"إنها، إنها نهاية أخيرا، الآن يمكنني الإستراحة من كل شيئ والوقوف بجانب صديقي... "
بصوت ضعيف وتعابير مبتهجت قليلا، تمتمت إلينا لنفسها...
بسبب إستعمالها لقدرتها سابقا، كان بصرها ضعيفا جدا، لدالك كانت تتكء على عصى خشبية وتستعملها لمعرفة طريقها نحو غرفتها...
كانت الأخيرة تتقدم ببطء ومختلف أنواع الأفكار تدور في رأسها بعد أن قاربت على تحررت أخيرا من الكنسية...
بعد عدة دقائق وصلت إلينا لغرفها، وببطء دخلت وقبل ان تغلق الباب يد شخص ما اوقفتها...
"أرجو معذرة منك، لكن هل يمكنك إبتعاد عن الباب... "
بصوت لطيف تكلمت إلينا وهي تدير رأسها نحو الباب...
بسبب ضعف بصرها، لم تتمكن من معرفة الشخص خلف الباب، لدالك سألت بلطف آملة أن يكون مجرد خطأ...
"مرحبا مجددا إلينا، أريد تكلم معك لبعض الوقت... "
مع تعرفها على صاحب الصوت، تراجعت إلينا عدة خطوات للخلف، وأعاد تعبيرها وهالتها المريحة بسرعة...
ببتسامة كبير، وعيون تتفحص كل شبر من جسدها ذخل فتي بشعر فضي يتمايل مع كل خطوة من خطواته...
"قداستك، كيف لي ان أساعدك...؟!"
مع تحفضها وإستعمالها لتعبيرها المعتاد، بدأ الفتي يهمهم بساعدة وهو يقترب منها ويلتف حولها في حلقة صغيرة...
"إلينا، لقد سمحت لك أنا وأبي بإحتفاض ببصرك، لقد كان لدالك فضلا منا عليك، هل تعلمين دالك.. ."
مع كلامه مصحوب بنبرة من عجرفة والغرور، حنت إلينا رأسها قليلا...
"شكرا جزيلا لكما، قداستك، أنا سأتذكر هاد المعروف طيلة حياتي... "
لم يجعله كلامها، سوي يبتسم أكثر بطريقة غريبة...
وبقوة أمسكها من يدها وسحبها نحو صدره...
رغم دالك التطفل غير المرغوب حافظت إلينا على هدوءها وعلى تعابير وجهها...
"إلينا أنت تحزنينني عندما تناديني بقداستك، لم لا تناديني بإسمي... " قال وهو يمسك بها بإحكام
"قداستك، لقد أعربت عن شكري وتقديري لما فعلته، هل يمكمك تركي من فضلك، أنا غير جديرة بمناداتك بإسمك... "
تنهد الفتي بقوة من كلامها، لكنه سرعان ما أعاد إبتسامته
"لا إلينا أنا لن أتركك، الجميع يعتقد انك إبنة البابا، وأنك أختي، لكن دالك غير صحيح... "
"نعم، قداستك، لقد كنت مجرد طفلة يتيمة ومتشردة اموت جوعا في شارع، وقد أنقدتني رفقة البابا .. "
إبتسم الفتي أكثر، وإقترب اكثر من ادنها...
"صحيح، لقد انقدت حياتك، مما يعني انها تنتمي لي، إلينا أنت تعلمين كم اريدك، لا بل أنت قد كنت دائما ملكي... "
مع كلامه المتعجرف، لم تشعر إلينا سوي بإشمئزاز، وتقزز من فتي الذي يريد فرض نفسه عليها بالقوة...
"قداستك، إذي كنت تريدني حقا، هل يمكنك إنتضار حتي اري صديقي، بعد يمكنني العو... "
رفع الفتي يده ووضعها على فمها وقاطعها في منتصف كلامها...
"إلينا أنا لا أهتم ، صديقك المزعوم هو الأمير أرثر صحيح...؟!"
لم تنطق إلينا بأي كلمة، وببطء فتحت عينها يسري التي كانت على وشك فقدان لونها...
"يبدو اني محق، إلينا هل تعلمين حتي ماتفعلينه، صديقك المزعوم هو عدو المملكة بأكملها، إدا إكتشف أحد الأمر سيعدمونك، لكن لا تقلقي فأنا هنا، وليس لك حاجة بدالك الوغد... "
ببعد التردد، حاولت إلينا إبتعاد عنه، وإستجماع أفكارها، لكنه كان أقوي منها ومنعها من إفلات...
"قداستك، هناك حكمة تقول ألا تصدق ما يقال عن شخص حتي تراه بنفسك، وحتي الآن لم يفعل الأمير أرثر أي شيئ يجعله يرتقي لما تصفه، في نظري هو مج... "
"إنه مجرد طفل مظلوم ومحطم صحيح، أنا أعلم ماتفكرين فيه، إذن دعيني أسألك هادا، من هو الشرير في هاده المملكة إدا لم يكن دالك الوغد، على من سنلقي لوم بسبب كل كوارث التي تحدث... "
لم تغير إلينا تعابيرها وهو يهين الشخص الذي تعتبره صديقها، وبمقابل أخدت شهيقا طويلا...
"ببساطة إنه الشخص الذي قتل والذاي، وجعلني يتيمة ومتشردة، أعاني كل يوم في شوارع... "
أطلق الفتي همهمة طويلة من جوابها، وبدأ يلعب بإحدي خصل شعرها أسود القصير...
"أخبريني إذن، من يكون هاد الشرير الذي جعلك تعانين...؟!"
توهجت عين إلينا يسري، وكانت على وشك نطق بإسم الشخص، لكن في داخلها كانت مدركة ان أمر سيزداد سوءا فقط، لها ولأرثر...
"أنا لا أعلم قداستك، وفي حقيقة بعد أن أنقدتني لم أعد أهتم بما حدث لي وركزت على مساعدة الكنيسة، لقد فعلت كل ما في إستطاعتي داخل الكنيسة، حتي إني سأفقد بصري كليا... "
إبتسم الفتي داخليا من كلامها، وبقوة لف دراعيه حولها في عناق، وهو يربت على ضهرها...
في تلك اللحظة تصاعدت مشاعر إشمئزاز أكثر داخل إلينا وكانت تريد دفعه بعيدا عنها لكنها لم تستطيع، لدالك إستسلمت فقط، وسلمت نفسها للقدر ليحدد ما سيحدث معها...
"إلينا، أنا أعدك أني سأجد الشخص الذي جعلك تعانين، وأجعله يدفع التمن دالك، بحياته... "
رغم إطرابها داخليا، لم تتمكن إلينا سوي من لعنه داخلها مع إضهار تعابيرها معتادة...
"شكرا لك قداستك أنا أقدر دالك حقا... "
في تلك اللحظة التي إعتقدت إلينا أن أمر إنتهى وأنه سيغادر، وضع يده على رأسها و جعل وجهها يقابل وجهه، وقبل أن تدرك إلينا ما يحدث كانت شفتاة على شفتيها، في قبلة طويلة...
لأول مرة مند سنوات تسارعت دقات قلبها وإطربت معدتها بشدة، بشعور من إشمئزاز وتقزز شديد، كانت تريد تقيئ، كانت تريد بكاء و أيضا صراخ، لكن رغم كل دالك دفنت تلك مشاعر داخلها...
كانت مدركة أكثر من غيرها أن أي شيئ ستفعله أو تقوله في تلك لحظة سيعني حصولها على مشاكل أكبر فقط، ستحول حياتها مجددا لجحيم لا يطاق...
بعد عدة تواني، إبتعد الفتي عنها وهو يبتسم من أذن إلذ أذن...
"إلينا، أنا أعدك أنك ستكونين لي قريبا، بعد أن أقتل دالك الوغد، سأتي من أجلك، فبعد كل شيئ أنا أكثر من يحبك ويهتم بك في هاد العالم، فل تنتظريني قليلا... "
لم تنطق إلينا بأي كلمة وحنت رأسها له فقط..
بعد ان حصل على مايريد غادر الفتي غرفتها...
سقطت إلينا على ركبتيها، ودموع بدأت تتجمع في عيناها...
"ل... لم يبقى الكثير إلينا، إبقي قو..."
حاولت إلينا تشجيع نفسها، لكن دموعها بدأت تتدفق وملأت وجهها، وبقوة ضمت ركبتيها إلي صدرها وهي تبكي بحرقة شديد، مما يحدث معها...
"أرثر صديقي الوحيد، من فضلك أنقذني، من فضلك كن هناك، أرجوك لا تنسني... "
دعت إلينا بضعف وهي تكافح لإستجماع شتات نفسها المحطمة...
******
*منظور أرثر *
ادرت نظري ببطء وأنا اري ابي يختفي من مكان، لم أكن اتوقع قدومه بهاده الطريقة...
"سكارا، من فضلك فل تدهب وجهز دواء لكولي، أنا سأذهب لأستريح قليلا... "
طلبت منه بقليل من ظعف، بينما دالك التعب الغريب وشعور بالضعف يعود لجسدي...
"مادا بشأن حالتك أنت أرثر، تلك هالة سوداء تحت عيناء، جسدك الضعيف... "
إقترب مني سكارا وهو يتفحص جسدي ربما للمرة المئة بعينه...
"لا تقلق علي سأكون بخير، أحتاج للقليل من راحة فقط، ربما... "
مع كلامي بدات التقدم نحو قصري، وهما خلفي...
"إيرزا، فل تحصلي على بعد الراحة أيضا، لانه في الغد أريد ان اتكلم معك في خصوص أمر مهم جدا.. ."
لم تتغير تعابير وجهها وقابلت نظرتي ببتسامة صغيرة...
"حسنا كما تريد، فقط إحرص على إراحة جسدك أيضا... "
"بالمناسبة أين دالك الذئب، هل قام بخيانتي...؟!"
بسبب حالتي المزرية لم ألحض غيابه في أيام سابقة..
"في الحقيقة، لقد قالت تلك المرأة أنها ستقترضه لبعض الوقت، مقابل تكفل بأمر سيرا... "
قابلت كلامها بضحكة صغيرة، وبعد تقدمنا قليلا، كان مجموعة من أشخاص ينتظروننا أمام باب قصري...
إبتسمت على نطاق واسع، ورفعت يدي عاليا كدلالة على النصر في هاده المغامرة الخطيرة...
"لقد عدت مجددا، أصدقائي... "
بتعابير من فرحة تقدم، كازوها ومعه أياكا وإكليس امامي...
"أنظر لنفسك، انت في حالة مزرية... "
بسخرية تكلم كازوها وهو يضرب قبضته بقبضتي...
"صحيح، صحيح، هاد مايحدث لك عندما تغادر بدوننا.. ."
ببعض تجهم تكلم أياكا وهي تتفحص حالتي بعيناها....
"هاهاها، حسنا في المرة قادمة سأخدكم معي.. "
قلت ببتسامة وإستدرت نحو إكليس...
"مادا عندك إكليس، ألا تعلم أي جملة لسخرية... "
سألت وأنا أبتسم بضعف...
"لذي كثير مولاي، لكن أعتقد أن وقت ليس مناسبا لدالك... "
ضربته على كتفه بمرح من كلامه...
" كازوها أين الصغيرة... "
"في الحقيقة... "
إرتسم تعبير من حزم على وجه، وعيناه توهجت، وببطء تقدم أمامي وهو يفتح الباب لي...
"أرثر هناك شخص ينتظرك معها في غرفتك، لم أرد الموافقة في بداية لكن سيدتي الصغيرة، هي من أقنعني... "
مع كلامه إرتسم تعبير من حيرة وإستفهام على وجهي...
"هل أخبرك بإسمه... "
"قال أن إسمه سيرافين، وقال أنه صديقك.. ."
بمجرد سماع دالك إسم بدات التقدم وأنا أبتسم...
"حسنا إذن، سكارا فل تنجز ما عليك، أما البقية فل تفعلو ما تريدون لبقية اليوم، لا تزعجوني من فضلكم... "
حنا الجميع رأسه، وببطء بدات التقدم نحو غرفتي...
"مولاي، مرحبا بعودتك... "
أمام غرفتي كانت ليونا تنحني بحترام وتعابيرها تضهر البهجة...
"اه، شكرا لك ليونا... "
قلت وبلطف وضعت يدي على رأسها..
"شكرا على عملك الجاد ليونا، من فضلك فل تأخدي بقية اليوم راحة، يمكنك فعل ما تريدين.. ."
بدون سؤال عن أي شيئ او قول أي كلمة، إنحنت لي وغادرة المكان...
في تلك لحظة، أخدت شهيقا طويلا وأتبعته بزفير، وببطء فتحت الباب...
كان سيرافين جالس على سريري ببتسامة وهو ينظر لي، بينما الصغيرة نائمة قربه...
"لقد مرة مدة أرثر... "
وقف سيرافين ومد قبضته لي...
ضربة قضبتي مع قبضته وأنا أبتسم...
"في حقيقة لم يمر حتي شهر لكن أنا سعيد لرأيتك مجددا سيرافين... "
إبتسم هو الأخر في وجهي وجلس على سرير في مقابلتي...
"أنا أسف على زيارتك بدون موعد أرثر لكن أنا بحاجة لتكلم معك بأمر مهم، من فضلك... "
ببطء سحبت كرسيا وجلست في مقابلته، وتعابير وجهي تغيرت...
"هل أمر متعلق بالملكة..؟!، هل إزدادت حالتها سوءا...؟! "
تنهد سيرافين بقوة وهو يشابك أسابعه...
"صحيح، لقد جمعت جميع المكونات التي ذكرتها لي سابقا، لكن... "
"كنت أعلم دالك، رغم جمع مكونات صحيحة، وتجهيزها بالطريقة الصحيحة، لم تكن دا فائدة كثيرا ... "
تمتمت لنفسي، وببطء رفعت نظري نحو السقف وأنا أفكر...
"دالك صحيح لكن، أرثر أنا لم أتي اليوم من أجل ملكتي، بل من أجلك... "
تغير تعبير سيرافين وعينه كانت توحي بحزن كبير...
"هاهاهاهاها... "
مع دالك التعبير على وجهه ضحكت بضعف وأنا أفكر في أمر...
"أرثر... "
رفع سيرافين نظره نحوي بستفهام وتعجب من تصرفي..
"إذن رغم حالتها السيئة، وتفاقم مرضها، كانت الملكة تشعر بالقلق علي، على مجرد بشري، أنا حقا شاكر لها... "
ببعض السرور قلت وأنا انظر في وجهه...
"أرثر ما اريد قوله لك ليس للمزاح أبدا، فملكتي رأت شيئا فضيعا سيحدت لك في مستقبل... "
شابكت اسابعي وأنا انظر له بتعابير مغايرة تماما...
"شكرا لك سيرافين، أنتم حقا جنس لطيف ومؤتمن لأقصي درجة، هل يمكنك إخباري بأمر....؟!"
أخد سيرافين شهيقا طويلا وأتبعته بزفير، وعيناه زرقاء متبتة على عيناي...
"أرثر بعد وقت قصير من اليوم ، أنت ستمر بأسوء وأصعب تجربة في حياتك، ملكتي قالت أن كارثة قوية جدا ستحل عليك، لقد قالت أنها كارثة ستحولك بالكامل لشيئ أخر تماما.. ."
قبض سيرافين على قبضته بقوة وهو يعض شفته سفلية بحزن كبير...
أنا أفهم ما يريد قوله، أستطيع تخمين بقية كلامه...
"رأي وتنبأت الملكة لا تخطء أبدا، إدي وصفتها بكارثة فهي ستكون كارثة، إذن أنا لن أموت، وعاى عكس معاناتي لن تتوقف ابدا ... "
هز سيرافين رأسه ببطء وهو يغلق عيناه وشفته سفلي تسيل بدم...
أنزلت نظري نحو ارض وعيناي تتسعان من هول الخبر...
"حسنا إذن، ليس وكأن لذي ما أخسره أكثر، سؤواجه هاده الكارثة وجها لوجه ... "
تمتمت لنفسي ببطء وعيناي ترتجفان بقوة من هول الخبر ...
"أ.. أرثر انا أسف حقا لقول هادا لك صديقي، لكن بحسب كلام ملكتي، لا أحد في عالم قادر على مساعدتك، ليس لأنهم لا يرغبون، بل لأنهم لا يقدرون... "
قال سيرافين بصوت حزين وهو يتفادى تواصل البصري...
"إنه ليس خطأك صديقي، شكرا لأنك أخبرتني، انا اسف حقا، لكن حالتي ليست جيدة جدا، ه..."
بضعف سقطت مجددا على ركبتي ودوار راسي يزداد سوءا...
بتوهج من جسده مدني سيرافين بقليل من طاقته، ساعدتني على وقوف وتتبيت نفسي...
"أرثر، خد هاده من فضلك، إدي إحتجت أي شيئ من فضلك فل تتصلي بي في أي وقت، سأكون حاضرا هناك من أجلك... "
مددت يدي وأخد جوهرة زرقاء صغيرة من يده...
"شكرا لك صديقي، سأعتمد عليك في مستقبل... "
بتلك كلمات وضع سيرافين يده على كتفي، وببطء إستدار وغادر مكان...
ببطء إستلقيت على سريري بجانب صغيرتي، وزوبعة من أفكار تدور في رأسي...
وقبل ان أدرك نفسي، سقطت في نوم عميق ومتناسيا كل كوارت التي ستحصل لي في مستقبل....
لكن رغم تعبي، أنا اقسم اني سمعت صوت شخص ما، في حلمي...
"دالك الوقت إقترب مجددا، هو سيعاني كثيرا، أكثر مما عانى الجميع قبله... "
"أنا أشفق عليك، لكن فل تكن قويا، أيها الروح الصغيرة، وإلا سيتحول كل لشيئ لجحيم مجددا ... "