*منظور بيل *

إستندت على قدمي ودراعي للوقوف ببعض الصعوبة، وصداع مازال يضرب عقلي بقوة...

"بيل هل تريد معرفة الحقيقة...؟"

تلك جملة أخافتني، اكثر من مواجهة الوحوش المجهولة...

الحقيقة التي كنت أتوق لها من وقت ليس ببعيد، الحقيقة عن نفسي حقيقة هاد العالم لعين ..

لم يمض حتي تلاثة أشهر منذ ان اتيت لهاد العالم، كأرثر، وفي تلك مدة القصيرة التي لاتعدو تكون غمضة عين...

إكتشفت أن هناك الكثير من أسرار تحوم حولي، حول هاد الجسد حول كل شيء قربي ...

لكن في صميمي كنت خائفا من الحقيقة، لم أرد معرفتها، او ربما ليس لذي الشجاعة لمواجهتها...

لكن الآن هناك من يحمل الأجوبة، يقف أمامي مباشرة، وهو يعرض على كل شيء أردته...

لا أعلم حتي تعبير الذي يضهره وجهي...

"هل انت ستخبرني حقا...؟"

كنت مترددا كثيرا، وعزيمتي ليست كافية لتقبل الأمر...

"بيل أنت أعظم روح صنعها سيدي الملك الأول.. ."

كلام الأسود ضرب عقلي، كمطرقة عملاقة، جعل كل شيئ بطيء وعقلي يحاول تحليل ما سمعه...

روح... صنعها... الملك الأول...

أي هراء لعين هدا..؟

هل هاده خدعة ما...؟

أنا لست حتي بشريا حقيقيا...؟!

ضاقت عيناه وإرتجفت شفتاي من هول ما سمعت...

"م... ما الذي.. تعنيه، أيها الأسود...؟"

سألت بتردد، وجسدي مايزال يرتجف دون توقف...

عالمي المزيف الذي احطت نفسي به، إنهار بأكمله أمامي، بسبب جملة واحدة...

عيناه الصفراء الحادة نظرت لي ببعض الحزن و العاطفة داخلها، رأيت يديه ترتجفان هو أخر، كأن الأمر صعب عليه ليقوله...

تحركت شفتيه ببطء

"بيل، أنت روح صنعها الملك الأول، وضع فيها كل كيانه، أنت أفضل تحفة صنعها على إطلاق... "

هاااه، تلك جملة مجددا...

أنا مجرد شيئ صنعه ذلك العين...

حياتي بأكملها هل هي مجرد كذبة لعينة...؟

هل أنا مجرد لعبة من نوع ما لذيه...؟

شعرت بالغضب الضياع، الفراغ يعتريني، بينما رمقت الأسود بنظرات غير مصدقة...

رفع الأسود يده، وإختفت الدائرة التي تعرض قتال معلمتي، وبلحظتها، كالخيان تحول بحر الظلام، لصحراء حمراء عملاقة...

صحراء مليلأة بالجتث والغربان تنهشها، الدماء كانت كالأنهار، بينما هواء نفسه أصبح أحمرا وعفنا ومليء برائحة الموت و الخوف...

إرتجفت عيناه من بشاعة المشهد، إنه الجحيم بنفسه هنا...

لا ربما هو أسوء حتي من ذلك...

جتث بلا نهاية، ألاف، لا بل الملايين من الجتث، لمحاربين، من كل الأجناس، البشر، التنانين، الجنيات، حوريات النجوم، الملائكة، شياطين، وأجناس أخري لم اتعرف عليها...

جميعم ساقطون قرب بعضهم أموات...

"الحرب أخدتهم جميعا، لم تترك شخصا واحدا..."

قال اسود، بصوت من اسي والحزن...

وببطء بدأنا نتقدم من فوق الجتث، كانو كبحر بلا نهاية، ملؤو الأفق وما بعده...

وبقطعنا لمسافة لابأس بها، بدأت أستشعر طاقة هائلة في جو...

موجات الطاقة تتابعت، مما قام بنسف كل شيء قرب أصحابها، كل شيء تحول للعدم قربها...

ومع إقترابنا أكثر قليلا، تمكنت من لمح شخصان، يتبادلان التصادمات بالسيوف...

كل تصادم منهما كاف لنسف أي مخلوق حي كيف ما كان شكله، الأرض إرتجفت تحتهما، والواقع نفسه تشقق تحت وطأة قوتهما...

"أي قتال قادر على شق الواقع نفسه...؟"

سألت بدهشة وصدمة في نفس الوقت، ومع إقترابنا أكثر بدأت اري ملامح الشخصين...

"إنهما أقوي شخصين على إطلاق، لم يكن هناك شخص بقوتهما قبلا، ولن يكون بعدهما..."

قال أسود وهو يركز على الشخص الذي يشبهني بكل شيء تقريبا ، دو الشعر أسود الطويل بعيون من نفس لون تشبه سماء ليل، بجسم منحوت كثمتال مسقول، بسيفين واحد منهما أبيض كأنه صنع من ضوء نفسه، والأخر شديد السواد وكأنه صنع من ظلام...

وفي جهة أخري وقف مخلوق يشبه البشر، بعباءة سوداء ممزقة من أطراف ، وعيون زرقاء تلمع تحت خودة عظمية مخترقة الظلام، سيفه ظخم يبدو كحد المقسلة المسكونة جبار ومهيب...

فتحت عيناي على إتساعهما من هول حظورها وقوتهما الجبارة...

"الملك العظيم، ملك الأول وسيدي، وشخص الأخر هو ملك الموت نفسه ملك الهاوية، أقوي مخلوقين وجدي على مر العصور... "

كلماته كانت تقيلة كمطرقة عملاقة، وتعبيره كان مزيجا من عاطفة وشوق والحزن وهو ينظر لسيده وهو ايضا الشخص الذي صنعني...

"بيل، ماتراه الأن هو الحرب العظيمة التي حدتث، وتقاتل فيها شخصين أمامك..."

ادرت نظري مجددا في مكان، لاشيئ غير رائحة الموت، وصوت تصادمات كائنين...

وقفت هناك اشاهد معركتهما التي لايمكن القول عنها سوي أنها أسطورية، معركة ستبقي خالدة للأبد...

رغم حركاتهما سريعة تمكنت من لمح، الإبتسامة من سعادة على ملك الهاوية...

النشوة وسعادة سيطرة على جسده بينما جسده ملأ بالجروح الخطيرة، التي كانت بمتابة وقود يحركه...

وفي الجهة الأخري كان صانعي هو الأخر ممتلأ بالجراح وخيط صغير من فرح في عينه...

لابد انهما نسيا الحرب نسيا الموت وكل شيئ، وركزا على بعضهما في قتال، ربما لن يتكرر أبدا...

لم اكن اريد إعتراف بأمر لكن، الملك أول شخص قوي جدا، ورائع في قتاله...

كل شيئ يتعلق به فوق مفهوم الطبيعي، فوق الوصف، مثالي جدا، لدرجة سخيفة...

"ماتراه الآن، هو دروة القوة في هاده الحياة... "

قال الأسود وهو يحكم قبضته وتركيزه على الشخص الذي صنعني...

لكن بتمعن في الأمر هاد الشخص لم يكن حاظرا هنا، بل ربما لا يفترض به...

فكيف يعلم كل هاده الأشياء...؟

"لقد حظرت المعركة بيل، أنا هناك..."

وكأنه قرأ أفكاري رفع الأسود إسبعه مشيرا لسلاح الملك الأسود الجميل...

لم أفهم ما يعنيه، بحسب ما أعرفه يفترض بهاد الكائن أن يكون مخلوقا اسطوريا من عالم شياطين...

هل من معقول ان هذا الشخص...؟

"ما تفكر فيه صحيح بيل، أنا هو سلاح الملك، أنا ايضا أحد الأشياء التي صنعها... "

توقف عالمي للحظة من كلامه وأغلقت عيناي، محاولا جمع الأفكار في رأسي...

الكائن أمامي حسب ما أعلم هو وحش أسطوري قديم، لكن الآن يخبرني انه سلاح...

حككت مؤخرة رأسي بقوة وانا غير قادر على فهم أي شيء...

"بيل، عندما كنت في العالم أخر كنت تقرء إحدي مايسمي بالروايات صحيح...؟"

سأل الأسود وأعاد نظره نحوي...

برأية كل هذا، ليس من مستغرب ان يعلم حول عالم أخر، وكل ذلك الهراء...

لذلك بدلا من جعل اسئلة كثيرة ودون فائدة، قررت تسريع أمور...

"صحيح، وقد كانت هناك رواية تتحدث عن هاد العالم، عنك عن أجناس عن الحرب بين تنانين وحوريات النجوم، كانت مليأة بالمعلومات عن كل شيء تقريبا في هاد العالم... "

"تلك لم تكن رواية بيل، لقد كانت عبارة عن بعض الهراء الذي كتبته أنا لك، لجعلك على دراية بهذا العالم قبل ان تنتقل له، أما البقية الأمور فقد كانت عبارة عن مسرحية كبيرة، أعددتها انا وأخي والملكة، وبعض الأشخاص الأخرين..."

تجمد الدم في عروقي، وشعرت كأن ساعقة ضربتني جعلت جسمي يتخدر غير قادر على تحرك...

كل شيي عني، حياتي كلها كانت عبارة عن مسرحية...

هل هناك شيئ فعلته في حياتي بإرادتي...؟

لا ربما لا يوجد فما انا سوي شيء صنعه اعظم كيان مر في وجود...

"بيل انا أعلم ما تفكر فيه، مزيفة، مخادعة، معانات دون معني، حياتي ليست ملكي، هذا هو ما يجول في دهنك صحيح...؟"

لم أقل شيئا وانا انظر بمشاعر مختلطة نحو الشخص الذي صنعني...

رغم قوته هل كان يستمتع بهاده ألاعيب لعينة...؟

"الشخص الذي صنعنا كان أطيب وأفضل شخص على إطلاق حكم بلطف وعدل لكن ليس بسداجة، لكن الحرب لا مفر منها..."

مع كلامه توقف كل من صانعي وملك الهاوية، بعد أن إخترق سيف كل واحد منهما الأخر، بجرح مميت قرب القلب...

"حاول الملك حل مشكلة دون لجوء للحرب لكن، لم يفلح أي شيئ، وهذا هو ما قادنا لهاده اللحظة..."

رفعت حاجبي بإستفهام، لأنه في أوضاع عادية، سيكون العالم مدمر بعد هاده الحرب...

لا أعتقد ان شخصا سيبقا حيا بعد كل هاد الجحيم...

إذن كيف ما زال العالم سليما...؟

"تقاتلت الأجناس معادية للملك والأجناس موالية له في حرب طاحنة، بينما هزم الملك، ملوك اجناس معادية وقاتل ملك الهاوية، قتالهما إستمر طويلا جدا لفترة حتي أنا لم اتمكن من عدها..."

عم صمت بيننا لعدة تواني قبل ان يمرر إسبعه لتتغير الصورة لنهاية القتال...

أنزلت نظري ببطء نحوها وانا اتوق لمعرفة من فاز...

لكن تعبيري تجمد عندما رأية دراع بسيف أسود مقطوعة ودماء تدفقت منها...

علي أسود تعبير من غضب وحزن وحصرة في آن واحد وهو يري ذلك المشهد...

مع إنقشاع الغبار وطاقة التي حجبت رأيتنا، كان كلاهما ساقطا غير قادرا على حراك...

صانعي فقد يده وجسده مغطى بدماء من رأسه لحتي قدميه من كثرة الجروح وإصابات...

في الجهة الأخري ملك الهاوية سقط بينما تحطمت خودته وجسده هو أخر ممتلء بدماء والجروح وأسوءها حفرة كبيرة في صدره...

كانا كلاهما في قمة هاد العالم، من حيث القوة وإرادة، رغم إخراجهما لكل قوتهما لم يكن هناك منتصر...

لم يتمكن أي أحد منهما من قلب طاولة والفوز...

بعد نهاية معركتهما التي سجلت في التاريخ، وقف الملك الأول، بصعوبة كبيرة وهو يدير نظره في ساحة المعركة التي كانت حمراء من كثرة الدم....

كان تعبير من أسي والحزن على وجهه ممتلء بدماء..

ربما لم يتمكن من إحتمال رأية أصدقائه وأتباعه جميعهم يبادون...

لكنه لم يسقط، حتي مع كل الحزن وأسي الذي يجتاح قلبه، صانعي لم يسقط بل أخد سيفيه محاولا فعل شيء ما...

"عندما راي الملك نهاية كل شيء، أدرك وقتها أنه لم يعد مناسبا لحكم العالم..."

قال الأسود وبحركة من أصابعه تغيرة الصورة حيث وقفنا في ما يشبه غرفة عملاقة محصنة وفي وسطها شجرة خظراء عملاقة...

"شجرة الحياة..."

قلت ببعض التردد..

"الملك علم أن الوقت عليه المضي وعلى جيل قادم أن يغير الأمور، حكم الملك العوالم لأكثر من عشرة ألاف سنة، لذلك بحلول هاده الكارثة هو لم يكن لذه شيئ ليقدمه أكثر..."

مع كلامه توجهت سيوف الملك ليضهر الأسود، وأيضا شخص أخر شديد البياض، كانا سلاحيه...

سلاحان بوعي وعضور خاص، أسلحة حية، بإرادة خاصة...

كان شيئا من صعب تخيله، لكنه أمامي الآن، لا بل أنا دليل حي عليه...

توهجت شجرة الحياة وضهرت معلمتي خلف الملك بجروح خطيرة تملأ كامل جسدها...

كانت في عز قوتها، ورغم ذلك تعرضت لإيصابات خطيرة هددت حياتها...

كانا يتكلمان عن شيء ما لكن لم أسمع اي شيئ وكأن حاجز منع تلك محادثة عن الخارج...

"بيل، لقد رأية نهاية العالم، لقد رأية ما سيؤول له كل شيئ، دماء والموت، كل شيئ سيموت..."

"مهلا ما الذي تقصده بما سيؤول له الأمر، ألم يحدث كل شيئ في ماضي...؟"

هز الأسود رأسه بالنفي..

"كل شئ حدث في المستقبل القريب، الملك إستعمل قوته لعكس مجري تدفق الزمن نفسه، وصنعك أنت أعظم تحفه، لفعل شيء بخصوص الكارثة القادمة..."

سقطت على ركبتي والقوة تغادر جسدي...

هل هؤلاء لعناء مجانين...؟

حتي لو أردت من مستحيل أن أكون متل صانعي لعين، انا حتي مازلت غير مستوعب لفكرة ان شخصا ما صنعني...

لقد رأيت ما يقدرون عليه، ملك الهاوية قادر على إبادة الكون بأكمله...

ومع معرفتهم لكل ذلك الهراء، يرغبون من طفل لم يتجاوز العاشرة متلي الوقوف في طريقه...

"هاهاهاها، هراء لعين..."

خرجت تلك ضحكة من شفتياي دون ان اذرك، رأسي كان سينفجر من كل هذا الهراء...

الحقيقة التي أردتها... الحقيقة التي كانت من مفترض ان تخفف صداعي وتريني الطريق...

هي الآن تجعل جسدي على وشك الإنفجار...

اللعنة، هاهاها، حقا اللعنة على كل شيء..

مع إنغماسي في تلك أفكار لعينة، يد باردة كانت على كتفي...

"بيل، أنا وأنت صنعنا اعظم شخص في هاده الحياة لعينة، بنفس الطريقة التي أصبحت بها واحد من أعظم الأسلحة الحية، ستصبح انت أقوي من الملك نفسه..."

رأيت إبتسامة الصادقة ومحاولته لتشجيعي...

لكن كل هذا اكثر مني، أنا مازلت غير مستوعب لشيء...

"بيل، أنت بمتابة أخي الصغير، هل تريد تضييع تضحية الملك، وأيضا تضحية الملكة..."

رفعت نظري ببطئ نحوه...

"مادى تعني بتضحية معلمتي...؟"

لم أمضي اكثر من شهرين معها هنا، كلامها تدريبها لي، كل شيء محفور في ذاكرتي...

هي كانت تعلم من أنا، ومع ذلك كانت تعتني بي وتحبني كإبنها...

من مستحيل ان أسمح بموتها من أجلي...

بفرقعة من أسابعه إختفي كل شيء وعدنا لذاخل ظلام مجددا، وببطء تشكلة الدائرة امامنا تعرض معركة معلمتي...

"هاااه، ما الذي يحدث هنا...؟"

سألت بصعوبة وكثير من قلق...

هناك في الجهة أخرى معلمتي هزمت العملاق، بسهولة، لكن في سماء كان هناك ما لا يقل عن ألف محارب...

"لقد تحركو، هم يريدون تصفية اهم أشخاص المهمين الملكة و الأهم انت بيل..."

لم أحول نظري عن معلمتي التي حملت السيف ووقفت في وجه ذلك الجيش ببتسامة من رضي...

"علي ذهاب لمساعدتها، هيا..."

بهرعي امسكني الأسود من كتفي واشار لي لإنتظار...

"بيل، أخي الصغير إنه الوداع بيني وبينك، عندما تصل وتتكلم مع الملكة ستعلم سبب ما حدث لك في عالم الآخر، وستعلم ما عليك فعله..."

"مهلا، ما الذي تعنيه بالوداع، ألن تأتي معي، أنت سلاح أسطوري ألن تساعدني...؟!"

هز الأسود رأسه بالنفي، لم تكن المساعدة ضمن افكاره...

"مهمتي إقتصرت على حمايتك حتي هاذه الحظة فقط، أنا أحبك أخي صغير، برغم اننا لم نتكلم كما يفعل الإخوة ... "

بكلماته ظهر المجل الأسود بين يديه...

"سأصنع لك سلاحا خاصا بك، والآن وداعا أخي الصغير، أرجو ان تفكر جيدا في ما ستفعله، وتدكر جيدا إتفاقنا في غابة الموت، فل تجده فهو شقيقنا الأكبر..."

عانقني الأسود بقوة، وقبل ان أبادله عناق، إختفي كل شيء، وعدت لمنتصف الغابة مجددا...

لم أعلم بما يجب ان أشعر، الحزن الأسي الشفقة...

كل شيء قلب رأسا على عقب في لحظة واحدة...

بوووووم...

مع ضياعي إنفجار عملاق هز الغابة...

"معلمتي..."

بأسرع ما أستطيع، ازلت كل الأفكار من دماغي، وتوجهت نحو مكانها...

أملا من كل قلبي، حمايتها...

2025/02/16 · 25 مشاهدة · 2015 كلمة
give up
نادي الروايات - 2025