توجه سيزار للمقعد على رأس الطاولة البيضاويه الكبيرة
كان الوضع غريبًا حيث ان الشاب بالكاد في العشرين من عمره يترأس طاولة تضم خبراء و أسياد ولكن احدهم لم يقل شيئًا عن ذلك
خلف المقعد الذي يجلس عليه مدير الاكاديمية و الذي كان احد ابطال الجيل السابق وقف شير بهدوء يراقب بصمت مع ارتفاع مستواه كل من السهل عليه الشعور بالجو الثقيل و الهالات الشديدة و القوية لهؤلاء الخبراء
"لنبدأ…"تحدث احدهم بنبرة رزينه
ولكن قُطع كلامه من قبل سيزار الذي قال بابتسامه خافته"رجاءً لننتظر لحظة لازال هناك شخص لم يصل"
كل يجلس بهدوء مسترخيًا غير متأثر بالجو الذي تعكر بسبب طلبه
مرت لحظة بالكاد حتى فتح الباب و دخلت السيده الجميلة ذات الشعر الاسود و الوجه الفاتن الجميل بفستان بنفسجي مزرق مطرز بلون فضي رقيق
لقد كانت كاليوبي سيدة قاعة اورجين
"اعتذر عن تأخري"قالت بنبرة جميله و ابتسامة لطيفه
"كنا قد بدأنا لتو رجاءً تفضلي بالجلوس"قال سيزار مشيرًا لواحد من المقاعد القليلة التي لاتزال شاغرة
"اعترف بقوة قاعة اورجين ولكنها لاتزال غير مؤهلة لحضور هذا الاجتماع"قال احد الحضور أومأ الاغلبية متفقين معه و البقية ظلوا محايدين
"ايها الساده و السيدات الكرام…السيده كاليوبي لم تحضر الاجتماع بصفتها سيدة قاعة اورجين بل بصفتها..سمو الأميره الخامسه لعالم الشياطين"قدم سيزار كاليوبي بهويتها الحقيقية بابتسامه
"ماذا؟!.."تفاوتت اصواتهم و تغيرت تعابير الحاضرين ما بين عبوس و حيره و قلق
حتى ان بعضهم نهض في عجلة و سحبوا أسلحتهم
"انها حليف"سارع سيزار و اضاف بهدوء"هي هنا لمساعدتنا للقضاء على سيد الشياطين"
"لماذا ابنة سيد الشياطين تريد مساعدتنا للقضاء على والدها؟!"قال أحد الحاضرين بنبرة حادة و متشككه
"لماذا الاسماك تسبح في الماء؟!"ردت كاليوبي بسؤال عشوائي على شفتيها ابتسامة فاتنه كالعاده
"ماذا؟!.."عبس السائل غير راضي
تابعت كاليوبي بذات ابتسامتها"في عالمي يمكن ان يخون الاخ اخيه و ان يقتل الابن والده و ان يستغل الاب ابنته…انها طيبعتنا فنحن شياطين!"قالتها بنبرة كما لو انه امر عادي"و ها انا ذا امامكم و سأتعاون معكم لابادة جنسي بأكمله، الن يجعلني ذلك أفضل شيطانه لهذا العام؟"
بدت نبرتها طيبعي و حيوية و تعابيرها كانت مشرقه ولكن ذلك ترك البعض يقشعرون ببرود دون وعي بدا وكأنها ذكرتهم مجددًا بالطبيعة القاسيه و الشريره لشياطين
يمكن لشياطين ان تعمل معًا ولكن الشياطين ستبقى شياطين بغض النظر عن اشكلهم الجميلة و الخادعه، يقدرون حياتهم و انفسهم اكثر من اي شيء و سينقلبون على بعضهم البعض في اي لحظة
هذه هي طبيعتهم كما قالت كاليوبي
"ثم كيف لنا الثقه بشيطان؟! اليس هذا ضرب من الجنون؟!"
"ابي العزيز قام بنفيي و انا أسعى لانتقامي، لسنا بحاجه لثقه ببعضنا نحن فقط سنتعاون"قالت كاليوبي بابتسامه نقية و لطيفه
"الان و بعد آن أكتمل العدد هل نبدأ بمناقشة الأستراتيجية التي سنستخدمها ضد سيد الشياطين و جيشه"تحدث سيزار مسترخيًا
"استراتيجية؟!..لا اظن اننا وافقنا على ذلك؟!"تحدث المدير عابسًا
"بالاضافة ان هناك شيطانيًا هنا فأي دليل لديك انها لن تخوننا؟!"تحدث سيد اخر
"أولًا وبعد الكشف عن هويتها لا اظنه من التهذيب الحديث مع فرد ملكي بهذه الطريقة بغير ذكر كونها حليفتنا، وثانيًا لست هنا لاخذ الاذن بشأن استرتيجية الهجوم انا فقط اعلمكم بذلك"قال سيزار بتعبير باسم مسترخي ولم يبدوا مهتمًا الضغط الذي بات اثقل و العبوس الظاهر على تعابير الغالبية منهم
"حتى والدك لم يكن بهذه العجرفة…"قال احد الكبار بازدراء بينما ينظر تجاه سيزار بأعين بارده
"ليس للامر علاقة بكوني متعجرف…"قاطعه سيزار بتعبير هادئ بينما بدأ الحديث بتعبير جاد"لا اظنكم يا قوم تعون الخطر المحدق بنا؟!..هل خدر السلام غرائزكم؟!…الحاجز بالفعل ينهار ولن يلبث حتى يتلاشى و ستغزو الشياطين عالمنا فقدنا بالفعل العديد من الاقوياء بسبب هجمات مجهولة و من بينهم اخي و ابي الم يخطر لكم لوهله ان لشياطين يد في ذلك؟!"
بعد كلمات سيزار الرنانة بدا وكان التركيز يتوجه أخيرًا للاشياء الأهم
"هل تحاول القول ان الشاطين تسللوا لصفوف البشر؟!"
"هذا غير مستبعد"أومأ سيزار"فقط فكروا بهذا.. انهم يستمرون بالهجوم من الخارج ولكن هل سبق ان واجهنا خطر حقيقي مثل جنرال او امير؟!…لا انهم فقط يرسلون القاده و بعض الغوغاء ولكنهم يبقوننا منشغلين بما يكفي"
"هذا…هل هو الهاء؟!"تمتم المدير بتعبير متصلب
"قد يكون الشياطين يستعدون لتسديد ضربة قوية للجانب البشري فلماذا الجلوس و الانتظار؟!"تحدثت كاليوبي"اليس عليكم تسديد الضربة الاولى و كسب اليد العليا وهكذا حتى لو كانوا يخططون لشيء ما سيتم اخذهم على حين غره"
كان من الجلي ان لمظهرها الفاتن و الجميل تأثير كبير في حقيقة انه لم يعد احد يجادل اكثر بشأن وجودها
و خلال نقاشهم كان شير يستمع بصمت لم يكن مقتنعًا ببعض الاشياء ولكنه كان أيضًا يشكك بتحركات الشياطين الغريبة
قاتل هو و مجموعته الشياطين لفتره كافيه حتى يلاحظ ذلك، بالاضافة لم يكن لديه اي شك تجاه كاليوبي لانه حتى في الرواية كاليوبي اخذت جانب البشر
ما جعله غير مرتاح هو حقيقة ان سيزار هو من اتخذ هذه المبادرة قبل اي احد و لانه في هذه المرحلة كان يكاد يعتقد انه تحول لجانب الشياطين بالفعل، كما انه لم يملك ادنى شك في هوية المجرم الذي يقف خلف موت كلاود و أرثر و ليليان ثلاث من ابرز الشخصيات الذين لعبوا دورًا مهمًا والذي لم يكن سوا سيزار
"اعتقد ان علي تحضير بعض المرطبات لانه يبدوا ان اجتماعنا سيطول"قال سيزار بابتسامه خافته بينما صفق بيديه مرتين
دخل بعض الاشخاص من مقدمي الضيافه شبان و شابات في بدلات سوداء يجرون عربات طعام عليها بعض البسكويت و اباريق الشاي
كانت لفته بسيط و مراعية من سيزار هكذا فكر بعضهم لذلك تم تخفيف الجو قليلًا
لمح شير الشابه التي مرت بجانبه لوهله انتابه شعور غريب وكأنها مألوفه ولكن لم يسعه تمييزها او تذكر اين رآها وقبل ان تغادر
*****
بعد مرور خمس ساعات
تم فتح غرفة الاجتماعات و غادر الحاضرين واحد تلو الاخر بتعابير قاتمه و مرهقه ناقشوا خلال الاجتماع العديد من الاشياء و الاستراتيجيات و قامت كاليوبي بتقديم العديد من المعلومات و هكذا ببساطة اصبح الجميع يملك جبلًا من الاعمال الان
سيزار كان يتبادل محاثه مع كاليوبي احس باقتراب احدهم منه
"هل يمكننا الحديث لوهله"تحدث رجل ذو شعر بني داكن بدا في عقده الرابع
"سيد كلينتون!..بالطبع"أومأ سيزار
"ثم لنتحدث لاحقًا سيد فريدريش"قالت كاليوبي بينما استدارت لتغادر
"اجل سموك"ودعها سيزار بانحناء خفيف قبل ان يلتفت لكلينتون"سيدي؟…"
"لنتحدث في الخارج"استدار كلينتون و غادر غرفة الاجتماعات و تبعه سيزار بهدوء
في في الحديقة الواسعة لمبنى الإتحاد و على الكرسي الرخامي الطويل جلس الاثنين بهدوء
سأل كلينتون بنبرة هادئة و شبه دافئة"كيف حالك سيزار؟!"
"انا بخير"أجاب سيزار بإبتسامه خافته دون النظر للاخر
ماركو كلينتون لقد كان صديق ولده كلاود و عرفه منذ الطفولة لم يكن مع الغريب ان ماركو كان قلق بشأن ابن صديقه كان أيضًا احد الاشخاص القلائل المحايدين طوال الاجتماع وعلى الرغم من حياده بشكل عام كان يميل بعض الاحيان لصف سيزار
"انا آسف بشأن والدك…لم يتسنى لي حضور جنازته لانني كنت في مهمه وبعد عودتي قيل لي انك كنت في عزله لتدريب لذلك لم استطيع لقائك قبل اليوم…لابد ان الامر كان صعبًا عليك بشده ولم يكن هناك احد بجانبك"بدا صوته متصدع و حزين
لقد فقد صديقه المقرب فجأة دون سابق انذار ولم يسعه حتى حضور جنازته
"…."لم يعلم سيزار لوهله كيف يتفاعل
'قتلت اخي و ابي و انوي قتل من احب و تدمير العالم اجمع هل شخص مثلي يستحق الاهتمام؟!'خطرت هذه الافكار في عقله بسرعه تلك اللحظة
"في الماضي كلاود لم يكف عن التباهي بابنه المعجزه"رسم ماركو ابتسامة باهته ولكن لطيفه بدآ وكأنه يسترجع ذكريات جميلة"استمر باخباري انك الطف و اذكى ابن وانه متأكدًا من انك سوف تحدث تغيرًا قد يهز العالم اجمع و كم هو سعيد بإمتلاك ابن مثلك، ..اليوم عندما رأيتك تدير الاجتماع ببراعة رغم صغر سنك ادركت، كلاود محق كم كان ليكون فخورًا بك"
دون وعي شدد سيزار قبضته منزلًا رأسه داخله تمتم'توقف، اصمت لا اريد الاستماع اكثر'
بدا ماركو يستحضر ذكريات سعيدة ولكن لم يكن يعلم انه بهذه الطريقة كان كمن يغرس سكينًا سام بشكل اعمق في قلب سيزار
"ليس لدي ابناء ولكن بسماع كلاود يتحدث عنك طوال الوقت وكم هو سعيد يجعلني أتطلع ليكون لدي ابن، رغم انني شخصيًا اظن ابنه سيكون أفضل هاهاها"
اجبر سيزار نفسه لاخفاء كل ما يشعر به و رسم دون فشل تعبير مبتسم و حزين"امم"
"اه! اعتذر لقد استرسلت بالحديث عن ذلك…"اعتذر ماركو بعد ان شعر انه خرج عن الموضوع الاصلي تنهد بحزن و ربت على كتف سيزار بمواساة"يالروحك الشجاعه لتتحمل كل هذا وحدك، سأكون هنا دومًا اذا احتجت لإي شيء سيزار"قال بصدق و عطف
"اشكرك سيد ماركو"تحدثت سيزار بخفوت ربما لانه لم يبقى اي شيء اخر للحديث او ربما لانه اراد الابتعاد بسرعة عن شخص كلماته الطيبة تشعل مشاعر الذنب و الآلم فيه، سرعان وقف بعد ان ودعه و غادر فورًا
"اه يا صغيري لا اصدق انك تمر بنفس مصير والدك"تمتم ماركو بينما ينظر لظهر سيزار الذي يختفي ببطء من خط بصره
……..
خارج المبنى حيث تنتظر سيارة سوداء فاخرة السائق المتأهب فتح الباب لسيزار قبل اغلاقه و العوده لمقعد السائق و تدوير المحرك
سيزار الذي دخل السيارة الغى برأسه للخلف بينما خفف من ربطة عنقه شعر وكأنه كان يختنق
لم يكن وحده في السيارة و كانت تنتظره شابه ذات شعر بني قصير سألت بينما نتظر من الزجاج"كيف جرى الامر؟!"
ابتسم سيزار بلطف عند سماع صوتها مد يده لها ليعانق خصرها و دفن وجهه في رقبتها"تبدين جميله حقًا ولكن لايزال اللون الفضي يليق بك اكثر.. لاري"
رسمت لاريس التي كانت قد تنكرت في زي مقدمة ضيافة و خلعت شعرها المستعار تركت خصلات شعرها الفضية تنسدل بحريه بينما تخلصت من العدسات اللاصقة"كما توقعت لاتزال تتعرف علي! الجميع يركز بشده على لون شعري الغريب لدرجة انه بمجرد تغييره و اخفائه اصبحتُ كشخص مختلف"قالت لاريس
"بالطبع سأتعرف عليك، يمكن إن أخطئ اي شخص ولكن ليس انتِ"قال سيزار بينما تابع داخليًا'لن اخطئ الشخص الذي بمجرد رؤيته يشرق عالمي'
"إذًا…كيف جرى الامر؟!"اعادة لاريس سؤالها بتعبير جاد بدت متوترة بعض الشيء
"بشكل جيد.."اجاب سيزار بينما اعتدل في جلسته"لم يلاحظ اي احد السم القاتل المختلط مع الشاي و البسكويت، الغالبية تناولوا ذلك ولن يطول الامر حتى تندلع فوضى عارمه"
"هووه…"تنفست لاريس الصعداء"هذا جيد"
لم يكن الامر كما لو انها استخدمت هذه الاساليب للمره الاول بل لحقيقة ان هذه هي المره الاخيره عليهم الا يرتكبون اي خطأ
'قريبًا جدًا....'خطرت هذه الجملة للاثنين في ذات الوقت ولكن مع تتمه مختلفه لكل منهم
'سأكون حر أخيرًا'
'سأموت أخيرًا'