بعد مغادرتي منزلهما، بعد كل تلك المهزلة، تقدمت في طريق وقفت قرب منتزه الذي إعتدت علي دهاب إليه، وأنا أتأمل سماء الليل مرسعة بالنجوم، لقد كان منظرا جميلا حقا

"ولآن مادا سأفعل، ليس لدي مكان لأدهب إليه"

مجرد طفل في عاشرة من عمره يتعرض لكل هادا عناء ليتشرد في نهاية، لا منزل، لا عائلة، ولا حتي أصدقاء

"أظنني سأدهب لمكان أخر لنوم"

كانت تلك منطقة خطيرة قليلا علي طفل خصوصا في دالك الوقت متأخر من ليل

ظللت أتجول لمدة طويلة، ربما لعدة ساعات، وكان ليل قد خيم بالفعل وظلمة ملأت المكان،

كانت مصابيح الشارع هي شيئ الوحيد الذي يضيئ لي طريق

لكني تمكنت من لمح شخص قادم نحوي بطريقة غريبة

أدركت علي فور أن علي إختباء بسرعة، الشخص الذي سيخرج في هاد الوقت إما سارق أو ربما شخص مدمن

ليمر من أمامي رجل في منتصف تلاتينيات بحالة يرتي لها، لكن مخيف هو سكين كبير التي كانت في يده

يبدو أنه لص مار من هنا

تحركت بسرعة من أجل الهرب، إذا رأني ستكون نهايتي

"مادا لذينا هنا"

قبل حتي أن أدرك كان خلفي، بصوته مليئ بالبهجة وفرحة توجه نحوي وبسرعة كبيرة أمسكني من يدي، وهو يظهر إبتسامة كبيرة مقززة

برغم من موقفي صعب، وأني سأموت علي يده في حالة لم أفعل شيئا، إلي أن تعابير وجهي ومشاعري لا تتحرك إطلاقا

يبدو أن حتي في لحظاتي لأخيرة لن أستطيع إظهار مشاعري

"مجرد طفل صغير مادا تفعل في هاد الوقت متأخر؟"

تلاقت عيني معه، ولم أكلف نفسي عناء إجابته، لتظهر عليه بعض علامات الغضب، وإستياء

سرعان ما أخرجت بعض النقود التي كانت في جيبي ومددتها له بيدي أخري

"يمكنك أخد كل ما أملك، لذا فل تتركني أدهب من فضلك"

رغم دالك كان يأرجح سكين في يده بطريقة غريبة

إرتسمت دهشة علي وجهه وأظهر إبتسامة كبيرة

"يبدو أنك طفل دكي، أيها صغير لكن أنا لست لصا يريد مال، بل أنا متعطش لشيئ أخر لآن"

وضع سكينه طويل فوق رقبتي حتي خرج بعض الدم، برغم أني لم أظهر أي تعابير فقد كان يظهر تعابير فرح

لحول مكانه إلي معدتي، وبسرعة كبيرة

"أغغغغ"

في لحظة التي أمسك يدي علمت أن أمر سينتهي بهاده الطريقة، يبدو أنه قاتل مهووس، وأنا بحظي جيد إلتقيته يوم من بين كل أيام، يالها من مزحة سيئة

قام بطعني في جانبي أيسر، وهو يضحك بطريقة مقززة

في لحظة التي سحب السكين سقطت علي ظهري ودماء تتدفق من مكان الجرح، وقليل خرج من فمي

بهاد الوضع فرصة نجاتي صفر، فرصة رأيتي لإلينا مجددا غير ممكنة

"هاهاهاهاهاه كان هاد منعشا،لم أعتقد أني سألتقي شخص في هاد الوقت"

سمعت عنهم كثيرا لكن لم أعتقد أني سألتقي بواحد أبدا، قاتل بدم بارد، مهووسون لرأية دماء، ياله من حظ

برغم من أني فقدت كتير من دماء، إلي أني تمكنت من سمع صوت ظحكه وهو يبتعد

بدأ شريط حياتي يمر أمام عيني، كل مامررت به

"الموت هاكدا، يالها من مزحة سيئة"

رغم كل ما عانيت منه، برغم من كل ما قاسيته، سأموت هكدا فقط، دون حصول علي فرصة للعيش حياة جميلة، دون حصول علي تعويض

تبا تبا تبا تبا لهدا الوضع أنا لا أقبل ، لا يمكن أن أقبل بكل هدا الهراء

كم أردت الصراخ في تلك لحظة لكن صوتي، لم أعد قادرا علي إخراج أي صوت

أين العدل في هاد العالم، أليس السعادة وتعاسة تتبادلان أدوار دوما

لما لما لما لم أعش سوي تعاسة فقط في حياتي، ما شيئ خاطئ الذي إرتكبته في حياتي لينتهي بي أمر هكدا

بدأت أشعر بالبرودت في جسدي ولم أعد أستطيع تحريك أي شيئ في جسدي، مهما حاولت حتي تنفسي بدأ يصبح أصعب

أنا لن أسامحكم أبدا، لن أسامحكم مهما حدت، أرجو أن تتعفنو جميعا، أتمني أن تلقو نفس مصيري

لكن مع كل دكريات سيئة، تدكرت شيئا جميلا حقا حدت لي

بدأت قطرات من دموع بالخروج من عيناي عندما تدكرتها، بينما رأيتي بدأت تصبح ضبابية

"إ. إ.. إلينا أ.. أسف... أنا أسف لقلقكي دائم على، أرجو أن تعيشي حياة رائعة"

كانت دموعي فقط من أجلها شخص الوحيد الذي بكا و شعر بالقلق من أجلي

بدأت عيناي تغلقان ببطء، لم أعد قادرا علي إبقاء عيناي مفتوحتان أكثر، مع كل تلك برودة وألم بجسمي لسبب ما شعرت بالراحة لأني أخيرا سأغادر هاده حياة تعيسة

ودون أن أدرك كنت حقا أبتسم رغم كل ما مررت به كنت حقا أبتسم وأنا في لحظاتي لأخيرة

أردت حقا لو أراكي لأخر مرة

"شكرا ل....."

************

بعد تلاتة أيام، يجلسان علي طاولت طعام بتعابير من حزن وإستياء، دون قدرة علي قول أي شيئ

رجل الذي حتي طعام لم يكن يقترب منه، في حين أن مرأة تضع جبيرة علي يدها، وهي أيضا لم تلمس طعام أمامها

في دالك الجو الذي يبعت علي كأبة، سمعو رنينا علي هاتف المنزل

وقف الرجال وتوجه نحوه

_مرحبا من متصل _

_مرحبا نحن نتصل بك من مستشفي مركزي هل أنت سيد زاك ملانو _

إعتلا زاك تعبير من حيرة

_نعم فيما يمكنني مساعدتكم؟ _

إستجمع طبيب أنفاسه قبل أن يتكلم

_ أنت والد فتي في عاشرة من عمره يدعي بيل، صحيح؟_

إرتسمت الصدمة علي وجه زاك

_نعم أنا هو، هل حدث له شيئ ما؟_

_أسف لقول هدا، لكن في هاد صباح تم عتور علي إبنك ميتا بسبب طعن في جانب أيسر، نرجو قدوم..._

قبل حتي أن يكمل طبيب كلامه أوقع زاك الهاتف وتعبير من صدمة مرسوم علي وجهه، داقت عيناه، وهو يبدو كأنه علي وشك البكاء

"زاك مادا هناك؟ من متصل؟"

صوت إمرأة من خلف جعله يستجمع شتات نفسه

إستدار زاك لكن تعابير حزن لا تريد مفارقة وجهه

"بيل لقد.."

إرتسمت تعابير من غضب علي وجهها وهي تسمع دالك إسم

"بيل، مادا هل يريد عودة؟ "

"لقد وجد ميتا هاد صباح"

كلامات زاك تركتها في حالة من صدمة لكنها لم تظهر دالك علي وجهها، بل فقط غادرة العرفة متجهتا نحو غرفتها

دون قول أو فعل أي شيئ

توجه زاك وهو يترنح ليجلس فوق أحد كراسي وهو يمسك رأسه بحزن شديد

"بيل.. بيل"

برغم عدم إهتمامه بالفتي إلي أن وقع خبر وفاته كان كبيرا عليه، لم يعد يعرف أي تعبير يضهر هل فرح لإختفاء فتي من حياته، أو حزن عليه لأنه سبب في دالك

لكن يبدو أن دموعه التي خرجت دون علمه أكدت له أنه حزين، بل حزين جدا علي فراقه

"أنا أسف جدا، لأني لم أكن أبا بيل.. أنا أسف جدا" سرعان ما إختلطت كلماته بالدموع

برغم أن كلمات ودموع لآن لا تعني أي شيئ، لكن كانت تلك هي طريقة وحيدة له ليخفف علي نفسه وقع الخبر

في طابق تاني كانت كلوي جالست علي سرير وهي لا تظهر أي تعابير

بينما تري جبيرة علي يدها يومني

"إذن لقد دهبت أيضا، كما فعل هو أيضا"

رغم كونها سبب معاناة وتعاسة دالك طفل لم يسعها سوي شعور بالدنب و الحزن شديد، لآنه لم يعد موجود لآن

رغم حزنها، إلي أنها لم تدرف إي دموع عليه مثل زاك

"تبا تبا تبا لهدا الوضع"

سرعان ما تغير تعبيرها إلي غضب وبدأت في لعن، هي لم ترد للوضع أن ينتهي بهاده الطريقة

************

بعد مدرسة كانت فتاة تتقدم وتعابير قلق والحزن مرسومة علي وجهها

"أرجو أنك بخير بيل، لقد مر أسبوع لم تأتي إلي مدرسة"

شعرت فتاة بالقلق علي صديقها مقرب لأنه لم يأتي لمدرسة أو يلتقي بها

فتوجهت إلي منزله وهي تتمني لقائه، و إطمئنان عليه

بعد وصولها حتي قبل أن ترن الجرس وجدت طفلا يكبرها بتلات سنوات قرب الباب

"ما الذي تريدينه؟"

كان صوته مليئا بالتكبر والغطرسة، لكن كان يظهر تعبيرا غريبا علي وجهه

كأنه يحاول تهدأت نفسه بالقوة

"هل بيل في داخل؟ فل تخبره بالخروج أريد رأيته"

أنزل فتي رأسه لأسفل قبل أن يجيبها

بينما ظهرت علامات إستفهام علي وجه فتاة

"بيل قد....إنه قد مات قبل أسبوع "

ظهرت صدمة علي وجهها وداقت عيناها

"م.. م.. مادا قلت؟ مادا حصل له؟"

كان صوتها يحمل كثير من خوف والحزن برغم من أنها سمعته بوضوح، إلي أنها تريد تأكد مجددا، هي ترجو أنها سمعته بطريقة خاطأة

"كما أخبرتك، لقد مات بيل قبل أسبوع"

سقطت فتاة علي ركبتيها، وسرعان ما ظهرت الدموع في عيناها زرقاوتان

"بيل...بيل داك غير ممكن أنت تحاول خداعي، فل تخبرني أين هو؟ "

صدمتها جعلتها غير قادرة علي تحكم في نفسها، وغضبها ظهر

في مقابل أنزل فتي رأسه نحو أسفل وهو لا يعلم كيف يقنعها

"لقد أقيمت جنازته بالفعل، كما أنه لا منفعة لي بكدب عليك "

كلماته جعلتها فقط تتحطم أكثر، أعز أصدقائها يموت، وقع دالك خبر عليها كان كقنبلة

"آآآآآآآآآآآآآآآه"

سرعان ما ملأ صراخها وبكاؤها مكان، لم تعلم مادا تفعل لآن كان أمر مؤلما جدا

أمسكت صدرها وقلبها علي وشك الخروج

"أنتم السبب، أنتم من تسبب في دالك"

كلماتها كانت صحيحة، فقد شاهد فتي كل ما حدت في دالك اليوم، وعلم كل شيئ

لذالك فكلامها صحيح تماما، لم يتمكن من رد عليها، بل لم يعرف كيف يفعل دالك

"أنا لن أسامحكم أبدا، لن أسامحكم"

بتلك كلمات دهبت إلينا في طريقها ودموع تملؤ عيناها

******

"ما..ما هادا أنا حي؟"

2023/05/18 · 1,059 مشاهدة · 1394 كلمة
give up
نادي الروايات - 2025