الفصل الخامس عشر: “السر المدفون”
بينما كان لين وريو يسيران عبر الممرات المظلمة للمعبد، كان الجو يزداد كثافة. كل خطوة كانت تحمل شعورًا متزايدًا من التوتر، كما لو أن جدران المعبد نفسها كانت تخفي أسرارًا مميتة. الصوت الوحيد الذي كان يسمعونه هو صدى خطواتهم التي تتردد في المكان الهادئ، بينما كانت أضواء الفوانيس تضيء الطريق بشكل خافت، وتلقي بظلال طويلة على الجدران القديمة.
“الطريق يبدو طويلاً، أليس كذلك؟” قال لين بصوت هادئ، محاولًا كسر الصمت الثقيل الذي كان يحيط بهما.
أجاب ريو وهو يحدق في النقوش التي تزين الجدران: “هذا المعبد يحتوي على أسرار لا يمكن لأي شخص اكتشافها بسهولة. لم يكن يتردد هنا أحد من الحكماء منذ سنوات طويلة. أولئك الذين عايشوا أسراره تركوا كل شيء خلفهم، ولطالما كان الحديث عن المكان مجرد أساطير.”
بينما كانوا يمشون أعمق داخل المعبد، بدأت الرموز التي تغطي الجدران في التغير. كانت النقوش التي كان يراها لين تتحدث عن كائنات قديمة وأسرار مظلمة دفنت منذ العصور القديمة، وكانت كل علامة وكل صورة تحكي قصة عن صراع قديم بين قوى النور والظلام. مع كل خطوة يخطونها، بدأ لين يشعر بثقل التاريخ الذي كان يحيط بهذا المكان، وكانه يمشي فوق أرض تغطيها عظام قديمة.
أخيرًا، وصلوا إلى غرفة كبيرة. كانت الغرفة مربعة الشكل، تحتوي على أعمدة ضخمة وعتيقة ترفع سقفًا مغطى بالرموز. في منتصف الغرفة، كان هناك طاولة حجرية كبيرة، وعلى الطاولة كانت تنتشر العديد من الكتب القديمة والمخطوطات.
“هذه هي المكتبة القديمة التي كان يتحدث عنها الحكماء.” قال ريو وهو يقترب من الطاولة. “هنا تكمن الإجابات على الكثير من أسئلتنا.”
بدأ لين في فحص المخطوطات بحذر. كانت الأوراق قديمة للغاية، وتفوح منها رائحة الزمن البعيد. لكن شيئًا في قلبه أخبره أن هناك شيء مهم في تلك المخطوطات. بدأ يقرأ بعض الكلمات ببطء، محاولًا فهم الرموز القديمة.
كانت العديد من المخطوطات تتحدث عن “التوازن الكوني”، و”العناصر المظلمة” التي تتربص في الظلال، وتنتظر اللحظة المناسبة لكي تظهر من جديد. ووجد لين نفسه أمام صفحة واحدة غريبة، مكتوب عليها باللغة القديمة التي لم يعرفها من قبل. كان النص يشير إلى “حراس الظلال”، وهم كائنات قديمة تم خلقها للحفاظ على التوازن بين النور والظلام. وكان هناك إشارة إلى “مفتاح الظلام الأعمق”، وهو كائن كان يُعتقد أنه دفن منذ آلاف السنين بعد أن دمر جزءًا كبيرًا من العالم القديم.
“مفتاح الظلام الأعمق…” همس لين لنفسه. “هل هذا هو الذي كان يقصده أوريس؟”
قال ريو وهو يقترب من لين: “نعم، يبدو أن أوريس كان يعمل على إيقاظ شيء ما. ربما كان مفتاح الظلام الأعمق هو السبب في جميع الأحداث التي نواجهها الآن. لكن كيف يمكننا إيقافه؟”
واصل لين قراءة النص، وعيناه تضيء بينما كانت المعلومات تتراكم في ذهنه. في أسفل الصفحة، كانت هناك إشارة إلى مكان معين في الجبال الغربية حيث يقال أن “مفتاح الظلام الأعمق” مدفون. كانت الخريطة القديمة تشير إلى منطقة معزولة، مليئة بالمخاطر والعواصف، حيث لا يستطيع أحد الوصول إليها بسهولة.
“يجب أن نذهب إلى الجبال الغربية.” قال لين، وهو يشعر بحزم غير عادي في قلبه. “إذا كان هذا هو المكان الذي يوجد فيه المفتاح، فعلينا أن نصل إليه قبل أن يفعل أوريس أو أي كائن آخر.”
أجاب ريو بصوت جاد: “لكن ذلك سيأخذنا إلى منطقة خطيرة. الأساطير تقول أن هناك وحوشًا قديمة تحرس ذلك المكان، وحواجز سحرية قد تكون قادرة على تدمير أي شخص يقترب. لكن إذا كانت تلك هي الطريقة الوحيدة لإيقاف هذا الظلام، فعلينا أن نكون مستعدين لمواجهة كل شيء.”
غادروا الغرفة في صمت، مستعينين بالخريطة التي عثروا عليها في المعبد. وعندما وصلوا إلى بوابة المعبد الرئيسية، شعر لين بشيء غريب. كانت الرياح تعصف بالأشجار والأعمدة، وكانت السماء فوقهم تبدو مظلمة وكأنها على وشك الانفجار.
“يبدو أن الظلام يقترب أكثر من أي وقت مضى.” قال لين وهو يتطلع إلى الأفق.
أجاب ريو وهو يراقب السماء: “الرحلة إلى الجبال الغربية ستكون خطيرة جدًا. لكننا ليس لدينا خيار آخر.”
انطلقوا معًا نحو الجبال الغربية، وأثناء سيرهم عبر الأرض الوعرة، كان لين يشعر أن التهديد الذي كان يواجهه لم يكن مجرد معركة ضد كائنات مظلمة، بل كان صراعًا من أجل بقاء العالم نفسه. كان يجب أن يجد المفتاح قبل أن يسيطر عليه أوريس أو أي قوة أخرى تحاول استخدامه لأغراضها الخاصة.
على طول الطريق، بدأت الظلال التي كانت تحيط بهم تصبح أكثر كثافة. كانت هناك أضواء غريبة تتراقص في الأفق، وأصوات غير مرئية تهمس في الهواء. كان لين يعلم أن شيئًا مظلمًا كان يترصدهم.
وفي أعماق قلبه، شعر أن كل خطوة تقربه أكثر من اكتشاف الحقيقة، وأنه يقترب من لحظة فارقة قد تغير مصير العالم إلى الأبد.
(يتبع…)