم اغلق الهاتف واخذ تنهيدة طويلة نظر الى الصورة التي تجمعه بوالديه المصريين الذان اخذا كفالته واعتنيا به ثم امسك بقطعة حرفية مصنوعة من فخار لحصان يركبه رجل كان موضوعا على مكتبه ،فقربه من فمه ثم همس(انك فارس عظيم لكنك في عداد الموتى) ،رن الهاتف مجددا (سيد نجيب الرجل المسمى نيشي كاياما يريد مقابلتك)فقال لها وعلامات الضجر و الانزعاج بادية عليه (ادخليه الى غرفة الاجتماع)،وبعد لحظات دخل فوزي الغرفة ليجد رجلين يلبسان ملابس رسمية ركعا امامه بادين التحية ،لكن فوزي فرض نفسه عليهم وسلم يدا باليد ،جلس فوزي وجلس نيشي مقابلا له بينما بقي الاخر واقفا ،نيشي رجل ذو ملامح اسيوية شعر قصير املس وجسد ضخم حتى انه اطول من فوزي ،بدا الكلام بمدح ديكور الغرفة ثم اخرج نيشي مستندا ثم قال (اعلم ان دولتك تعاني من هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات والتي تاخذ النسبة الاكبر من الارباح من خلال ثرواتكم وهو ماياثر بالسلب على القدرة الانتاجية ويخفض بطريقة غير مباشرة من الدخل القومي لذالك لدي اقتراح ،مشروعين المشروع الاول هو استصلاح الاراضي الزراعية بافضل تكنولوجيا متاحة لمساحة تقدر بمئة كلومتر مربع بعد ثلاثين سنة من الان وستحصلون على 60٪ من الارباح اما المشروع الثاني فهو انشاء شبكة ضخمة من لوحات الطاقة الشمسية تقدر مساحتها مساحة 400 ملعب كرة قدم وسيكون بكامل حريتكم بعد 35 سنة من الان ومهما كانت الزاوية التي تنظر بها للامر فهو لصالحكم) القى فوزي نظرة على المستند ثم وضعه على الطاولة وشبك يديه ثم قال (كيف اخدمكم؟)ابتسم نيشي وقال (اريدك ان ترتب لي لقاءا مع نائب رئيس تركيا)فرد عليه فوزي (لاكون صريحا عرضك مغر جدا لكن كما تعلم لكل شيء تعمله ثمن ولكل شيء لا تعمله ثمن واذا حاولت ترتيب اللقاء فانا ساخسر اكثر مما انت ستخسر )نيشي (انا متاكد انه سيقبل فانتما تجمعكما صداقة )فوزي (وكيف لك ان تعلم ذالك)نيشي (لقد سمعت فقط)فوزي (وانا ايضا قد سمعت عنك خصوصا ما حدث بعد (ازمة 2008) يبدو انك لست الافضل عندما يتعلق الامر بتنمية الشركات المتوسطة )سكت الطرفان وبقيا ينظران لبعضهما وفجاة ضرب نيشي على الطاولة واخذ ينبح ويكشر عن انيابه تماما مثل الكلب !وبعد اربع ثوان وقف ونظم ربطة عنقه ثم قال (اذا غيرت رايك تعرف اين تجدني )ثم غادر لم يستدرك فوزي ماحدث امامه وهل كان مجرد تخيلات ام نبح امامه بالفعل ؟ نيشي معروف بسوء سمعته في عالم الاقتصاديات وما ان يندمج في مشروع ما حتى تحدث الكوارث ،خرج من السفارة واتجه لمطعم قريب وبينما هو ياكل جذب انتباهه على التلفاز متظاهرين تونسيين خرجو للشوارع وقد حملو لا فتات واعلام مطالبين بحقوقهم واسقاط النظام الظالم ثم قامت الشرطة برمي الغاز المسيل للدموع وضرب المتظاهرين ،فقال في نفسه ياللهول ! لقد كان كاظم على حق! اهاذا يعني ان القذافي.....ثم تذكر كاظم الذي تجمعهما صداقة طويلة الامد ولكن لاسباب خاصة ولكثرة اعداء كاظم اضطر للقيام بعملية جراحية ليغير ملامح وجهه ثم تخفى بين شوارع اسطنبول كمتشرد ويتصل بفوزي من وقت لاخر حتى يطلعه على اخر الاخبار، ولكنه انقطع عن الاتصال منذ اكثر من سنة والامر الاكثر غرابة ان خطيبته شهر زاد التي احبها كثيرا فسخت خطوبته ورحلت في نفس وقت اختفاء كاظم مما جعل فوزي يشعر بالوحدة ،فرن هاتفه فجاة انه كاظم!! انطلق مسرعا الى سيارته وبينما هو في الطريق راى على الجانب رجل يلبس بزة قرد ابيض يحمل لافتة فقال في نفسه كانني رايته من قبل نظر الى مراة السيارة فلاحظ سيارة رمادية كانت قد انعطفت معه مرتين ،فاخذ يمر بين الطرقات محاولا تضليلها ولما اختفت السيارة من وراءه تنفس الصعداء ،نظر على الجانب فاذا ببزة القرد الابيض مجددا فقال في نفسه اهو تميمة حظ لفريق رياضي ما ام تابع لماركة الشركات ،خرج من المدينة نحو الارياف تكاد لا ترى سوى مروج خضراء ومزارع،فاذا ببزة القرد الابيض على قارعة الطريق يحمل لافتة مكتوب عليها (انت ميت) وهو يلوح لفوزي ،وصل للمكان الذي تعود فيه على التقابل مع كاظم هبط من السيارة ثم اتجه امام شخص ما وتحدث معه لاربع دقائق وفجاة طاااب صوت طلق ناري جعل الطيور تنتشر فوق الاشجار ،سقط فوزي صريعا بينما الشخص المجهول دخل متخفيا بين الاشجار والاعشاب.

2019/08/20 · 326 مشاهدة · 734 كلمة
Samiedres
نادي الروايات - 2024