الفصل التاسع عشر: “المعركة مع الظلام”

انفجرت القاعة باندفاع هائل من الطاقة المظلمة، وكأن العتمة نفسها قد بدأت تتنفس وتتحرك بشكل مادي. كان الكائن الذي تجسد من الظلال يطلق أصواتًا غريبة، كأنه كان يستمتع في تحدي لين وريو، بل وكان يختبر قوتهم العاطفية والعقلية في آنٍ واحد. عيونه الحمراء المشتعلة كانت تطارد لين، كما لو كان يبحث عن نقطة ضعف في قلبه.

“هل تعتقد أنك تستطيع الوقوف أمامي؟” صرخ الكائن، صوت هادر يعج بالألم القديم، كما لو كان الظلام ذاته قد اكتسب الوعي وأصبح شخصية تلاحق البشر.

لكن لين كان قد استعد لهذه اللحظة. كان يعلم أن المعركة مع هذا الكائن ستكون أكثر من مجرد قتال جسدي، بل كانت معركة فكرية وروحية في المقام الأول. كان يعلم أنه سيحتاج إلى أكثر من القوة الجسدية، سيتعين عليه الاعتماد على ما اكتشفه في رحلته.

“لن أسمح لك بالتحكم في هذا العالم!” هتف لين بثبات، بينما كان يرفع يديه نحو الكائن. كانت يده تتوهج بالضوء الذي بدأ ينبثق منه، ضوء ينبض بالطاقة القديمة التي شعر بها في الظلام، ولكن هذه المرة كان الضوء متوازنًا مع الظلال. كان هذا هو التوازن الذي اكتشفه لين خلال تجربته في عالم الظلال.

بدأت الطاقة المظلمة تتفاعل مع الضوء الذي أطلقه لين. كان هناك صراع داخلي، حيث كانت الظلال تسعى لابتلاع كل شيء، بينما كان الضوء يحاول دفعها بعيدًا. كانت المشاعر المتناقضة في قلب لين تتصادم، وكل لحظة كانت تأخذ كل قوته الداخلية. كان يعاني من طاقة الظلال التي كانت تجذب عقله إلى العدم، لكن شيئًا ما في قلبه كان يشده إلى الأمام، كأن هناك قوة من داخل روحه تدفعه للاستمرار.

كان ريو يقف إلى جانب لين، وقد بدأ هو الآخر في إطلاق طاقته الخاصة. كانت الرياح تتصاعد حوله، وتكسر الظلال التي كانت تحاول التفافها حولهم. “لن نسمح لك بتدمير هذا العالم!” هتف ريو، بينما كان يضرب بسيفه، مضيفًا قوة الضوء إلى معركة لين ضد الظلام. كانت السيوف التي حملوها تصدر ضوءًا متوهجًا، كل ضربة كانت تقطع الظلال بشكل تدريجي.

لكن الكائن المظلم لم يكن سهل الهزيمة. بدأ يرتفع في الهواء، محاطًا بالظلال التي تطوقه. كانت الأجنحة الضخمة التي ظهرت خلفه تتسع، وغطت السماء بأسرها، مما جعل لين وريو يشعران وكأن العالم بأسره قد اختفى في الظلام. “أنتما مجرد بشر. لا يمكنكم مواجهة ما أنا عليه!” صرخ الكائن، بينما أطلق موجات من الطاقة المظلمة التي كانت تتقاطع مع الضوء، محدثة انفجارات هائلة في الفضاء من حولهم.

تدحرج لين إلى الأرض بينما كان الطوفان الظلامي يقترب منه، لكن قلبه كان ينبض بقوة أكبر من أي وقت مضى. رغم أن الظلام كان يتغلب على حواسه، كان هناك شعور داخلي بالنور ينبعث منه. كان يعرف الآن أن المعركة الحقيقية لم تكن فقط مع هذا الكائن، بل كانت مع خوفه الداخلي.

“أنا لست مجرد بشر!” قال لين، وهو يقف فجأة. “أنا جزء من هذا التوازن. هذا الظلام وهذا النور، كلانا في داخلي. ولن أسمح لك بأن تسيطر على كل شيء.”

في تلك اللحظة، انتشر الضوء حول لين في دوامة هائلة من القوة، بينما كانت الظلال تتراجع بفعل التوازن الذي بدا يخرج منه. أصبحت الطاقات المتضاربة بين النور والظلام أكثر وضوحًا. كان لين قد تعلم شيئًا أساسيًا: الظلام

ليس

عدواً

يجبتدميره،

بل

قوة

يجب

التوازن

معها

.

اندفع لين إلى الأمام، مستفيدًا من قوة النور الذي كان ينبعث منه، بينما كان ريو يوجه ضرباته المتتالية لتشتيت الكائن الظلامي. وفي تلك اللحظة، بدأ التوازن الذي كانت القوى القديمة قد أخفته لآلاف السنين يظهر بشكل كامل. كان لين هو المفتاح. وكان هو الوحيد الذي يمكنه السيطرة على هذا التوازن.

تراجع الكائن المظلم بشكل مفاجئ، وكأن ضوء لين كان قد اخترق ظلامه. لكنه لم يستسلم، بل أصبح أكثر عنفًا، حيث حاول أن يوجه ضربات قاتلة إلى لين، لكن في كل مرة كان لين يصدها بضوءه، معززًا بمعرفته الجديدة.

“الآن، لين!” صرخ ريو، بينما اقترب من الكائن المظلم بسيفه المتوهج.

أطلق لين طاقته بكل ما أوتي من قوة، وأرسل موجة ضخمة من الضوء الذي اندمج مع الظلال المظلمة. كانت هذه لحظة حاسمة، حيث اشتبكت الطاقتان في صراع نهائي. في النهاية، كان هناك انفجار هائل من الطاقة. ومعه، انقسم الظلام إلى قطع، وانزوى الكائن المظلم في أعماق الكون حيث لا يمكن لأي قوة أن تلاحقه.

عندما هدأت المعركة أخيرًا، كان لين وريو واقفين في وسط القاعة، وكأنهم قد نجحوا في إغلاق بوابة الظلام إلى الأبد. لكن في أعماق قلب لين، كان يعرف أن هذه المعركة لم تكن نهاية الطريق. كان هناك ما يزال الكثير ليتعلمه. لكن الأهم من ذلك، أنه تعلم أنه هو نفسه جزء من التوازن، وأنه يجب عليه حماية هذا التوازن، في عالمٍ مليء بالقوى المظلمة والضوء.

“لقد فعلناها.” قال ريو وهو يضع يده على كتف لين، عارفًا أن رحلتهم لم تنتهِ بعد. “لكن معركة الظلام هذه كانت مجرد بداية.”

ابتسم لين رغم التعب الشديد الذي كان يشعر به. “نعم، ريو… البداية فقط.”

(يتبع…)

2024/11/15 · 10 مشاهدة · 758 كلمة
عباس
نادي الروايات - 2025