[منظور أرثر]
إذا كان علي وصف حالتي لآن بكلمة واحدة فستكون، مزرية، لا ربما وصلت لمرحلة فضيعة جدا
بعد كل دالك كلام حول إنقاذ كولي إنطلقت أنا وسكارا نحو جبال سوميرو بيضاء في شمال، وللعلم فقط فهي بعيدة، بعيدة جدا
رغم إستخدامي لجناحي لم أتمكن من قطع حتي ربع مسافة في يوم لأول
مما دفعنا لراحة قليلا من وقت لأخر في طريق، بكوني مجرد إنسان فأنا بحاجة لراحة و لطعام، وأهم أن يكون صالحا لأكل لكن
أنا كنت ساقطا على أرض ونظري نحو سماء وكأني أودع هاده الحياة
"س.. سكارا.. "
"نعم، مادا بك هاده المرة...؟!"
"تبا لك أيها العجوز المعتوه... "
برغم كونه طبيبا بارعا وممتازا إلا أنه طباخ فاشل، جعلني أكل طبخه المسموم رغما عني
الأمر لم يكن كبيرا ليتير أي ضجة لكن مداق طعامه حقا، حقا مقرف
إذا تناولته مجددا أعتقد أني قد أفارق الحياة بطريقة بشعة جدا
"سكارا إذا حاولت طبخ أي شيئ مجددا فسأقتلك، هل تفهم...؟!، أنا مازلت أريد الحياة... "
بتعبير من سخط وإسياء أدار سكارا نظره للجهة أخري وهو يعقد دراعيه مع بعضهما
"هل إنتيهت من تضاهر بالموت، علينا إسراع فحياة تلك صغيرة في خطر... "
"أنا لا أتضاهر أيها لعين، أنا أموت بالفعل فمداق طبخك كنفايات سامة... "
"توقف عن التذمر كفتاة صغيرة، هيا علينا دهاب... "
وضعت تقلي على يداي ووقفت ونظرني نحو أفق، لقد إستمررينا في تحليق لأربعة أيام ومانزال بعيدين عن مكان
"بهاد المعدل سنصل بعد يومين، يمكنني شعور بالبرودة قادمة من أمامنا... "
"كلامك صحيح، نحن قريبين من معرفة نتيجة رهاننا... "
إذا علم أي شخص بمايحدث معي، فقد يتسأل لم أسافر نحو مكان خطير كالجبال البيضاء
لم لا أجمع مكونات علاجية لكولي بدلا من إهدار وقتي هنا...؟!
حسنا هناك تفسير واحد فقط، السموم مجتمعة في جسد كولي كثيرة وخطيرة جدا، وهي بحاجة لحقنة خاصة مكونة من خمسة أعشاب طبية نادرة جدا، ولجمعها قد أحتاج لعدة شهور إذا لم تكن سنوات، وأسوء ما في أمر أن تلك أعشاب موجودة في عالم مقدس فقط
لدالك وضعت مع سكارا فرضية مفادها أن دالك المعتوه يمتلك تلك أعشاب طبية في مختبره، كشخص يعلم كثير مما يحدث في هاد العالم فأنا شبه متأكد من وجود مختبر له في هاد المكان
وبالنفس النسبة أنا متأكد من وجود تلك الوحوش أيضا، غايتي من قدموم هي حصول عليهما معا، الحصول على أحد تلك الوحوش أسطورية وأيضا تلك الأعشاب
حربي على كنيسة تحتاج كثير من عتاد خصوصا أن والدي يدعمهم وملائكة سيكونون بين أعضائهم، لدالك قتالهم بمجرد بشر خطة حمقاء، كدهاب لإنتحار
_أجنحة.._
"فل ننطلق... "
"هيا بنا... "
بخفقان من أجنحتي وأجنحته حلق كلانا عبر السماء الفسيحة بسبب خطورة الوضع قمت بزيادة سرعتي قليلا وفي غضون يوم ونصف بدأت التلوج البيضاء تهطل فوقنا ورياح الباردة تدرب وجهي وجسدي
كانت درجات الحرارة تحت معدل التجمد بكثير وأجواء عاصفة جدا، أي بشري عادي من مستحيل أن يتمكن من نجاة إدى تعمق أكثر
إنها أرض جرداء مقفرة جدا
"ياله من جمال...!"
رفع سكارا يداه ممسكا ببعض رقاقات الثلج وعيناه تلمعان من منظرها جميل
كنت في حيرة قليلا، لم يكن ثلج في هاده المنطقة بدات جميلا بل على عكس مخيفا، فنحن أمام عاصفة بيضاء عملاقة شديدة خطورة وأيضا البرودة
لكنه تجاهل كل دالك وركز على جمال الثلج وحده
"كانت لتحب رأية هاد منظر أيضا.. ." كلم سكارا نفسه وهو يتأمل الثلج أمامه
بالطبع علمت على الفور عن من يتكلم، وبما علي إجابته
"أعتقد دالك أيضا، لكن عندما تستفيق أعلم مكانا أجمل من هادا بمئة مرة، يمكنك أخدها إليه... "
ببتسامة صغيرة نظر سكارا لوجهي
"هاها، ربما سأفعل، لكن ما يزال بياض هاد الثلج جميل جدا... "
رفعت كف يدي حيث إستقرت مجموعة من رقاقات الثلج بيضاء
"ربما معك حق هاده المرة... "
دون قول أي كلمات أخري قمت بنزول بعيدا قليلا عن عاصفة الثلجية من أجل تحديد إتجاه الذي سننطلق منه
"هاد المكان خطير جدا، حتي مع وجود تلك عاصفة يمكنني إحساس بعدد كبير من وحوش... " قال سكارا ونظره نحو عاصفة
"معك حق، لكن تلك الوحوش لاتعتبر شيئا مع الوحوش التي تقطن بعد تلك العاصفة... "
جلست فوق أرض ورسمت دائرة على تلج مع مجموعة من تفاصيل بسيطة
"ماهدا الذي تفعله...؟!"
"فل تنظر جيدا، العاصفة أمامنا هي عاصفة دائمة لا تزول أبدا وهي عبارة عن مدخل لجبال سوميرو، بعد عاصفة مباشرة سنجد عدد كبير من وحوش خطيرة جدا، لكن نحن سنحلق بهدوء تجاه منتصف حيث يمكن أن يكون دالك الشخص، هل تفهم ما قلته ...؟! "
وضع سكارا يده على دقنه وهو يحكه بتفكير عميق
"الخطة تبدو بسيطة جدا، أليس هناك أي تفاصيل أخري... "
"الخطة بسيطة وليست سهلة، بعد عاصفة سأخبرك ببعض أشياء التي يجب أن تبتعد عنها وخصوصا أحد وديان متجمدة وأحد جبال بيضاء لامعة .. ."
"لم هل تعتقد أن هناك وحش يمكنه قتلي او حتي إلحاق ضرر بي...؟!"
توهجت عيوني بلون أسود ورفعت نظره نحوه بنظرة مخيفة تبت الرعب
"أنا لا أعتقد، بل متأكد، أنت تنين رياح قوي جدا، لكن هناك ثلاثة وحوش في هاد المكان أكثر خطورة منك بكثير ... "
بتوهج مخيف في عيناه، تلاقت عيناي مع عيناه
"مادا قلت...؟!، هل تريد تجربة قوتي أيها صغير،...؟!، فل تحضر الوحش أقوي في عالمك ودعه يواجهني... "
تنهدت ووقفت مديرا بظهري له
"أنا قلت ان هناك وحوش، ولم أقل من أي عالم هي... "
في تلك لحظة تجهم وجه سكارا قليلا وبعض إرتباك ضهر عليه
"مهلا إدا لم تكن تلك الوحوش من عالمك، فمن أين هي بظبط...؟!" ببعض إنفعال سأل
أشرت بإصبعي نحو عاصفة ونظري نحو سكارا تائه قليلا
"عندما نتجاوز العاصفة سأخبرك بإسم الوحوش ومن أين هم، و سأخبرك بأخطر واحد بينهم، وأهم كيف تبتعد عنهم ... "
مع نهاية كلامي سحب سكارا غمض وسيفه بداخله، وبتلويحة قوية من يده شقت الجليد على أرض وشققت أرض تحته، قسم سكارا العاصفة التلجية وأوقفها مأقتا
"دعنا لا نديع مزيدا من الوقت... " قالها وهو يتقدم أمامي بخطوات سريعة قليلا
تبعت سكارا بسرعة، ورغم سرعة تقدمنا إستغرق تجاوزنا لمجال العاصفة أكثر من ساعتين، هاد يبين فقط ضخامة المكان وخطورته
ومع تقدمنا كنا نشعر بعدد من وحوش حولنا، بالطبع بعضها كان أحمقا كفاية ليهجم علينا
بالطبع كان تعامل معها كأكل دجاج بالنسبة لنا، بستثناء تلك الوحوش الأسطورية، لا أعتقد أني سأجد أي صعوبة في تعامل مع أي شيئ
لدالك كان لذي شعور أن الأمور ستمر بخير و بسرعة، حتي سقط سقف أمالي فوقي
"لقد.. "
"لقد.. "
"أتي.. ."
بمجرد تجاوزنا لمجال العاصفة بخطوة واحدة سقطت على أرض وأنا أمسك رأسي من ألم شديد يصيبني
ومع موجة الألم، كانت عدة أصوات تتداخل داخل دماغي
"لقد. ."
"لقد وصل... "
"معلمنا... "
"والدنا جليل... "
"قد وصل..."
بدأت أصعل بشدة حتي أن بعض الدماء خرجت من أنفي، أصوات لمخلوقات ما تضرب في رأسي
صوت عميق جدا وأخر سطحي وبعضها منخفض وأخر مرتفع جدا، أصوات تبدو وكأنها نابعة من أعماق السوداء في محيط، وتبدو كأنها قادمة من وحوش عملاقة مدمرة جدا
لكن المشكلة لم تكن أصوات بل ألم جهنمي الذي تسببه داخل رأسي، وأيضا معني منها
"ماخطبك أرثر..؟!، تماسك قليلا... "
وضع سكارا يده على ضهري وهو يحاول فهم ما أصابني فجأة
"م..مادا تعني...؟!، ألا تسمعهم...؟!"
سألت بصعوبة بالغة وأنا منصدم من عدم تمكنه من سماع مثل تلك أصوات مخيفة
" أسمع مادا..؟!، ما الذي يحصل معك...؟!"
"لقد إنتظرنا طويلا..."
"إنتظرنا طويلا جدا..."
"من أنتم..؟!، مادا تريدون مني... " صرخت بصوت مرتفع وأنا أحاول مقاومة ألم
"من أجل هاد اليوم... "
"والدنا ومعلمنا... "
"أنا... "
مع كل كلمة أسمعها من تلك أصوات يتزايد ألم أكثر، وبدأت أشعر وكأن رأسي سينفجر...
"أنا سعيد... "
"أنا سعيد بقدومك... "
"والدي مبجل... "
"اااااااااه، من تكونون أي...اااغغغ...؟!"
سقطت فوق أرض على وجهي، وأنا أتلوي من ألم الذي بدأ يتصاعد لدرجات كبيرة جدا
"أرثر، ما الذي يحصل معك...؟!، أخبرني...؟!"
"سأكون في إنتظارك...."
"والدي ، أنا في إنتظارك..."
"نحن..."
"نحن.."
"سعداء بعودتك، والدي..."
"أرثر تمالك نفسك...أر... "
"غرررررر، غرررررر"
بعد تلك كلمات، لم أعد أتذكر جيدا، لكن بسبب ألم كبير أنا متأكد أني غبت عن الوعي لمدة طويلة قليلا
كانت تلك أصوات مدوية ومخيفة وفي نفس الوقت مألمة جدا
ماحدث لآن يطرح مجموعة من أسئلة، ولأسف لا أملك أي إجابة لها أبدا
من تكون تلك الوحوش...؟!، من هو والدهم أو معلمهم الذي ذكروه...؟!، وأهم ما علاقة دالك بي...
تبا أنا في حيرة كبيرة جدا، يجب أن أتصرف بسرعة
لا وقت لذي لتعامل مع تلك الوحوش، علي إجاد مكان تودوري والحصول على أعشاب طبية بسرعة
ببعض الصعوبة فتحت عيناي محاولا رأية أي شيئ أمامي، لكن مع دالك لم أجد أمامي شيئ سوي ضلام
إعتقدت لوهلة أني أصبت بالعمي بسبب ألم، لكن بسبب قطعة كنوسس والقلب أسود فدالك مستحيل أي إصابة ستعالج كيف ما كانت
أغلقت عيناي عدة مرات وفتحتها محاولا رأية أي شيئ لكن مع دالك لم يكن هناك سوي ضلام
في كل مرة تحدث مشكلة أجد نفسي في هاد الفضاء، هل أنا مغناطيس مشاكل أم مادا..؟!
تنهدت بعمق، وأخدت شهيقا طويلا وقمت بتربيع قدماي وعقد يداي محاولا إنتظار ما سيحدث
أنا متأكد أن وحش ما من نوع مقدس أو الخطير كأقل تقدير سيضهر أمامي مهددا بنتزاع روحي أو سحق جسدي إدا لم أستجب لما سيريده
عائما في دالك الفضاء لمدة لا أعلم كم تبلغ، أخيرا ضهر ضوء أبيض براق أمامي على شكل طفل في مثل عمري
بدأ الضوء يقترب مني ببطء حتي أصبح على مسافة متر واحد مني
قبل أن أنطق بأي كلمة، تبسم طفل ونظر في عيناي بعيونه البيضاء وهاجة
"إنه لشرف كبير مقابلتك بيل.. ."