كانت كلماتٍ قالها إيرين ذات يوم.
لا تتذكر متى سمعتها بالضبط، لكنه قالها في وقتٍ كانت فيه تتعلّق بالأمل كالحمقاء، وتمدّ يدها لهم كالبلهاء.
في ذلك الحين، كان إيرين غاضباً تمامًا كما هو الآن، وراح يصبّ الشتائم على أورتي.
لا، لم تكن شتائم، بل كانت كلمات تعبّر عن صِدق مشاعره.
بدأت يد أورتي ترتجف برفق. و لم يكن ذلك بسبب الألم النابض. بل لأن أورتي ما زالت غارقةً في ذكريات الماضي التي ترغب في الهروب منها.
كانت تعرف بأنه كلما حاولت الإفلات، ازدادت غوصًا في ذلك المستنقع الذي يبتلعها بسرعة وعمق أكبر، لذا قررت ألّا تفعل شيئًا.
لكن المستنقع التهم جسدها تمامًا، وخنق أنفاسها في النهاية.
“من تظنين نفسكِ؟ أتدريت ما هذا الشيء حتى تجرئين على-!”
“إيرين، اهدء. الحفل لم ينتهِ بعد.”
“أبي، لا أستطيع أن أغضّ الطرف. هذه الدودة تزحف في بيتنا حتى النهاية!”
نظرت أورتي إلى الدوق.
اادوق ويكيند لم يذكر شيئًا عن الوضع الذي اتُّهِمت فيه أورتي بأنها الجاني. وفقط، كان لا مباليًا.
اقترب كليف على عجل.
“ما الذي يحدث بحق؟ إيرين، ما هذا الشجار؟”
“أخي، لا أستطيع التحمل. لا أستطيع أن أرى هذه الدودة تتصرّف كما تشاء. لقد سرقت بروشي والآن تنكر فعلتها!”
“إيرين، اهدء أولًا. ليس من المتأخر أن نتعامل مع هذا الأمر بعد انتهاء الحفل.”
ولم يكن تادوق ويكيند وحده غير المهتم باتهام أورتي، بل كليف أيضًا لم يُظهر أي اكتراث.
'حقًا، أنتم لم تتغيروا أبدًا.'
تمنت أورتي أن بإمكانها محو ماضيها بالكامل. و أرادت أن تحرق كل لحظة بذلت فيها جهدًا لنيل محبة أشخاص كهؤلاء.
كانت تشعر بالظلم.
لماذا عدتُ بالضبط إلى سن الثالثة عشرة؟
ألم يكن بإمكاني العودة إلى وقتٍ أبعد، إلى ما قبل لقائي بهم؟
حتى لا يعلم أحد بأنها حاولت يومًا أن تنال محبتهم.
'حتى لو اضطررت الآن فورًا إلى أن……'
“افعلوا ذلك.”
نظرت أورتي إلى من كانوا يحدقون بها. ثم تحدثت بصوتٍ جاف،
“اقتُلوني.”
فهذا ما اعتادوه فعله مرارًا من قبل.
“فقط اقتُلوني.”
لن يكون ذلك صعبًا عليكم.
“……ماذا؟”
الشخص الذي تفاعل مع كلمات أورتي كان الدوق ويكيند. الرجل الذي كان يهدئ إيرين بهدوء، تحرك خطوةً إلى الأمام.
“هل قلتِ للتو……أن نقتلكِ؟”
“نعم.”
أجابت أورتي بحزم. فاقترب الدوق ويكيند منها أكثر.
صفعة-!
مع الألم الذي شعرت به في خدها، سقطت أورتي على الأرض.
كانت تمسك بخدها، لكنها رفعت رأسها بلا تعبير ونظرت إلى الدوق ويكيند ببرود.
كان وجهه يحمل ذلك التعبير الذي كانت أورتي تخشاه أكثر من أي شيء آخر.
عندما كُشف أن إيفون كانت الحقيقية، وأن أورتي لم تكن سوى مزيفة.
تلك النظرة المليئة بالغضب والخيانة.
“حياتكِ……ليست ملككِ وحدكِ.”
عندها تمتمت أورتي.
“……بل هي ملكٌ لأمي، أليس كذلك.”
فهي وُلدت في هذا العالم مقابل حياة والدتها.
وفي اللحظة التي نطقت فيها بذلك بصوت عالٍ، أدركت الحقيقة.
كان الدوق ويكيند يَكْرَه أورتي. ومع ذلك، أخذها من المعبد وربّاها كابنته الوحيدة في عائلة الدوق ويكيند.
كان يمقتها بشدة. لكنّه لم يوبّخها أو يفتعل معها المشاكل. ورغم لامبالاته، ظنت أورتي أن ذلك تسامحٌ منه.
و لطالما كانت أورتي تتساءل،
لماذا، رغم كراهيته لي، يفعل كل هذا من أجلي؟
ولهذا السبب، كان لدى أورتي أمل. أملٌ في أن الدوق ويكيند في الحقيقة يحبها، وأنه يكنّ لها الكثير من المودة، لكن رؤيتها تذكّرها بحبيبته الراحلة، فيتألم، ولهذا يتجاهلها.
لكن ذلك لم يكن صحيحًا.
أطلقت أورتي ضحكةً ساخرة.
'لقد ارتكبتُ نفس الخطأ مجددًا، أليس كذلك؟'
من دون أن تدري، عادت تتعلّق بالأمل من جديد.
رغم أنهم قتلوها ثلاث مرات.
“ها..…هاها……”
انفجرت أورتي ضاحكةً.
“……أبي. على كل حال، الحفل لم ينتهِ بعد……”
ثم نهضت من مكانها.
ذراعها التي لم تُشفَ بعد، ومعصماها اللذان أُمسكا بقوة طوال اليوم……لم يكن هناك مكان في جسدها لا يؤلمها.
ومع ذلك، نهضت أورتي بثبات دون أن تتعثر ولو للحظة.
على الأقل في هذه اللحظة، لم ترغب بأن تُظهر لهم أي ضعف.
“اعذرني، يا دوق.”
تحدثت أورتي وهي تنظر إلى الدوق ويكيند. ثم نظرت تباعًا إلى كليف وإيرين.
“السيد ويكيند، السيد الشاب، أعتذر لكما من أعماق قلبي أيضًا. لقد تجرأت على الأمل مجددًا، رغم أنني ناقصة……وغبية كذلك.”
لم يكن هناك كلمةٌ أكثر ألفة بالنسبة لها من كلمة “أمل”.
كل لحظة تعاملت فيها أورتي معهم كانت مجرّد “أمل”.
أما الآن، فقد تلاشى الأمل واليأس، ولم يتبقَّ سوى شعورٍ بالعجز لا نهاية له.
“هاي، أيهتها الدودة……هل تسخرين منا الآن؟ بأي حق تتكلمين هكذا؟”
“لا، أبداً. أنا أقولها بصدق.”
وكان ذلك حقيقيًا.
لو طُلب من أورتي أن تشق صدرها وتُخرج قلبها لتثبت صدقها، لفعلت ذلك دون تردد.
“وشكرًا لكَ، يا دوق. بفضلك، لم يعد لدي أي أمل على الإطلاق.”
“أورتي.”
تقلّصت ملامح وجه الدوق ويكيند، وتجعد جبينه بشدة.
'أظنني فهمت الآن لماذا لم تقتلوني إلا حينها.'
لم أُقتل فقط لأنني حاولت تسميم إيفون.
'لقد مُتّ فقط لأني كنت مزيفة.'
وما حدث حينها لم يكن سوى ذريعة لقتلي. فهم كانوا يرون فيّ شخصًا مات منذ زمن.
ولهذا السبب، أخذني الدوق ويكيند من المعبد وجعلني أعيش في القصر.
لم يقتلوها رغم كراهيتهم لها، بل لأنهم كانوا يعتقدون أن حياتها هي حياة القديسة.
“لا تقلق.”
ابتسمت أورتي ببشاشة. ابتسامةٌ مشرقة حقًا.
“حتى لو قتلتموني الآن، فلن أشعر بخيبة أملٍ بعد الآن.”
***
حلّ الظلام في مكتب الدوق ويكيند.
الزهور التي كان الدوق يغيّر مياهها يوميًا ويعتني بها……تساقطت بتلاتها كلها ما عدا زهرةٍ واحدة.
ثم، رغم عدم وجود أي نسمةِ هواء، بدأت الزهرة تهتز.
فُوْدُودُوق-
تساقطت بتلات الزهرة كلها دفعةً واحدة.
ثم بعد لحظات،
تُك-
انكسرت ساق الزهرة بلا تردد، وكأنها سكبت كل ما فيها دون أن تترك أي ذرةِ ترددٍ أو حنين.
و لم يعد بالإمكان إنقاذها. حتى الفرصة الأخيرة قد تبخرت.
لكن لم يلحظ أحدٌ ذلك.
ذبُلت الزهرة، وواجهت موتها بصمت، دون أن يَعترف بها أحد.
***
بما أن أورتي كانت تقضي وقتًا طويلًا في المكتبة، فقد قرأت الكثير من الكتب.
وفجأة، تساءلت عن الركن الذي تراكم عليه الغبار أكثر من غيره.
ولذا، قررت أن تبحث بعناية في كل الزوايا، وأثناء ذلك، لمحت حافة كتاب تبرز قليلًا من أسفل الرف.
و بفضول واستغراب، انحنت أورتي وسحبت الكتاب. ثم مسحت الغبار الكثيف عن الكتاب بكف يدها.
كان الكتاب بلا عنوان، ومغطى بورقٍ عادي.
عندما أرادت أورتي النظر في الصفحة الأولى، لاحظت أن الجزء الخلفي كان مُمزقًا، فحولت الصفحات إلى الوراء.
“هذا……؟”
كان السجل المدني.
بنيامين ويكيند.
ابناه، كليف ويكيند وإيرين ويكيند.
وكان هذه النهاية.
كان الجزء المتبقي فارغًا.
لم يكن الدوق ويكيند قد سجل أورتي في السجلات.
مرت أورتي بإصبعها على اسم إيرين والفراغ بجانب اسمه. ثم نظرت إليه بنظرةٍ هادئة.
بعد أن أغلقت الكتاب، وضعته في قاع الرف الذي كان موجودًا فيه سابقًا. ثم وضعته بعيدًا عن الأيدي والعيون، أعمق في الرف.
كان الأمر غريبًا، فلم تشعر بشيء.
فكرت إن كان ذلك مجرد شعورٍ كاذب، فوضعت كف يدها على قلبها. و كان هادئًا.
لم يكن هناك شيء غير طبيعي.
“……آه.”
أدركت أورتي سريعاً.
'لقد رأيت هذا من قبل.'
لا أدري إذا كان في حياتي الأولى، إو الثانية، أو الثالثة، لكن كان الأمر مؤكدًا.
في الماضي لقد رأت هذا من قبل. و لم تصدق ذلك ونسيته في ذاكرتها. لأنها لم تكن ترغب في التفكير فيه.
وعلى جانب اسم إيرين، كان هناك اسم جديد سيظهر لاحقًا. إيفون ويكيند.
كان هذا في وقتٍ لم يمضِ عليه أكثر من شهر منذ ظهور إيفون.
في ذلك الوقت، كانت أورتي قد تمنت الحب منهم طوال 12 عامًا، ولكنها لم تصبح جزءًا من العائلة أبدًا، بل لم تُدرج حتى في السجل المدني.
أما إيفون، فقد أصبحت جزءًا من العائلة وأُدرج اسمها في السجل في أقل من شهر.
“حقًا……”
تمتمت أورتي بصوتٍ منخفض.
“كنتُ مسكينة.”
هذه هي المرة الأولى التي فكرت فيها أورتي بأنها مسكينة. فشعرت بشفقة أكبر من شعورها بأنها غبية أو حمقاء.
لقد كان محزنًا ألا أحد قد لاحظ هذه الفتاة المسكينة.
كان ذلك محزنًا، قليلًا جدًا.
وكان هذا كل شيء.
__________________________
يمه مشاعرها حرفياً ماتت ماعاد يهمها شي ياويلي بنيتييييي
تكفون وين البطل خلاص البنت تموت شوي شوي
المهم
الله ياخذ الي قال ان اورتي هي بنت القديسه
على أي اساس يازفت؟
حياتها هنا اتعس من حياتها لو كانت في دار الايتام
Dana