الفصل 151: رعايا آلبيون (3)
{قسم التحقيقات ، عزيزي البارونيت آشير}
{أنا التاجر سيروس ، أعمل في متجر للبيع بالتجزئة الذي يدار مباشرة من قبل أسرة آشير في باريسا منذ خمسة عشر عاماً ، تقع مدينة باريسا وسط جبال بينتوس ، مما يجعلها منطقة عالية الارتفاع وغير مريحة ، وهي أيضاً مسقط رأس لورد الإقليم وموقع معسكر الجيش الشمالي الشرقي ، أسعار العقارات والأراضي منخفضة ، وغالبا ما تحدث الانهيارات الجليدية والزلازل ، الإقليم ليس ثرياً ، لكن موقعه مثالي لتدريب الجيوش ، على الرغم من أن الحدود مع مملكة برونين قريبة ، إلا أن الحرب انتهت منذ زمن بعيد}
{في الجزء الشمالي من جبال بينتوس ، شكلت المنحدرات الجبلية حاجزاً طبيعياً ، إن التضاريس هنا وعرة نسبياً ، ولا يزال من الصعب نقل البضائع الثقيلة ، لذلك تتم التجارة والتبادل مع برونين على طول نهر كلوتو في الجنوب بدلاً من المسار الجبلي ، بعبارة أخرى ، باريسا مدينة صغيرة ومعزولة}
{لا يزال حاجز أبشالوم قائماً في الشمال والجنوب على طول الجبال ، وفوق ذلك ، تتم صيانة أبراج المراقبة بشكل جيد على فترات منتظمة ، تقع حوزة كيشيون والجيش على الجانب الآخر من هذا الحاجز ، أما منزلي فيقع في قلعة بناها ساحر في عهد أبشالوم الثاني ، لذا فإن الأرض صلبة ، والأسوار الخارجية سميكة بما يكفي حتى لا تنهار بهجوم المدافع ، ومع ذلك ، لم يعد هناك سور خارجي غربي في القلعة}
{هذه هي المرة الأولى التي تحدث فيها حالة طوارئ كبيرة بما يكفي لتحذير قسم التحقيقات في هذه المدينة الهادئة ، أولاً ، يجب أن أخبرك بخلفيتي لإضافة مصداقية إلى شهادتي ، تخرجت من مدرسة تجارية في العاصمة ، لذا فأنا لست جاهلاً بقواعد الفرسان ، أنا على اطلاع بحروب الملكة كارميلا ليوجنان ، لكن قوة من دمر هذه المدينة صباح أمس كانت تتجاوز الإنسانية ، عادة ما أستيقظ عند الفجر لترتيب دفاتر الحساب ، لذلك شهدت الحادث}
{في حوالي الساعة الثالثة فجراً ، اهتزت البلدة بشكل مروع ، كانت جميع نوافذ البيوت تهتز ، لذا اعتقدت في البداية أنه زلزال ، في نفس اللحظة ، ومض ضوء فضي من الخارج ، اعتقدت في البداية أنه كان برقاً ، لكن أي نوع من البرق يخرج من الأرض؟
أخرجت التلسكوب لألقي نظرة على قلعة الفيكونت كيشيون لأرى مشهداً صادماً إلى حد ما ، كان هناك رجل يقف أمام الحائط ، كان من الصعب التعرف عليه في البداية لأن درعه كان أسوداً ، لكنه أصدر ضوءاً ساطعاً عندما رفع سيفه}
{لم يكن الضوء ذهبياً بل فضياً ، مما يعني أن الرجل كان سيد سيف ، بسيفه ، جعل السور الخارجي ينهار ، وحتى البوابة القوية تحولت إلى حصى في غمضة عين! وقف فرسان يرتدون درعاً أزرقاً داكناً أمامه ، وتفرقوا إلى أربع مجموعات ثم تحركوا فوق السور الخارجي المنهار ، جعل الظلام والغبار من الصعب رؤية ما كان يحدث في الخارج ، لكنني لاحظت أن السور المنهار سقط فوق الخندق المائي في غضون بضع دقائق ، مما أسفر عن اهتزاز الأرض ، وما تبع ذلك كان ذلك الأثير الفضي الجائر ، تبعه حوالي ثلاثين فارساً بسيوف ذهبية ، لقد كان مشهداً ينذر بنهاية العالم}
{بالطبع ، بادر الفرسان في ثكنات كيشيون بالرد على الهجوم المباغت ، و دوى صوت طلقات النار وقذائف المدفعية حتى أشرقت الشمس ، بدت نتيجة القتال واضحة ، وسرعان ما توقفت جميع البنادق عن إطلاق النار ، لقد ارتجفت من الخوف حينها ، كان الدخلاء غير مألوفين ، لذلك توقعت أن يكون غزواً من مملكة برونين}
{نزلت إلى المتجر في الطابق الأول لتسليم تقرير طارئ عن الفرسان المجهولين ، لكن عندما أمسكت بالهاتف ، كان الخط قد تم فصله بالفعل ، حينها سمعت أشخاصاً يطرقون على القضبان الحديدية التي تركتها عند الباب ، عندما حبست أنفاسي ، تحدثوا معي بلغة آلبيون}
"هذا تحقيق تجريه الحكومة المركزية ، افتح الباب"
{اتضح أن الجنود الذين أغلقوا خطوط الهواتف كانوا يحققون في قضية تدريب عسكري "غير قانوني" في حوزة كيشيون ، ظلت عيناي مفتوحتان طوال النهار ، وفي وقت الظهيرة ، كان هناك عمود في الساحة ، كتب فيه إعلان وقف جميع مكاتب البريد ومحطات القطار ، وحظر التجول في الساعة السادسة مساءً ، كان مختوماً بتوقيع السير تاسرتون ، وهو اسم غير مألوف لي ، لكن السلطة التي تمت ممارستها تحت هذا الاسم كانت واضحة للعيان}
{لم يكن هناك قطارات قادمة من داخل الإقليم أو خارجه ، وتم احتجاز جميع العربات عند مدخل الجبل ، بإختصار ، تمت محاصرة المدينة بأسرها ، ولم يجرؤ الناس حتى على فتح أبواب منازلهم ، أول يوم مر كان مشوباً بالقلق ، لحسن الحظ ، في اليوم التالي ، سُمح بدخول العربات المحملة بالضروريات اليومية ، لذا كان تجاركَ قادرين على تفريغ أمتعتهم تحت مراقبة الفرسان والجنود}
{لقد رأيت القلعة بنفسي لأنني أوصلت بعض الشموع والزيت ، استعنت بعربة توصيل ، وفي اللحظة التي دخلت فيها ممر القلعة ، شعرت بالاختناق ، بدت القلعة وكأنها تجسيد لحكاية قديمة ، حكاية المدينة التي تعرضت للعنة والتدمير بين عشية وضحاها ، انهارت أسوار القلعة وكأن عملاق قد داس عليها}
{يبدو الفناء الداخلي وسكن الفيكونت والمخزن ظلوا كما هم ، ومع ذلك ، لا يمكن إنكار العنف الذي شهدته المباني المحيطة ، شوهت آثار الرصاص الجدران ، ولاحظت بعض بقع الدماء الجافة ، لم أتمكن حتى من العثور على جندي واحد بوجه مألوف ، ناهيك عن الفيكونت كيشيون أو فرسانه ، كانت للقلعة المدمرة والدامية أجواء سلمية أثارت ريبتي ، على الرغم من كل ذلك ، كان الفرسان الذين يرتدون الزي الأزرق الداكن قد وضعوا خوذهم ، وأخذوا استراحة من نهاية معركتهم ، حتى أن بعضهم كانوا لطفاء بما يكفي لمساعدتي في نقل الشمع ، لاحظت أن هؤلاء الفرسان كانوا يتحدثون بلكنة الإقليم الشمالي ، لست متأكداً من أي فرسان ينتمون إليه}
{من المفترض أن الفيكونت كيشيون كان يزيد من قوته منذ عدة سنوات لحماية الحدود من مملكة برونين ، ربما ما حدث كان مشكلة إدارية فقط ، لكن هؤلاء الفرسان هاجموا الحوزة كما لو كان منزلاً لفصيل متمرّد ، بدا أن غارة الأمس كانت فعالة للغاية ، حيث تم اعتقال جنود كيشيون دون أي خسائر من جهتهم ، في المقام الأول ، كيف يمكن للفرسان العاديين والجنود المرتزقة من التعامل مع سيد السيف وهؤلاء الأشخاص الذين لا يرحمون؟ كانت دروع الكتف وخوذ رأسهم منقوشة بعلامة بحيرة وسيف يقطعها بخط قطري ، نظراً لتوتري ، لم أتمكن من تحديد العائلة التي تمثلها هذه الشارة}
{بعد نقل كل أمتعتي ، صادفت الفارس ذو الأثير الفضي ، كان الدم قد جف من سيفه ، و في لمحة ، عرفت من هو ، عندما ظهر ، تغيرت تعابير الفرسان الذين كانوا يرتاحون ويضحكون ، فجأة ألقوا سجائرهم وتوقفوا عن الضحك وأعادوا ارتداء الخوذ ، كان من الواضح أنه قائدهم ، وقف ثلاثون جندياً كرجل واحد ، مما تسبب بارتفاع سحابة من الغبار ، كانوا جيشاً شجاعاً من ثلاثين رجل ، وتمكنوا من محاربة لواء فرسان بالكامل}
{بالنظر إلى قدراته ، كان الفارس ذو الأثير الفضي شاباً يافعاً ، كان شعره متناثراً وعلا جرح غريب عبر خط رقبته بزاوية حادة ، لم أستطع المكوث هناك بعد الآن ، حيث نفدت بحياتي في ذلك الوقت}
{ربما يكون سيد السيف هذا عضواً من النبلاء القدامى ، حيث كان يمتلك هيبة لا ترى عند النبلاء الجدد ، عندما نزلت من القلعة ، كانت ساقاي ترتجفان ، بعد ذلك لم اتجرأ على دخول القصر}
{يقال أن الفيكونت كيشيون وفرسانه ما زالوا رهن الاعتقال في القلعة ، أرجوا أن تستعين بفرد آخر من قسم التحقيقات}
{التاجر سيروس ، العميل رقم 225 ، الرئيس التنفيذي لمتجر آشير في مدينة باريسا ، إقليم كيشيون}
وضع كلايو الرسالة التي قرأها.
كانت تحتوي على أسرار لا يمكن إلا لشركة تجارية متفوقة جمعها ، مما يعني أن الهجوم على حوزة كيشيون قد تم تنفيذه بحيث كان من المستحيل معرفة ذلك إلا بهذه الطريقة.
تسببت هذه المعلومات ، بالإضافة إلى قلقه السابق ، في آلام شديدة لرأسه.
"أبي…هل داهم فرسان تريستين حوزة كيشيون قبل يومين؟"
في اللحظة التي اعتدى فيها تاسرتون تريستين على قلعة كيشيون ، تم اعتقال آرثر وأصدقاؤه في لوندين.
الهدف من الاعتقال بات واضحاً الآن ، كان من أجل منع آرثر و حلفائه من التدخل في عبثهم بإقليم كيشيون.
لقد كان تفتيشاً يفتقر إلى موافقة البرلمان ، إذا لم يتمكنوا من الحصول على أدلة ، فستكون هناك تحركات لإنقاذ الفيكونت كيشيون.
(...ميتسو)
لم يكن لرسالة ميتسو التي وصلت قبل أسبوع أي مؤشر على ذلك ، من الواضح أن الفرسان الذين بقوا في ملكية تريستين لم يكونوا على علم بالغارة.
لو كانوا يعلمون حقاً ، لكان ميتسو قد لاحظ ذلك و ركض إلى حوزة كيشيون بعد إعلام آرثر.
كان ملكيور يتوقع أن يتصرف ميتسو على هذا النحو.
(في المقام الأول ، أظن أن ولي العهد يعلم بأمر هذه الرسالة أيضاً ، هل ترك المعلومات تتسرب عن عمد؟)
كان ذلك ممكناً جداً.
لقد أدرك مستوى ميتسو بمهارته ، ومن المحتمل أنه يحاول إبعاده عن الفوضى التي افتعلها ، إذ لن يكون من السهل على تاسرتون التعامل معه.
(أكثر من أي شيء آخر ، لماذا مُنح ترود إجازة؟)
لن ينتهك الفرسان الذين طوروا عاطفة خاصة مع الصبية أوامر الدوق ، لكن هؤلاء الفرسان الذين تم ذكرهم في رسالة سايروس لم يكونوا الصادقين والأبرياء الذين قضوا وقتاً ممتعاً معهم ، هل يمكن أن يضحكوا في نفس الوقت الذي سفكوا فيه الدماء؟
لقد أصبحوا حقاُ السيف الحاد التابع لملكيور.
تحدث جيديون الذي كان ينتظر كلايو ليقرأ محتويات الرسالة.
"الرسالة جاءت من الصندوق الفارغ لعربة النقل التي تحمل الضروريات ، إنها جهة اتصال طارئة ، لقد تم إغلاق طريق عربات النقل الآن ، والحوزة محاصرة تماماً"