الفصل الثالث عشر: “صراع الأضداد”

في أروقة القلعة القديمة، كان لين يواجه تحديًا لم يعرفه من قبل. كان أمامه أوريس، كائن مظلم يبدو أنه يتغذى على الظلال نفسها التي كانت تهدد مدينته. نظر لين إلى خصمه، ورغم أن قلبه كان ينبض بشدة، إلا أن عقله كان في حالة من الهدوء والتركيز. لقد علم أن معركته ضد أوريس لن تكون مجرد معركة جسدية، بل معركة روحية وأخلاقية.

أوريس كان يقف بثقة، عيونه تتوهج بلمعة سوداء، بينما كانت الظلال تتراقص حوله كما لو كانت ترديدًا لندائه. وعندما تكلم، كان صوته مليئًا بالقوة والكراهية: “أنت تعتقد أنك تستطيع هزيمتي؟ أنا من أنشأت هذا الظلام. أنا من يسيطر عليه. وكل من يقترب مني لن يكون له سوى مصير واحد: الانصهار في العدم.”

ابتسم لين وقال بهدوء: “الظلام لا يستطيع السيطرة على كل شيء. في داخلي، هناك ضوء لا يستطيع الظلام أن يمحيه. أنت لست أكثر من مجرد ظل ضعيف أمامه.”

ولكن قبل أن يتمكن لين من الهجوم، بدأ أوريس بتمتمة تعاويذ قديمة، وتحول المكان من حولهم إلى عالم آخر. فجأة، أصبح لين محاطًا بأشباح مظلمة، ظلال متشابكة تلتف حوله وتضغط على جسده. كان يشعر بالثقل في كل جزء من جسده، كأن الظلال تريد سحقه.

“لن تنجو من هذا، لين.” قال أوريس بابتسامة خبيثة. “لقد كنت تسير في الظلام منذ البداية، والآن جاء وقت النهاية.”

لكن لين لم يكن مستعدًا للتراجع. تذكر كلمات إيرياس في تدريباته: “الظلال

جزء

منك،

ولكن

لا

يجب

أن

تكون

أداة

تدمير

.

يمكنك

استخدامه،

ولكن

يجب

أن

تبقى

أنت

المسيطر

.

” تذكر تدريباته، كيف كان يعيد توازن طاقته بين النور والظلام، وكيف علمه ريو أن القوة لا تكمن في استخدام الظلام بقسوة، بل في السيطرة عليه.

أغمض لين عينيه ورفع يديه إلى السماء، محاولًا أن يتصل بكل طاقة النور التي اكتسبها في رحلته. شعر بالظلال التي تحيط به، لكنها لم تعد تشكل تهديدًا. كان يشعر بأنها جزء منه، لا أعداءه. بدأ يوجه تلك الظلال إلى الداخل، ليعبر عن قوته الداخلية، لينقض عليها.

في تلك اللحظة، انفجرت شعاع من الضوء النقي من جسده، محطمة الظلال التي كانت تحيط به، وزرعت في الأرجاء طاقة هائلة من النور. انفجر الهواء حوله، وتراجعت الظلال، وكأنها تتلاشى أمام قوة الضوء.

أوريس، الذي بدا مذهولًا للحظة، رفع يديه لمحاولة استعادة قوته، لكنه لم يتوقع رد الفعل السريع من لين. في تلك اللحظة، ظهر لين بوضوح أمام أوريس، وأطلق شعاعًا من الضوء النقي نحو خصمه، مليئًا بالطاقة التي جمعها من الظلال والنور.

“هذا هو التوازن الذي تبحث عنه!” قال لين بصوت حازم. “أنت لا تسيطر على الظلام. الظلام يحتاج إلى الضوء، كما يحتاج الضوء إلى الظلام.”

في لحظة، ضرب شعاع النور قلب أوريس، مما تسبب في انفجار ضوء هائل ملأ القاعة. أوريس صرخ بألم بينما بدأ جسمه يتفتت إلى قطع من الظلال، والتي بدأت تتبدد وتذوب في الهواء. القوة التي كان يمتلكها، والتي ظن أنه لا يُهزم بها، بدأت تنحسر.

ومع ذلك، قبل أن يختفي تمامًا، نظر أوريس إلى لين بنظرة مليئة بالتهديد. “لن تنتهي الأمور هنا، لين.” همس بصوت متقطع، “الظلام أعمق مما تعتقد. وسينقض عليك مرة أخرى… في وقتٍ ما.”

وفي لحظة، اختفى أوريس تمامًا، تاركًا وراءه سكونًا غريبًا في المكان. كانت القلعة الآن هادئة، والظلال التي كانت تملأ الأرجاء اختفت، لكن لين شعر أن تهديدًا أكبر قد بدأ للتو.

بينما كان لين يستعيد أنفاسه، اقترب منه ريو الذي كان يشاهد المعركة عن كثب. “لقد فعلتها، لين… ولكن، أنا أخشى أن أوريس لم يكن سوى جزءًا من شيء أكبر بكثير. هناك قوى مظلمة أخرى تهدد هذا العالم، ولن نتوقف عند هذا الحد.”

ابتسم لين بتعب وقال: “أعلم، لكنني لست وحيدًا في هذا. لدينا القوة، لدينا التوازن. معًا، سنحارب هذا الظلام مهما كان.”

لكن في أعماق لين، كان هناك شعور غير مريح. رغم الانتصار، كانت كلمات أوريس تتردد في ذهنه. “الظلام أعمق مما تعتقد…” كانت هذه الكلمات تعني أكثر مما يدركه الآن. كان يعلم أن المعركة الكبرى لم تبدأ بعد.

على الرغم من النصر الذي حققه لين في تلك المعركة، كان يعلم أن الظلام الذي يهدد العالم لا يمكن هزيمته بسهولة. فقد كانت هناك قوى قديمة، قد تكون أقوى من كل شيء كان قد واجهه حتى الآن، تنتظر اللحظة المناسبة لتنتقم.

وقال لين وهو يلتفت إلى ريو: “لن أستسلم أبدًا. يجب أن نواصل البحث عن حلفاء أقوياء. يجب أن نتأكد من أن المدينة، وكل العالم، في أمان. الظلام قد يكون في كل مكان، لكننا لن نسمح له بالانتشار.”

وتوجهوا معًا نحو الخروج من القلعة، بينما كانت الشمس بدأت تشرق من خلف الأفق. كان لين يعلم أن الطريق أمامهم طويل، وأن التحديات التي تنتظرهم ستكون أكبر وأشد، لكن معًا، كان لديهم القوة للتغلب على أي شيء.

(يتبع…)

2024/11/10 · 12 مشاهدة · 731 كلمة
عباس
نادي الروايات - 2025