وقف نادر في مروج طويلة خضراء ونظر حوله فاذا بشخص جالس على فراش تحت شجرة ،اقترب منه فعلم انه الرجل العجوز الذي نادر في جسده ،طلب منه الجلوس فجلس، امسك العجوز بابريق موضوع على الفحم الملتهب وصب سائلا احمرا في كوب اضاف اليه بعض السكر ،ثم قدمه له وقال :(خذ تذوق الشاي على الطريقة التركية )،شرب نادر رشفة فساله العجوز :(اهو جيد؟) فاجابه :(نعم يا ....)فقال له (يمكنك مناداتي كاظم في الوقت الحالي)ثم صب كاسا لنفسه واستكمل:(لربما انت تتسال ما الذي تفعله في جسدي)ثم شرب وقال( لكن لاكون صريحا معك انا لا املك ادنى فكرة عن سبب هذه الظاهرة الا بضعة اشياء امثال تجربة... ) واكمل نادر(...الاقتراب من الموت) كاظم(هاذا صحيح فانا حاليا في جسد فتاة ما اعتقد ان اسمها فوفو اوشيء ما )نادر:(ايفا؟)،كاظم(نعم اعتقد ذالك)نادر(ايفا لا تزال حية؟؛) كاظم(نعم اذا اهاذا يعني انك قابلت داريوس؟ ) نادر(داريوس من ؟!) التفت كاظم وقال (ها قد جاء مجددا ) التفت نادر فاذا بالقرد الابيض ضاحكا مبتسما يلوح لهما ،ثم قال كاظم (لا اعرف ماقصة هاذا الشيء ولا اعلم ماذا يريد لكن حقيقة انه يثير اشمئزازي لا يمكن انكارها ) وبعدها صاح عليه( هي ! انقلع! اليس لديك زوجة وعيال تراهم في البيت انهم قلقون عليك )، فبدا القرد يلوح بكلتا يديه وكبرت ابتسامته على وجهه ثم قال كاظم (لنعد الى موضوعنا هناك نصيحة اريد قولها لك لمصلحتك بما انك في جسمي حاول قدر الامكان ان لا تحتك بالناس وتجنب كاميرات المراقبة واياك ان تتعامل مع سياسيين اوصحافة ) فقال نادر (لماذا؟)فاقترب منه ثم همس(سواءا صدقتني ام لا يمكنني القول انني املك القوة لتدمير العالم)ثم ضحك قائلا (امزح فقط امزح ولا كني جدي عندما اخبرتك ان تبتعد عن الصحافة اوكما اسميهم مصدر البلاوي لكنك يا نادر الاسوء بيننا عندما يتعلق الامر بالذاكرة) ،فساله:(ماذا؟ من تقصد بنحن؟)،تحول النهار الى الليل فجاة وتحول الجو الهادئ الى عاصف وبدآ يسمعان صياحا وصراخا غريبا وصاخبا ،فقال كاظم (اه علي الذهاب )لكن نادر بقي يساله (لا انتظر لم انتهي بعد ) ثم استيقظ وبعد اربع ثوان علم انه في سرير مهترئ في غرفة ضيقة ومعه ثلاث اسرة عليها رجال نائمون والشخير طالع للسماء فقال في نفسه يبدو انني لازلت في اسطنبول ،كان لايزال يتذكر المحادثة التي دارت بينه وبين كاظم ثم تذكر شيئين مهمين اولا ان روح كاظم في جسد ايفا والشخص المجهول داريوس، قام من سريره وتوضا وصلى كعادته فاذا بسمير احضر له دواء وقال له ( لقد لا حظت انك تسعل بشدة في الصباح فاحضرت لك بعض الزنجبيل مختلطة مع العسل لربما يهدا صدرك قليلا ) فاخذ الدواء وشكر ه ثم انطلق لعمله، كان يعمل معه في نفس الفوج رجل تركي في الثلاثين من عمره اسمه صبري بدون لحية مع شارب كثيف خدين واسعين ،بشرة بيضاء مع احمرار في الانف ورجل اخر اسمه خير الدين رجل ابكم عادة ما يضع كمامة في فمه و مجموعة من النساء اللواتي يكلفن بتنظيف وتحضير غرف الفندق ،بينما كان نادر يمسح ارضية احد المداخل اذا برجل يلبس ملابس رسمية يحيط به مجموعة من الرجال انهم حراس شخصيون لابد من ان هاذا الرجل ذا شان قال نادر في نفسه ،ثم راى امراة حسنة المظهر طويلة القامة قادمة من وراء ه شعر نادر وكانه راها من قبل تلاقت اعينهما لجزئ من الثانية ثم كسر راسه نحو الارض يكنس رفع راسه مجددا ونظر اليها فالتفتت تنظر اليه مجددا فكسر راسه نحو الارض مرة ثانية ،لقد تعرف نادر عليها بالفعل انها المراة التي عرضت عليه المال عندما كان في تونس ،ويالها من صدفة عجيبة ان يتلاقيا مجددا هنا في اسطنبول لكنها لن تتعرف عليه كونه في جسد اخر، جاءت فترة الغداء وراح يتجول في ارجاء المدينة ضجيج السيارات واعمال البناء وكلام الناس في كل مكان ،وصل الى حي شعبي تقليدي مع لمحة من الحضارة العثمانية مليء باصوات المارة ورائحة الاطعمة المطبوخة الزكية خصوصا الشورما الذي يسيل اللعاب فصاح عليه احدهم( كاظم!) ابصر نحو الصوت فاذا بسمير وصبري جالسين في احد المقاهي، قعد معهما وقال صبري (اذا كما قلت لك قبل قليل يا سمير نحن نعيش تحت حكم الطبيعة ليس حكم البشر فنحن اشبه بفيروسات تخرب الكوكب من نفايات الالمونيوم ذات كمية ضخمة في البحار التي تتسبب في موت الكثير من الكائنات الحية ،والتقطيع المفرط للاشجار ودعنا لا ننسى البقايا النووية فالطبيعة تنتقم منا بطريقتها الخاصة من اعاصير وزلازل وامراض مستعصية )فاجابه سمير :(لكنها تبقى فكرة خاطئة ان نعتمد على قانون الطبيعة كمرجع فالانسان قد ميزه الله بالعقل ولن تقدر مقارنته بالحيوانات التي تجد فيها سلوكيات شاذة جدا كان تاكل الام اطفالها او تجد خنزيرا اكرمك الله ياكل برازه ومجتمعاتهم همجية يقتلون فيها بعضهم البعض) فقال صبري( هنا اشرت الى نقطة مهمة ) ،فقال سمير (عذرا احتاج الى استعمال دورة المياه) ،التفت صبري لنادر ثم قال له (هل تعلم لماذا قتل قابيل هابيل؟)نادر(الغيرة والحسد اظن ؟)صبري (ساخبرك براي اعتقد انه قانون الطبيعة ولاوضح لك اكثر حتى ولو لم يقتل قابيل هابيل وقتها كنا لنشهد جرائم القتل والحروب على اية حال فالقتل من سنن الكون ولا يمكننا العيش دون ان نسلب الارواح فالاغنام تسلب حياة النباتاة لتاكل والحيوانات المفترسة تقتل الغزلان حتى يبقو على قيد الحياة فنفس الشيء للانسان ) فعدل جلسته ثم شرب الشاي واكمل( كثيرون يعتقدون ان الدين هو سبب الحروب امثال الحروب الصليبية لكن في الحقيقة لو لم يكن للانسان دين يحد من حريته كنا لنشهد جرائم اكبر بكثير مما هي عليه الان او عبر التاريخ فالطبيعة هي الكيان الموجود والملموس الذي لايمكننا مجابهته وقد يدمرنا في اية لحظة دون ان يترك لنا اثرا اذا تمادينا وتعدينا حدودنا ،اذا فالدين ليس مصدرا لفرض القيود على الناس كما يعتبره البعض وانما هو درع يحمينا من بطش الطبيعة وبطريقة غير مباشرة بطش الله عز وجل )شرب كاسه كله ثم استكمل:( وهنا التناقض بالنسبة لي انا استبيح القتل فلو قمت بقتلك هنا في هذه اللحظة فهل تعتقد ان الطبيعة ستحميك؟ )نادر تاه تماما في افكاره ولم يعرف ماذا يقول له بل واحس بنوع من عدم الراحة بسبب النظرة المليئة بغريزة القتل التي رمق بها صبري له ،شعر بانه جدي في كلامه وقد يقتله بالفعل.

2019/08/14 · 327 مشاهدة · 949 كلمة
Samiedres
نادي الروايات - 2024