كانت الساعة وقتها السادسة مساءً عندما وصلت كل من ناتسومي وكايا إلى أمام منزل عمهما برفقة لوسيل في سيارته...

نزل الثلاثة من السيارة ووقفوا أمام المنزل لتقوم ناتسومي بالضغط على جرس الباب...


لم يمض الكثير من الوقت حتى قامت زوجة عمهما بفتح الباب ،فلما رأت ناتسومي وكايا ابتسمت وقالت بترحيب رغم الحيرة التي بدت جلية على وجهها فهي لم تتوقع قدومهما أبداً في هذا الوقت: مرحباً... كيف حالكما اليوم؟

ناتسومي:بخير...ثم سكتت قليلا وسألتها ارتباك بدا واضحاً على وجهها:هل تاكيرو في الداخل؟

شعرت الخالة بالقلق وقالت: ما الأمر؟ هل حدث شيء ما؟

عندها تمسكت ناتسومي لتقول بانفعال وقد بدت على وشك الانهيار:شيء سيء حدث لأيامي! لقد كان تاكيرو آخر شخص معها لذلك من الممكن أنه يعرف شيئاً ما!

شعرت الخالة بالخوف ما إن سمعت هذا، وسألتها بقلق:ما الذي حدث؟!

فأجابت ناتسومي وقد لمعت تلك الدموع المتحجرة في عينيها:لقد قام أشخاص سيئون باختطافها...

وضعت الخالة يدها على فمها لتشهق بصدمة: أوووه..يا إلهي! هل أخبرتما الشرطة بذلك؟!


عندها وقف أمامها لوسيل ليقول بوقار:مرحباً سيدة كيريساكي،اسمي لوسيل جيرفييه وأنا محقق تابع لوزارة الداخلية...
ثم عرض عليها بطاقته الشخصية وأردف قائلا:جئت مع صديقتيّ الضحية من أجل التحقيق حول ملابسات اختطافها، لقد قالتا لي أنكم استلمتم في ليلة ما قبل الأمس طرداً به ورقتين جعلتا الآنسة تاكيزاوا تتصرف بغرابة. أرجو أن تطلعيني على تلكما الورقتين من فضلك...

أجابت الخالة بسرعة:أجل بالتأكيد...ثم أشارت إلى داخل المنزل وقالت: تفضل


دخل الثلاثة إلى الداخل وقد رافقتهم السيدة إلى غرفة الضيوف ليجلسوا على تلك الأرائك الجلدية السوداء..
غادرت الغرفة لدقائق وعادت بعدها ومعها ذلك الصندوق الخشبي الصغير الذي قدمته للوسيل...

فتح لوسيل الصندوق وأخذ تلكما الورقتين المطويتين ثم قام بفتحهما. نظر قليلا إلى الرسمة ثم رماها على فخذه بدون اهتمام..

نظر إلى الورقة التي بها الرموز،كان هناك ثمانية أرقام مكتوبة بخط كبير في منتصف الورقة وهي كالتالي (20 18 15 16 ) وفي زوايا الورقة الأربعة كانت توجد أربعة أحرف، كل حرف في زاوية، في أعلى اليمين كان يوجد الحرف Z وفي أعلى اليسار الحرف E وفي أسفل اليمين الحرف C وفي أسفل اليسار الحرف Z ....

نظر لوسيل إلى الورقة لبضعة دقائق ثم ضحك فجأة وقال: ما هذا؟ إنها تبدو كشفرة للأطفال!

عندها سألته ناتسومي بسرعة: هل عرفت ما تعنيه؟!

أجاب لوسيل باستهزاء:لقد استغرقت بعض الوقت أفكر في حلها، ظناً مني أن في الأمر تعقيداً ما ولم أتصور أبداً أن يكون غبياً لهذه الدرجة!

فسألته كايا بترقب: إذا...ما تفسيرها؟

أشار لوسيل إلى الأرقام في المنتصف وقال موضحاً: هذه الأرقام تشير إلى ترتيب الحروف الأبجدية. مثلا الحرف A يقابله الرقم 1 وهكذا...
هنا توجد مسافات بسيطة بين كل رقمين لذلك فهي تعني الرقم 20 أولا ويقابله الحرف T في ترتيب الأحرف الأبجدية، ثم الرقم 18 ويقابله الحرف R ثم الرقم 15 ويقابله الحرف O ثم أخيراً الرقم 16 ويقابله الحرف P وعندما نجمع الحروف تتكون لدينا الكلمة TROP وهي كلمة غير موجودة في اللغة، ولكن إذا ما عكسنا الحروف فستتكون لدينا كلمة PORT وتعني ميناء.

قالت ناتسومي باستغراب: الميناء؟

أجاب لوسيل بهدوء:لابد أن المقصود من هذا هو مكان اللقاء.

فسألته كايا مستفسرة:ماذا عن تلك الأحرف في زوايا الورقة؟

لوسيل: على الأرجح أنها تعني وقت اللقاء بالتحديد..

ثم نظر إلى الورقة مرة أخرى وقال مسترسلاً: في هذه الحالة سيكون الأمر معكوساً، إذ أن الحروف تعادل الرقم المقابل لها. بمعنى أن الحرف A سيعني هنا الرقم 1، لذا بالنظر إلى هذه الحروف فهي أن الحرف E يقابل الرقم 5 والحرف C يقابل الرقم 3 أما الحرفان Z فهما يعنيان الرقم صفر على الأرجح استناداً لكلمة zero في اللغة...
بعنى آخر...الوقت الذي تشير إليه هذه الحروف هو وقت إما أن يكون 03:50 أو أن يكون 05:30 وبما أن فترة اختفائها هي الخامسة فجراً بحسب كاميرات المراقبة، فعلى الأغلب أن الوقت المشار إليه في الورقة هو الخامسة والنصف فجراً....

قالت ناتسومي بتفكير:إذا..ذلك يعني أن علينا التحقق من الأشخاص الذين يعملون في الميناء فيما إذا رأوا شيئاً ما في ذلك الوقت!

لوسيل:أجل...سأحقق بشأن هذا بالتأكيد..

ثم سكت قليلا وقال: هل لي أن أسأل ابن عمك بعض الأسئلة؟

قامت ناتسومي من مكانها بسرعة لتقول:سأناديه لك حالا!


ثم أسرعت إلى غرفة تاكيرو وطرقت الباب بقوة، لتسمع صوته يقول بانزعاج:ادخلي هينا....ما الأمر؟!

دخلت ناتسومي بسرعة وقالت بنفس واحد وقد بدت منفعلة جداً: تاكيرو! لقد حدث أمر سيء، أيامي قد تم اختطافها من قبل عصابة خطيرة جداً!

سار إليها ووضع يده على كتفها ليقول بهدوء: فلتهدئِ أولا....لن أفهم الأمر إذا ما استمريت في الصراخ هكذا! ثم أضاف مستفهماً:ماذا بشأن أيامي؟

حاولت ناتسومي أن تتمالك أعصابها بصعوبة وقالت وهي تلتقط أنفاسها:لقد قامت عصابة خطيرة تعرف بالروك آندروك باختطافها وأخذها إلى خارج الأسوار..
ثم دمعت عيناها وقالت متسائلة بخوف: لن يقتلوها صحيح؟

تنهد تاكيرو بضيق ثم قال مطمئناً: لا تقلقي،إذا ما كانوا يريدون قتلها فسوف يقتلونها فوراً دون أن يكلفوا أنفسهم عناء أخذها إلى الخارج.

فشعرت ناتسومي بنوع من الاطمئنان وقالت برجاء: أرجو ذلك...

سألها تاكيرو باهتمام متجاهلا رجاءها:على كل حال،أخبريني كيف علمت بما حدث لها؟

ناتسومي: لقد تغيبت أيامي اليوم ولم نستطع الاتصال بها مهما حاولنا، لذلك ذهبنا لمنزلها لنتفقدها و هناك وجدنا الكثير من رجال الامن الذين كانوا يقومون بتفتيش المكان ،وقد أخبرنا محقق شاب كان معهم بشأن ما حدث لأيامي.

رد تاكيرو مستغرباً:محقق شاب؟

ناتسومي:قال إنه يتبع وزارة الداخلية، وأنه يحقق في قضية اختطاف أيامي لذلك أتى معنا من أجل أن يسألك بعض الأسئلة عن أيامي، فأنت كنت آخر شخص رافقها..

تفاجأ تاكيرو كثيراً من كلامها وقال بدهشة:أتى ليسألني؟ ثم سكت قليلا وسألها بتردد: ماذا قلتما له بالضبط؟

ناتسومي:لقد أخبرته فقط أنك كنت معها ورافقتها إلى المحطة قبل أني تختفي وتنقطع أخبراها، حتى أننا أريناه تلك الورقة التي بها الشفرة الغريبة..

ثم سكتت لثوان لتضيف بدهشة: أتدري؟ لقد استطاع حلها بسهولة!

تمتم تاكيرو بانزعاج: إذا فقد عرف بشأن تلك الشفرة الغبية!

عندها سألته ناتسومي باستغراب: هل تعلم حلها أنت أيضاً؟!

أجابها بلامبالاة:بالطبع! إنها شفرة للأطفال فحسب لذلك من الطبيعي جداً حلها!

ثم نظر إلى ناتسومي وسأل بانفعال متجاهلا حديثهما عن تلك الشفرة:ما الذي قاله؟ لماذا يريد رؤيتي؟!

استغربت ناتسومي من انفعاله وقالت بتردد:لقد..لقد أخبرناه أنك آخر من رأى أيامي منا، لذلك أراد أن يسألك فيما إذا لاحظت شيئاً غريباً عليها.

سكت تاكيرو وظل يفكر في كلامها للحظات ، لكنه تنهد بعمق وقال:حسنا... انتظريني في الخارج للحظة،سأبدل ملابسي وآتي حالا

ناتسومي:حسناً،لا تتأخر

أغلق تاكيرو الباب بعد غادرت ناتسومي الغرفة ثم سار على الفور إلى مكتبه...
فتح درج خزانته ثم أخرج منه ظرفاً مغلقاً ،أخرج سكيناً صغيراً لفتح الرسائل كان في الدرج أيضاً و سار إلى أحد زوايا الغرفة ثم رفع السجادة التي كانت على الأرض..

أخذ ذلك السكين ثم رفع به بلاطة كانت منزوعة من مكانها، ولكن ذلك لم يكن واضحاً أبداً...وضع الظرف أسفل البلاطة ثم أعادها إلى مكانها وقد بدت طبيعية تماماً..

أعاد ترتيب السجادة ثم قام من مكانه وبدل ثيابه بسرعة ليخرج بعدها من الغرفة ويقول لناتسومي بابتسامة حاول جعلها تبدو طبيعية قدر الإمكان: دعينا نذهب.

كان يقول في نفسه بقلق بينما يسير برفقتها: تباً.... أرجو ألا يكون الأمر كما أعتقد!


دخل كل من ناتسومي وتاكيرو إلى غرفة الضيوف ،ثم قال تاكيرو وهو ينظر إلى لوسيل باستغراب:مرحبا...هل أنت المحقق؟ تبدو صغيراً في السن...

ابتسم لوسيل وقال بهدوء:صغر السن ليس مقياسا لما يمكن للشخص فعله...

ثم سكت قليلا ليضيف بنبرة بدت أشبه بالسخرية: أتعرف أن كلا من روك آندروك وغري جيسون وسايشو سانفورد هم في الواقع محض شبان لم تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً؟
ثم ابتسم وقال وهو ينظر إلى تاكيرو بتمعن:وأعتقد أن كريس آردويك أيضاً مثلهم.

ابتسم تاكيرو وقال بهدوء عكس ما في داخله:همممم حقا؟ لم أتصور أبداً أن أشخاصاً بمثل خطورتهم يمكن أن يكونوا صغاراً في السن هكذا. ثم أردف متظاهراً بالقلق:ياله من عالم مخيف هذا الذي نعيش فيه!

نظر لوسيل إلى تاكيرو بحدة،كان تاكيرو يبدو هادئاً وطبيعياً جداً كأنما الموضوع لا يهمه أبداً...ونظر تاكيرو للوسيل ثم قال في داخله بغيظ:هذا الحقير،إنه كما توقعت تماماً. علي أن أتصرف بسرعة!

ابتسم لوسيل وقال وهو ينظر إلى تاكيرو بمكر:لقد سمعت عنك الكثير سيد كيريساكي، إنني سعيد جداً بمقابلتك!

لكن تاكيرو ابتسم وقال بمجاملة:شكراً لك...

لوسيل:حسناً....ثم قال متظاهراً بالخيبة:لكن من المؤسف أنني قد زرتك اليوم لأجل بعض التحقيقات. وسكت قليلا ثم أضاف قائلا:بنات عمك أخبرنني أنك كنت آخر شخص رأى الآنسة تاكيزاوا قبل اختطافها، هل لاحظت أي شيء غريب عليها عندما رافقتها؟

تاكيرو:لا أستطيع القول أن هناك شيئاً مميزاً قد لاحظته ،لكن كل ما في الأمر أنها كانت مضطربة جداً منذ أن رأت تلك الورقة التي تحتوي على الرموز، وحتى عندما قمت بتوصيلها،كانت تبدو قلقة ومتوترة طوال الوقت.

لوسيل:هل أخبرتك بأي شيء؟

تاكيرو:كلا...وأضاف بلامبالاة:ثم إن العلاقة بيني وبينها سطحيةجدا، لذلك لا نتحدث معاً إلا نادراً..

لوسيل: هل فهمت ما تعنيه تلك الرموز؟

سكت تاكيرو ونظر إلى لوسيل الذي كان يرمقه بابتسامة ماكرة، لكنه مع ذلك ابتسم وقال بهدوء دون أن يكترث لنظراته تلك:أجل بالطبع،لقد كان النمط المستخدم في تلك الشفرة واضحاً جداً،إنها مثل ألعاب الأطفال تماماً...

لوسيل:وماذا كانت تلك الرسالة المشفرة؟

تاكيرو:لقد كانت الأرقام ترمز إلى كلمة واحدة وهي الميناء،أما الحروف فهي تشير غالباً إلى توقيت ما بين الثالثة وخمسين دقيقة و الخامسة والنصف،هذا ما أعتقده.

تفاجأت كل من ناتسومي و كايا لما سمعتا ذلك وهتفت كايا بدهشة: إنه كما قال السيد جيرفييه تماماً!

لوسيل:جيد،إنك ذكي حقاً كما سمعت عنك...

أجابه تاكيرو متهكماً:تلك الشفرة السخيفة لا تحتاج إلى الكثير من الذكاء!

ثم سأل باستغراب:على كل حال،لا أستطيع أن أفهم كيف استطاعت عصابة خطيرة مثل الروك آندروك التسلل إلى داخل الأسوار؟

لوسيل: إننا نشك في وجود شخص ما متعاون معهم من الداخل، على كلٍ....الآن بما أننا عرفنا المكان الذي ستكون قد توجهت إليه، فمن الممكن تتبع آثار القضية بسهولة أكبر.

تاكيرو:أرجو أن تتمكنوا من إعادتها قريباً....

لوسيل: نرجو ذلك، حسناً...أعتذر منكم لكن علي الذهاب الآن...

غادر لوسيل الغرفة فلحقت به ناتسومي إلى أمام مدخل المنزل وقالت بارتباك: سيد جيرفييه...انتظر قليلا!
التفت لوسيل إليها وسألها باستغراب: ما الأمر آنسة كيريساكي؟

ترددت ناتسومي كثيراً قبل أن تقول برجاء :أرجوك أن تعطيني رقمك! أريد التواصل معك لأعرف بشأن آخر مستجدات القضية إن لم يكن هذا يزعجك،إنني قلقة جداً على أيامي لذا.

لوسيل: حسناً لا بأس....أعتقد أن ذلك سيكون أفضل فلربما تعرفن أنتن أيضاً أي شيء جديد عن الأمر ،لذلك سيكون من الجيد أن نبقى على تواصل..

أخرجت ناتسومي هاتفها وسجلت رقم لوسيل الذي أخذ يمليه عليها بروية، ثم ودعته وأغلقت الباب وراءه...
كانت تشعر بالكثير من القلق وقالت في نفسها، هل أنت بخير الآن أيامي؟ إنني قلقة جداً عليك، عليكِ أن تعودي سريعاً!



على تلك الطاولة الكبيرة في منتصف الغرفة،كانت ماي جالسة وحدها وقد بدت غاضبة جداً ومتضايقة....

سار إليها تايسكي بينما يحمل في يده فنجاني قهوة ثم قال وهو يضع أحدهما أمامها:ذلك يكفي ماي...لن يكون الأمر مثل المرة الماضية، سأراقبها بعيني جيداً، أنت تعلمين أن عيوني لا تكذب أبداً!

نظرت ماي إلى ذلك الدخان الذي أخذ يتصاعد من كوب القهوة أمامها للحظات،ثم قالت وهي تضغط على شفاهها السفلى بغيظ:أعلم هذا جيداً تايسكي، لكنني مع هذا لا أستطيع تقبل وجودها أبداً! كلما رأيتها تراءت في ذهني صورة تلك الحقيرة...

ثم أضافت بألم:و صورة دينيس وهو ملقى على الأرض وسط دمائه!

نظرت إلى تايسكي وقالت بقهر وسط دموعها التي أخذت تتدفق على خدها بغزارة:تايسكي..أنا لا يمكنني إبعاد تلك الصورة عن ذهني كل يوم! لايمكنني أن أنسى ذلك أبداً..أنا..أنا...

عندها وضع يده على كتفها وقال بتفهم: أفهم مشاعرك جيداً....
ثم سكت لثوان وأضاف بحقد لم يستطع إخفاءه أبداً:أنا أيضاً لا يمكنني نسيان ما حدث ولو للحظة. أريد أن أشرب دماء الذن قتلوا دينيس حتى آخر قطرة وأن أقطع أجسادهم بيدي هاتين....لكن مع هذا،لا أشعر أن تلك الفتاة ستشكل خطراً علينا، إنها تبدو مختلفة تماماً عن تلك الحقيرة.

ماي:ماذا لو كانت تمثل علينا؟ قد عاشت في المنطقة البيضاء لوقت طويل، ربما دربوها على التمثيل جيداً!

تنهد تايسكي بضيق وقال:على كل حال،سنستمر في مراقبتها في الوقت الحالي وسيتضح كل شيء عاجلاً أم آجلا...


عندها فُتح الباب الغرفة ليدخل شخصان إلى الداخل ويسيرا قليلا حتى وقفا أمام تايسكي وماي...

كان أحدهما شابا وسيماً بعينين خضراوتين حادتين وشعر أسود ناعم ،والأخرى فتاة قصيرة نوعاً ما بشعر أسود قصير جداً وعينين بنيتين ذابلتين وقد كانت تنظر إليهم ببرود.

قال تايسكي مرحّباً: مرحباً بعودتك ليو...هل أتممت المهمة؟

أجاب ليو ببرود وهو يجلس على أحد الكراسي إلى جانب ماي ويسند نفسه على مسند الكرسي : بالطبع فعلت،كوني قناصاً يحتم عليّ ألا أفشل أبداً.

تايسكي: وماذا عنك يولا؟ كيف سار الأمر؟

قالت يولا وهي تتثاءب: إذا لم أنجز مهمتي ما كنت لأعود إلى هنا الآن كما تعلم..
ثم سكتت قليلا وقالت باستياء: تباً إنني متعبة جداً! لم أنم ليومين وأنا أرصد الهدف حتى استطعت قنصه، إنه شخص حذر جداً ومزعج!

رد تايسكي بهدوء:ذلك واضح عليك،عليك أن تذهبِ إلى غرفتك للنوم الآن.

يولا: هل جيسي هنا؟ لقد طلبت منها أن تحضر لي بعض الأشياء من المحمية..

تايسكي:لقد عادت هي وجينيرو قبل قليل، كانا مصابين بجروح وكدمات في كل مكان من جسديهما لذلك ناما على الفور بعد أن قامت ليندي بمعالجتهما

عندها قال ليو بانزعاج: الأحمقين،هل دخلا في شجار مجددا؟ إلى متى سيظلان هكذا!

فقالت يولا بنبرة ساخرة:ربما يتغير العالم بأسره، ولكن لن يتغير هذان الاثنان أبداً!

رد تايسكي وعلى وجهه شبح ابتسامة:أنت محقة..

نظر ليو إلى ماي التي لم تقل أي شيء وقد كانت تبدو متضايقة جداً، فقال متسائلا: ما الأمر؟ هل حدث شيء ما؟


بدا أن ماي كانت تنتظر سؤاله ذاك، إذ أنها قالت بعصبية بينما ضربت الطاولة براحتيها في غضب:إنه بسبب ذلك الأحمق روك، لقد أحضر فتاةً أخرى لتنضم إلينا!

ثم أضافت بألم:أيريد أن يتكرر ما حدث لدينيس مرة أخرى؟ هل يمكنك أن تقبل بأمر كهذا؟ أخبرني ليو!

سكت ليو وقد بدا وجهه خالياً تماماً من أي تعبير ثم قال وهو ينظر إلى الفراغ: فليفعل ما يشاء، منذ أن مات أخي بسببه لم يعد يهمني أي شيء يقوم به.

نظر تايسكي إلى ليو بقلق وقال في نفسه:تباً، قد ظننت أنه سيكون غاضباً لكن تعابير وجهه تقلقني!

عندها قالت يولا محاولة تغيير الأجواء:من تكون تلك الفتاة؟

تايسكي: إنها ابنة تاكيزاوا شينسكي القائد السابق لحركة ثوار الشمال.وقامت الحكومة باختطافها من أجل استدراج رفاق والدها، لقد حدثت الكثير من الأشياء والخلاصة أنها ستبقى هنا معنا...

نظرت يولا إلى ليو وقالت بتفكير كأنما تنتظر تعليقه: همممم...ابنة ذلك الشخص؟ إنه من أكبر أعداء الحكومة لذلك يفترض أن تكون مثله صحيح؟

نظر إليها ليو بطرف عينيه ثم قال ببرود دون أن ينظر إليها: ذلك غير مهم..
قام من مكانه وقال بلامبالاة: الوقت متأخر الآن،سأذهب إلى غرفتي.



خرج ليو من الغرفة وسار في الممر باتجاه غرفته، عندها فُتح باب أحد الغرف فجأة وخرجت منه أيامي وقد كانت تحمل بعض الملابس المتسخة في يد، بينما تستند على العكاز بيدها الأخرى.

سارت قليلا في الممر لكنها توقفت مكانها ما إن رأته. كان ينظر إليها نظرة خالية من المشاعر ثم سألها بدون اهتمام: إذا...أنت تلك الفتاة الجديدة؟

أجابت أيامي بتردد: آه...أجل...

وضع يديه في جيبه ثم سار حتى تجاوزها وقال بلامبالاة دون أن ينظر إليها: عليك أن تكوني حذرة من فعل أي شيء غبي، الجميع هنا مستعدون لقتلك في أي لحظة إذا ما شعروا أنك تشكلين خطراً علينا.

قال هذا وانصرف دون أن ينتظر ردها، بدا كلامه أشبه بالتهديد رغم نبرته اللامبالية،فشعرت أيامي بالخوف من طريقة كلامه...

نظرت إليه...كان ظهره مقابلا لها، تلك العيون الخالية من الحياة أخافتها كثيراً، تعبيرات وجهه الخاوية وصوته الهادئ، وطريقة حديثه الباردة..

شعرت بنوع من القلق وقالت في نفسها: مازلت لا أعرف أي شيء عن هؤلاء الأشخاص، ثم نظرت إلى الملابس في يدها وقالت في نفسها بعد أن أخذت نفساً عميقاً كأنما كانت تحاول تشجيع نفسها: لا بأس...سيكون كل شيء بخير...أنا واثقة أنني سأتمكن من معرفتهم جيداً بمرور الوقت!


عندها فُتح باب الغرفة التي كانت بجانبها ليظهر روك أمامها...نظر إلى ساقها وإلى العكاز في يدها وقال: هل أنت بخير حقا؟

أجابت أيامي بابتسامة رقيقة: أجل..لا عليك.

اقترب منها ثم مد يده إليها وقال: دعيني أحمل هذه الملابس عنك

أيامي: آه...لا بأس حقاً...لقد كنت أقوم بمساعدة ألينا في تنظيف غرفتها، والآن سآخذ هذه الملابس المتسخة إلى حجرة الغسيل...
ثم أضافت بخجل:لكنني لا أعرف مكانها في الواقع...

ابتسم روك وقال وهو يأخذ منها تلك الملابس:لا بأس...سآخذك إليها.


سارت أيامي برفقته إلى غرفة كانت في نهاية ذلك الرواق الطويل ،وما إن دخلا إليها رأت أيامي خمس غسالات كانت موضوعة على جانب تلك الغرفة وأما الجانب المقابل فقد كانت هناك ثلاث آلات تجفيف بالإضافة إلى طاولة كي،وبجانب طاولة الكي كانت توجد حمالة ملابس حديدية كالتي تستعمل في متاجر الملابس وقد كان بها بعض الملابس المكوية التي كانت معلقة بها...

تفاجأت أيامي كثيراً لما رأت تلك الغرفة وقالت بانبهار:ذلك رائع حقاً، إنها مجهزة بكل شيء! كيف استطعتم جلب كل هذا؟

أجاب روك بتفكير:حسناً....هناك الكثير من الطرق التي يمكن جلب الأشياء إلى رونايدا من خلالها، يوجد العديد من التجار في العالم الذين يستعملون الموانئ البحرية من أجل أن يتاجروا ببضائعهم هنا في السوق السوداء بأسعار مرتفعة جداً، بإمكاننا إحضار أي شيء طالما نملك المال الكافي... الطعام، الملابس ،الالات، السيارات،الأثاث وأيضاً...الأسلحة والذخائر...

أيامي:همممم...هكذا إذا...

وضعت أيامي تلك الملابس في الغسالة وقامت بتشغيلها ثم وقفت إلى جانبها.عندها سألها روك: هل ستنتظرينها حتى تنتهي؟

أيامي:لا حل آخر،علي تجفيف الملابس بسرعة حتى لا تصبح رائحتها كريهة...

نظر روك إلى الغسالة للحظات ثم قال: ما يزال هناك وقت...ثم سكت قليلا وأردف قائلا وهو ينظر إليها باهتمام:سأخرج قليلا الآن...هل تريدين مرافقتي؟

استغربت أيامي من ذلك وسألته بحيرة:في هذا الوقت؟

أخرج روك علبة سجائر من جيبه وقال:سأخرج لأدخن ولأستنشق بعض الهواء في الخارج، هناك مكان جيد نستطيع الجلوس فيه...

ابتسمت أيامي وقالت:حسناً لا بأس..ثم سكتت قليلا وأضافت بنوع من العتاب:لكن عليك التوقف عن التدخين،إنه ضار بصحتك!

نظر روك إلى علبة السجائر ثم قال بإحباط:ما باليد حيلة، من الصعب جداً التوقف عن هذا...

ابتسمت وقالت وهي تنظر إليه بيأس:على كل حال...هيا بنا، أنا أيضاً أرغب في استنشاق بعض الهواء النقي...


سارت برققته إلى نهاية ذلك الممر وقد كان أمامهما بوابة حديدية كبيرة في منتصف الحائط...كانت هناك لوحة رقمية إلى جانب البوابة فقام روك بضغط بعض الأرقام فيها لتفتح البوابة على الفور...

خلف البوابة كان هناك درج طويل يؤدي إلى الأعلى وقد كان الدرج مضاءً بضوء خافت جداً.

صعدا الدرج معاً حتى وجدا أمامهما بوابة حديدية أخرى بجانبها لوحة رقمية، وقام روك بضغط بعض الأرقام مرة أخرى حتى فتحت تلك البوابة،ليجدا أمامها غرفة بها مكتبة كبيرة كانت توجد فيها الكثير من الكتب..

سارت أيامي برفقة روك إلى داخل الغرفة، وعندما ابتعدا عن البوابة أغلقت تلقائياً.
تفاجأت كثيراً لما رأت أن الواجهة الخارجية للبوابة كانت جزءاً من الحائط، لذلك بدا الأمر كأنه لا توجد بوابة على الإطلاق في تلك الغرفة، فقد بدا الحائط طبيعياً تماماً...

كانت تشعر بالذهول لرؤية كل ذلك لكنها لم تقل شيئاً، نظرت إلى الكتب من حولها وقالت باندهاش: ذلك رائع....يوجد الكثير من الكتب!

روك: هذه الكتب تخص ناوكو....إنها تحب القراءة كثيراً...

أيامي:همممم...هكذا إذا،ربما سأستعير البعض منها فيما بعد!

نظر إليها روك وقال بشك:هل يمكنك قراءتها؟ إن أغلبها بلغة رونايدا القديمة!

تفاجأت أيامي من كلامه وسألته بدهشة:حقاً؟ أهي كتب يابانية؟

نظر روك إلى الكتب بلامبالاة وقال:أجل..إن ناوكو أيضاً من السكان الأصليين وهي من القلة الذين ما زالوا يجيدون اللغة اليابانية.

أجابت أيامي بانبهار:ذلك رائع حقاً...إنني أيضاً من السكان الأصليين لكنني مع هذا لا أجيد اللغة القديمة جيداً...أعرف بعض الكلمات فقط!

نظر إليها روك وقال لها وقد شقت وجهه ابتسامة لطيفة:في هذه الحالة عليك أن تطلب من ناوكو أن تقوم بتعليمك!

شعرت أيامي بالدفء في تلك اللحظة، مازالت تلك الابتسامة الدافئة التي يملكها هذا الشخص تشعرها بالأمان كثيراً. لم تعلق على ما قاله واكتفت فقط بابتسامة رقيقة على وجهها وهي تنظر إليه باهتمام.


سار الاثنان إلى خارج الغرفة وهناك وجدا أمامهما الحانة الخاصة بناوكو...أمام الحائط الجانبي كان يوجد بار طويل مستطيل الشكل كانت توجد أمامه العديد من الكراسي الدائرية الطويلة..

خلف ذلك البار كان يوجد مطبخ صغير ورفوف كثيرة كان يوجد بها أنواع مختلفة من المشروبات، وقد كانت توجد رفوف أخرى بها العديد من الأكواب الزجاجية والصحون وبجانبها كانت توجد ثلاجة كبيرة.

أمام ذلك البار كانت هناك العديد من الطاولات الخشبية المستديرة المتوسطة الحجم، وحول كل طاولة أربع كراسِ خشبية...

أمامها مباشرة كان ذلك الباب الزجاجي الكبير وقد كان مغلقاً،بدا المكان مظلماً نوعاً ما بإضاءة خافتة جداً ولم يكن هناك أي أحد.

قال روك وهو ينظر إلى المكان: هذه هي الحانة التي تديرها ناوكو، لقد كانت هذه الحانة هنا في ستيلزيا منذ وقت طويل جداً لذلك لديها العديد من الزبائن. في العادة يكون المكان صاخباً جداً ومزدحماً حتى في هذا الوقت، لكن ناوكو لن تعود إلا بعد أسبوع لذلك قمنا بإغلاق الحانة، إنها الوحيدة التي تستطيع إدارة المكان بشكل جيد.

جأيامي:همممم....ثم نظرت حولها وقالت:يبدو المكان جميلا جداً!

روك:أجل، لقد نشأنا هنا جميعاً لذلك هو مثل المنزل بالنسبة لنا...

ابتسمت أيامي وقالت باعجاب:أجل...ذلك رائع!

سار الاثنان إلى ذلك الباب الزجاجي ثم أخذ روك المفتاح الذي كان معلقاً في حمالة المفاتيح إلى جانب الباب الزجاجي وقام بفتح الباب،ثم خرج الاثنان وقام بإغلاقه خلفه بالمفتاح...


كان الظلام حالكاً جداً بسبب الغيوم السوداء التي كانت تحجب ضوء القمر، لذلك لم تستطع أيامي التعرف على أي شيء من معالم المكان..

كانت تنظر حولها دون أن تقول شيئاً، وبين الفينة والأخرى كانت تنظر إلى روك في صمت. لم تكن ملامح وجهه واضحة لها لكنها كانت تستطيع استشعار وجوده من خلال ظله الطويل إلى جانبها، كان كتفها يلامس ذراعه أحياناً،لذلك كانت تشعر بالكثير من الارتباك والتوتر...

لم تعرف ما الذي تقوله أو ما الذي تفعله في ذلك الوقت، ذلك الصمت المطبق أربكها كثيراً، لم تكن تسمع سوى صوت أنفاسها وأنفاسه الهادئة،وصوت سيرهما على تلك الأرضية التي كانت مليئة بحطام المباني من حولهما.

سارا لبعض الوقت حتى وصلا إلى مكان بدا متسعاً نوعاً ما وقد كان واضحاً أنهما ابتعدا عن تلك المباني الكثيرة من حولهما...


في تلك اللحظة بدأت تلك الغيوم التي تغطي القمر المكتمل تنقشع شيئاً فشيئاً، حتى صارت الرؤية واضحة نوعاً ما. كانت تلك عبارة عن حديقة بدت مهجورة تماماً...

الحشائش العالية التي نمت في كل مكان، الأشجار المهملة، أرجوحة الأطفال في وسط الحديقة والتي نمت عليها الحشائش...
كانت بها أرجوحة واحدة فقط ما تزال في مكانها، أما الأخرى فقد هوى كرسيها الخشبي على الأرض، وثُبّت فقط من طرف واحد بتلك السلسلة الحديدية المهترئة، بينما ظلت السلسلة الأخرى تتأرجح مع نسمات الرياح لتصدر صوت صرير مرتفع بدا مخيفاً نوعاً ما...

ألعاب الأطفال الأخرى لم تكن أفضل حالاً، فقد كانت جميعها محطمة وتكاد تسقط في أية لحظة وقد نمت الحشائش في كل جزء منها...


سار روك قليلا وقد كانت أيامي تسير خلفه وهي تشعر بالخوف نوعاً ما،حتى وقفا أمام كرسي حديدي بمقعد خشبي وقد كان قديماً جداً..
كانت تلك الحشائش قد نمت حوله لكن مع هذا كان صالحاً للاستعمال نوعاً ما.

أشار روك إلى ذلك الكرسي وقال: يمكنك الجلوس...

جلست أيامي وجلس روك إلى جانبها، ليخرج سيجارته ويضعها في فمه ثم يخرج قداحته ويشعل تلك السيجارة ليبدأ تدخينها في صمت..


كان نسيم تلك الليلة الباردة منعشاً وعليلا، حتى شعرت أيامي بالهدوء نوعاً ما وارتخت على ذلك الكرسي..
كانت تنظر إلى سماء الليل الملبدة بالغيوم، و إلى ذلك الدخان المتصاعد المنبعث من سيجارة روك بين الفينة والأخرى...

كانت تستمع إلى أنفاسه المنتظمة في هدوء، لتبعث الأمان في نفسها... نظرت إليه وكان قد اتكئ برأسه على حافة مسند الكرسي بينما ينظر إلى السماء بهدوء...

ترددت كثيراً قبل أن تسأله:اممممم...سيد روك....

ضحك روك وقال متسائلا بتعجب:سيد روك؟ لا أعتقد أن ذلك يناسبني أبداً، تستطيعين مناداتي روك فقط...

أيامي:آه...ثم قالت بتردد: ر...روك...هل أستطيع أن أسألك سؤالا؟

ابتسم روك وقال:أجل...لا بأس.

أيامي:امممم...هل تعتقد حقا أنه لا بأس في بقائي هنا؟ ثم نظرت إلى الأرض وضغطت على ركبتيها بيديها في توتر لتتابع حديثها قائلة:أعني...أنا...


نفث روك الدخان من سيجارته ثم قال وهو ينظر إلى السماء مرة أخرى في هدوء غريب:هل تقصدين ما قالته لك ماي في ذلك الوقت؟

ارتبكت أيامي ونظرت إلى الأرض في حزن، عندها قال روك بعد أن أخذ نفساً عميقاً:لا تقلقي بشأن هذا...في الواقع...أعتقد أنه بدلا من لومك أنت كان عليها أن تلومني أنا...
ثم أضاف بنبرة حزينة: لقد كنت أنا السبب في موت دينيس! لو أنني لم أثق بتلك الفتاة وأجلبها إلى المقر، لو أن دينيس لم يقم بحمايتي وقتها...

ألقى السيجارة على الأرض وداس عليها بقدمه بقوة ثم قال وهو يضغط على أسنانه بألم: لو أن كل ذلك لم يحدث لما كان دينيس ميتاً الآن! إنني السبب في كل ما حدث لذلك ليس عليك أن تقلقِ بشأن ذلك،أنا واثق من أن ماي ستقبل بك قريباً.


سكتت أيامي قليلا ثم تنهدت بعمق وقالت:لا أعتقد أنه يجب أن تلوم نفسك أنت أيضاً، لقد أخبرتني ألينا أن دينيس كان يحبكم جميعاً ويهتم بكم كأخوته الصغار لذا...لا أعتقد أبداً أنه نادم على إنقاذك،على عكس ذلك تماماً...لابد أنه سعيد جداً لأنه تمكن من إنقاذ حياة أخيه الصغير الذي يحبه.

ثم نظرت إليه وأضافت بابتسامة حنونة:أعتقد...حتى إذا ما عاد دينيس للحياة مرة أخرى ووجدك في نفس الموقف، فهو سيضحي بنفسه مرات ومرات من أجل أن ينقذك، لذلك ليس عليك أن تلوم نفسك.
لقد فعل دينيس ما أراد فعله وقام بحماية الأشخاص الذن يهتم لأمرهم لذا...بدلا من الندم على ما حدث عليك أن تجعل من ذلك وسيلة لجعلك أقوى،من أجل أن تقوم أنت أيضاً بحماية الأشخاص الذين تحبهم..

ثم قالت بتفكير:ثم إنني أعتقد أنه ما زال حياً في قلب كل واحد منكم لذلك لن يموت أبداً!

نظر روك إلى الأرض وقال في نفسه بحزن: حي في قلبي هاه؟

ثم ابتسم بألم وقال دون أن ينظر إليها :شكراً لك...

قام من مكانه وقال وهو ينظر إليها بتلك الابتسامة الحزينة:علينا العودة الآن،لقد تأخر الوقت كثيراً...

نظرت إليه أيامي وقالت في نفسها بألم:أعتقد أن موت ذلك الشخص قد ترك في أنفسهم جرحاً عميقاً جداً من الصعب شفاؤه، حتى مع مرور كل هذا الوقت!

سار روك قليلا ثم نظر إليها مرة أخرى،كانت ما تزال جالسة على ذلك الكرسي وقد أسندت ذلك العكاز الخشبي إلى جانبها.

قال بهدوء: ما الأمر؟ لنذهب..آي...

تفاجأت أيامي من ذلك وسألت باستغراب:آي؟

ابتسم روك وقال: سيكون هذا اسمك من الآن فصاعداً، قد لا تعلمين ذلك لكننا جميعاً نستعمل اسماءً مستعارة. بما أنك واحدة منا فعليك أن تحظي أنت أيضاً باسم جديد....

ثم مد يده نحوها وقال بلطف:والآن تعالي، لنعد إلى المنزل...


قامت أيامي من ذلك الكرسي وسارت إليه بعد أن أسندت نفسها على ذلك العكاز من جديد، انتظرها قليلا حتى وقفت بجانبه، ليتابع بعدها السير مرة أخرى دون أن يقول أي شيء...

كانت تسير برفقته وهي تنظر إليه بين الفينة والأخرى بصمت.

رغم تلك المسافة البسيطة التي كانت تفصل بينهما إلا أنها كانت تستطيع الشعور بكتفه العريض إلى جانبها ،بدت ضئيلة جداً أمامه وقد كان أطول منها بكثير،ورغم أنها كانت تسير ببطء إلا أنه ظل يسير بمحاذاتها بالسرعة نفسها،دون أن يسبقها،ودون أن يقترب منها أكثر.


كانت تشعر بالسعادة في داخلها وقد تساءلت في نفسها بتفكير:واحدة منهم؟ ابتسمت بأمل وقالت في نفسها برجاء: كم أتمنى أن يقبلوا بي جميعهم قريباً...

ثم نظرت إلى سماء الليل المظلمة للحظات،لتمتم بتساؤل وبصوت غير مسموع:آي..هاه؟

*******

-ما رأيكم في البارت؟

-توقعاتكم للأحداث مستقبلا؟

-أكثر شخصية لفتت انتباهكم لحد الآن؟

-على ماذا يخطط المحقق لوسيل؟

أتمنى حقاً أن تدعموني بآرائكم وتوقعاتكم واقتراحاتكم أيضاً،أتقبل النقد البناء برحابة صدر فأنا كاتبة مبتدئة واطمح للتطوير من نفسي بقدر استطاعتي وشكراً لكم..


2018/03/24 · 443 مشاهدة · 4225 كلمة
NajwaSD
نادي الروايات - 2024