الفصل السابع والعشرون: “اختبار الإرادة”

اقترب

لين

و

ريو

من المعبد الثالث، وكان بإمكانهما الشعور بطاقة غريبة تحيط به حتى قبل أن يصلا إلى مدخله. المعبد كان يبدو مختلفًا عن الآخرين. جدرانه كانت سوداء كليًا، وكأنها تبتلع الضوء، بينما كانت أعمدة من النار تحيط به، تضيء الأجواء الحارقة حولهما.

“هذا المعبد مختلف.” قال

لين

وهو يراقب النيران التي تتراقص بعنف. “ما نوع الاختبار الذي ينتظرني هنا؟”

“اختبار الإرادة.” أجاب

ريو

. “لن تواجه خصمًا أو عقلك هذه المرة. ستواجه قيودك الذاتية، تلك التي تمنعك من أن تصبح النسخة الكاملة منك.”

تردد

لين

للحظة، لكنه سرعان ما حسم أمره. “لقد مررت باختبارات أصعب مما كنت أتخيل. إذا كان هذا هو الطريق لتحقيق هدفي، فسأكمل.”

دخل الاثنان إلى المعبد، لكنه لم يكن كما توقع

لين

. الداخل كان عبارة عن ممر طويل، نهايته غير مرئية بسبب الظلام. كان الممر مضاءً بمشاعل خافتة تتراقص ألسنتها في صمت غريب.

“يبدو أن هذا المكان حي.” قال

لين

.

“أنت محق.” أجاب

ريو

. “المعبد يتفاعل معك. كل خطوة تخطوها ستكشف عن عمق إرادتك، وستختبر صمودك.”

بينما كانا يسيران في الممر، بدأت الجدران تتغير. تحولت إلى مرايا تعكس صورًا غريبة لـ

لين

. في البداية، كانت تلك الصور تُظهره كما هو الآن، لكنه سرعان ما لاحظ أن الانعكاسات تتحول إلى نسخ منه تبدو محطمة، منهكة، وخائفة.

“ما هذا؟” سأل

لين

، وهو يحدق في انعكاساته.

“إنها أجزاء منك تحاول أن تثنيك عن الاستمرار.” قال

ريو

. “لا تستمع لها. أكمل السير.”

لكن كلما تقدم

لين

أكثر، ازدادت الانعكاسات غرابة. بدأت تظهر مشاهد من مستقبله، بعضها مليء بالنجاح والانتصار، والبعض الآخر مليء بالفشل والوحدة.

“هذا مجرد وهم.” قال

لين

لنفسه، محاولًا تجاهل الصور. لكنه شعر بشيء يثقل صدره.

ماذا لو كانت هذه المشاهد تحذيرًا؟ ماذا لو كانت فشلي محتمًا؟

عندما وصل إلى نهاية الممر، وجد نفسه في غرفة ضخمة. في وسط الغرفة، كان هناك عرش حجري، وعلى العرش جلس كائن غريب. شكله كان غامضًا، مزيجًا بين الإنسان والظل، وكانت عيناه تتوهجان بضوء أحمر شرير.

“أخيرًا وصلت.” قال الكائن بصوت عميق ومهيب. “لقد كنت أنتظرك.”

“من أنت؟” سأل

لين

، وهو يقف في وضعية استعداد.

“أنا إرادتك المتجسدة.” أجاب الكائن. “أنا الجزء الذي يقودك إلى الأمام، وأيضًا الجزء الذي يمكن أن يحطمك إذا لم تستطع التحكم بي.”

“ماذا تريد مني؟” سأل

لين

.

“لا شيء أكثر من إثبات أنك تستحق أن تحمل القوة التي تسعى إليها.” قال الكائن، قبل أن يقف ويقترب من

لين

. “هذه الغرفة هي مكان مواجهتك الحقيقية مع نفسك. لا توجد أسلحة، ولا حيل. فقط إرادتك.”

فجأة، بدأت الغرفة تتغير. الأرضية تحولت إلى بحر من اللهب، والجدران اختفت تمامًا، ليجد

لين

نفسه في مساحة لا نهاية لها.

“هذا اختبارك الأخير هنا.” قال الكائن. “عليك أن تعبر هذا البحر دون أن تُستهلك.”

“بحر من اللهب؟ كيف يمكنني عبوره؟” تساءل

لين

.

“الإرادة ليست مجرد قوة ذهنية، إنها ثبات في مواجهة المستحيل.” قال الكائن. “إذا تراجعت، ستُحبس هنا إلى الأبد.”

تردد

لين

للحظة، لكنه استجمع شجاعته. أخذ خطوة إلى الأمام، وشعر بحرارة اللهب تخترق جسده. كان الألم لا يُحتمل، لكن شيئًا داخله رفض التراجع.

“لن أستسلم.” قال

لين

بصوت عالٍ، بينما استمر في التقدم.

كل خطوة كانت تبدو وكأنها تستغرق سنوات. الحرارة كانت تتصاعد، والألم يزداد، لكنه كان يذكر نفسه بسبب وجوده هنا.

أنا أفعل هذا من أجل أصدقائي، من أجل المدينة، ومن أجل الحقيقة.

بينما كان يمشي، بدأ يلاحظ أن اللهب لم يكن مجرد نار عادية. كانت تحمل ذكريات من ماضيه، وأصواتًا تحاول إقناعه بالتوقف.

“أنت لست قويًا بما يكفي.” قال صوت بدا وكأنه صدى لظله.

“لن تنجح.” أضاف صوت آخر.

“أنا أقوى مما أعتقد.” أجاب

لين

، وواصل تقدمه.

بعد ما بدا وكأنه أبدية، وصل

لين

إلى الجانب الآخر من البحر. كان جسده منهكًا، لكنه لم يسقط. في تلك اللحظة، ظهر الكائن مرة أخرى.

“لقد أثبت نفسك.” قال الكائن. “لكن هذا مجرد جزء من الرحلة. إرادتك صلبة، لكن عليك أن تذكر دائمًا أن التحديات لن تتوقف.”

قبل أن يختفي الكائن، ترك خلفه بلورة سوداء. عندما لمسها

لين

، شعر بقوة جديدة تتدفق في عروقه. لم تكن مجرد قوة جسدية، بل كانت قوة من نوع مختلف، قوة تعزز من إيمانه بنفسه.

عندما خرج من المعبد الثالث، كان

ريو

ينتظره.

“لقد فعلتها.” قال

ريو

، مبتسمًا.

“ما الخطوة التالية؟” سأل

لين

.

“الخطوة التالية تأخذنا إلى قلب هذا العالم.” قال

ريو

. “الاختبارات انتهت، لكن المواجهة الحقيقية تبدأ الآن.”

نظر

لين

إلى الأفق، حيث كان هناك برج ضخم يلوح في المسافة. كان يعلم أن هذا البرج هو المكان الذي ستُحسم فيه كل شيء.

“لن أتوقف حتى أصل إلى النهاية.” قال

لين

، وبدأ الاثنان السير نحو المرحلة الأخيرة من رحلتهما.

(يتبع…)

2024/11/30 · 11 مشاهدة · 735 كلمة
عباس
نادي الروايات - 2025