4 - زعيم المحمية البشرية (part 1)


مضى حتى الآن أسبوع منذ أتيت إلى هنا.


في الواقع، مازلت حتى الآن لم أتعرف على الجميع بعد، لكنني أستطيع القول أن ألينا صارت صديقتي المقربة،ورغم أننا لم نعرف بعضنا إلا منذ مدة قصيرة جداً إلا أننا صرنا نبقى معاً أغلب الوقت..

لقد عرفتني على دايكي وجيسي وجينيرو. هؤلاء الثلاثة لطفاء جداً ومرحون إلى أبعد الحدود،إنهم يحبون المزاح والضحك طوال الوقت، وقد كنت كثيراً ما ألعب الورق معهم رغم أنني كنت أسوأهم في اللعب!
الآن صرت أقضي أغلب وقتي مع هؤلاء الأربعة وقد أحببتهم كثيراً.


أما روك فأعتقد أنني صرت منسجمة معه هو أيضاً... مازلت حتى الآن لا أستطيع فهمه جيداً، لكنني أعتقد انه شخص طيب جداً في واقع الأمر، وقد تقبل وجودي واعترف بي منذ البداية.

لقد اكتشفت فيما بعد أن ذلك الشخص الغامض الذي قابلته في الممر في ذلك اليوم هو ليونيس، القناص الخاص بالروك آندروك، وأيضاً الشقيق الحقيقي لدينيس الذي رحل قبل ثلاث سنوات. بدا أنه غير مهتم لوجودي أبداً،أو بالأحرى غير مهتم لأي شيء من حوله.
لكنني لاحظت أن علاقته بروك سيئة جداً..أعتقد أنه يلومه بسبب موت شقيقه الوحيد!


منذ أن بدأ روك بمناداتي بآي صار الجميع ينادونني آي أيضاً، كان من الصعب جداً في البداية أن أعتاد على هذا لكنني بمرور الوقت صرت تقريباً معتادة على اسمي الجديد..

********

كانت جالسة على ذلك الكرسي الحديدي في العيادة وقد كانت ليندي جالسة أمامها على الأرض، تفك الشاش الملفوف حول ساقها..

لما رأت الجرح ابتسمت وقالت: إنه جيد الآن،سأكون قادرة على إزالة الغرز قريباً، ربما سيستغرق الأمر ثلاثة أيام أخرى فحسب.

آي:حقا؟ ثم أضافت براحة:اخيرا!

ليندي:المهم ألا تضغطِ على الجرح كثيراً.

سألتها آي بتذمر:هل علي أن استمر في استعمال العكاز؟ إنه يضايقني كثيراً وأعتقد أنني قادرة على السير وحدي الآن!

أجابت ليندي بتفهم:حسناً لا بأس،بما أنك تشعرين أنك بخير فيمكنك التوقف عن استعماله، لكن مع هذا لا ترهقِ نفسك كثيراً.

ابتسمت آي وقالت:أجل...شكراً لك ليندي.

وضعت ليندي لاصق الجروح على ذلك الجرح وسألتها قائلة: من ستعد الفطور اليوم؟

آي:إنه دور ميسا.

ليندي:هممم...حسناً...ثم ابتسمت وقالت: اليوم ستأتي ناوكو وستحضر معها سريرك،لن تضطرِ للنوم وحدك هنا في العيادة بعد الآن.

آي:أجل...لقد أخبرتني ألينا بهذا،إنني متشوقة جداً للقائها!

ليندي:وهي أيضاً...لقد كانت تسأل عليك طوال الوقت،أنا واثقة من أنك ستحبينها كثيراً.



خرجت آي من العيادة وقد كانت تسير وحدها دون الاعتماد على العكاز رغم أنها كانت تعرج في سيرها نوعاً ما.
ولما كانت تسير في الممر رآها جينيرو فأقبل إليها وسألها بقلق:هل أنت بخير الآن آي؟ أمن الجيد أن تسيرِ وحدك؟

نظرت إليه وقالت بابتسامة:لا تقلق جينيرو،لقد قالت ليندي أنه لا بأس في أن أترك العكاز،كما أنني أشعر أنني بخير بالفعل.

جينيرو:ذلك جيد....

ثم أضاف بتذمر وهو يسير إلى جانبها:العكاز مزعج جداً! لقد أصبت في قدمي مرة واضطررت لاستعماله، لذلك أفهم شعورك جيداً!

ضحكت آي وقالت:أستطيع أن أتخيلك وأنت مقيد به،أعتقد أنك عانيت كثيراً فأنت لا تحب البقاء في مكان واحد طوال الوقت!

ابتسم جينيرو وقال:أنت محقة،لقد كان كالجحيم بالنسبة لي!

ثم سكت قليلا وقال فجأة:آه تذكرت! علينا الذهاب إلى غرفة الطعام فالفطور جاهز. اسبقيني إلى هناك،سأذهب لأنادي ليندي.

آي:حسنا،أراك لاحقا



سارت آي إلى غرفة الطعام وهناك كان الجميع مجتمعين على طاولة الطعام المستديرة، والتي كانت في منتصف تلك الغرفة الكبيرة.

كان يوجد خلفها مطبخ صغير ورفوف كثيرة بها الكثير من الأطباق، وخزانة بها أوانٍ مختلفة بالإضافة إلى ثلاث ثلاجات كبيرة.


نظرت آي إلى الجميع وقالت بابتسامة:صباح الخير.

رد أغلبهم عليها،فجلست على كرسيها إلى جانب ألينا وبجانبها الآخر كان يجلس روك.
لما رآها قال لها بتساؤل:ألن تستعمل العكاز بعد الآن؟

آي: لقد أخبرتني ليندي أنني أستطيع تركه.

روك:همممم...ذلك جيد.


بدأ الجميع في تناول الطعام بعد أن أتى كل من جينيرو وليندي وقد كانت أصوات أحاديثهم تصدح في الأرجاء،كانت هذه عادتهم في كل وجبة أن يتناولوا طعامهم معاً ثم تتعاون الفتيات بعد ذلك في تنظيف المطبخ، وقد كن يتناوبن على إعداد الطعام.
إلا جيسي بالطبع، والتي لم تكن تجيد أياً من هذه الأمور!


بعد أن انتهين من تنظيف المطبخ أقبل إليهن دايكي وقال:هيي آي...لقد وصلت ناوكو وهي تريد رؤيتك، إنها مشغولة في الأعلى في الاعداد لافتتاح الحانة من جديد، لذلك لا تستطيع القدوم إلى هنا.

قالت آي بسعادة وهي تمسح في يدها المبللة من الغسيل: حقا؟ سآتي حالا!

ألينا: انتظري...سآتي معك.



كانت ناوكو واقفة خلف ذلك البار وقد كان ظهرها مقابلا لهما، اقتربتا منها ووقفتا أمام ذلك البار لتقول ألينا بمرح:مرحباً ناوكو.

التفتت ناوكو إليهما وقد ارتسمت ابتسامة لطيفة على وجهها...شعرت آي بالراحة كثيراً ما إن رأتها.


كانت تبدو امرأة في منتصف الأربعينات من عمرها، وقد بدت لطيفة جداً بتعابير وجهها الهادئة والحنونة وابتسامتها الدافئة.
عيونها الزرقاء الذابلة وشعرها البني متوسط الطول الذي شدته إلى الخلف،وتلك التجاعيد الخفيفة إلى جانب عينيها..

كانت ترتدي بنطالا من الجينز الأزرق، وقميصاً أسوداً طويلاً كان يصل إلى فخذها، و فوقه كانت ترتدي مئزراً أبيض اللون.


نظرت إلى آي وعلى وجهها تلك الابتسامة وقالت: أنت آي أليس كذلك؟

ابتسمت آي في خجل وقالت:أجل.

أشارت ناوكو إلى تلك الكراسي الدائرية الطويلة الموضوعة أمام البار وقالت: اجلسا..

لتسألهما بعد جلوسهما:هل تريدان أن تشربا شيئاً؟ ثم ضحكت وأضافت بمزاح: مازلتما قاصرتين لذا لن أعطيكما مشروباً كحولياً،عليكما أن تفكرا في شيء آخر.

ابتسمت آي وقالت:لا بأس بأي شيء.

قالت الينا بسرعة: أعدي لنا الشاي الأخضر. وأضافت موضحة لآي:الشاي الذي تعده ناوكو لذيذ جداً،أنا واثقة من أنك ستحبينه.

ناوكو:حسناً،سأعده لكما.


فقامت بإعداد الشاي ووضعته أمامها، ثم جلست على الكرسي الدائري الطويل الذي كان موضوعاً خلف البار مقابلا لهما وسألت آي باهتمام: كيف أنت الآن؟ هل انسجمت مع الحياة هنا؟

آي:أجل..إن الجميع لطفاء جداً معي، لقد أحببتهم كثيراً.

ابتسمت ناوكو وقالت:أنا واثقة من أنك ستنسجمين معهم كثيراً،بالرغم من الوضع الذي يعيشونه إلا أنهم في الواقع طيبون جداً،إنهم جميعاً مثل أطفالي تماماً.

ابتسمت آي وعلقت بود: أجل، إنهم جميعاً يعتبرونك أما لهم.

عندها قالت ناوكو بعطف:لقد أخبرني تايسكي بقصتك،لابد أن الأمر كان صعباً جداً عليك أن تعيشي كل ذلك الوقت لدى الحكومة.


نبرة صوت ناوكو الحنونة أشعرت آي برغبة في البكاء،للحظة تذكرت تلك الأيام المريرة التي قضتها في المنطقة البيضاء في خوف وذل.

تمالكت نفسها وقالت بصعوبة وهي تكبت دموعها داخلها: أجل، لقد كان ذلك صعباً جداً!


ابتسمت ناوكو ثم سارت إلى آي ووقفت إلى جانبها، لتضع يدها على ظهرها وتنحني إليها حتى صار وجهها قريباً من وجهها ثم قالت بحنان:لا تضغطِ على نفسك يا عزيزتي،إذا ما شعرت برغبة في البكاء فيمكنك البكاء في أي وقت،أنت الآن بين عائلتك لذلك جميعنا سنقوم بمسح دموعك عندما تبكين، وسنواسيك عندما تشعرين بالحزن.

ثم ابتسمت وأردفت قائلة:هكذا هي العائلة كما تعلمين!

هتفت آي بدهشة:العائلة؟


وقبل أن تدرك الأمر أحست بتلك الدموع الساخنة تنهمر على خدها ببطء..
أخذت تقوم بمسحها وتقول محاولة تدارك الأمر:آه...لا أعلم لماذا..أنا فقط...

عندها قامت ناوكو بوضع يدها خلف رأس آي، لتضعه على صدرها برفق، وتقول بحنان:لا بأس، ليس عليك أن تكبحِ نفسك أكثر.

أرادت آي أن تتمالك نفسها لكنها لم تستطع، وأخذت تبكي بحرقة بين يدي ناوكو التي أخذت تربت على ظهرها في حنان.


بكت آي كل الدموع التي كانت قد كبتتها طوال سنواتها الأربع في المنطقة البيضاء،والدموع التي كبتتها بصعوبة عند موت عمها.
صورته وهو ميت أمام عينيها لم تغب عن بالها أبداً، وقد أرادت في تلك اللحظة أن تنفس عن كل ذلك الحزن والألم الذي شعرت به لما فقدت الانسان الذي قام بتربيتها ورعايتها منذ أن كانت طفلة صغيرة ...

أرادت أن تخرج كل شيء كانت قد حبسته في قلبها، الخوف، والذل، والرعب الذي عاشته هناك...

وكذلك الأمل الذي كان يملؤها كل يوم بأن تتخلص من تلك الحياة البائسة ولكن دون جدوى..



قالت بألم وسط دموعها وبصوت خنقته عبراتها:لقد كنت خائفة جداً طوال الوقت،لم أعرف أبداً ما علي فعله، كنت وحيدة،انتظرت طويلا أن يأتوا لإنقاذي لكن أحداً لم يأتِ...لكن...لكن عندما قدم عمي أخيراً بعد كل تلك السنوات قاموا بقتله!

ثم أضافت بصوت متقطع باكي:لقد رحل! لن أستطيع رؤيته بعد الآن أبداً. ثم شهقت وقالت:صرت وحيدة الآن!

ابتسمت ناوكو وقالت بحنان:لا بأس...أنت لن تكونِ وحيدة بعد الآن أبداً،الجميع إلى جانبك،إنهم عائلتك وسيبقون معك دائماً...


نظرت آي إلى ناوكو بشك، فقامت ناوكو بمسح دموعها وقالت:اطمئني يا عزيزتي..حتى إذا كان الأمر صعباً في البداية،أنا واثقة جداً من أنك ستحبينهم جميعاً،إنني أعرفهم جيداً منذ وقت طويل جداً، وهم لطفاء حقاً...
ليس عليك أن تكوني قلقة بعد الآن.

مسحت آي ما تبقى من دموعها لتقول في خجل وقد تداركت نفسها:أنا آسفة حقاً،لم أستطع أن أتمالك نفسي.


عندها قالت ألينا التي كانت تنظر إليهم مبتسمة:لا بأس آي، إن الأمر كما قالت ناوكو تماماً،ليس عليك أن تقلقِ من أي شيء معنا،إذا ما شعرت برغبة في شيء ما فلا تكبتِ مشاعرك... سنكون إلى جانبك وسنستمع إلى كل ما تريدينه!

ابتسمت آي وقد شعرت بسعادة عارمة في داخلها لتقول براحة:أجل..




في ذلك الوقت، وخلف ذلك الباب الجانبي المؤدي إلى الحانة كان روك واقفاً بالقرب من الباب المفتوح وقد كان متكئاً على الحائط..

كان دايكي جالساً القرفصاء إلى جانبه وقد استمعا إلى حديثهن.
فقال دايكي بتفكير:هل تعتقد أن الأمور ستسير على ما يرام حقا؟ أعني،حسنا...ما تزال ماي ترفض وجودها.

زفر روك بضيق وقال:لا أعلم حقاً،لا أعتقد أبداً أن آي مثل تلك الحقيرة، أريد لماي أن تصدق هذا أيضاً لكن...

أطلق دايكي تنهيدة طويلة ثم قام من مكانه وقال: أعتقد أنني سأغادر من المخرج الآخر،يبدو الحديث بينهن عميق جداً لذا لا أريد أن أقاطعهن.
ابتسم روك وقال:معك حق،أنا أيضاً سآتي معك.



لم يمض الكثير من الوقت حتى هدأت آي وقد كانت تشعر بالراحة كثيراً بعد أن أخرجت كل ما في داخلها.

بعد ذلك كانت تتحدث هي وناوكو وألينا عن مواضيع كثيرة، كن يضحكن معاً وقد انسجمن كثيراً في الحديث..

وبعد مرور بعض الوقت قامت ناوكو من مكانها فجأة وقالت باستدراك:أوه يا إلهي....علي أن أفتح الحانة الآن!

آي:آه...أنا آسفة حقاً، لقد أشغلناك كثيراً!

فنظرت إلى آي وقالت بابتسامة:ما الذي تقولينه! لا داعي للاعتذار يا عزيزتي على العكس تماماً،لقد استمتعت بالحديث معك كثيراً!

ثم سكتت فجأة كأنما تذكرت شيئاً وقالت على الفور:آه كدت أنسى!


أخرجت صندوقاً متوسط الحجم من أحد الأدراج ووضعته على البار ثم قالت لألينا:هل تستطيعين إيصاله إلى إيرين؟ لقد طلبت مني أن أحضره لها من سيريكا لكنني أتيت إلى هنا مباشرة ولم أتوقف عند المحمية في طريقي.

نظرت ألينا إلى الصندوق وسألت باستغراب: ما هذا؟

قامت ناوكو بفتح الصندوق، عندها تفاجأت ألينا كثيراً لما رأت محتوياته وقالت بدهشة:مساحيق تجميل؟!ما الذي تريد إيرين فعله بكل هذا؟!

ناوكو:لقد قالت أن إحدى الفتيات في المحمية ستتزوج، وهي تريد أن تقوم بمساعدتها في تجهيز نفسها من أجل الزواج.

تفاجأت ألينا من ذلك وتساءلت بدهشة:هل يقيمون في حفلات زواج حقا؟

ناوكو:ذلك لا يحدث كثيراً هنا في رونايدا لكن إيرين أصرت أن تفعل ذلك. على ما يبدو تلك الفتاة مقربة منها لذلك هي تريد أن تفعل أي شيء من أجلها.

ألينا:حسناً،ذلك ليس مستغرباً بما أن إيرين من المنطقة البيضاء في الأساس،الناس هناك يفعلون مثل هذه الأشياء.

عندها سألت آي مستفسرة:من هي إيرين؟

نظرت إليها ألينا وقالت:حسناً،من الطبيعي أنك لا تعرفينها. ثم سكتت قليلا وقالت: إنها أخت كريس.

تفاجأت آي وقالت بدهشة:أخت كريس؟ أتعنين كريس آردويك؟!

ألينا:بالطبع ومن غيره! ثم سكتت قليلا وقالت:آه صحيح! أنت تعرفين عائلته بالتبني لذلك من الطبيعي أن تكوني مستغربة! حسنا،إن إيرين هي أخته الحقيقية التي ترتبط به بالدم، على خلاف أخته التي تعرفينها.ثم ابتسمت وأضافت:إنها لطيفة جداً،أنا واثقة من أنك ستحبينها.


كانت آي مندهشة جداً لما علمت أن لكريس أختا غير هينا، لكنها لم تعلق على الامر، واكتفت بالصمت بينما ارتسمت على وجهها نظرة حائرة .

قامت ألينا من مكانها وأخذت الصندوق ثم نظرت إلى آي وقالت: هل تريدين مرافقتي؟ سأعرفك على إيرين،أنا متأكدة من أنها ستفرح كثيراً بمقابلتك!

آي:حسناً....إنني أرغب في رؤيتها حقاً.

عندها نظرت ألينا إلى ناوكو وقالت: ناوكو..أخبري دايكي أنني ذهبت إلى المحمية،لقد طلب مني مرافقته إلى كراوفورد.

ردت ناوكو باستغراب:كراوفورد؟ ما الذي سيفعله هناك؟!

ألينا:بحسب ما فهمت منه فالأمر متعلق بنوع جديد من القواذف أحضره سايشو، وهو يريد من دايكي أن يجربه..

ناوكو:همممم...لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة قابلت سايشو فيها، ذلك الأحمق...عليه أن يأتي لزيارتي بن الفينة والأخرى!


تغيرت ملامح ألينا فجأة وقد بدت مرتبكة نوعاً ما، لتقول على مضض:آه أجل..ثم قالت بسرعة محاولة تغيير الموضوع: حسناً،سنذهب الآن..

ناوكو:كونا حذرتين...لا تدخلا نفسيكما في المشاكل!

ألينا:بالطبع....لا تقلقي ناوكو سنكون بخير...


استغربت آي ارتباكها المفاجئ لكنها لم تعلق على ذلك وغادرت برفقتها إلى الخارج لتسيرا في طريقهما إلى المحمية...



نظرت حولها...إلى تلك الأبنية الشاهقة والمحطمة، الطريق المليئة بالركام، والحجارة في كل مكان وقد كانت مليئة جداً بالحفر. كل شيء بدا خالياً تماماً من الحياة..

سارتا لبعض الوقت حتى رأتا ثلاث رجال كانوا يقفون بالقرب من عمود إنارة محطم وقد كانوا يتحدثون معاً، فلما رأتهم ألينا خاطبتهم بمرح:مرحبا جون..آرنولد...تاكيدا...

نظر الثلاثة إليها ليقول تاكيدا الذي كان رجلا ضخم البنية بعضلات بارزة وشعر كثيف ناعم:أوه ألينا... كيف حالك؟ ثم نظر إلى آي باستغراب وسأل قائلا: من هذه الفتاة؟

أشارت ألينا إلى آي وقالت:هذه آي،إنها عضوة جديدة من الروك آندروك...



اندهش الثلاثة كثيراً لما عرفوا ذلك وقال جون:هل من الجيد حقاً أن تضموا عضواً جديداً إليكم؟ أعني.. هل نسيت تلك الفتاة ريكا؟ بسببها مات دينيس!

عندها قالت ألينا بانفعال:آي ليست مثل تلك الحقيرة! ليس عليك أن تقلق بشأن هذا...

فقال آرنولد وهو ينظر إليها بتمعن:أعتقد أنني رأيتك في مكان ما من قبل، من أين أنتِ؟

أجابت آي بتردد:من كاستينا...

استغرب آرنولد من كلامها وقال بتفكير: كاستينا؟ إنها بعيدة جداً عن ستيلزيا! لكن مع هذا..إنني متأكد من أنني رأيتك في مكان ما!

وكزه تاكيدا على خصره بمرفقه ثم قال معاتباً:توقف عن هذا..أنت تخيف الآنسة بكلامك! لابد انك أخطأت بينها وبين شخص آخر!

فأجاب آرنولد معترضاً:كلا ذلك غير ممكن،إنني متأكد من كلامي!


تجاهل تاكيدا اعتراضه ذاك، ليقول لآي مطمئناً:لا تهتمِ له...إنه سيء جداً في تذكر الوجوه لذلك لابد أنه شبّهك بشخص آخر!

ابتسمت آي وقالت بتفهم:لا بأس،لا مشكلة لدي في هذا أبداً

وبعد صمت دام لدقيقة سألها تاكيدا باهتمام:هل أنت من السكان الأصليين؟ إن ملامحك مميزة جداً،لم أرى في حياتي فتاة تشبهك أبداً. أعتقد أنك تشبهين الحسناوات اليابانيات اللوات كنا نسمع عنهن في الماضي من آبائنا!

شعرت آي بالخجل من كلامه لكنها أجابت بتوتر: آه.. أجل... إنني من السكان الأصليين.


عندها مد تاكيدا يده إلى آي ليصافحها وقال بحماس: يشرفني أن ألتقي بك حقاً....أنا أيضاً من السكان الأصليين! من المذهل حقاً رؤية حسناء يابانية أمام عيني،لقد قتل أغلبنا لذلك أصبح من النادر جداً رؤية شخص بمثل ملامحك!

شعرت آي بالإحراج كثيراً من كلامه لكنها صافحته وقالت بابتسامة:شكراً لك...سيد تاكيدا.

زمرت ألينا شفتيها باستياء وقالت:ما هذا؟ أنت تحرج آي بكلامك!

تاكيدا:إنني جاد حقاً، الآنسة آي جميلة جداً! إنه لفخر لي أن أرى فتاة من السكان الأصليين بمثل جمالها!

أجابت ألينا بتذمر:حسناً حسناً....على كل حال،سنذهب الآن...

جون:إلى أين أنتما ذاهبتان؟

ألينا:إلى المحمية...

جون:أوه حسنا،أوصلي سلامي إلى غري.

ألينا:بالتأكيد...أراكم لاحقاً...



لما ابتعدتا عنهم سألتها ألينا بقلق:أرجو ألا يكون كلامه قد أزعجك بطريقة ما!

عندها قالت آي بسرعة:أوه كلا! لم يزعجني ما قاله أبدا!

ثم سكتت قليلا وقد احمرت وجنتيها لتقول بخجل:على العكس،لقد احرجني ذلك كثيراً لكنه بالتأكيد لم يزعجني على الإطلاق!

تنهدت ألينا بارتياح وقالت:ذلك جيد،إن تاكيدا هكذا دائماً فهو يقدس كثيراً تراث السكان الأصليين،وهو من القلة الذين ما زالوا متمسكين بثقافة الدولة القديمة التي عرفت باليابان.

آي:همممم، من النادر جداً رؤية شخص كهذا! حتى رغم أن عائلتي كانت تعتبر من أهم العائلات النبيلة في الدولة القديمة، إلا أنها بعد احتلال اليابان واندثارها، صارت تركز على قتال حكومة رونايدا فحسب ولم يهتموا أبداً بالثقافة القديمة،ولا حتى بتعليم اللغة اليابانية للأجيال الجديدة!

علقت ألينا باندهاش:حقا؟ ظننت أن تلك الحركة من أكثر المتمسكين بالحضارة القديمة!


لم تعقب آي على تعليقها ذاك، لكنها وبعد أن ساد الصمت بينهما لدقائق سألتها بتردد: امممم...ألينا، لقد أردت سؤالك منذ فترة،ما هي المحمية بالضبط؟

تفاجأت ألينا من سؤالها وقالت بتعجب:أحقاً لا تعلمين؟ أعتقد أنها مشهورة جداً في رونايدا!

آي:حقا؟

أخذت ألينا نفساً عميقا قبل أن تقول بهدوء: حسناً، اممم...كيف أشرح الأمر. بإمكانك القول أنه مكان يؤمن الحياة الكريمة للناس الذين يعيشون داخله،إن غري وجماعته يقومون بحماية الناس، ويوفرون لهم المأوى وكل ما يحتاجونه هناك.
الرجال يعملون كجنود يتبعون غري، بينما النساء يقمن بمساعدتهم والقيام بالأعمال المختلفة، والأطفال يحظون بالحماية بعيداً عن العصابات والمافيا...
إنه مكان رائع حقاً،يمكنك القول أنه أكثر الأماكن رفاهية خارج الأسوار بالنسبة للناس العاديين!

تفاجأت آي من ذلك كثيراً وقالت بدهشة:أيوجد مكان كهذا في رونايدا؟!

ألينا:أجل،سوف ترينه عندما نصل.

آي:إذا ما كان مكان كهذا موجود حقاً فذلك يعني أن هناك الكثير من الناس الذين يأتون للعيش هناك!


سكتت ألينا قليلا قبل أن تقول بحزن:ذلك ليس صحيحاً في الواقع. صحيح أنه يوجد الكثير من الناس الذين يعيشون في المحمية،لكن في المقابل هناك الكثيرون ممن لا يفضلون العيش هناك بسبب أن المحمية هي أقرب مكان للمنطقة البيضاء ،ولهذا فهي كثيراً ما تتعرض للهجوم من قبل الحكومة التي تسعى لقتل غري.

آي:هكذا إذا...ثم سكتت قليلا وقالت:هل سنلتقي بغري جيسون أيضاً؟

ألينا:على الأرجح....

عندها قالت آي بتساؤل:أي نوع من الأشخاص هو؟

فقالت ألينا بتفكير:همممم.....إنه... ثم سكتت قليلا وقالت بابتسامة:من الأفضل أن تلتقي به لتعرفي،إنه شخص رائع حقاً!



وبينما هما تسيران، اصطدمت بألينا طفلة صغيرة كانت تركض بسرعة، لتسقط الطفلة على الأرض. نظرت ألينا إليها وسألتها قائلة:هل أنت بخير؟

نظرت الطفلة إلى ألينا،كان يبدو عليها الخوف والذعر...أرادت ألينا أن تقترب منها لكنها تراجعت إلى الخلف وغطت وجهها بيديها الصغيرتين، بينما أخذت ترتعش في ذعر.

عندها سألتها ألينا بقلق:ما الامر؟ لماذا أنت خائفة هكذا؟!

لم ترد تلك الصغيرة على سؤالها، بل إنها أصبحت أكثر خوفاً وقالت برجاء:لا تقتليني أرجوك! أنا لن أفعل أي شيء سيء، أنا فقط...


وفجأة أقبل رجلان إليهن، ولما رأيا ألينا قال أحدهما بانزعاج: ألينا...امسكي تلك الصغيرة،لقد تسللت إلى ستيلزيا!

أجابت ألينا بسرعة:انتظر مارتن! يبدو أن هناك سبباً جعل هذه الطفلة تأتي إلى هنا!
ثم نظرت إلى الطفلة وسألتها بهدوء:أخبريني يا صغيرة، ما الذي حدث لك؟

لم ترد الطفلة على ألينا وظلت تنظر إليها بخوف، عندها أقبلت آي إليها وجلست القرفصاء بقربها ثم وضعت يدها على رأسها لتقول بعطف: لا تقلقِ يا عزيزتي، أنت في أمان الآن ولن نقوم بإيذائك، يمكنك إخبارنا بما حدث معك دون ان تشعرِ بالخوف.


بدت تلك الطفلة أكثر هدوءاً لما تحدثت إليها آي، وشعرت بنوع من الأمان.
لكنها تشبثت بذراع آي فجأة وقالت برجاء:أرجوك ساعديني! لقد بحثت عن أخي الصغير في كل مكان لكنني لم أجده أبداً.

ثم بكت وقالت وسط دموعها:ليس من عادته أن يبتعد عن المنزل كثيراً،أنا واثقة من أن شيئاً ما قد حدث له!

آي:ألا تعرفين مكاناً معيناً من الممكن أن يذهب إليه؟

أجابت الطفلة بقلة حيلة:لقد بحثت في كل الاماكن التي من الممكن أن يتواجد فيها لكن دون جدوى، إنني خائفة جداً من أن مكروهاً قد أصابه!

اقتربت منها ألينا وسألتها باهتمام:أين تعيشين؟

نظرت إليها الطفلة بخوف نوعاً ما لكنها قالت بتردد: إننا نعيش بالقرب من حدود تايلي.

استغربت ألينا وقالت:لماذا أتيت إلى ستيلزيا إذا؟ كان من الأفضل أن تذهبِ إلى تايلي في هذه الحال للبحث عن أخيك هناك!


عندها قالت الطفلة بخوف:لكن أمي أخبرتني ألا أقترب من تايلي أبداً...إن سايشو سانفورد مخيف جداً وسوف يقتلني على الفور،أخي أيضاً يخاف منه كثيراً لذلك هو لا يقترب من هناك أبدا، أنا واثقة أنني لن أجده في ذلك المكان!

قالت ألينا بامتعاض:حسناً....أنا أيضاً أخاف منه كثيراً لذلك لا ألومك على هذا!


ثم سكتت قليلا لتسألها بعد تفكير:على كل حال، منذ متى فقدت شقيقك؟

الطفلة:منذ الصباح الباكر..لقد خرجت لأبحث عن شيء نأكله، وقد كان أخي مصاباً بالحمى لذلك لم يأتِ معي، لكنني عندما عدت إلى المنزل لم أجده هناك ولا في أي مكان آخر!

نظرت ألينا إلى الرجلين الواقفين بقربها وسألتهما:هل لديكما فكرة عن الأمر؟


رد مارتن وقد كان شاباً أسمر البشرة في منتصف العشرينات: لم أر أي طفل بالقرب من الحدود في هذا الوقت. ثم سكت قليلا وقال بتفكير:عليك أن تسألي الجدة آزوسا فربما تعلم شيئاً بخصوص الأمر.

ألينا:همممم...حسناً، سأذهب إليها. أخبراني إذا ما علمتما أي شيء.
ثم نظرت إلى تلك الطفلة بابتسامة وقالت مشجعة:اطمئني يا صغيرتي،سنجد أخاكِ بالتأكيد!

شعرت تلك الطفلة بالأمان لما سمعت كلمات ألينا، لتقول برجاء وعيناها تلمعان بالدموع:أجل...أرجوك!

سارت آي برفقة ألينا وقد كانت تلك الطفلة تسير إلى جانبهما مطأطأة الرأس، والحزن باد في قسمات وجهها الصغير.

نظرت آي إلى تلك الطفلة وسألتها بابتسامة محاولة التخفيف عنها:لم تخبرينا بعد ما هو اسمك؟

فأجابت الطفلة بتردد:اسمي ليلي...

ألينا:ليلي؟ إنه اسم لطيف جداً،ماذا عن أخوك؟

أجابت ليلي بصوت شبه مسموع:كوريو...

آي:حسناً ليلي، ماذا عن أمكما؟ هل أخبرتها عن اختفاء شقيقك؟

عندها قالت ليلي بحزن:لقد ماتت أمي قبل شهرين، كانت مريضة منذ وقت طويل جداً.

شعرت آي بالحزن وقالت بأسف:أنا آسفة حقاً لتذكيرك بهذا. ثم ابتسمت بألم وقالت: أنا أيضاً، لقد ماتت أمي عندما كنت طفلة رضيعة،إنني لا أعرف شكلها حتى!

نظرت تلك الطفلة إلى آي ثم أمسكت يدها وقالت ببراءة:لا بأس...لا تشعرِ بالحزن،سيكون كل شيء على ما يرام...

ابتسمت آي وقالت بامتنان:شكراً لك...ليلي...



سارت الثلاثة في أزقة كثيرة كانت ضيقة جداً وقذرة، وبعد أن سرن لوقت طويل، توقفت ألينا فجأة أمام باب جانبي كان في أحد تلك الأزقة وقد كان ذلك الباب يبدو متهالكاً، وعليه الكثير من الكتابات المختلفة بالبخاخات الملونة وبلغات كثيرة...

فتحت ألينا الباب ثم دلفت إلى الداخل برفقة آي وليلي، ولما دخلن إلى المكان وجدن أمامهن رجلا ضخم البنية بشعر أسود ناعم وعينين سوداوتين ضيقتين..
كان يحمل صندوقاً حديديا متوسط الحجم، بدا كصندوق الذخائر، وكان يحمل على كتفه رشاشاً من نوع(كلاشنكوف) كان مثبتاً بحزام من الجلد.

نظر إلى ألينا وقال:أوه ألينا...يال المفاجأة،ليس من المعتاد أن تأتي إلى هنا

ابتسمت ألينا وقالت:مرحباً هانزو...أين جدتي آزوسا؟

أشار هانزو إلى ذلك المكتب المتهالك وقال:إنها تقرأ في تلك الكتب اليابانية القديمة كعادتها...



نظرت ألينا إلى تلك العجوز التي كانت تجلس خلف مكتب خشبي كبير وقد بدا قديماً جداً ومتهالكاً..

بدت في الستينات من عمرها،كانت متوسطة الطول ببشرة برونزية مجعدة،وقد شدت شعرها الأبيض الناعم بمشبك شعر وأسدلته على كتفها بنعومة.

عيناها البنيتين الضيقتين بدتا قويتن وواثقتين جداً،كانت تبدو امرأة بشخصية قوية وواثقة جداً من نفسها.لم تبد عجوزاً ضعيفة أبداً بل على العكس تماماً،كانت ملامحها تدل على القوة والنشاط وقد بدت حيوية جداً..

كانت قد ارتدت فستاناً بنياً يصل إلى تحت ركبتها بقليل، ليكشف عن ساقيها النحيلتين، وقد لفت حول خصرها حزاماً جلديا كانت تدس به مسدسين كانا بارزين جداً.

كانت تحمل كتاباً صغيراً في يد،بينما أمسكت غليوناً خشبياً مشتعلا في يدها الأخرى..
سحبت الدخان من غليونها الخشبي لتنفثه في الهواء ثم نظرت إلى ألينا وقالت باستغراب:ألينا؟ من الغريب أن تأتي إلى هنا،ظننتك جيسي أو جينيرو فهما يأتيان إلى هنا دائماً.


نظرت آي حولها في ذلك المكان الكئيب بإضاءته الخافتة....
كانت هناك رفوف كثيرة حول ذلك المكتب وقد كانت مليئة بالكثير من الأسلحة المختلفة والذخائر، بالإضافة إلى علب السجائر التي كانت مصفوفة خلف ذلك المكتب بنظام.

قالت تلك العجوز بنبرة مرحة:ما الأمر؟ هل جئت لشراء ذخيرة أو سجائر؟ بحسب علمي أنت لا تدخنين ولا تستعملين الأسلحة النارية أيضاً.


اقتربت منها ألينا حتى وقفت أمامها وقالت بتهكم: بالطبع لن آتي لأجل هذا يا جدتي!

ضحكت الجدة وقالت:أعلم هذا. ثم سكتت قليلا وقالت بعتاب:كيف حال تلك الغبية ناوكو؟ لقد أخبرتني أوتسومي أنها عادت من سيريكا هذا الصباح لكن تلك المغفلة لم تأتِ لرؤيتي!

ضحكت ألينا وأجابت قائلة:لربما هي خائفة منك،أنت تعاتبينها دائماً على أبسط الأمور!

الجدة:إنها غبية حقاً، لو أنها لم تكن كذلك لكانت متزوجة منذ زمن. ثم أضافت بتكهم:تباً....أريدها أن تنجب أطفالا يشبهونني!

ألينا:ما هذا يا جدتي؟! ألهذا السبب تريدينها أن تتزوج؟!

أجابت الجدة بثقة:عندما تصلين إلى هذا العمر، فأنت تريدين أن تري ابنتك وهي تنجب أطفالا ولو لمرة، حسناً رغم أن وجودكم يكفيني في الواقع.

ابتسمت ألينا ثم أقبلت إليها وطوقت رقبتها بيدها لتقول بابتسامة:جدتي هي الاروع!

قالت الجدة بتهكم وهي تدفع ألينا عنها:ابتعدي أنت مزعجة، بدلا من التصرف بدلال هكذا عليك أن تجدي رجلا جيداً لتتزوجيه! جميعكم عديمو الفائدة حقاً. ثم أردفت باحباط: إنني أربي مجموعة من الأغبياء حقا!

ضحكت ألينا وقالت بمرح:لا تقولي هذا جدتي، نحن جيدون حقاً...إننا جميعاً نحبك كما تعلمين!

فقالت وهي تتظاهر بالانزعاج:ابحثِ عن غيرها.


ثم سكتت قليلا ونظرت إليها لتسألها بجدية:على كل حال، ما الأمر؟

نظرت ألينا إلى ليلي وقالت:أريد بعض المعلومات عن تلك الطفلة...هل تعرفينها؟

فنظرت الجدة إلى ليلي بدون اهتمام ثم قالت وهي تشير إليها بعينيها:تلك؟

ألينا:أجل...لقد تسللت إلى ستيلزيا قبل قليل، وقالت أنها تبحث عن شقيقها الصغير الذي اختفى هذا الصباح، هل لديك أي فكرة عن هذا الأمر؟


أجابت الجدة بهدوء:أعرف هذين الطفلين،إنهما يعيشان بالقرب من تايلي.
ثم سكتت قليلا وقالت بعد أن أخذت نفساً عميقاً وقد بدا عليها الحزن نوعاً ما:لقد كانت أمهما تعمل كبائعة هوى في الحدود مابين تايلي و غوبيان،لكنها أصيبت بالإيدز وظلت مريضة لفترة ثم ماتت قبل شهرين تقريباً،ولقد ظل الطفلان وحدهما منذ ذلك الوقت.

تفاجأت آي كثيراً من كلامها وقال بحزن وهي تنظر إلى ليلي:بائعة هوى؟!

تنهدت ألينا بضيق وقالت بألم:هكذا هو الأمر في رونايدا، النساء والفتيات اللوات لا يكن مرتبطات بعصابة ما، فهن يصبحن مضطرات للقيام بمثل هذه الأعمال القذرة من أجل كسب لقمة العيش.

ثم نظرت إلى ليلي وقالت بأسف:في النهاية ينتج عن ذلك ولادة الكثير من الأطفال المشردين، الذين يقمن عادة بالتخلص منهم ليعيشوا وحدهم ويعانوا في هذا المكان. وعندما يكبر هؤلاء الأطفال فإنهم إما أن يصبحوا جزءاً من عصابة ما، وإما أن يقوموا بتلك الأعمال نفسها ويستمر ذلك بالحدوث دائماً..
لهذا السبب أخبرتك أن هناك الكثير من الناس الذين يريدون العيش في المحمية من أجل أن يتجنبوا هذه الحياة البائسة.

آي:أعلم هذا جيداً....لقد كان الأمر نفسه في كاستينا وغيرها، إن الأمر مؤلم حقاً



كانت الجدة آزوسا تنظر إلى آي بذهول. سألتها مشككة متجاهلة حديثهما:أنت، هل يمكن أن تكونِ ابنة هاروكا؟!!

تفاجأت آي من كلامها وقالت بدهشة:هل تعرفين أمي؟!

قامت الجدة من مكانها وقد أسقطت غليونها والكتاب الذي كانت تحمله في يدها على الأرض، ظلت تنظر إلى آي في صدمة وقالت مكذبة:لا يمكن..لا يمكن أن يكون هذا ممكناً أبداً!

ظلت تتفحصها بعينيها ثم قالت بألم:أنت تشبهينها حقاً...ذلك الشعر الأسود الحريري، والعيون السوداء كالليل.لا يمكنني نسيانها أبداً!

كانت آي تشعر بالريبة من ردة فعلها لكنها سألتها بتردد: لكن... كيف تعرفينها؟


أخذت الجدة نفساً عميقاً قبل أن تقول:لقد كنت صديقة جدتك كازومي، وعندما ماتت اعتنيت بوالدتك لبعض الوقت عندما كانت طفلة، حتى أُخذت بواسطة عائلة تاكيزاوا لتتزوج ابنهم الثاني فيما بعد.
كانت لدي ناوكو في ذلك الوقت، لكنها كانت صغيرة جداً، لقد كانت هي ووالدتك مقربتان جداً عندما كانتا صغيرتين لكنني لا أعتقد أن أيا منهما تتذكر ذلك...
لقد سافرتُ إلى ستيلزيا وبقيت هنا مع ناوكو بعد أن تم أخذ هاروكا التي كانت تنحدر من أحد فروع عائلة تاكيزاوا..كانت صغيرة جدا وقتها لذلك لا أظن أنها تتذكرني.

تفاجأت آي كثيراً وقالت:ذلك مذهل حقاً! لم أتصور أبداً أن تكون أمي وناوكو على علاقة قديمة ببعضهما!

ابتسمت الجدة وقالت:لا أعتقد أن ناوكو أيضاً تتذكر ذلك فقد كانت في الخامسة وقتها، لكنني لا يمكنني نسيان والدتك أبداً، لقد كانت جميلة جداً مثلك تماماً،كانت تحمل ملامح مميزة وكانت شخصيتها مرحة وقوية...

آي:حقا؟ لقد ماتت أمي عندما كنت صغيرة جداً، لذلك لا أعرف الكثير عنها، ووالدي كان مشغولا دائماً بأمور الحركة التي كان يرأسها لذلك لم يحدثني عنها من قبل أبداً.


الجدة:هممم...ثم ابتسمت بألم وقالت:صحيح أنني اعتنيت بهاروكا لوقت قصير، لكن لدي بعض القصص عنها. سأخبرك عنها إذا ما أردت ذلك.
فرحت آي كثيراً وقالت:أجل! أريد أن أسمع عنها حقا!

الجدة:حسناً يا عزيزتي...سأحدثك عنها في أي وقت تريدين.. ثم سكتت قليلا وسألتها بتردد:لكن، هل تعرفين كيف ماتت والدتك؟


استغربت آي من سؤالها، لكنها قالت وقد بدت الحيرة على ملامحها:لقد أخبرني عمي أنها أصيبت بمرض ما أثناء ولادتي لذلك ماتت بعد وقت قصير.

عندها قالت الجدة آزوسا في نفسها بحزن:كما توقعت،إنها لا تعرف الحقيقة!!

لكنها تنهدت بضيق لتسألها وهي تجلس على ذلك الكرسي مجدداً:لكن على أي حال، ما الذي تفعلينه هنا؟

آي:إنها قصة طويلة جداً،لكنني الآن قد صرت واحدة من الروك آندروك.

استغربت الجدة من كلامها وقالت بتعجب:حقا؟

ثم تنهدت براحة وأضافت بقولها:هذا جيد، لقد ظننت أن أولئك الأولاد سيظلون منغلقين على أنفسهم، ولن يضموا أحداً جديداً إليهم منذ أن مات دينيس،إنني سعيدة جداً أنهم تخطوا الأمر أخيراً.

ثم نظرت إلى ألينا وسألتها بقلق: كيف هو ليو؟ هل كان بخير مع الأمر؟

نظرت ألينا إلى الأرض بحزن وقالت:ليو لم يسامح روك بعد، لكنه لم يقل أي شيء بشأن آي..

بدت ملامح الحزن على الجدة وعلقت بأسف: حسناً، لقد كان متعلقاً جداً بشقيقه، لذا فقد سبب موته صدمة كبيرة جداً بالنسبة له.


ثم تنهدت بضيق لتقول وقد بدت على وجهها ملامح الجدية: حسناً...على كل حال،في الواقع من الجيد أنك أتيتِ،كنت أنوي التحدث مع روك حول هذا الأمر قريباً.

تساءلت ألينا باستغراب:عن ماذا؟

الجدة:مؤخرا اختفى الكثير من الأطفال المشردين الذين كانوا يعيشون في حدود تايلي وبالقرب من المحمية أيضاً، في الواقع ليس من المستغرب أن يموت الكثير من الأطفال المشردين في العادة،لكننا لم نجد جثثهم...
لا أعتقد أنهم غادروا المنطقة فهناك الكثير من العصابات الخطيرة التي تحتل المقاطعات القريبة من تايلي، لذلك من غير الممكن أنهم ذهبوا إلى هناك.

ألينا:إذا ما الذي حدث لهم؟

أجابت الجدة بقلق:أشك أن أحداً ما قام بأخذهم،ربما لبيعهم لرجال العصابات فهذا يحدث كثيراً،لكن وجود شيء كهذا بالقرب من المحمية أمر سيء لسمعتها. أعتقد أن غري سيكون غاضباً جداً إذا ما كان الأمر كذلك!

ألينا: أين تعتقدين أنهم قاموا بأخذهم؟

الجدة:أشك في أتباع شخص اسمه فرانك لوريستون، إنه متحالف مع غري، ويقود بعض الأفراد من أجل حراسة أطراف المحمية من الخارج.
لقد أرسلت هانزو و هنري ليقوما بالتحقيق بشأنه وقد وجدا أنه كان يقوم هو وأتباعه بنشاطات مشبوهة مما أثار شكوكي. أريدك أن تحققي في الأمر.
ثم أضافت بتحذير: لا تقحمِ نفسك في ذلك...إذا ما تأكدت من أن ذلك حقيقي، أخبري غري بالأمر وسوف يتصرف، هل فهمتِ؟

ألينا:حسناً لا مشكلة،أين هو مخبأهم؟

الجدة:إنه مصنع قديم في الطرف الجنوبي للمحمية يسمى مصنع ناكاشيما.

ألينا:أعتقد أنني عرفته،سأتفقد الأمر.

قالت الجدة مشددة على كلامها: لا تنسِ ما قلته لك، كوني حذرة ولا تتصرف من تلقاء نفسك،سيكون الأمر سيئاً جداً إذا علم أن واحدة من الروك قد كشفت أمره،في أسوء الأحوال إياك أن تدعيه يكتشف من تكونين!

ألينا:أجل، لقد فهمت.
ثم وضعت صندوق إيرين الذي كانت تحمله طوال الوقت على المكتب وقالت للجدة:جدتي، أريدك أن تحتفظي بهذا الصندوق لبعض الوقت ،لقد كنت سآخذه إلى إيرين لكنني أعتقد أنه سيعيقني.

أجابت الجدة بدون اكتراث:حسناً لا بأس،بإمكانك تركه هنا وأخذه لاحقاً.

فنظرت ألينا إلى آي وليلي وقالت:هيا بنا لنذهب، يجب أن نسرع!

ثم نظرت إلى الجدة وقالت:شكراً لك جدتي...أراك لاحقا..



خرجت ألينا برفقة آي وليلي، ولما غادرتا المكان وقف هانزو بالقرب من الجدة وقال بقلق وهو ينظر إلى الباب:هل من الجيد إبقاء تلك الفتاة هنا؟ أعني، بما أنها ابنة تلك المرأة فعندها...

قاطعته الجدة آزوسا بحزم:لن يحدث أي شيء! إنها واحدة من الروك آندروك لذلك لن يجرؤ أحد على الاقتراب منها!

ثم أضافت وعلى وجهها نظرة حزينة:لقد كانت هاروكا مهمة جداً بالنسبة لي لكنني مع هذا لم أستطع أن أفعل أي شيء لأجلها،على الأقل أريد أن أكون قادرة على حماية ابنتها!

تنهد هانزو بضيق ثم قال:لكن...من كان يتصور أنها ستشبهها إلى هذا الحد! أتساءل ما الذي سيحدث إذا ما علموا أن تاكيزاوا هاروكا قد تركت وراءها شبيهة لها؟!

انهت الجدة آزوسا حديثهما قائلة بنبرة صارمة:لن أسمح بحدوث أي شيء!




أسرعت ألينا باتجاه ذلك المكان وقد كانت تبدو مضطربة جداً، فتساءلت آي بقلق:هل تعتقدين أن أولئك الأشخاص قد قاموا بأخذ كوريو؟

ألينا: أرجو ألا يكون الأمر كذلك، لكن ذلك ممكن جداً.

عندها قالت ليلي بخوف:هل سوف يؤذون أخي؟!

ابتسمت آي وقالت وهي تحاول طمأنتها:لا تقلقي ليلي، سنقوم بإيجاد أخيك بالتأكيد!

بعد مضي بعض الوقت من السير الطويل، توقفت ألينا فجأة في مكان بدا مليئاً بالمستودعات الكبيرة التي كانت مصفوفة بجانب بعضها. بدت قديمة جداً، وقد نمت عيها الكثير من الحشائش.


اختبأت ألينا خلف أحد المستودعات، ثم أطلت برأسها من حافة حائط المستودع الجانبي المقابل لذلك المبنى الكبير، والذي كان محاطاً بسور عال محاط بالأسلاك الشائكة ثم نظرت إلى ذلك المبنى.

كان هناك رجلين واقفين أمام تلك البوابة الكبيرة التي كانت تتوسط ذلك السور، وقد كانا ممسكين بسلاحيهما.

نظرت ألينا إليهما لبعض الوقت، وقد لاحظت أن أحدهما بدا خائفاً جداً ومضطرباً.
عندها نظرت إلى آي وقالت بصوت منخفض: سأستدرج أحدهما بعيداً حتى أستطيع إمساكه والتحقيق معه. علينا أن نعرف ما الذي يحدث بالداخل بأي ثمن!

آي:لكن علينا أولا أن نطلب المساعدة، الأمر يبدو خطيراً جداً!

ألينا:لا تقلقِ لن نقتحم المكان وحدنا بالتأكيد،إننا بحاجة للتأكد فقط. لن يستطيع غري الهجوم عليه من دون دليل على أنه يقوم بشيء ما فعلا، لأن بينهما حلف ولا يمكنه أن ينقضه!

عندها قالت آي على مضض:حسناً.


أشارت ألينا إلى أحد الأزقة البعيدة قليلا عن المكان وقالت بهمس:اختبئا هناك، سأحضر ذلك الرجل معي فور انتهائي.

آي:حسناً. ثم أضافت بقلق:كوني حذرة!

ألينا:لا تقلقي، سأكون بخير.



أسرعت آي واختبأت هي وليلي في ذلك المكان، أما ألينا فقد أخرجت من جيبها قفازين بدا شكلهما غريباً نوعاً ما، فقد كان مثبت بهما صندوق صغير من جهة الرسغ، بالإضافة إلى ثلاثة أزرار صغيرة من جهة راحة اليد.

مدت إحدى يديها إلى الأعلى وضغطت على أحد تلك الأزرار فخرجت خمس خيوط رفيعة باندفاع وقد كان في نهاية كل منها مشبك حديدي، فتثبّتت تلك الخيوط بحافة سطح المستودع.
لما تأكدت ألينا أن الخيوط مثبته جيداً،؛تسلقت المستودع حتى صعدت على سطحه في حركة خفيفة ورشيقة ودون أن تصدر أي صوت.

ظلت تحبو حتى اقتربت من حافة سطح المستودع المطل على بوابة المصنع، ثم نظرت بحذر إلى الحارسين الواقفين أمام البوابة...


أخذت تنظر حولها حتى وقع بصرها على حجر متوسط الحجم إلى جانبها. التقطته وألقت به على المستودع المجاور للمستودع الذي كانت تختبئ في سطحه، ولما اصطدم الحجر بسقف المستودع الحديدي أصدر ضجيجاً عالياً.


لما سمع الحراس ذلك الصوت، شعر أحدهما بالذعر وقال في خوف:قد يكون هؤلاء أتباع غري جيسون! لقد أخبرتكم أن هذا خاطئ! سيقتلوننا إن اكتشفوا الأمر! لقد أخبرتكم،ما كان يجب أن نفعل شيئاً كهذا بالقرب منهم!

انزعج الحارس الآخر من كلامه، وقال بغضب:يالك من جبان مثير للشفقة! لن يستطيع ذلك الأحمق أن يكتشف أمرنا. وأضاف بسخرية:إنه مشغول بالاهتمام برعيّته!

ثم نظر إلى تلك المستودعات وقال:اذهب وتحقق من الأمر، ربما تكون محض قطة لا أكثر.ثم أضاف وعلى وجهه ابتسامة دنئية:وربما يكون طفلا آخر!

رد الحارس الآخر على مضض:حسنا..



سار ذلك الحارس إلى تلك الأزقة الضيقة بين المستودعات حيث سمع ذلك الصوت.
ظل يسير بينهما، بينما ينظر حوله وقد كان مذعوراً وخائفاً.

سار لبعض الوقت حتى وصل لنهاية تلك المستودعات، ثم وقف خلف أحدها وأخذ يلتفت في كل مكان..
فجأة شعر بخيوط رفيعة جداً تلتف حوله، وقد التف أحدها على رقبته ولما أراد الصراخ، سمع صوت فتاة تقول بتهديد بعد ان قفزت بخفة من أعلى المستودع: إذا ما أصدرت أي صوت فسوق أقطع عنقك،قد تبدو لك هذه الخيوط مجرد خيوط عادية لكنها مصنوعة من مادة خاصة وهي قادرة على قطع الفولاذ حتى!

شعر الحارس بالخوف وظل يرتعش في ذعر، لتقف ألينا أمامه وقد كانت تلك الخيوط متصلة بالقفازين اللذين كانت ترتديهما. قالت وهي تشد تلك الخيوط إليها: إذا لم ترد الموت عليك أن تخبرني عما تفعلونه في الداخل!

سألتها الحارس برهبة:من أنت؟


أجابت ألينا بحدة:ليس مهماً الآن من أكون،إذا ما أردت الحفاظ على حياتك فعليك إخباري حالا بكل شيء!
ثم حركت أحد أصابعها فشُد ذلك الخيط حول رقبته قليلا وأضافت بتحذير: تكلم الآن وإلا شددت الخيط أكثر!

شعر الحارس بالخوف وقال:لا علاقة لي بالأمر! لقد أخبرتهم ألا يفعلوا ذلك،صدقيني أنا...

قاطعته ألينا لتقول بنفاذ صبر:لقد أخبرتك أن تخبرني ما كنتم تفعلونه، ولا يهمني أي شيء آخر!

الحارس:حسناً إذا،إذا ما تكلمت فعليك أن تعفِ عني أرجوك!

ردت ألينا بانزعاج:تباً...أيها الحثالة! ثم سكتت قليلا وأردفت بضجر: تكلم ولن أقوم بقتلك!

عندها قال بسرعة:إنهم يقومون بجمع الأطفال المشردين من أجل أن يبيعوا أعضاءهم للمستشفيات الخاصة بالحكومة، وهم يكسبون من هذا أموالا طائلة.

صدمت ألينا لسماع ذلك وأمسكت ياقة قميصه الأخضر،لتقول بغضب:تبا لكم أيها الأوغاد! كيف تجرؤون على فعل هذا!

ثم سكتت قليلا وسألته بانفعال: هذا الصباح، هل قمتم باختطاف طفل صغير يعيش بالقرب من تايلي؟!

أجابها الحارس بخوف:أ..أجل...

عندها قالت ألينا بانفعال أكثر:ما الذي فعلتموه له!!

تردد الحارس كثيراً قبل أن يقول:لا أعلم حقاً، لكن من الممكن جداً أنهم قاموا بأخذ أعضائه الصالحة للاستعمال من أجل أن يرسلوها للحكومة قريباً.


ما إن قال هذا حتى لكمته ألينا على وجهه بكل قوتها وقالت بغضب:تباً لكم أيها الأنذال!

توسل إليها ذلك الحارس قائلا بخوف:لقد قلت أنك لن تقتليني! أرجوك..أنا...

نظرت إليه ألينا بحقد وقالت:كان ذلك قبل أن أعلم بشأن ما تفعلونه!



ثم تراءت في ذهنها صورة أطفال كثيرين في مكان بدا كمختبر أبحاث، وقد كانوا يرتدون قمصانا بيضاء طويلة..

كان الخوف والذعر بادٍ على وجوههم،تذكرت أصوات صراخ أحد الأطفال الذي كان متكئاً ومكبلا بأحزمة مطاطية على سرير أبيض، وحوله الكثير من الأشخاص الذين يرتدون معاطف بيضاء طبية.

دموع الأطفال من حولها، أصوات بكائهم، عبراتهم، ومظهرهم وهم يرتعدون من الخوف.

لما تذكرت كل ذلك قبضت يدها بقوة، فانضغط ذلك الحبل حول رقبة الحارس بقوة كبيرة ليطير رأسه في الهواء، ويسقط بجانب قدم ألينا وقد تدفقت الدماء من رقبته، لتسقط جثته مستندةً على حائط المستودع.


كانت ملابسها ملطخة بدمائه المتناثرة، لكنها لم تبالي بذلك بل وضعت يديها على رأسها، وأخذت تضغط عليه بقوة لتوقف تلك الذكرى المريعة من التسلل إلى عقلها مجدداً...

بدت متألمة جداً وقد كانت تشعر بالخوف،دمعت عيناها لتقول بصوت منخفض وهي تبكي:دايكي... دايكي عليك أن تأتي الآن، أنا خائفة... خائفة جداً!



بعد وقت قصير تمالكت ألينا نفسها لما تذكرت كوريو وليلي، فهدأت على الفور وأسرعت إلى المكان الذي اختبأت فيه كل من آي وليلي بعد أن مسحت دموعها بسرعة..

فلما رأت آي تلك الدماء على ملابسها سألتها بذعر: ما الأمر؟ ما الذي حدث لك؟!

أجابتها ألينا باختصار وبنبرة لامبالية:لا تقلقِ إنها ليست دمائي.

ثم قالت بانفعال:آي...عليك ان تسرعِ إلى المحمية، إنهم يقومون باختطاف الأطفال المشردين وبيع أعضائهم للحكومة، أخبري غري بكل هذا وأخبريه أن يحضر معه بعض الرجال من أجل القضاء عليهم وإنقاذ الأطفال في الداخل!

عندها سألتها آي بقلق:وماذا عنكِ؟!

ألينا:سأتسلل إلى الداخل وأحاول إلهاءهم لبعض الوقت.

اعترضت آي على كلامها لتقول بانفعال: ما الذي تقولينه؟! ذلك خطير جداً عليك وحدك،عليك أن تأتِ معي ولا تتصرفِ وحدك أبداً!


عندها قالت ألينا بعصبية:ما الذي تقولينه آي؟! هناك أطفال يموتون بينما نتحدث الآن! لا يمكنني الانتظار أكثر،إذا ما قمت بمهاجمتهم فسوف ينشغلون لبعض الوقت ولن يقتلوا المزيد من الأطفال. خلال هذا الوقت عليك أن تحضري الدعم بسرعة...فلتذهبِ الآن،علينا ألا نضيع الوقت أكثر من هذا!

لم تكن آي راضية عن هذا لكنها قبلت بالأمر بصعوبة وسألتها باستسلام:إذا..كيف أصل إلى المحمية؟!


ألينا:بعد أن تخرجي من هذه المنطقة انعطفي يمينا وستجدين مباني كثيرة بينها الكثير من الأزقة. ادخلِ أي واحدة من تلك الزقاق وسيري مباشرة إلى الامام ستجدين أمامك السياج الحديدي المحيط بالمحمية، تتبعي السياج حتى تصلي إلى البوابة وأخبريهم أنك واحدة من الروك آندروك واطلبي منهم أن يأخذوك لغري ثم اشرحي له كل شيء..إنها ليست بعيدة جداً من هنا،يجب ألا تتأخرِ أبداً!

أومأت آي رأسها بالإيجاب وقالت:حسناً. ثم أضافت برجاء: اهتمي بنفسك أرجوك!

ابتسمت ألينا وقالت:لا تقلقي...سأكون بخير...

آي:أرجو ذلك حقاً. ثم نظرت إلى ليلي وقالت:هيا بنا.



ركضت آي برفقة ليلي إلى حيث أخبرتها ألينا ورغم الألم الشديد الذي أحست به في ساقها؛ إلا أنها تجاهلته تماماً وقد كانت قلقة جداً عليها..

أما ألينا فما إن غادرت آي حتى أسرعت إلى حيث تركت جثة ذلك الحارس، ثم مدت يدها إلى أعلى المستودع وأطلقت تلك الخيوط لتتسلق السطح مرة أخرى، وقد كانت في انتظار الحارس الآخر الذي أتى ليتفقد زميله كما توقعت تماماً.

لما رأى ذلك الحارس جثة زميله ورأسه المقطوع ذهل تماماً وهتف بذعر:ما الأمر؟؟ ما الذي حدث؟!


ثم نظر حوله وقبل أن يدرك الأمر، شعر بتلك الخيوط وهي تلتف حول جسده فجأة لتقفز ألينا من أعلى المستودع وتقف أمامه وهي تشده تلك الخيوط بأصابعها، وعلى وجهها نظرة حاقدة مخيفة.

صاح بها ذلك الرجل بغضب:من تكونين أيتها الحقيرة؟!

لم ترد ألينا عليه،بل نظرت إليه بكره ثم ضغطت على أحد تلك الأزرار الصغيرة، لتنطلق من تلك الخيوط كهرباء عالية الجهد، وتصعق ذلك الرجل الذي خر صريعاً على الفور بعد أن أطلق صيحة عالية....

فعلت هذا لتسير أخيراً باتجاه ذلك المصنع وقد كانت تشعر بغضب عارم في داخلها.

يتبع ..

*******

-رأيكم في البارت؟

توقعاتكم للأحداث القادمة؟

-برأيكم..ما السر وراء موت أم آي؟

-ماذا سيحدث لألينا؟ وهل ستكون قادرة على مواجهة تلك العصابة وحدها؟


رأيكم يهمني..وأرجو أن يكون الفصل قد نال إعجابكم وشكراً لكم..


2018/04/12 · 594 مشاهدة · 6236 كلمة
NajwaSD
نادي الروايات - 2024