“قابلته مرةً واحدة، وكان رائعًا جدًا، وسيم، ومليئٌ بالبركة، لقد كان شخصًا عظيمًا بالفعل. كان كافياً بقدر ما هو البابا.”
“هل يمكنني معرفة اسمه؟”
“إنه إينوك.”
“ليس اسم معمودية، أليس كذلك؟”
عند قول أورتي هذا، أومأ يوهان برأسه.
“نعم، إنه وضعٌ نادر جدًا.”
عادةً ما يستخدم الكاهن اسم المعمودية. فإذا كان لا يزال تحت التدريب، يستخدم اسمه الحقيقي، ولكن بعد أن يصبح كاهنًا رسميًا، يعيش باسم جديد، اسم المعمودية.
لكن أن يظهر كاهنٌ لا يستخدم اسم المعمودية، بل اسمه الحقيقي، بل ويصبح كاردينالًا، فهذه أول مرة تحدث في التاريخ.
“قد تتمكنين من مقابلته عندما تأتين بعد بضعةِ أسابيع.”
في المستقبل الذي تغير فجأة، غرقت أورتي في التفكير به للحظة، ثم أومأت برأسها متأخرةً بعض الشيء.
“نعم……أنا متحمسة.”
تبادل الاثنان بعد ذلك بعض الكلمات الخفيفة. ومن خلال تلك المحادثة، علمت أورتي أن جوناس قد ترقى من نائب القائد إلى القائد.
قال يوهان أنه سيعود قريبًا، فصعد إلى العربة، وبعد أن ودعته وعادت إلى غرفتها، بقيت أورتي غارقةً في التفكير.
'لماذا ظهر شخصٌ جديد فجأة؟'
طق طق-
“ادخل.”
دخلت سيا على عجل.
“آنستي، رئيسة الخادمات تلقت اتصالًا من الدوق، وقالت أن عليكِ استقبالُ ضيف، لذا يجب أن تتزيني.”
لكن على عكس سيا القلقة، ردّت أورتي بهدوء وبكل أريحية.
“قولي لرئيسة الخادمات أنني لن أستعد.”
“نعم؟ آنستي، ولكن……”
“قولي لها ذلك. ولا تدعي أحدًا يدخل كي لا يزعجني.”
أمام كلمات أورتي الحازمة، لم تستطع سيا الاعتراض أكثر.
فقد كانت تعرف جيدًا من خلال خدمتها لأورتي طوال الأربع سنوات، أنها لن تتراجع أبدًا عن قرار اتخذته.
لم ترغب أورتي في أن تتزين من أجل كايسي. لا، بل بالأحرى، لم تكن ترغب بفعل أي شيءٍ من أجله.
و سرعان ما ركزت أورتي على الكتاب و تجاهلت سيا القلقة.
***
استدار الدوق ويكيند بعدما أرسل تابعه.
“هل انتهيتَ من أمورك؟”
“نعم، انتهيت. هيا بنا.”
أجاب الدوق ويكيند على كلام كايسي، وركب معه العربة.
لم يكن الدوق ويكيند يتوقع أبدًا، حتى لحظة قدومه إلى القصر الإمبراطوري هذا الصباح، أنه سيعود برفقة الأمير الثالث.
بل والأدهى من ذلك، من أجل خطوبة أورتي والأمير الثالث.
فقد ظهر الأمير الثالث أمام الدوق ويكيند بشكل سري بعد أن أنهى مقابلته مع الإمبراطور. وعرض كايسي عليه صفقة.
“أستطيع أن أؤكد لكم أن عائلة الدوق ويكيند لن تتعرض لأي ضررٍ على الإطلاق.”
“هل تنوي خيانة صاحب السمو ولي العهد؟”
“مستحيل. الأمر فقط يتعلق بكبح جماح الأمير الرابع.”
لم يستطع الدوق ويكيند رفض هذا العرض. فالإمبراطور كان يعتزم، سواءً رغب هو أم لا، أن يربط أورتي بالأمير الثالث.
وفوق ذلك، فإن الإمبراطورة، ابنة الماركيز بيرتو ووالدة الأمير الرابع، كانت مؤخرًا تبحث عن نبيل رفيع يدعم قوة الأمير الرابع.
كان هناك حديثٌ عن أنهم يبحثون عن آنسة نبيلة. ولو وقعت أعينهم على أورتي، فلن يكون هناك ما هو أسوأ من ذلك.
على أي حال، بما أن كايسي قد اقترب بهذا الشكل، فقد بدأ يظهر ما يمكن كسبه من صفقةٍ لم يكن فيها للدوق أي خيارٍ منذ البداية.
“رغم أنه مجرد اقتراح، إلا أنه يجب أن ينال رضا الدوق.”
تحدث كايسي بتواضعٍ متعمد، لكن الدوق ويكيند شعر بأنه يعرف تمامًا أنه لا يملك خيارًا في الواقع.
فكايسي لم يكن شخصًا يُستهان به على الإطلاق.
كانت مسافة دوقية ويكيند عن القصر الإمبراطوري قصيرة، لذا وصلوا بسرعة. و قد لا يكون هناك وقت كافٍ لتتزين أورتي، لكن لم يكن هناك يدٌ له من ذلك.
وبعد أن أوعز إلى كبير الخدم بإرشاد كايسي إلى غرفة الضيافة، استدعى الدوق ويكيند رئيسة الخادمات فورًا.
“أين أورتي؟”
أدرك تادوق ويكيند أنه نطق هذا الاسم بعد زمنٍ طويل جدًا.
“الأمر هو……الأمر هو أن الآنسة رفضت التزيُّن……”
قطب الدوق ويكيند حاجبيه.
“إذاً، ماذا كنتِ تفعلين حتى الآن؟”
“أعتذر، سيدي الدوق!”
جثت رئيسةُ الخادمات على ركبتيها فورًا. فتحرك الدوق ويكيند بخطوات سريعة متجهًا إلى غرفة أورتي.
كانت هذه أول مرة يذهب إليها بقدميه منذ سنوات.
“سيدي الدوق!”
سيا التي كانت تقف بقلقٍ أمام غرفة أورتي شحب وجهها حين رأت الدوق ويكيند، وانحنت له بسرعة.
فتح الدوق ويكيند الباب فجأة.
“ما الذي جلبكَ إلى هذا المكان المتواضع؟”
قالت أورتي ذلك دون أن ترفع عينيها عن الكتاب، متوجهةً بكلامها إلى الدوق ويكيند.
“ألم تسمعي ما أمرتُ به؟”
“بل سمعت.”
“و مع ذلك رفضتِ التزيّن؟”
“هل يُعتبر من الوقاحة أن أستقبل ضيفًا غير متوقَّع بهذا المظهر؟”
أغلقت أورتي الكتاب.
“سيا.”
“نعم، آنستي.”
دخلت سيا بهدوء ووضعت شالًا على كتفي أورتي.
كان الدوق ويكيند يظن أنها رفضت التزيّن لأنها لا تنوي استقبال الضيف، فتفاجأ من استعدادها للخروج.
وفي تلك اللحظة القصيرة خرجت أورتي من الغرفة.
“……اتبعيني.”
سار الدوق ويكيند أمامها نحو غرفة الضيافة.
ثم فتح باب الغرفة.
“أعذرنا على التأخير، سمو الأمير.”
“لا بأس. القصر جميلٌ جدًا، لقد كان من الممتع التجوّل فيه.”
“يسرّني أنكَ تراه كذلك. أورتي، تعالي واجلسي.”
جلست أورتي على المقعد المقابل لكايسي بعد أن انحنت له قليلًا.
“أورتي، هذا هو……”
“دوق ويكيند، أظن أنه يمكننا تأجيل التحيات لاحقًا.”
“……إذاً فلننتقل إلى صلب الموضوع مباشرة.”
تحدث اادوق ويكيند موجّهًا كلامه إلى أورتي.
“أورتي، لقد تجاوزتِ السابعة عشرةَ من عمرك. وهو عمرٌ مناسب تمامًا للخطوبة. لذا، جلالة الإمبراطور قد اختار لكِ خطيبًا بنفسه.”
رفعت أورتي رأسها ونظرت إلى كايسي.
“إنه سمو الأمير الثالث.”
تلاقى نظر أورتي مع كايسي الذي كان يحدّق بها دون أن يشيح ببصره. فابتسم و كأنّه كان ينتظر هذه اللحظة.
بشعره الذهبي الفاخر وعينيه الحمراوين، كان كايسي يخطف الأنظار من النظرة الأولى.
خلال السنوات الأربع الماضية، كان كايسي يزور قصر الدوق ويكيند كثيرًا برفقة ولي العهد، لكنه لم يلتقِ بأورتي ولو لمرة واحدة.
بمعنى آخر، هذه أول مرة يراها فيها منذ أربع سنوات.
قبضت أورتي على يديها بقوة.
ذلك الوجه الذي في ذاكرتي، ذلك الصوت، وتلك التعابير. و زاوية شفتيه المرتفعة التي ترسم ابتسامةً هادئة لكنها ودودة. و تصرفاته التي تثير الارتياح.
كل تلك الأشياء التي خدعتني، وابتلعتني دون رحمة.
كنت مستعدة. لكن رؤيته وجهًا لوجه……كان أشد بكثير……
“مقزز.”
تمتمت أورتي بصوت منخفض. وفي اللحظة التي ارتجفت فيها حاجبا كايسي، رفعت أورتي صوتها وتابعت،
“سيدي الدوق، ليست لدي أي نيةٍ للخطوبة أو الزواج.”
“ماذا؟”
“وخاصةً ليس مع سمو الأمير الثالث.”
ستكون هذه الحياة مختلفة.
لأنني تغيّرت.
“أنا لا أحب سمو الأمير.”
أنا……لم أعد أحبكَ منذ وقتٍ طويل.
***
ركب كايسي العربة التي أحضرها أحد رجاله.
وعندما وصل إلى مكتبه، كان مساعده يقف هناك بوجهٍ شاحب وهو ينظر إلى الأوراق.
“سموك، لقد افتقدناكٍ كثيرًا.”
كايسي هو من يتولى جميع مهام ولي العهد.
لكن اليوم، بما أنه اضطر للذهاب إلى دوقية ويكيند، كان على مساعده أن يتولى التعامل مع الوثائق مؤقتًا.
“إذاً، هل تمت الخطوبة على خير؟”
كان سؤاله يحمل ثقةً تامة بأن الأمور سارت كما خُطط لها.
“……لا.”
“عفوا؟”
“الآنسة أورتي قد رفضت.”
حتى وإن كانت العلاقة بين الأهل والأبناء جيدة، فقلّما يتقبل أحدٌ فكرة الخطوبة المفاجئة بسهولة.
وكان كايسي يدرك ذلك جيدًا.
ولأجل هذا، أخرج أثمن ما يملكه. متجاوزًا أشياء تافهة مثل نسبه غير الكامل، أو قدرته على تولّي مهام ولي العهد بالنيابة.
و لم يتبقَّ له سوى شيءٍ واحد: وجهه.
ورث كايسي جمال ملامحه من والدته، راقصة سابقة.
وعلى الرغم من أنه كان يتعمّد عدم الاعتناء بمظهره كي لا يطغى على ولي العهد، إلا أنه قرر استخدام هذا السلاح اليوم تحديدًا.
كان واثقًا أن أورتي ستقع في فخ سحره. فإغواء آنسة في السابعة عشرةَ من عمرها، لم تظهر بعد في المجتمع، ليس بالأمر الصعب.
فهي لا بد بأنها تحلم، كغيرها من الفتيات، بزواجٍ من أمير وسيم وأنيق.
“رفضت؟ ألم ينفع وجه سموّك؟”
لم يكن ما حدث شيئًا يمكن اختصاره بجملة بسيطة كهذه.
“إنها……”
بمجرد أن التقت عيناهما، أدرك الحقيقة.
ذلك الشعور الغامض الذي تلقّاه منها حين نظرَت إليه قبل أربع سنوات……أصبح الآن يقينًا.
“إنها تكرهني.”
“عذرًا؟”
“بل تمقتني بشدة.”
____________________________
عسا احلا رفض 😂
زين انه طلع بدري بس الدوق وش ردة فعله يخوف
لو يسوي بها شي ياويله خلاص تعبت من الكفوف
Dana