*منظور أرثر *
"اغغغغ، رأسي يؤلمني، إنه على وشك إنفجار... "
أمسكت رأسي بقوة وأنا أحاول أن أهدأ الألم الذي يتصاعد بشكل جنوني داخلي...
"يبدو أنك إستيقدت أخيرا أيها البشري، لقد جعلتني أنتظر كثيرا ... "
أدرت نظري في مكان، لأجد نفسي في دالك الفضاء المضلم مجددا، نظرت نحو الوحش الذي يتكلم من وسك الظلام ببتسامة صغيرة، وبهدوء عدلت جلستي ونظري مركز عليه...
"أنت تبتسم أمامي ايها البشري الصغير، يبدو أنك أحمق اكثر مما يبدو عليك.. ."
لم تتغير نبرة الوحش مخيفة، ومع دالك، كلامه لم يجعل إبتسامتي تختفي...
"لقد مرت مدة، أيها الأسود، أري أنك ماتزال مخيفا كما كنت... "
تنهد الوحش بقوة، ومن وسط الظلام لمحت عيناه السفراء الكبيرة بحدقة حمراء، عيون مخيفة تبعت على الرعب والخوف...
"إسمح لي بشكرك أولا أيها أسود، فولا تدخلك سابقا، لربما تمكن أخي من قتلي... "
"لا تشكرني، فدالك الجنس لعين يثير إشمئزازي، كما أني كنت أمل أن يقتلك... "
أطلقت ضحكة صغيرة من كلامه وأنزلت نظري نحو الأسفل...
"لكن الأسف لم يحدث دالك، فأخي تمكن من رأيتك من خلال عيني، وأذرك الخطر الكبير الذي سيحل به، ولدالك تراجع... "
"انت تتصرف وكأنك أحمق لا تعلم أي شيئ، لكنك من جعله يراني، لولا انك أزلت الحاجز لما تمكن دالك لعين من رأيتي... "
"هيا الآن، هل كنت حقا تأمل في أن أدعك تسيطر على جسدي، دالك خارج حسبان، لقد كنت أعلم مند بداية أن أخي سيحاول قتلي ومع حالتي سيئة، لم يكن لذي خيار سوي إستفادة منك ... "
أغلق الأسود عيناه وسمعت صوت زفيره القوي من مكاني...
بشكل غير متوقع، لفت زوبعة من ظلام الوحش، وببطء خرج منها بشكل بشري، بدون ملامح، كان مجرد دخان أسود بعيون سفراء مخيفة، وبجسد بحجم جسدي تقريبا...
"هل تلعب الشطرنج، أرثر...؟!"
رسمت إبتسامة صغيرة وهو يناديني بإسمي...
"بالطبع انا ماهر نوعا ما فيها... "
بحركة من يده ضهرة رقعة شطرنج أمامنا وببطء جلسنا حولها وعيوننا متبتة على بعض...
"أرثر أخبرني ما الذي تطمح له؟!، ما الذي تريده من قتالك شديد ضد العالم...؟!"
أطلقت زفيرا صغيرا وأنا أمسك بإحدي القطع بيدي...
"سؤالك صعب حقا، سابقا كنت أقاتل لأني أريد الموت فقط، لم أرغب في الموت كنكرة، لدالك إستجمعت شتات نفسي وتحركت... "
قلت وحركت البيدق الأمام...
"لقد قلت سابقا، مادا عن الآن، هل ماتزال ترغب في موت... "
مع كلامه قام ببدء لعبه بالحصان الأمام...
"جزء صغير مني مازال يرغب به، لكن في مدة قصير ماضية، تذوقت شيئا جديدا، غير معانات، لقد كان شيئا جعلني أعيد التفكير في كل شيئ، لقد أعطتني الحياة الأمل لتطلع لشيئ غير الموت... "
لم ينطق الأسود أمامي بأي شيئ، وراقب تعابيري وحركتي تالية على رقعة...
مع إستمرار صمتي ومتابعتنا لحركاتنا، تكلم الأسود بنبرة منخفضة قليلا...
"أخبرني أرثر ماهو الأمل الذي حصلت عليه...؟!"
إبتسمت إبتسامة صغيرة وعيناي تتوهجان بشكل جميل...
"لقد حصلت على أصدقاء حقيقين، والأول مرة مند سنوات عديدية، إستعدت بعض مشاعري، عندما أضحك فأنا أشعر بدالك، عندما أغضب فأنا أشعر بدالك...، أتعلم عندما تمسكت بي تلك الصغيرة وبدات تناديني بابا، برغم أني لا أمتكل قلبا، فقد شعرت حقا بدفئ وسعادة داخل صدري... "
رغم تحدتي بتلك النبرة وتلك عاطفة، تنهد الأسود أمامي، وببطء حرك إحدي قطعه ليحاصر وزيري على رقعة...
"إذن أنت تخبرني أنك بدأت تعود لكونك إنسانا مجددا... "
"إنها معجزة صحيح...؟!، شخص متلي مجرد طفل جعلته الحياة يمر بأسوء ما يمكنه أن يمر منها، جعلته يخسر كل شيئ، ويعامل كوحش رغم عدم فعله لأي شيئ، جعلته يتمني الموت كل يوم، ومع دالك مع مجرد خيط رفيع من أمل بدأ يعود لكونه شخص طبيعيا، ويسعي لحياة طبيعية ... "
حرك الأسود قطعة الحصان ليأخد ملكتي من رقعة، وببطء رفع نظره وهو يركز على عيناي...
"أخبرني، ما الذي ستفعله إذى إنقطع خيط الأمل الذي حصلت عليه لتوك...؟!"
"إدي حصل دالك فسأنهي كل شيئ فقط، سأستسلم وسأنهي حياتي فقط، فلا رغبة لي للعودة لنقطة الصفر..."
"هل ستستسلم رغم كل مافعلته، رغم كل ما حصلت عليه، رغم كل قوتك ستتخد الخيار سهل..."
قال بنبرة تحمل قليل من غضب، وكأنه يشعر بما في داخلي من ألم...
"هل هو حقا خيار سهل...؟!"
"مادا تقصد أرثر...؟! "
رفعت يدي ببطء وانا انظر لقطعت الملكة من رقعة...
"الإستسلام ليس قرارا سهلا أيها أسود، هل تعلم كم عانيت، كم مرت كنت على باب الموت، كم مرة كنت أبكي على فراشي ليلا سرا، كم من دموع ودماء خسرة للوصول لما أنا فيه الآن... "
إبتسمت بشكل ضعيف إبتسامة تخفي ألمي دفين في صدري...
"لقد حصلت على ثلاثة أصدقاء أوفياء، كازوها إكليس، وأياكا، وقد حصلت على إبنة، تريد مخاطرة بنفسها للوقوف معي، وكدالك خادمتي التي مرت بأسوء أوضاع للبقاء معي، أيها الأسود هل تعتقد ان تخلي عن كل دالك وإختيار الموت هو خيار سهل حقا...؟! "
لأول مرت إتسعت عيناه و نظره لا يفارقني...
"لا أبدا أيها الأسود، ليس خيارا سهلا أبدا، في نظري أن الإستسلام هو أسوء وأصعب قرار يمكن لأي شخص إتخاده في حياته..."
مع كلامي حركت القلعت لأمام وحاصرت ملكه من جهتين...
وفي مقابل هو مازال يتأمل كلامي...
"الإستسلام هو أسوء وأصعب قرار إذن..."
تمتمت أسود لنفسه بصوت أعلى من همس بقليل، وبحرك من يده أبعد ملكه من حصار...
"إذن أخبرني أيها الأسود، ماهي رغبتك، لم أحظرتني...؟!"
تنهد بضعف وهو يفكر بعمق...
"أرثر، إدا كنت في أفضل حالاتك، من سيفوز في قتال حتي الموت بيني وبينك...؟!"
إبتسمت بشكل مرح من كلامه وانا احرك الحصان لأمام...
"أنت من سيفوز، وفي أفضل الأحوال على إطلاق قد نتعادل، أنت أقوي وحش في عالم السفلي، بينما انا مجرد بشري لم يصل للمستوي سامي بعد... "
"المستوى سامي...؟!، ما هادا...؟!" سأل بستفهام وهو يركز علي بنظره
"عندما كنت في جبال سوميرو البيضاء، سيطر أحد ملائكة على جسدي، وعندما فعل دالك كانت روحي على بعد خطوة من تفكك، لكن بسبب متابرتي وكفاحي، وأيضا معجزة ما تمكنت من تجاوز تلك كارثة، وأيضا رأية الكثير من أشياء التي كنت أجهلها عن نفسي وعن البشر... "
أخدت شهيقا، ورفعت نظري نحو أعلي...
"المستوي السامي، هو الشكل الحقيقي للبشر، هو المستوي الذي يصل له الشخص عندما يتمكن من تجاوز الحد أو الحاجز... "
حرك الأسود قطعة أخري على رقعة، وببطء اعاد نظره نحوي ببعض الإستفهام...
"إلي أي حد يكون البشر أقوياء عندما يصلون لمستوي سامي...؟!"
تبتة عيناي على عيناه، وبصوت عميق قلت...
"يكون الأقوي على إطلاق، البشري سامي بقوة ملوك الأجناس العليا، لا بل أقوي منهم بكثير... "
تجمد تعبير الأسود الأول مرة عيناه إرتجفت قليلا من هول كلامي، لكن لا أحد سيلومه لأن خبرا كهدا كافي بزعزعة إستقرار العوالم العليا كلها...
"لكن لا تقلق أيها الأسود، لأنه حتي هاده لحظة هناك بشري سامي وحيد معروف، لا بل انا الوحيد الذي يعرفه، وغيره ربما قد لا يوجد أي أحد ... "
"أخبرني من يكون...؟!"
"سأنصحك مقدما، لا تفكر بأي شيئ غبي، دالك الشخص لوحده قادر على مجابهة ملوك أجناس العليا أربعة لوحده، إنه ببساطة قوي لذرجة مثيرة لسخرية.. ."
ببطء حركت قطعة القلعة وأخدت ملكه من رقعة، وفزت بفارق بسيط...
"دالك الشخص هو أبي، أقوي بشري على مر عصور، لا بل الوصف الذي يليق به، بأنه أقوي رجل حي على إطلاق، أو على أقل هاد ما يبدو لي... "
تنهد الأسود وبحركة من يده إختفت رقعة شطرنج...
"أيها الأسود فل ننسى امر ابي الآن، فهو يملك خطط خاصة به وأيضا قوته كافية لسحقنا جميعا بنقرة من إسبعه، لذالك إنسي أمره، وأخبرني هل تعلم ما يحدث لجسدي...؟! "
إستجمع الأسود شتات نفسه بسرعة كبيرة وأعاد نظره نحوي...
"ببساطة، جسدك الصغير غير قادر على تعامل مع كل القوة الهائلة التي تمتلكها، رغم ان روحك قوية لكن جسدك ليس كدالك ، هناك حلين فقط، أولا أن تجد شخصا قادرا على ختم قوتك الهائلة وتدريب جسدك ليصبح جاهزا، وتانيا أن تجد جسدا قويا بالفعل وتنقل روحك إليه، وهو أمر مستحيل بالنسبة للبشر.. ."
وضعت يدي على دقني وانا افكر بكلامه...
"فل ننسي أمر خيار تاني إذن، هل يمكنك ختم قوتي جزئيا...؟!"
تنهد أسود وأغلق عيناه ببطء...
"لا، رغم اني أكره إعتراف بأمر لكن، قوتك اصبحت هائلة جدا، لا يمكنني فعل شيئ لك بهاد الخصوص... "
تنهدت بقوة من عدم فائدته لي، رغم قوته الكبيرة...
"هل تملك حلا مأقتا..؟!، أنا لذي حدث مهم بعد خمسة أيام، لا لقد أصبحت أربعة أيام فقط... "
"حسنا، إذن سأحاول، عندما تعود لجسدك، فل تأخد منجلي وإبدء التأمل في مكان هادء، سؤحاول تهدأت قوتك..."
"شكرا لك، والآن أخبرني ما الذي ترغب به...؟!، أنت لست من النوع الذي سيساعدني بسبب طيبة قلبه... "
"صحيح، أرثر ستلبي إتفاقنا السابق عندما كنا في تلك الغابة ، وأيضا، أريدك أن تجعلني تابعك... "
إبتسمت من كلامه، وأطلقت زفيرا طويلا...
"انت تطلب الكثير حقا، لكن أنا أيضا سأحاول فعل ما بوسعي، إذن وداعا في الوقت الحالي... "
مع كلامي فرقع الأسود أسابعه وفي تانية عد لجسدي، الذي كان في حالة سيئة حقا...