“ما الذي حدث بحق؟”

“هل لي أن أسأل إن كانت الآنسة قد تواصلت مؤخرًا مع زهور الزنبق؟ يبدو أن الآنسة تعاني من حساسيةٍ تجاه الزنبق.”

وبالطبع، لم يكن الدوق ويكيند على علم بذلك، فنظر إلى سيا عند سماعه كلام الطبيب الخاص.

وما إن التقت عينا سيا بعينيه حتى خفضت رأسها بسرعة.

“الآنسة لمست الزنبق اليوم في النهار.”

“وكيف حدث ذلك؟”

“الأمر هو……”

ترددت سيا قبل أن تتحدث.

“صاحب السمو، الأمير الثالث، أرسل باقةً من زهور الزنبق.”

تجمد وجه الدوق ويكيند عند ظهور اسم كايسي المفاجئ.

و كان كليف يحدق في وجه أورتي الشاحب حين تحدث،

“لا يمكن أن يكون صاحب السمو الأمير الثالث قد أرسلها وهو يعلم، فنحن أنفسنا لم نكن نعلم.”

“لم يكن الأمر مقصودًا بالتأكيد.”

تمتم الدوق ويكيند بذلك وكأنه يوافق على كلام كليف، ثم التفت إلى الطبيب الخاص،

“قال إنها حساسية، فهل يمكن أن تصل إلى حد السعال الدموي؟”

“بالطبع، السعال الدموي لم يكن سببه الحساسية وحدها. يبدو أن هناك تفاعلاتٍ أخرى حدثت داخل الجسم……لا يمكنني التأكد تمامًا، لكن من المؤكد أن الزنبق ساهم في حدوث السعال الدموي.”

لقد كان الأمير الثالث على وشك قتل أميرة ويكيند دون أن يدري.

تنهد الدوق ويكيند بعمق، وهو يفرك صدغيه المتألمين.

“هل حالتها خطيرة؟”

“ليست خطيرة جدًا، لكنها بحاجةٍ إلى الراحة.”

كان عليه أولًا أن يشرح الأمر لكايسي. فأشار الدوق ويكيند للطبيب كي ينسحب.

“……أبي.”

ما إن انهارت أورتي حتى حملها إيرين بسرعة وأعادها إلى الغرفة، ثم نظر بصمت إلى الدم الذي لطخ يديه وهمست بصوت منخفض،

“هل تنوي حقًا المضي قدمًا في هذه الخطبة؟”

“إيرين، أما زلت تتحدثين بهذا الشكل؟”

وسط هذه الفوضى، لم يعد لدى الدوق ويكيند طاقةٌ ليغضب حتى من كلمات إيرين المزعجة.

حاول إيرين أن ينبس ببنت شفة، لكن الدوق ويكيند سبقه بالكلام:

“مهما قلتما، فلن أستمع. عودا كلاكما. سأشرح الأمر لصاحب السمو الأمير الثالث بنفسي.”

“……نعم.”

وما إن خرج الجميع، حتى خيّم الصمت على غرفة أورتي. وحين عمّ السكون، ارتعشت جفون أورتي المغلقة.

ثم فتحت عينيها ببطء، اللتين كانتا صافيتين وكأنها لم تفقد وعيها من الأساس.

رفعت أورتي الجزء العلوي من جسدها.

كان حلقها يؤلمها قليلًا بعدما تسببت عمدًا بالسعال الدموي. و وبينما كانت تفرك حلقها، نهضت من السرير تمامًا.

وجود حساسية لدى أورتي تجاه الزنبق كان أمرًا حقيقيًا. وكانت شدتها فعلًا كبيرة. لكن ليس لدرجة أن تصل إلى السعال الدموي.

أخرجت أورتي ماءً مكرسًا من بين طيات ملابسها وسكبته قليلًا.

يُستخدم ماء التطهير لتنقية الأرض السوداء، لكنه يُستعمل أيضًا للعلاج. و يُوضع عادةً على الجروح، وله فعاليةٌ على الكدمات فقط، أما إذا شُرب، فيتحول إلى سمّ.

وبالطبع، السعال الدموي لم يكن ليترك أثرًا كبيرًا في جسدها، وقد تخلف فقط بعض الآثار الجانبية لأيام، لذا لم يكن هناك سببٌ وجيه لتشربه.

'لم أظن أنني سأستخدم ماء التطهير الذي منحه لي الكاهن بهذه الطريقة.'

شربت أورتي ماء التطهير. و كانت تفعل ذلك لتسعل دمًا عمدًا.

وبالطبع، هذا الحادث لن تدفع رجال دوقية ويكيند الثلاثة فجأة إلى إبعاد كايسي عنها أو إعادته، لكن لأورتي نيةٌ أخرى تمامًا.

كانت تحدق من النافذة حين لمحت عربةً تمزق الظلام وتقترب بسرعة. فارتسمت على شفتيها ابتسامةٌ خفيفة.

وحين رأت شخصًا يركض مذعورًا خارج العربة التي توقفت على عجل، تمددت على السرير. ثم بدأت تعدّ الأرقام بصمتٍ في داخلها.

لم تمر مئة ثانيةٍ بعد حتى جا طرقٌ خفيف.

“آنسة أورتي، أنا يوهان. أعذريني على التطفل، فالوضع لا يسمح بالتأخير.”

فُتح الباب، وانعكس النور على جفنيها.

“سأتولى الأمر.”

“لا، يا سيدي، هذا من اختصاصي……”

“الكاهن يوهان لم يمضِ سوى بضع ساعات منذ عودته من السفر، لذا سأقوم به بدلًا عنه.”

“إذًا……أرجو أن تعتني بها.”

كانت يده دافئة.

ارتجفت أورتي لا إراديًا من تلك اللمسة غير المتوقعة.

خافت أن يكون تمثيلها بالنوم قد كُشف، لكن الرجل المجهول أمسك يديها بكلتا يديه. و تسللت حرارةٌ دافئة إلى يدي أورتي.

أدركت أورتي على الفور أن تلك الطاقة هي قوة النور.

عند استخدام القوة مباشرة على جسد الإنسان، لا بد من تمريرها برفق وحذر شديد، مما يتطلب قدرًا عاليًا من التركيز.

رغم أن الأمر لم يكن سهلًا، تسربت قوة النور إلى جسد أورتي بسرعة.

“هذا مجرد إجراءٍ مؤقت، علينا أن نأخذها إلى المعبد.”

سرعان ما وجدت أورتي نفسها بين ذراعي شخصٍ ما.

“الكاهن يوهان، ما الذي تفعله الآن؟”

“أرجو منكَ السماح، دوق ويكيند.”

كان الدوق ويكيند قد قطع حديثه مع كايسي و جاء على عجل بعد أن سمع الفوضى المفاجئة.

لكنه فوجئ برؤية يوهان ومعه كاهنٌ غريب يحتضن أورتي.

“هذا هو الكاردينال إينوك.”

“……الكاردينال الجديد؟”

“نعم، هذا صحيح. سبب زيارتنا هو أمرٌ من البابا نفسه. لقد شعر بأن مكروهًا أصاب الآنسة أورتي، فأرسلني ومعي الكاردينال إينوك الذي تكرم ووافق على تقديم المساعدة.”

“فهمت ما حدث، لكن لا يمكنكم أخذ أورتي بهذه البساطة.”

“أبي محق. أورتي هي الآنسة النبيلة لعائلة ويكيند. لا داعي لنقلها إلى مكانٍ آخر للعلاج بينما بيتها هنا.”

كان كايسي يراقب الموقف من خطوة إلى الوراء، وعيناه مثبتتان على أورتي.

كان وجهه أكثر شحوبًا من المعتاد. لكن ما إن التفت نتيجة شعوره بنظرةٍ موجهة إليه، حتى وقعت عيناه على الكاهن الذي كان يحمل أورتي.

للحظة، خطر له أن هذا الرجل لا يبدو إنسانًا. كان وسيمًا لدرجةٍ مذهلة. و شعره الأبيض لم يكن مجرد شعر شائب، بل كان فضيًا يتلألأ بنور خافت.

ولأن خصلاته كانت طويلةً تنسدل حتى ما تحت صدره، فقد منحته ملامح فخمةً وحادة، ومع ذلك، كان هناك شيء ناعمٌ به يصعب تفسيره.

أما عيناه الزرقاوان، فكانتا صافيتين حد البرودة، لكن فيهما جاذبيةٌ غريبة تسحب النظر.

ومع ذلك، ما لفت انتباه كايسي لم يكن جمال الرجل، بل نظرته إليهم – إلى الدوق ويكيند، وكليف، وإيرين، وإليه هو أيضاً.

كانت نظرةً لم يرَ مثلها من قبل، يصعب وصفها بدقة. لم تكن عدائية، لكنها لم تكن ودّية أيضًا.

بل لم تكن حتى على الحد الفاصل بين الاثنين.

بل كانت……كنظرة إنسان يتأمل نملة. نظرة شخصٍ يرى الكائن الذي أمامه كحياةٍ لا تهمه بشيء.

“لكن دم القديسة يجري في عروق الآنسة أورتي. ولهذا، وجودها في المعبد هو ما يضمن تعافيها بشكلٍ أفضل.”

“سوف نطلب من المعبد إرسال كاهنٍ إلى هنا خصيصًا. وإن حصلت على قوة النور يوميًا، فلن يكون هناك فرقٌ عن المعبد، أليس كذلك؟”

استمر كليف ويوهان في جدالهما الحاد.

ولأن أياً منهما لم يظهر أي نيةٍ للتراجع، بدأت حدة التوتر المحيطة بهما تتصاعد.

عندها، تدخل صوتٌ ناعم بهدوء.

“قوة النور ليست سوى حلّ مؤقت.”

“الكاردينال إينوك……”

“لا أفهم لماذا تمنعون الأمر بهذه الطريقة. أليست صحة الآنسة أورتي هي الأهم؟”

صمت كليف عند كلماته.

كان الموقف غامضًا لدرجة أن أي إجابة قد تكون خاطئة.

تحركت شفتا كليف وكأنه سيتحدث.

“لكن منحها قوة النور بواسطة كاهن-”

“السبب في رغبتنا بأخذ الآنسة أورتي إلى المعبد، هو أن شجرة العالم التي تنتمي إلى الكاهن الأعلى موجودةٌ هناك. تلك الشجرة تملك القدرة على شفاء الآنسة أورتي.”

تقدم خطوةً إلى الأمام.

“لذا، هل تسمحون لنا بالمرور الآن؟”

كان صوته ناعمًا، لكنه يحمل قوةً خفية لا يمكن مقاومتها. وفي النهاية، تراجع الدوق ويكيند إلى الخلف.

نزل إينوك ويوهان الدرج واستقلا العربة. ولم تدرك أورتي إلا متأخرة، بعد أن صعدت إلى العربة، أنها لا تزال بين ذراعي إينوك.

وفي لحظة ارتباكها، امتدت يدٌ دافئة من جديد وغطت ظهر يدها.

“أورتي.”

شعرت أورتي بشيءٍ مألوف.

كان صوته……كأنها سمعته من قبل في مكانٍ ما.

“هذه المرة، أنا من أتى إليكِ، أورتي.”

صوتٌ ناعم……وعطوف.

“نامي جيدًا.”

وما إن سمعته يقول ذلك، حتى غابت أورتي عن الوعي.

***

فتحت أورتي عينيها. و أول ما رأته كان السقف الأبيض المألوف.

وفي تلك اللحظة، دخلت ماني وهي تبتسم بسعادةٍ واقتربت منها.

“آنسة أورتي، هل استيقظتِ؟”

“ماني……ما الذي حدث؟”

“قبل يومين، أحضركِ الكاهن يوهان والكاردينال إينوك إلى هنا.”

“قبل يومين؟”

“نعم، لقد نمتِ يومًا كاملًا دون انقطاع.”

أدركت أورتي حينها أنها تناولت كميةً مفرطة من ماء التطهير.

لم تتمكن من تقدير الجرعة بدقة، فشربت منه رشفتين، ويبدو أن ذلك أرهق جسدها.

“كيف تشعرين؟”

“أنا بخير.”

“بما أنكِ نلتِ قسطًا جيدًا من الراحة، يمكنكِ القيام بجولةِ خفيفة. تناولي طعامكِ ثم تجولي قليلًا في الحديقة، فأنت تحبينها، أليس كذلك؟”

قالت ماني وهي تبتسم بخفة.

منذ أن اكتشفت أورتي التنين في الحديقة، أصبحت تزورها دائمًا كلما جاءت إلى المعبد. وحين لاحظت أنها تذكرت ما تحبه واقترحته عليها، ابتسمت أورتي ابتسامةً خفيفة بقليلٍ من الحرج.

________________________

كول اقعدي في المعبد مع البطل

المهم واخيرااا طلع البطل

رمبوا معنا بالخوي الرايع اينوك وشكله هو التنين بعد لأن التنين ابيض وذاه شعره ابيض 🤏🏻

ههههعععهعهعهع

Dana

2025/04/10 · 44 مشاهدة · 1309 كلمة
Dana ToT
نادي الروايات - 2025