134 - عجوز المزرعة 2

*منظور بيل *

"هاهاهاها، ضعيف..."

"إنه ضعيف... "

"بشري ضعيف... "

"وجبة جاهزة... الضعيف سيكون جيدا لذيذا..."

تبا لكم ايها المجانين، أنا لست لذيذا أبدا ...

لعنة وانا أمسك رأسي من دوار غريب وتمايل الغير متوقف للعالم حولي...

وما زاد أمر سوءا هو صوت هاده الأشياء او مخلوقات الغريبة محيطة بي...

صوتها عميق ونبرتها مجنونة...

مهما حوالت الوقوف اجد نفسي أترنح وأسقط ارضا مجددا...

بينما أكافح، لكمة قوية ضربت معدتي، وبنفس الوقت ركلة تحطمت على وجهي...

تدحرجت عدت مرات لأوقف نفسي بالقوة...

جمعت أسابعي في قبضة وتوثرت عضلاتي، بينما ضربت أرض حتي تشققت...

حاولت فعل شيء ما، كل شيء حولي يخدع عقلي...

لم أعد اري جيدا، بينما ملمس أشياء إختلف، وبنفس الوقت بدأت اشعر بجسدي وكأنه يتغير بين الطول والقصر في هلوسة مجنونة..

جميع حواسي تم حجبها وكأنني في حلم غريب...

أثناء تفكيري حطم إحدهم لكمة على مؤخرة رأسي حعلتني أسقط لأقبل أرض...

إنه ليس حلما بل هو كابوس مجنون...

"بشري ضعيف..."

"أعطنا روحك..."

"أعطنا حياتك..."

"هاهاهاهاهاهاها...."

إستمرو في ضحك بينما إنهالو علي بضرب وسخرية...

"أضهرو أنفسكم... أيها جبناء..."

صرخت وأنا ألوح بيدي في هواء أملا في إمساك أحدها...

لكن لاشيء غير هواء...

ما الذي قاله العجوز سابقا...؟

أبق ذهنك قويا، أي هراء لعين هو هذا...؟

"أيها العجوز، بعض المساعدة ستكون جيدة..."

صرخت بنبرة من السخرية وأنا أحاول تكتل في وضع دفاعي...

"المساعدة... هو يطلب مساعدة..."

"فريسة جيدة، توسل أكثر... "

"العجوز خطير، لا نريده... "

العجوز خطير، رفعت نظري وأنا أفكر في كلامه...

بنظر لأمر بموضوعية، لكماتهم ليست مؤلمة وضرباتهم لا تترك أي أثر كبير...

الخطير بشأنهم هو هذا الهراء المتمثل في خداع حواسي ودوار الغريب للعالم حولي وكأنه فقد توازنه...

حتي مع وضع تلك معلومات مع بعضها وتوصل لنقطة بداية، لم أتقدم أي خطوة...

مازلت أتلقي الضربات ككيس ملاكمة...

ثم بعد لكمة قوية في منتصف وجهي، لمعت فكرة في عقلي كمصباح في غرفة مظلمة...

أخي الكبير الأسود، مايزال متصلا بي، سيساعدني بكل تأكيد...

*أيها الأسود، أخي الكبير من فضلك...*

مع محاولة تواصل معه ركلة تفجرة على دقني، جعلتني أسقط بقوة...

"أيها الأوغاد... "

لعنت بقوة وحاولت إعادة تواصل مع الأسود، لكن بشكل مخيب لأمال، لم يكن هناك أي جواب...

لقد تخلي هو أيضا عني، أي أخ أكبر انت...

سخرت من حالتي ومن ألم الذي بدأ يتصاعد على جسدي، حتي وضرباتهم ضعيفة مع كثرتها تترك أثرا، كخربشات القطط...

"هاااه،"...أخدت شهيقا قويا إستعدادا...

" أيها العجوز لعين أين أنت بحق خالق الجحيم...؟"

صرخت بقوة حتي أن هواء إطرب قربي ربما، لم أعلم في حقيقة لآن حواسي معطلة، مثل قوتي الآن...

"يصرخ، إنه يصرخ..."

"الطفل الضعيف، يطلب مساعدة..."

ضحكت تلك أشياء مجددا وهي تلعب حولي بينما تغرق جسدي بهجمات...

"قل ضعيف مجددا، أيها الشيء، انا اتحداك، قلها مجددا، أنا اتحداك بشكل مضاعف قلها ... "

قلت بغضب مسطنع وأنا أدخل رأسي بين يداي لإحتماء...

أي لعين يهين عدوه في موقع ضعف، لابد وأنه مجنون، وأنا أكثر من مجنون هنا...

"هاهاهاها.. بشري ضعيف..."

"مسلي..."

"أيها أوغاد لقد حذرتكم..."

توهجت عيناي، وتشكلت الهالة بيضاء على شكل نصل في يداي، وبشكل أخرق، يائس ومجنون، بدأت ألوح...

"موتو أيها جبناء..."

صرخت وأنا أترنح وعالمي ينقلب ومع ذلك لم أتوقف عن التلويح، محطما أرض ومخترقا الهواء...

هالتي البيضاء إبتلعت كل شيء كتقب في فراغ ...

لم أعرف الوقت او أشعر بتدفق اي شيء وكأن عالم تجمد، مما جعل أمر متعبا نفسيا...

لكن رغم ذلك لم أتوقف، أسقط وأقوم وأترنح كشخص شرب الكثير من خمور...

ثم بعد أن إختفت الضحكات، توقفت...

"هل إنتهيتم، مجموعة من جبناء هل رأيتم قوتي... "

سخرت بتعب وأنا أمسك رأسي

"البشر ضعيف، مسلي، مجنون..."

تزامنا مع كلامه لكمة كبيرة في منتصف وجهي قذفتني عدة خطوات للخلف...

سقطت وخيط صغير من دماء سال من فمي...

ما الذي يحدث هنا بحق خالق الجحيم...

لا الأهم من كل هذا، ماهي هذه المخلوقات...؟، لم أسمع شيئا عنها من قبل...

بعد تعرض لضرب مجددا من قبلهم، بدأت اتسأل...

لكن لم أصل لشيء لا أعرف شيئا عنهم، لا أعلم قدرتاهم او نقاط ضعفهم...

"أنا اواجه المجهول..."

بسرعة حاولت تغليف جسدي بطبقة من هالة لحمايته، هالة بيضاء غلفتني كرداء رقيق...

ضربات لم تعد مأثرة كثيرا لكن بدون حل جدري سوف أموت هنا...

سوف أصاب بالجنون قبل حتي أن أعرف ما أواجهه...

دعنا نفكر، هيا بيل فكر... فكر..

ماهي هاده المخلوقات...؟، كيف تواجه شيئا قادر على تلاعب بقوانين العالم...؟

عقدت حاجبي بقليل من صداع يضرب عقلي، وتوتر عضلات وجهي، لافكرة على إطلاق...

من مفترض أني عبقري منقطع نضير، أنا هو بطل هاده حكاية لعينة، هيا لآن أعطني تلميحا ما، خيطا صغير أتمسك به، هيا العنة عليك أعطني شيئا..

بدلا من الخيط حصلت على عدد من لكمات التي جعلتني أبدء في فقدان الأمل...

*********

في خارج الغابة، توهج القمر المستدير في منتصف السماء وهو ينشر ضوءه الفضي جميل على أرض...

هبت رياح لطيفة داعبت العشب أخضر وقامت بتحريك عدد من أوراق نحو تلاثة أشخاص يجلسون قرب بعض...

"هاهاهاها، جدي، ألا تعتقد أنك قاسي كثيرا على طفل الصغير... "

قال رجل بسخرية في نبرة وهو يضرب فخضه براحة يده...

كان الرجل طويل، مغمد العينين بشعر محمر قصير، بدرع أسود من جلد ودرع كتف على شكل أسد مع قلنسوة تتمايل مع الرياح، بسيفين قرب قدمه ونذبة صغيرة تحث عينه اليمني، بعمر يناهز حادية وتلاثين..

"هففف، توقف عن تفوه بالهراء، إذا لم يتمكن من تجاوز تلك اشياء كيف سنعتمد نحن عليه، في حرب قادمة..."

قال العجوز بنبرة حادة وشعر الأبيض يتمايل مع الرياح، كان هو العجوز نفسه الذي إستضاف بيل وأحضره للغابة...

من قربهم جلست إمرأة بشعر أحمر ناري وفستان طويل مطرز من أجلها بلون أبيض وأزرق وعيون حمراء كالياقوت متوهجت تحت ضوء القمر ببشرة بيضاء نقية وناعمة، بقرطين جميلين على أدنيها بلون أحمر غامق....

أطلقت المرأة ضحكت صغيرة، وهي ترفع نظرها نحو العجوز الغاضب...

"معلمي، لا تكن غاضبا هكذا، ذلك الصغير مايزال يتشارك الجسد مع طفلي و إبني أرثر، لذى مارأيك في مساعدته قليلا من أجلي... "

صوتها الناعم مسحوب ببتسامتها المشرقة، جعلت العجوز يتجهم لتانية وكأنه يقاوم طلبها الذي إخترق قلبه ضعيف ضدها...

"جدي أنظر لوجهك، لا طالما كنت ضعيفا امام طلبات الملكة هاهاها..."

رفع العجوز يده بسرعة تجاوزت المنطق ضرب الرجل في معدته، من قوة لكمة زوبعة من رياح تشكلت خلفه...

أمسك الرجل بطنه وهو يبتسم بضعف، بينما أظلم وجهه قليلا...

ضحكت المرأة التي كانت هي إليزابيت الملكة زوجة إغريس وأم أرثر بصوت ناعم...

"حفيد حادق جدا، ماهو رأيك هل تريد إختبار نفسك ضدي مجددا...؟"

رفع المحارب نظره وهو يبتسم، وأمسك بسيفه بقوة...

"اوووه، يبدو أنك ماتزال تراني كغر صغير جدي.. "

لوح بسيفيه بسرعة قاطع الهواء، ووقف مستقيما في مواجه جده...

ثم بشكل مثير لشفقة ...

"أنا أستسلم جدي ارجوك لنؤجل الأمر..."

سقط المحارب على ركبتيه في مشهد سخيف وهو يعترف بخسارته...

توهجت عينى العجوز بقليل من الغضب وقبض على أسنانه...

"اووه، يبدو أنك تخطط لقتلي بسخافتك قبل ان تصل قوتك لمستوي المطلوب..."

"هيا جدي، لقد أبرحتني ضربا في سابق لدرجة ان جسدي لم يشفي بعد، كيف تعتقد أني سأجرء على قتالك مجددا..."

ضحكت الملكة وهي تراقب شجارهما عائلي معتاد...

"معلمي أعتقد أن الصغير سيجن قبل أن تصل لمكانه، مارأيك في تأجيل أمر لوقت لا حق..."

زفر العجوز بقوة وعقد يداه خلف ظهر وخطي نحو مكان بيل...

"فل تختبئا حتي عودتي، يبدو أنهم يراقبون.." صمت عجوز قليلا بينما حك لحية...

"هناك ثلاثة أشخاص يراقبون من مكان قريب، يبدو أنهم هنا من أجل الملكة.. "

وقف الرجل احمر الشعر بينما أعاد سيفاه لخصره...

"جدي هل نقاتل، أم نغير مكاننا..."

إبتسمت الملكة وهي تقف، وقالت بهدوء

"الوقت قريب، لو إعترضونا فسنسحقهم، حتي لو عني أمر إكتشاف مكاننا، لكن فل نأمل ان نتمكن من تجاوز أمر دون قتال..."

حنى إتنان رأسهما من كلامها دلالة على الفهم، ثم تابع العجوز طريقه نحو الغابة بينما إستدار الإثنان...

"ملكتي، ألا تريدين إلقاء نظرة على طفلك أرثر...؟"

رفعت إليزابيت يدها ووضعتها فوق قلبها الذي ينبض بقوة، بالحنين والشوق، بالحب الكبير مختبء ...

"لابد أنه يكرهني فأنا قد تخليت عنده، وبدلا من إنقاذه، إخترث مشاركة في هذه المهزلة..."

"هل تسمين إنقاد جميع العوالم مهزلة، هو ذكي وموهوب، أعتقد أنه سيتفهم، كما أنك أمه... "

حاول محارب مواساتها ببعض كلمات من الحقيقة...

"إنقاد العوالم لا يعني شيء لطفل تخلت عنه أمه، ربما يراني كخائنة تخلت عن طفلها... لنأمل أن أتمكن من جلوس معه بعد هاده المهزلة، فقلبي يتوق لعناقه..."

نظر المحارب لها بإعجاب وهو يبتسم بفخر، من رأيتها الناضجة وتصرفاتها القوية...

"من كان يتوقع ان طفلة مدللة التي كانت تزعجني في صغري كل يوم أصبحت ناضجة لهده الدرجة، من من سأسخر لآن لو أصبحتي كجدي..."

ضحك لإثنان بسخرية، وبهدوء ولطف وضع المحارب يده على رأس الملكة...

"أنا أعدك، سأفعل المستحيل هذه المرة، سأجعل أمنيتك تتحقق، بأي ثمن، حتي لو عني ذلك موتي، سأجعلها حقيقة ..."

أغلقت الملكة عيناها وإبتسامة من رضي على وجهها، من أشخاص الذي يوجدون خلفها لدعمها...

"أشكرك، أنا حقا أشكرك... "

ببطء مشي الإثنان وكالأشباح إختفيا من مكان دون أي أثر...

.....

....

في الجهة أخري تقدم العجوز عبر أشجار وهو يتنهد، مع أن تعبيره متزن وغير متزحزح...

"أيها الملك الأول، دعني أحضى بشرف معرفة سبب تلقيبك لهدى الصغير بأعظم تحفك..."

تزامنا مع كلامه هالة جميلة أحاطت بجسمه وتوهجت كنار، بلون شفاف جميل...

"العجوز الخطير..."

إستشعرت المخلوقات هالته مما جعلها في حالة من هلع..

كان منظرها غريبا وغير إعتيادي، سوداء بكامل بلون أبيض من داخل فمها وحفرتان كبيرتان بنفس لون أبيض في مكان عيونهم...

كانو سريعين وقادرين على إختلاط بظلام ببراعة شديدة، وخطورتهم الأكبر تكمن في قدرتهم الفريدة على سيطرة على حواس مما جعل ضحاياهم يصابون بالجنون...

ويجعلهم وجبة سهلة لهاده المخلوقات قادرة على إلتهام أرواح دون جسد...

"فل تغادرو، سوف أحظره لهنا غدا..."

توهجت أرض تحت أقدام العجوز مما جعل ضوء أبيضا يسطع في مكان مخترقا كل ظلام، وكأنه نجم صغير...

إبتعدت المخلوقات بسرعة خائفة ومدعورة من هدوء العجوز، وأكثر أنه لم يسقط تحت قدرتهم الغريبة...

وكأنه يمتلك شيء ما يعوض حواسه المعطلة...

"ياله من فتي ضعيف، أخبرتك أن تبقي ذهنك قويا..."

"وأنا أقول تبا لك أيها العجوز لعين..."

سطع الضوء على بيل الذي إنتفخ وجهه، وتمزق القليل من تيابه، وإستياء ضاهر عليه...

"هممم، بما انك قادر على لعن، فأنت قادر على مشي، إتبعني..."

دون أن يتفحص حالته او يعطيه أي راحة، إستدار عجوز وهو يبتعد...

لعن بيل ذاخليا ووقف بصعوبة من كثرة تعرضه لضرب، مشي بسرعة ليلحق به...

"أخبرني مادى كانت تلك المخلوقات...؟"

"يطلق عليهم ضلال الكوابيس، مخلوقات قادرة على خداع حواس وقلب عالم ضحيتها رأسا على عقب، أغلب ضحاياهم يصابون بالجنون، وينتهي أمرهم..."

قبض بيل على أسنانه وعيناه ترمش بسرعة...

"أيها العجوز هل أحضرتني لتقتلني...؟"

توقف العجوز على بعد خطوة من طرف الغابة...

"إسمعني، هم أدركو أنك ضعيف، إذا حاولت المغادرة سيتبعونك لقتلك..."

عقد بيل حاجبه وتوهجت عيناه بوميض خافت...

"أنت لم يؤثرو عليك، لا بل شعرو بالخوف منك، كيف فعلتها...؟"

وضع العجوز قنديله زيتي على أرض وتهج جسده بهالته شفافة وبدأ يحرك يده في هواء كأنه يرسم...

ثم بشكل جميل ومثالي ضهرت ذائرة تحت قدميت، نصفها أسود بنقطة بيضاء ونصفها أخر أبيض بنقطة سوداء، دائرة الينغ واليانغ...

"سوف أعلمك، كيف تكون متوازنا، ذاخليا وخارجا..."

برأية جدية العجوز، أدرك الصغير بيل، أنها فرصة ذهبية، للحصول على مزيد قوة...

ضرب راحة يده بقبضته وإنحني قليلا بحترام...

"سأكون تحث إشرافك، سيدي..."

"هيا هاجمني بأقوي هجوم لذيك..."

مع كلام العجوز، فجر بيل هالته البيضاء، وشكل نصلين واحد على كل يد...

توترث عضلاته وضغط بقوة حتي تحطمت أرض تحته وإنطلق كسهم، موجها هجوم على شكل صليب لصدر العجوز...

من منظور بيل فالهجوم كان كاسحا جمع السرعة ودقة والقوة متفجرة، لكن من جهة عجوز فقد كان عاديا جدا...

بحركات سريعة، تبدو وكأن عالم توقف أمامها، حرف العجوز أنصال بيل بكف يده، وبنفس الوقت أمسكه من معصمه، وجمع أسابعه في نصف قبضة...

ثم بووووم حطمها على معدة بيل...

تطاير لعاب الصغير مختلط بقليل من دم وطار جسده بأكمله للخلف بسرعة كقذيفة مخترقا العديد من أشجار، لم توقفه سوي شجرة كبيرة...

تقيء بيل بقوة، وهو غير مصدق، كل شيء حدث في تانية واحدة...

تانية واحدة كانت كافية له ليعلم أن العجوز أمامه وحش فوق الوحوش...

'كل شيء حدث وأنا في هواء، لو كان قتال حقيقيا لكنت ميت...'

وقف بيل ببعض الصعوبة وهو يمسح الدم من فمه...

"تقدم أيها الصغير، هذا العجوز سيعلمك ما تحتاجه، بالطريقة المؤلمة... "

2025/02/28 · 15 مشاهدة · 1917 كلمة
give up
نادي الروايات - 2025