البشر مخلوقات ضعيفة وهشة..
وهي ضعيفة جسديا أكثر بكثير مما يعتقد الكثير...
جسد البشر لذيه حدود لايجب تجاوزها...
سواء بإرادة أو قوة خفية او حتي دافع ما...
بعد أن تتجاوز دالك الخط الذي يضعه لك جسدك، ستجبر على توقف...
سواء أردت او لم ترد...
لكن ذلك فقط في حالة كونك بشريا عاديا...
الفتي صغير دو عيون سوداء التي بدأت تشرق أخيرا بضوء خافت من حياة...
رمى كل شيئ في زاوية عقله، وإستمر في تحطيم حدوده واحد تلو الأخر...
وكأنه يقول لجسده إذهب للجحيم انت وحدودك لعينة...
كم من مرة حطم جسده، كسر أطرافه وكاد يسحق تحث وطأة تدريبات...
لكنه إستمر، لم يعلم كيف أو لم هو مستميت للحصول على قوة، بل لم يتعب نفسه بالتفكير...
كل ما في أمر ان شعورا قويا ذاخله يحركه ليصبح أقوي...
أمام شينهي الملكة أسطورية الموهبة التي غير عالم قوانينه عندما ولدت...
وأمام غراي المحارب أسطوري الذي كان مرحا وبسيط أكثر مما إعتقد ريو، لكن قوته تجاوزت المفاهيم لتصل لعاليا..
وأيضا أيتي، المرأة التي لم تضهر أي شيئ لكن الفتي صغير أيقن أنها خطيرة جدا، وقوية فوق ما يتصور، ودليل براعتها في إخفاء قوتها كل هاد الوقت...
"أحسنت أيها المحارب الصغير، يمكنك أخد قسط من راحة الأن..."
قالت أيتي ببتسامتها الجميلة التي لا تفارق وجهها المشرق...
بينما سقط ريو على ركبته وهو يستحم في عرقه، بينما لم يقدر على تحريك غراي مجددا...
النتيجة كانت متوقعة، لكن مقارنة باليوم أول، تحسن ريو كثيرا...
"حتي الوحوش صغيرة، تحتاج لراحة، هيا ريو لنسترح قليلا..." بمرح وضحكة مرتفعة
أمسك العملاق غراي ريو بين يديه وقاده نحو غابة...
إرتفعت أشجار وكانها تلامس السماء، وضوء لطيف تسلل عبر فور ممتدة ليطل على أرض تحته...
شعر المحارب الصغير ريو بعجز، أمام تلك القبضة الحديدة المحكمة عليه..
وبقوة رماه غراي وكأنه يطلق قذيفة، وسط بركة من ماء البارد... إقشعر جسد الصغير وكان تيارا من كهرباء ضربه عند ملامسته للماء البارد، لكنه سرعان ما تعود عليها...
"أيتي هل يمكنك تركنا لوحدنا بعض الوقت... "
ببطء أفلتت أيتي رقبة غراي، وتراجعت بينما مازال تطفو في هواء...
نظر ريو لهما بغرابة...
هو لم يرها تمشي على قدميها ولا حتي مرة واحدة، بل لم تفارق جانب غراي إطلاقا ، مما جعل بعض الحيرة تتسلل لعقله...
بعد أن إبتعدت ايتي عائدة للكوخ، خلع عملاق ملابسه لتظهر كثير من النذوب القديمة على جسده العظلي قوي...
وبهدوء جلس وسط الماء بينما رفع رأسه برتياح نحو السماء...
"إنه يوم هادء وجميل، كم أتمني أن تستمر ايام كهاده... " علق غراي ببتسامة كبير..
بينما هز ريو رأسه بنصف إبتسامة...
"مارأيك في حديث من رجل لرجل، ريو...؟!"
وجه غراي نظره نحو ريو الذي لم يخفي فضوله من تغير نبرة وهالة غراي ...
"بالطبع، سأحب ذلك أخي... "
ريو هو أخر خلع ملابسه مبتلة لتجف تحت ضوء الشمس، وجلس على مسافة صغيرة من غراي...
"ريو أخبرني، لم تريد أن تصبح أقوي...؟!"
توهجت عينا الصغير من ذلك سؤال، الذي لم يفكر فيه كثيرا...
أن تكون قويا معناه ببساطة ان تحصل على كل ماتريده في هاد العالم ملعون...
أن تكون قويا لن تطر للقلق من شيئ، لن تخسر شيئ، والأهم لن يقدر أحد على تلاعب بك...
تلك واحدة من اسباب قليلة التي فكر فيها ريو...
لكن ولا واحد منها كان يمثل حالته وما يجول في ذهنه...
"هاهاها، انت تفكر كثيرا أيها المحارب الصغير، لم لا تختار شيئا بسيطا، وتبني عليه معتقداتك و مبادئك..."
قال غراي بمرح بعدما رأي الحيرة على ريو...
"لم أصبحت قويا أخي، هل يمكنني معرفة سببك أولا...؟!"
بعدما لم يصل لنتيجة قرر ريو قلب طاولة وإعادة سؤال لصاحبه...
الذي أخرج نفسا طويلا ببتسامة هادأة وكأنه تذكر أشياء من ماضي...
"أنا لم يكن لذي خيار فقط، لقد تحتم علي ان أصبح أقوي، وإلا لم أكن لأبقي حيا..." تغيرت نبرة غراي وأصبحت عاطفية قليلا...
في حين كان قليل من فضول يتسرب لريو...
هو بالفعل يعلم أن أقوياء سيعيشون...
لكن حتي ضعفاء سيفعلون مع تخلي عن الكثير من أشياء..
لكن بالنسبة لشخص لم يكن لذيه خيار، مانوع الحياة التي عاشها، مانوع الوحوش التي قابلها...
"هل إنتابك الفضول لمعرفة ما حدث...؟!"
هز ريو رأسه بفضول، بينما أشعل غراي شعلة من لهب أحمر فوق راحة يده...
ضيقت عيناه وهالته أصبحث أكثر تقلا وحزنا...
"أنا لم أهتم يوما للقوة، لضعف او حتي للعالم نفسه، لقد كانت حياتي بسيطة و مثالية جدا..."
إرتجفت عيناه قليلا وهو يتذكر الماضي...
" في صغري قبل أن اصل لسن سابعة، كانت حياتي مثالية، إستيقاظ مبكرا، ذهاب لصيد، العودة للمنزل، مساعدة أم وأبي في مهامهما، ولعب قليلا مع أصدقائي، يمكن قول أنني أحببت تلك لحظات أكثر من اي شيئ أخر ..."
لم يقل ريو شيئا وهو يستمع بحرص لكلمات غراي عميقة...
"لكن تغير كل شيئ عندما هجموا..."
ضربت قشعريرة جسد ريو وإتسعت عيناه، عندما رأي يد الحديدة للعملاق غراي ترتجف دون توقف...
"حدث ذلك عند إكتمال القمر في ليلة سوداء، بعد منتصف اليل، عندما كان الجميع نائما في القرية، من فراغ وكأنهم كانو يختبئون في ظلال، خرجو وبدأو في قتل وأكل الجميع، وحوش شيطانية، لم يفرقو بين أطفال او نساء او اي شيئ، كل شيئ في طريقهم تحول لكومة من خراب دموي..."
ضربت قشعريرة باردة عمود الفقري لطفل صغير الذي رأي ذلك التحول بين ليلة وضحاها...
بينما أتبع غراي بنبرة تحمل حزنا عميقا، وجرح كبير في قلبه مازال لم يشفي...
"قتلو الجميع ومن ثم أكلوهم، ومنهم ابي وأمي، كنت صغيرا وضعيفا، أرتجف في مكاني بينما سمعت صراخ الجميع، قام كل من أبي وأمي بإخفائي جيدا، بينما ضحو بأنفسهم من أجلي، حياتي كلها إنقلبت رأسا على عقب، كل شيئ تبخر وإختفى في ساعات معدودة..."
تجمد تعبير ريو وعيناه توهجت بقوة ...
الخسارة التي تكبدها الشخص أمامه لم تكن شيئا بسيطا، لقد خسر كل شيئ..
عائلته، قريته، أصدقاءه، كل شيئ في ليلة واحدة...
لايمكنه حتي تخيل نوع مشاعر التي تعتريه، في تلك لحظة...
أراد قول شيئ ما لكن مادا يمكن أن يقول، أي كلمة لذيها القوة لتعبر...
"الحياة لم تكن عادلة معك أخي..."
من بين كل كلمات لم يجد غير تلك الجملة...
ضحك غراي بقوة عليها، وكأنه لم يتوقع ذلك...
"بالطبع هي ليست عادلة، الموت هو شيئ عادل الوحيد، أما الحياة لاداعي للعدل فيها..."
وضع غراي يده على كتف ريو وهو يبتسم بهدوء وإرتياح...
"أخي صغير، نحن محاربون، لسن بحاجة للحياة لتكون عادلة معنا، نحن أقوياء ودو قلب وعقل.. ." قال ورفع نظره نحو السماء زرقاء...
"لقد فقدت كل شيئ، وكذت اصاب بالجنون عندما أدركت حقيقة أني بقيت وحدي، لكن رغم ذلك واصلت المضي... "
أخرج غراي نفس ساخنا من فمه بينما عم صمت بينهما...
صمت حلل فيه ريو ماحدث لشخص قربه وما مر به من معانات، والألم...
كسر غراي صمت بنبرة جادة وعيون متوهجة..
"ريو، سأعطيك نصيحة واحدة يمكنك عمل بها أو لا الأمر عائد لك.. ."
فتح ريو عينه وإستمع بحرص لكلمات الشخص الذي إعتبره كأخ الصغير...
الشخص الذي بنا نظرة ناضجة وقوية عن الحياة...
"لا تأخد الحياة بجدية كبيرة، الرجل بحاجة لثلاتة أشياء فقط، لقتال ممتع يعطي حياة معني، نوم ببطن ممتلأ وأيضا الوقوع في الحب، كل شيئ أخر مجرد أمور تانوية، وجودها مثل عدمها..."
فكر ريو في تلك كلمات التي حملت نظرة شخص فقد كل شيئ في حياته..
وبنا نفسه من صفر، بعقلية محارب مخضرم...
"ريو القتال سيشعرك بالحياة، النوم ببطن ممتلأ سيشعرك بسعادة و إمتنان، والحب وجود إمرأة تراك أفضل رجل في حياتها، كفيل بجعلك تتابع عبر أي شيئ... "
شرح غراي بهدوء ورفع نظره نحو السماء بعيون تحكي كثير...
"يبدو أنك مررت بالكثير أخي، ومع ذلك ماتزال مرحا ودو قلب نقي..."
ضحك غراي بقوة من كلام ريو وعيناه توهجت بلون قوي...
كأنه يقول أن الفتي أمامه يرتقي لكون الشخص الذي نبحث عنه...
"ربما.. فقط لا تصبح عبدا لشيئ، الإنتقام المشاعر، الكره البغض، عندما تصبح عبدا لأحد مشاعرك ستنتهي حياتك... " عم صمت لتانية قبل ان يكمل غراي...
"ريو الحياة أقصر من أن نضيعها على أشياء تافهة، فل تعش حياتك بطريقة تجعلك لا تندم عندما تكون على فراش الموت، فل تجعل أخر شيئ تسمعه عند موتك هو ضحكتك..."
بتلك كلمات التي فتحت أفاق رأيى جديدة للفتي صغير وقف إتنان لمغادرة البركة...
'القتال للمتعة، بطن ممتلأ بطعام، والحب... '
فكر ريو بتعمن كبير في تلك كلمات وهو يرتدي ملابسه..
"أخي أنا لم أسأل لكن ماهي علاقتك بأختي أيتي تحديدا..."
سأل ريو بشكل عرضي، لكن غراي إبتسم بفخر وهو يحكم قبضته العملاقة...
"إنها حب حياتي، المرأة التي تجعل قلبي ينبض اقوي من أي ساحة قتال، وهي المرأة التي هزمتني عيناها، بتعبير أخر إنها أهم ما في حياتي.. ."
الفخر الحب المودة وإحترام...
كلام غراي عن أيتي جمع جميع المشاعر الصادقة في نبرته وأيضا في عيناه...
"يبدو أنك حققت كل شيئ أخي، القوة، الحب، ومتعة..."
علق ريو بنبرة من سعادة بينما ضرب غراي ضهره بالطف...
"بالطبع فعلت. هيا فل نذهب أعتقد انهما ينتظراننا..."
تقدم المحاربان وهو يتبادلان أطراف الحديث بمرح...
غراي العملاق بسيط محب المرح، والقتال للمتعة، وريو الطفل الذي يتعلم اشياء جديدة كل يوم...
نظرته للحياة للعالم، ولموازين القوة وضعف، إختلف كثيرا عن دي قبل...
عيناه فتحت على شيئ جديد كليا...
لكن الطفل الصغير، لم يكن يعرف ما ينتظره في مستقبل...
لم يعلم ان كل شيئ يحصل له مخطط من طرف شخص ما...
وأن خيوط القدر ملفوفة حوله...
بينما يجهز لإستقبال مصائب وفضائع المستقبل التي يتنزل عليه...
كل ما يمكن قوله أنه روح مسكينة
........
في تلك أتناء حيث ضوء الشمس لطيف يتسلل عبر الشقوق ونوافد...
بصوت صرير خشب القديم جلست إمرأتين وهما يتبادلان أطراف الحديث...
علت وجوهما تعابير من حيرة وجدية، لخطورة الموضوع...
"إذن أختي ما الذي قررتي فعله...؟" سألت ايتي بنبرة هادأة وهي تحتسي رشفة من كوبها بطريقة أنيقة ...
في جهة أخرى تأملت شينهي ذلك السؤال عدة ثواني...
"لا داعي للكلام فلسفي او حكمة التي لا طائل منها في هاد الموضوع..."
وضعت شينهي كأسها على طاولة وتنفسة بقوة...
"أيتي على ذلك الطفل أن يعيش، مهما حدث...، هو سيكون أملنا.... "
عقدت أيتي حاجبها بستفهام واخدت رشفة أخري...
"أختي، ذلك الصغير سيتطور ليصبح أقوي كيان في جميع عوالم، سيصبح بقوة الملك الأول، هو يمكن أن يكون أملنا... لكن..."
رأت شينهي مخاوف آيتي، وقلقها...
وأذركت ان ذالك طبيعي جدا...
تلك الروحة الصغيرة التي بالكاد يمكنها ان تنجو لتانية أمامهم...
سيتطور ليصبح أقوي كيان في وجود، يوازي الملك الأول الذي حكم جميع العوالم ...
المشكلة لم تكن في ذلك، بل في إذا كان سيتبع مسار من جاء قبله ام انه سيفعل شيئا مختلفا...
لم تكن هناك طريقة لمعرفة النتيجة، المستقبل غير تابت ولا يمكن تنبؤ به...
في هاده للحظة التي يتكلمان فيها، هناك العديد ممن يبحت عن ذلك الطفل لقتله او لمحاولة إستفادة منه...
وشيئ وحيد الذي يمنعهم هو وجود شينهي الملكة أسطورية معه لحراسته، وردعهم..
وأمامها الآن هناك شخص ممن لايعرف ما سيحدث بمخاوف كبيرة، تنهش عقله وتفكيره...
"أختي أنا، ممثنة كثيرا للملك العظيم، بفضله أغلي ما أملك وأفضل مافي حياتي، غراي مازال حيا، لكن..."
"الحرب، أصبحت شيئا فوق إستطاعتنا، هي لم تعد حربا جسدية فقط بل نفسية، الكثير قد مات..."
الأصدقاء، العائلة، والإخوة...
الكثير من أشياء فقدناها، وحتي نحن لا يمكننا قتال أكثر...
إنها حرب خاسرة في كل حالات...
ما الذي يمكننا فعله...؟
كيف يمكننا إيقاف هاده فاجعة التي تأخد اعز ما لذينا...؟
الكثير من أسئلة، أكثر مما يمكن للعقل تحمله...
لكن هناك جواب واحد فقط...
"التخلي عن فكرة توازن والصلح، والقيام بإبادة شاملة..."
قالت شينهي بنبرة قاسية وهي تحكم قبضتها، بقوة ..
"أيتي، سنخالف إرادة الملك الأول، ريو لا تلك الروح غير خاضعة لإرادته، كل ماعلينا فعله هو منعه من تبني فكرة الملك..."
لم ترمش أيتي، وبهدوء أخدت رشفة أخري من كأسها...
"الملك قد ساعدنا كثيرا ووقف معنا في أسوء الأوقات، لكن، ستكون نهاية العالم لو ذهب أبعد... "
هزت شينهي رأسها بالموافقة...
شينهي أكثر من مذركة ان الأمر اصبح أكثر خطورة من اي وقت أخر...
في هاده لحظة بذات، الخطأ سيعني نهاية لعبة، نهاية العالم...
"لا أعلم لم أيتي..؟، لكن لذي شعور غريب أن ريو سيكون هو نهاية كل شيئ..."
وضعت شينهي يدها على صدرها برتياح وإبتسامة من ثقة رسمة على وجهها...
"أرجو أن يكون إحساسك في محله أختي..."
'لأنه لو لم يكن، سأقوم بقتل تلك روح صغيرة بنفسي '