الفصل السادس عشر: “مفترق الطرق”
كانت الرياح تعصف بالأشجار بينما كانت قدما لين وريو تطأ الأرض الوعرة في طريقهم إلى الجبال الغربية. المسافة بين المعبد والمنطقة المقصودة كانت طويلة، وكان الجو ثقيلًا، مشبعًا بشعور من الترقب والترهيب. مع كل خطوة كانوا يقتربون أكثر من المكان المظلم الذي يخفي فيه “مفتاح الظلام الأعمق”، وكان هذا الشعور يزداد كثافة مع مرور الوقت.
“أنت تشعر به أيضًا، أليس كذلك؟” قال لين، وهو يمسح عرقه من جبينه وينظر إلى الأفق البعيد.
أجاب ريو بنبرة مترددة: “نعم، هناك شيء غريب في الهواء. كأن الظلام يراقبنا عن كثب. يبدو أننا اقتربنا من حدود المكان الذي لا يمكننا التراجع منه.”
كان لين يعلم أن الرحلة إلى الجبال الغربية لن تكون سهلة. لكن لم يكن هناك خيار آخر. كان الوقت يمر بسرعة، وتهديد أوريس والظلام الذي كان يهدد العالم لا يمكن تجاهلهما. كانت كل خطوة تقربهم من الحقيقة، ولكنها كانت أيضًا تجلبهم نحو المخاطر التي لم يتخيلها أي منهما.
مع تقدمهم، بدأ المنظر المحيط بهم يتغير. الأرض بدأت تصبح أكثر قسوة، والجبال العالية كانت تُلقي بظلالها المظلمة على الطريق. كانت الصخور تبرز من الأرض بشكل غير منتظم، وكان الهواء يصبح أكثر برودة مع كل خطوة يقتربون فيها من قمة الجبل. مع ذلك، ظل لين وريو يسيران بخطى ثابتة، عازمين على الوصول إلى وجهتهم مهما كانت التحديات.
وفجأة، بينما كانا يقتربان من أعمق جزء من الجبال، حدث شيء غريب. انقطعت الأصوات المحيطة بهم. الرياح توقفت فجأة، وصمت رهيب حل في المكان. وقف لين لحظة، وهو ينظر حوله في دهشة.
“ما الذي يحدث؟” سأل لين، وعيناه تتنقلان بين الصخور والظلال التي تتخلل الجبال.
أجاب ريو وهو يحدق في الأفق المظلم: “هذا ليس طبيعيًا. يبدو أننا دخلنا في منطقة محمية بقوة سحرية قديمة. تلك هي الحواجز التي كانت الأساطير تتحدث عنها. إذا اقتربنا أكثر، قد نواجه خطرًا حقيقيًا.”
بينما كانا يتقدمون بحذر، شعر لين بشيء غريب يزداد في قلبه. كان شعورًا كأن شيئا عميقا داخل الجبال كان يستدعيه. كان يشبه النداء الغامض الذي لا يمكن مقاومته. وبينما كان لين يسير في هذا الاتجاه، شعر ريو بأن الأمر بدأ يزداد خطورة.
“توقف! هناك شيء هنا!” قال ريو وهو يشير إلى ما يبدو وكأنه باب حجري قديم وسط الجبال.
تمكن لين من رؤية الباب بوضوح الآن. كان مغطى بالرموز الغريبة التي كانت تتوهج بلون أزرق باهت. تلك الرموز كانت تحمل طاقة قديمة جدًا، وكان الباب نفسه يبدو وكأنه يقاوم مرور الزمن.
“هذا هو المدخل إلى المكان الذي نبحث عنه.” قال لين بينما اقترب من الباب بحذر. “الآن، يجب علينا الدخول.”
ومع ذلك، كان ريو يحذر، قائلاً: “لا تقترب. هناك شيء غريب في هذا المكان. يبدو أن هذا الباب ليس مجرد مدخل، بل هو فخ محكم.”
لكن لين لم يتردد. كانت رغبته في العثور على المفتاح أكبر من أي خوف. دفع الباب بيده، وبمجرد أن لامست يده سطح الحجر البارد، بدأ الباب يفتح ببطء، كاشفًا عن ممر ضيق مظلم. كانت هناك رائحة قديمة في الهواء، وكان الظلام داخل الممر يبدو وكأنه يلتهم كل ضوء.
“لنذهب، يجب أن نكتشف ما وراء هذا الباب.” قال لين وهو يخطو داخل الممر، متبعه بحذر.
بينما كانا يسيران في الممر الضيق، بدأت الأرض تهتز قليلاً تحت أقدامهم، وكان الجو أصبح أكثر برودة. كانت الجدران المحيطة بهما مشحونة بطاقة مظلمة، وكان لين يشعر بهذا الشعور الغريب بأنهم يسيرون في مسار قد يعيد التاريخ نفسه، وأن هناك شيئًا قديمًا جدًا يترصدهم.
بعد عدة دقائق من السير في الظلام، توقف لين فجأة. أمامه كان هناك تمثال ضخم لجندي قديم يرتدي درعًا مظلمًا، ممسكًا بسيف طويل. كان التمثال يبدو كأنه يحرس شيئًا مهمًا. وعندما اقترب منه، لاحظ لين أن هناك حجرًا عميقًا في قاعدة التمثال يحتوي على نقش غريب.
“انظر إلى هذا!” قال لين وهو يشير إلى النقش على الحجر. “هذا هو المفتاح! هذا هو ما كنا نبحث عنه.”
كان النقش يحتوي على رموز قديمة تشير إلى طقوس معينة، وعلى ما يبدو أن هذه الطقوس كانت تربط النور بالظلام بطريقة معقدة. بدأ لين في قراءة النقش، ولكن كلما قرأ، زادت الرياح حولهم، وبدأت الأرض تحت أقدامهم تهتز بشدة.
“يبدو أن الطقوس قد بدأت بالفعل.” قال ريو وهو يراقب التمثال بحذر. “إذا لم نكن حذرين، فقد نحرر شيئًا لا يمكننا السيطرة عليه.”
وفي تلك اللحظة، انفجر ضوء ساطع من داخل التمثال، وظهرت أمامهم دائرة من الظلال المظلمة، وكان شيئًا في داخلها يصرخ، مزمجرًا بكل قوته. شعر لين أن هناك قوى مظلمة قد بدأت تستيقظ، وأنهم قد أطلقوا شيئًا قديمًا جدًا وعميقًا.
“لقد بدأنا في إيقاظ الظلام الأعمق…” همس لين لنفسه، وهو يدرك تمامًا أنه لم يعد هناك عودة الآن.
(يتبع…)