الفصل الثالث: “الظلال المخفية”

مرت الأيام سريعًا في معسكر التدريب الذي أقامه

ريو

، حيث كان

لين

يتعلم كيفية التحكم في الظلال واستخدامها لصالحه. في البداية، كانت الأمور صعبة بالنسبة له. كان يحاول ملاحظة أي حركة في الظلال المحيطة به، لكن كلما حاول أن يركز، كانت الظلال تتناثر وتتفرّق كأنها كائنات حية ترفض الانصياع له. لم تكن قوة الظلال سهلة السيطرة عليها، وكان على

لين

أن يتقنها ليس فقط بالقوة البدنية، بل بعقله وروحه أيضًا.

اليوم كان مختلفًا. بينما كان يتدرب بمفرده في الزاوية المظلمة للمخبأ، شعر بشيء غريب يلتف حوله. كأن هناك قوة غير مرئية تسحب طاقته إلى داخل الظلام. كان يحاول أن يثبت نفسه، لكنه شعر بأن قوته لا تكفي. في اللحظة التي شعر فيها أن الظلال على وشك أن تبتلعه، ظهرت

سورا

فجأة.

“هل تشعر بها أيضًا؟” قالت بصوت هادئ وهي تراقب

لين

عن كثب. كان وجهها يعبّر عن شيء من القلق الذي حاولت إخفاءه طوال الوقت. كان من الواضح أنها قد جربت شيئًا مشابهًا في الماضي، وكانت تعرف خطر هذه القوة. “هذه ليست مجرد تدريبات،

لين

… هذا هو الاختبار الحقيقي لقواك. إذا كنت لا تتحكم في الظلال، فإنها ستتحكم فيك.”

قالت

سورا

هذه الكلمات في لهجة قاسية، لكن في أعماق صوتها كان هناك شيء يشبه الحذر. كانت تدرك أن

لين

لا يزال غير مستعد لما ينتظره. كانت تعلم أن الظلال ليست مجرد قوى قتالية، بل شيء أعمق من ذلك، شيء مرتبط بالماضي الغامض للمدينة وأسرارها القديمة.

“هل ستساعدني؟” سأل

لين

وهو يحاول جاهداً أن يوازن بين قوته الداخلية وبين الظلال المتسللة حوله.

ابتسمت

سورا

ابتسامة مشحونة بالمرارة وقالت: “أنا لا أساعد أحدًا،

لين

. أنا فقط أحذرك من أن الظلال لا ترحم، وإذا كنت ستعتمد عليها، فكن مستعدًا لدفع الثمن.”

ثم تقدمت باتجاهه، وأخذت سيفها في يدها. “لكن بما أنك مصمم على التعلم، فإنني سأرشدك.”

بدأت

سورا

في تدريب

لين

على التحكم بالظلال بشكل مختلف. لم يكن الأمر مجرد تكوين أسلحة أو دروع، بل كان عن كيفية تحريك الظلال بحيث تندمج معه تمامًا. في البداية، كانت الظلال تتحرك ببطء، وكأنها تتردد في اتباع أوامره. لكنها مع الوقت بدأت تظهر علامات تطور في قدراته.

في أحد الأيام، بينما كان

لين

يحاول دمج نفسه مع الظلال في زاوية المخبأ، شعر بشيء غريب يتسلل في جسده. كانت قوة غير مرئية، قوة بدا أن الظلال نفسها قد نقلتها إليه. شعر فجأة وكأن ظلاله تحيط به من كل جانب، وتتكثف حوله في شكلٍ غير بشري. كانت هذه الظلال لا تحاكيه فقط، بل أصبح وكأنها جزء منه. أخيرًا، استطاع أن ينسجم معها تمامًا، كما لو أنه أصبح الظل نفسه.

بينما كان

لين

يختبر قدراته الجديدة، كان

ريو

يراقب من بعيد. لم يظهر عليه أي رد فعل، لكن كان وجهه مشدودًا بعناية. لقد كان يعلم أن

لين

قد اجتاز مرحلة مهمة من التدريب، لكن في ذات الوقت كان يعي تمامًا أن هناك أشياء أكبر بكثير في انتظاره.

في المساء، اجتمع الثلاثة في المخبأ ليبحثوا في الخطوات التالية. شعر

لين

بإرهاق عميق، لكنه كان مستعدًا للمضي قدمًا. كان يعلم أن القدرات التي اكتشفها كانت مجرد بداية. كانت هناك أسرار كبيرة في انتظار اكتشافها.

قال

ريو

وهو ينظر إلى

لين

بحذر: “لقد تعلمت الكثير خلال الأيام الماضية، لكن هذا ليس سوى بداية رحلتك. القوة التي تمتلكها ليست محصورة فيك فقط، بل هي جزء من قوة أعمق في العالم. الظلال ليست مجرد طاقة، إنها كائنات قديمة تحكم العالم الخفي. أنت الآن جزء من تلك القوة، وإذا لم تتحكم فيها تمامًا، فإنها قد تدمرك.”

أضافت

سورا

بنبرة قاسية: “أنت جزء من شيء أكبر مما تتخيل،

لين

. الظلال التي تستخدمها الآن قد تكون أسرارًا مدمرة. هناك من يريد السيطرة عليها، ولن يتوقفوا حتى يحصلوا عليها. ونحن لا نعرف من يمكنه تحريك هذه القوى لأغراضه.”

تأمل

لين

في كلمات

سورا

و

ريو

. كانت هناك حقيقة واضحة بدأت تنكشف أمامه: ما كان يعتقد أنه مجرد تدريب بسيط أصبح الآن معركة من أجل البقاء، معركة ضد قوى قديمة وقوية. كان يشعر بثقل المسؤولية، لكنه أيضًا كان يحس بشيء آخر، شيء كان يشتاق إليه. كان يرى في الظلال جزءًا منه، جزءًا يجهله، لكنه كان يعرف أنه يحتاجها ليواجه العالم الذي يحيط به.

في تلك الليلة، لم يستطع

لين

النوم. كان عقله مشغولًا بالتفكير في كلمات

ريو

و

سورا

، لكنه كان يعلم أن الخيار الوحيد هو المضي قدمًا. لم يكن لديه مكان آخر ليذهب إليه، وكان يعلم أن هذه القوى التي اكتشفها قد تكون مفتاحًا لإنقاذ المدينة.

بينما كان يفكر في كل ذلك، شعر بشيء غريب يقترب منه. في الظلام البعيد، ظهرت صورة غامضة. كانت الظلال تتجمع في زاوية المخبأ، وكأن شيئًا ما كان يختبئ في الظلال نفسها. نظر

لين

بعينين متسعتين، وكأن تلك الظلال قد أصبحت جزءًا منه، لكنها كانت الآن تخفي شيئًا أكبر، شيئًا مظلمًا… شيئًا غير مرئي يترصدهم.

يتبع..

2024/11/07 · 14 مشاهدة · 753 كلمة
عباس
نادي الروايات - 2025