"هاااااه، هااااه"
في إحدي مكاتب كبيرة مزخرفة بطريقة راقية، يستفيق رجل بطريقة غريبة وهو يتنفس بقوة، وكأنه رأى كابوسا سيئا جداا
(هاا، لقد كان حلما سيئا أخر، لما ما تزالين تضهرين في أحلامي؟)
وضع الرجل يده علي وجهه وهو يحاول تخفيف من صداع الذي أصابه، لكن تعابير من إستياء إرتسمت علي وجهه وهو يتذكر ما شاهده
"هل كانت أمور لتختلف لو أني لم أسمح لكي بدهاب؟ "
رفع الرجل شعره الفضي قصير بيده لتضهر عيون الخضراء الجميل، التي تبدو وكأن حياة علي وشك إختفاء منها
قام الرجل بإدارة كرسيه ليتمكن من النظر عبر النافدته للخارج، وضع الحديقة خارجية نصب عينيه....
كانت الحديقة تزخر بجميع أنواع أزهار الجميلة، يمكن إعتبارها ببساطة واحدة من أفضل حدائق علي أطلاق
لم يتمكن من إستمتاع بدالك منضر جميل طويلا، لسماعه طرقا في باب
"جلالتك؟ هل يمكنني دخول؟"
أدار الملك رأسه، وسرعان ما أخفى تعابير إستياء التي علي وجهه، ورسم وجها من غير تعابير
"فل تدخل" قل ملك لشخص في خارج بصوت هادء
دخل الرجل في منتصف تلاثينيات من عمره، بشعر أسفر قصير وعيون عسلية، ببشرة بيضاء ومن غير أي ندوب، ويرتدي تياب فاخرة ترمز لمكانته كنبيل
تقدم ونحني علي ركبة واحدة بكل إحترام
"جلالتك لقد أتيت لإطمئنان عليك، لقد عملت لمدة طويلة دون أي راحة" قل الشخص مع تعابير من حزن مرسومة علي وجهه وصوت يحمل عاطفة
تنهد الملك عند سماع كلامه، ووضع رأسه فوق يده، وتوجهت نظراته نحو الشخص
"لا حاجة لتقلق على" قال ملك مع نبرة هادأة في صوته
"وأهم أخبرني كيف تسري أمور؟" بسرعة تحول صوته للجدية ونظراته تكاد تخترق الرجل واقف أمامه
إستجمع الرجل شتات نفسه، وتعابير من جدية ظهرت علي وجهه، ليبدو كشخص مختلف تماما عن ما كان عليه قبل لحضات
"مولاي لقد نقلت تعاليمك لدالگ الشخص، وهو بطيبعة الحال سيفعل ما أخبراه به" قال الرجل بصوت هادء لكن يحمل الجدية
"مولاي، مع كامل إحترامي، أنا لا أعتقد أن مساعدة دالك الشخص ضد أمير الرابع فكرة سديدة" كان صوته هادء لكن هاده المرة يحمل قليل عاطفة
"مولاي حتي بعد كل ما حدث في دالك الوقت، فأمير الرابع مايزال إبنك" تغيرت نبرة رجل وأصبحت أكثر حدة ونظراته جادة
رغم أن كلماته كانت صادقة، إلي أنه بدأ يشعر بضغط بغريب فوقه جعله غير قادر علي الحركة أو تكلم، حتي أن هواء بدأ يصبح أتقل وتنفس أصعب
كان هالة محطمة تحيط بالملك، وعيونه تشع بلون أخضر غامق مخيف جدا، متوجهة نحو رجل الذي بدأ يكافح من أجل بقاء صامدا
لكن بعد عدت تواني أبطل ملك ضغط الذي أحدته، وأعاد تعابيره معتادة
"أنت محق أليكس إنه مايزال إبني رغم دالك" قال ملك وهو ينظر نحو أسفل ويده تخدش دقنه غير ملتحي
كلمات ملك جعلت تعابير من تعجب وكدالك الصدمة تضهر علي أليكس، فهو لم يعتقد أنه سيسمع تلك كلمات أبدا
بالنسبة له علي مدار خمسة عشر سنة لم يعترف سوي بأمراء ثلاثة، ولم يعر أي إهتمام بأي شكل من أشكال لأمير الرابع، أو يعترف حتي بوجوده
(هل أمر متعلق بكوابيس التي تلاحقني عنها؟ أم لأمر تفسير أخر أنا أريد رأيته حقا، أريد رأية إبنها، الذي تسبب تلك مشكلة برمتها)
"مولاي مادا ستفعل بشأن دهابه لجبل الوحوش؟" قال أليكس وصوته مازال يحمل صدمته من سابق
أدار الملك رأسه إتجاه النافدة و هو يبدو كأنه يفكر في أمر
"فل تدهب لجبل الوحوش أليكس"
كلمات ملك هادأة جعلت أليكس، يبتسم قليلا داخليا
"هل ملك يريد مني حرص علي سلامة أمير حتي عودته" قالها أليكس وصوته يوحي أنه يريد تنفيد دالك أمر
(هل ملك قرر تجاوز ما حدث في دالك اليوم؟)
"لا، أريد منك إحضار جتته لي، هو لن يخرج من جبل الوحوش حيا علي إطلاق" كلمات ملك وصوته لا يحمل أي عاطفة علي إطلاق
أليكس الذي كان ينحني جفل وجهه قليلا، وقليل من حزن إرتسم علي وجهه
(لهو أمر فضيع حقا أن يتحمل طفل خطأ ليس له حتي، أنا أشفق حقا علي دالك طفل الصغير، هو لا يستحق اين مما يحصل له، أو ما سيحصل له)
"مولاي أرجوك أعد تفكير مجددا، إنه مجرد طفل صغير، إنه لا يستحق دالك" رفع أليكس من نبرة صوته وهو يناجي ملك وقليل من حزن ضهر في عينيه
في مقابلته الملك الذي جعل تقل رأسه فوق يده يمني وهو ينضر من نافدة، ووجه لا يجفل حتي بعد دالك كلام خطير الذي قاله
"فل تفعل ما أمرتك به فقط، هناك أربعة قواة خطيرة في جبل الوحوش لآن تتصارع، و دالك الطفل لا يملك فرصة لنجاة مهما فعل"
رفع أليكس رأسه وإستفهام ضاهر علي وجهه
"مادا تقصد بدالك سيدي؟" قال أليكس بصوت حائر
رغم معرفة أليكس لكل شيئ إلا أنه أراد معرفة وجهة نظر الملك
رفع ملك يده وهو يشير بأربعة أسابع عاليا وقال "في جبل لآن هناك، تنين أسود، والرأس الذهبي، وكنيسة الشمالية، وأخيرا الوحوش خطيرة منتشرة هناك، وهاؤلاء أربعة جميعهم يريدون قتل دالك طفل"
توقف ملك وهو يلتقط أنفاسه، ليحول نضراته نحو أليكس الذي تعابير إستياء تكاد تسيطر علي وجهه
"أليكس، هل تعتقد أن دالك طفل سيخرج حيا من بينهم؟"
(رغم أنه يتكلم عن إبنه، لما هو هادء بتلك طريقة الغريبة ؟)
برغم أن لا علاقة تربط أليكس ب أمير...
إلا أن تكلم والده عنه بتلك طريقة ودالك الهدوء جعله مستاء قليلا
"لا سيدي، مهما كان ذكاء أمير من مستحيل خروجه حيا من بين كل تلك قوات الخطيرة" أجاب أليكس بصوت مستاء ومتعاطف
"لكن سيدي، مادا أفعل لو أن معجزتا ما وقعت؟، وتمكن أمير من خروج حيا"
برغم أن أليكس داخليا أيقن أن نهاية أمير ستكون هناك، إلا أنه تمني حدوث شيئ ما يغير مجريات أحداث
إستدار ملك مجددا نحو نافدة ويداه خلف ضهره، بينما يبدو وكأنه يفكر بشكل عميق
"إذا حدث وخرج دالك طفل من جبل الوحوش حيا فل تقتله بنفسك وأحضر لي جتثه" قال ملك بصوت هادء جدا
ضاقت أعين أليكس وسر علي أسنانه لولا تمالكه لنفسه بقوة لكان قد جرح شفته بأسنانه
"أمرك سيدي، لن يكون إلا ما تريد" قال أليكس بصوت متردد وأستياء عميق يحفر في حفرة معدته
"فل تدهب لآن، ولا تخيب أملي"
إنحني أليكس، و غادر الغرفة بهدوء دون إضهار أي من مشاعره لملك....
أليكس لم يشعر بإستياء من دالك قرار لأنه أمام ملك مملكة، بل لأنه أمام أب يقرر مصير إبنه مأساوي بكل هدوء وبرود
وكأنه يحكم علي أحد مجرمين الذين إرتكبو أفضع جرائم في تاريخ، حتي أن وجهه لم يجفل عند كلامه
(هل تلك حادثة مازالت عالقة في دهن الملك إلي حد لآن، إنه أمر محزن حقا، ألا يتمكن رجل متله من تجاوز ماضي)
بمجرد مغادرة أليكس المكتب، جلس ملك علي كرسيه بكل هدوء وهو يتفحص عدة أوراق أمامه
"ماضي لا يمحي أبدا، مهما إعتقدت أنه إختفي يضهر بطريقة عجيبة أمامك مجددا" كلمات ملك حملت إستياء وعيناه ترتجف كأنها علي وشك إنطفاء
رفع رأسه عاليا ليري سقف مكتبه، وبعدها أغمضهما، لتبدأ ذكريات تعود له مجددا
*بهدوء إليزابيث، أنت حامل أتذكرين " صوت مليئ بالبهجة وفرحة يحمل كثير من حرص و عناية
*لا تقلق أنت هنا لمساعدتي إذا وقع أي شيئ، صحيح؟* من أمامه صوت إمرأة ناعم جدا، ببتسامة مضيأة كشمس ، ونسيم الرياح يداعب بشرتها بيضاء، وشعرها أحمر طويل
"صحيح، أنا سأكون هنا إذا وقع أي شيئ" تكلم رجل ببتسامة دافأة علي وجهه
تقدمت مرأة أمامه وهي تنظر لأزهار ببتسامة جميلة علي وجهها
نضر رجل لذالك منضر وإبتسـامـة تعلو وجهه، كأنه ملك كل شيئ في هاده دنيا بمجرد رأيت تلك إبتسامة جميلة علي وجهها
*********************
في أحد أروقة يتقدم فارس في منتصف تلاتينيات بشعر أسود قصير وعيون بينية ومع ندبة صغير علي وجهه، وتعابير وجه توحي أن أمر كبيرا وقع
تقدم فارس لعشر دقائق، قبل أن يقف قرب باب لمكتب كبير قليلا، قام بطرق باب ثلاث مرات
"سمو أميرة إنه أنا" تكلم فارس بصوت هادء يحمل كثير من إحترام
"فل تدخل كلفين" صوت هادء لفتاة من داخل أجابه
فتح كلفين باب وتقدم قليلا لينحني علي ركبة بكل إحترام، أمام فتاة التي تضع رأسها علي يدها وتفحص إحدي أوراق
"سموك، لذي أخبار عاجلة وخطيرة" تكلم كلفين بنبرة قلقة وتعابيره تغيرة كدالك مع نبرته
وضعت أميرة ورقت في يدها وهي ترمقه بنضرة لا مبالات، كأن ما يحدث لا يهمها، ولا يعنيها بشيئ
"الكنيسة الشمالية توجهت إلي جبل الوحوش، من أجل أخي صغير، صحيح؟" صوت أميرة برغم من أنها تقول كلاما خطيرا بقي غير مبالي ونظراتها لم تتغير
"صحيح سموك" صوت كلفين حمل إندهاش و تردد من نبرته
وتساؤل واحد يدور في رأسه
(لما أميرة غير مبالية لهاده الدرجة؟، هل كانت تمثل سابقا عندما كانت رفقة أمير)
"مجموعة من حمقي لعناء، وكأني سأسمح لهم بتصرف كما يريدون" إستدارت أميرة وهي تنظر من نافدتها إلي خارج قبل أن تتابع كلامها
"لا أحد سيلمس أخي صغير في وجودي كيف ما كان شكله أو هويته" سرعان ما تحولت نبرتها إلي غضب وهي تقبد بقوة علي قبضتها
(لم أعتقد أنك تريد قتله أبدا، لطالما إعتقدت أنك متحجر القلب، لكن لم أتصور وصولك لمرحلة التي تتدخل فيها بنفسك، لما لايمكنك تجاوز ماضي فقط؟)
تجهم وجه أميرة قليلا قبل أن تتكلم
"أخبرني كيلفين" إستدارت أميرة ونضراتها تخترق فارس أمامها
"هل هناك أي تقدم في عملية بحث عن دالك الحجر؟" نبرت صوتها أصبحت حادة، وكأنها ستقتلع رقبته لو أخطأ في إجابتها
أنزل كلفين رأسه لأسفل، وضغط كبير ينزل فوقه
"مع أسف سموك، لاشيئ حتي لآن" كان صوته مترددا و محطما تحت ضغطها
رغم أنه توقع أن يعاقب، إلا أن أميرة أبطلت ضغط وجلست فوق كرسيها بكل هدوء، دون فعل أي شيئ
"حسنا فل تستمر في بحث، وأطلعني علي كل جديد" قالت أميرة بنبرة هادأة ومتزنة
"أمرك، كيف ستتصرف أميرة لآن؟" قال كيلفين بنبرة جادة
رفعت أميرة رأسها نحو سقف وهي تفكر
"لا تقلق، سأتصرف في وقت مناسب، نحن لم يحن وقتنا لتدخل في تلك معركته"
(سأتصرف مع كنيسة أولا، لقد تجاوزو حدودهم بستهداف أخي صغير، سأجعلهم يندمون علي دالك)