📖 {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان هناك الكثير مما يجب فعله، أكثر من اللازم

ارتدى الحاكم لويس ثيابه، وغسل وجهه سريعًا، وثبّت عباءته، ثم خطا بخطوات عاجلة إلى مكتبه

وقبل أن يُغلق الباب تمامًا، قال: "استدعوا لامبرت"

وما إن انتهت كلماته حتى اندفع خدمه على الفور للخارج

وبعد لحظة، دخل لامبرت مسرعًا، وقبل أن ينطق بكلمة، أصدر الحاكم لويس أمره:

"خذ مائة من فرسان المد الأحمر، وانصبوا فورًا كمينًا خارج البوابة الرئيسية لإقليم المد الأحمر. العدو هم نخبة الثلج المخلص"

ضيّق عينيه، وجاء صوته باردًا حادًا كسيف: "اختاروا اللحظة المناسبة، ثم اسحقوهم بهجوم بشري كاسح. يمكنكم الإبقاء على بعض الأسرى للاستجواب، أما الباقون فاقتلوهم بلا رحمة"

ارتجف قلب لامبرت، لكنه لم يتردد: "كما تأمر"

جاء الأمر الثاني مباشرة: "استدعِ ثلاثة فرسان آخرين وطبيبين اثنين، وخذ هؤلاء المرشدين، وانطلقوا فورًا إلى إقليم هان شان"

أخذ أحد الخدم بضع صفحات من المسودات اليدوية التي ألقاها على الطاولة؛ كانت الكتابة حتى غير مرتبة

قال الحاكم لويس وهو يشير إلى أول بند في المسودة: "الأهم هو العزل. خصصوا قوة عاملة في إقليم هان شان لبدء بناء مجموعة من الأكواخ الصغيرة المغلقة القادرة على الاحتفاظ بالحرارة فورًا

أي شخص يُظهر أعراض النعاس يجب أن يُدار مركزيًا هناك، ويُعزل، ويُمنع من التجول أو الاختباء. ومن يخالف ذلك يُقتل بلا رحمة"

ما ألقاه للتو كان "إرشادات الصحة والنظافة العملية" التي كتبها بعجلة

على سبيل المثال، "طريقة غلي الماء" التي يجب تنفيذها في كل أنحاء الإقليم، بحيث يُلزم الجميع بغلي مياه الشرب جيدًا

ويُعطى كل شخص قطعة قماش ليغطي أنفه وفمه. مهما كانت خشنة، فهي للوقاية من انتقال العدوى عبر الرذاذ

وبعد أن تلقى الحراس أوامر الحاكم لويس، انطلقوا فورًا لتنفيذ المهمة

ثم صدر الأمر الثالث من فم الحاكم بسرعة: "استدعوا بعض الصيادين والفرسان، واستعدوا للانطلاق. الهدف هو سلاحف الظهر الناري، الموجودة في ينابيع المد الأحمر الحرارية

أمسكوها إن أمكن، وإن لم يكن، اقتلوها. فصدفها ذات فائدة عظيمة. لسنا بحاجة إلى الكثير، ست أو سبع تكفي"

أجاب الخدم بإيجاز، ثم تفرقوا مباشرةً لأداء مهامهم

وبينما كان الحاكم يستعد لأخذ قسط من الراحة القصيرة بعد إصدار أوامره الأخيرة

اندفع أحد الحراس إلى الداخل وهو يلهث قليلًا: "يا سيدي، هناك مجموعة من الناس وصلت من الخارج"

"أوه؟" رفع الحاكم لويس حاجبه

سارع الحارس مضيفًا: "القائد يدّعي أنه البارون فيرا، ويقول إنه يريد زيارتك"

تجمد الحاكم لحظة بدهشة. وصل بهذه السرعة؟

في تلك اللحظة، شعر باهتمام خفيف: "أدخلوه، ولكن اسمحوا فقط لاثنين بمرافقته. وأبلغوا لامبرت أن يتحرك فور دخول الثلاثة"

انحنى الحارس موافقًا وانسحب مسرعًا

قبل خمسة عشر دقيقة

خارج إقليم المد الأحمر، توقفت عربة ببطء

ترجل البارون فيرا، مرتديًا ثياب النبلاء، وابتسامة النصر تعلو وجهه

لكن ما إن نزل حتى رأى عدة فرسان من المد الأحمر مدججين بالسلاح يقطعون الطريق أمامه، مانعين المرور بسيوفهم وملامحهم الصلبة

"قفوا"، قال الفارس المتقدم بصوت عميق. "اذكر اسمك وسبب قدومك"

"همف"، رفع فيرا ذقنه، وصوته مليء بالغرور: "أنا البارون فيرا، جئت لزيارة الحاكم لويس، سيد المد الأحمر"

تبادل الفرسان النظرات، وأسرع أحدهم عائدًا إلى المدينة ليبلّغ

ولم يمض وقت طويل حتى عاد الرجل لاهثًا: "تقرير! الحاكم لويس وافق على المقابلة!"

أومأ فيرا برضا

"لكن"، تردد الفارس قليلًا، "يسمح فقط لثلاثة منكم بالدخول. أما الباقون فعليهم الانتظار خارج المدينة"

وبمجرد سماع ذلك، شحب وجه فيرا قليلًا، لكنه تماسك، عاضًّا على أسنانه: "مفهوم، سأناقش الأمر"

استدار بحصانه واقتاد مرافقيه جانبًا ليتهامس معهم

وعندما واجه مقاتلي الثلج المخلص، اختفت على الفور غطرسته، وحلّت مكانها ابتسامة متملقة، حتى كاد ظهره ينحني انحناءً مذلًا

قال بخنوع: "اطمئنوا يا سادتي، سأستدرج الحاكم لويس للخارج، وحينها سيكون أسره سهلًا جدًا. لن نحتاج حتى لمهاجمة البلدة"

كانت هناك مقاتلة من الثلج المخلص، ترتدي درعًا موحدًا للنبلاء الفرسان، وعيناها باردتان حادتان

فكرت لحظة، ثم أومأت قليلًا: "جيد"

ثم اختارت أكثر الفرسان هدوءًا ليرافق فيرا

تابع فيرا سيره رافعًا رأسه، وفي عينيه احتقار لفرسان المد الأحمر

انطلق الثلاثة بخيولهم نحو بوابة المدينة ببطء

لكن بعد وقت قصير من مغادرتهم، اندفع فرسان المد الأحمر من كمينهم كالسيل

ما يقارب المائة من الفرسان المدججين بالسلاح أحاطوا بالثلج المخلص، الذين لم يسعفهم الوقت لرد الفعل، وأمسكوا بهم تمامًا

وفي اشتباك قصير، تناثر الدم على الأرض

قاتلت نخبة الثلج المخلص بيأس، لكن تحت وطأة تفوق القوة المطلقة، كان كل جهدهم عبثًا

كان فرسان المد الأحمر قد خططوا لترك بعضهم أحياء، لكن هؤلاء المخلصين، بعدما علموا أنهم لن ينجوا، فعّلوا "غليان الدم" محاولين اصطحاب مزيد من الأرواح معهم

غير أن الفارق العددي كان ساحقًا؛ فاستُنزفوا وقُتلوا جميعًا

وفوق ذلك، أُنقذ خلال الفوضى اثنا عشر من النبلاء المقيّدين. كانوا يعانون من الصقيع والذعر، لكنهم ما زالوا على قيد الحياة

أما في الجهة الأخرى، فكان فيرا ورفيقاه يسيرون ببطء عبر شوارع البلدة برفقة حراس المد الأحمر

دون أن يعلموا أن جماعتهم خلفهم قد أُبيدت في الرياح الباردة، وأن الدم لوّن الأرض القاحلة

ولم يكن الحراس الذين يقودونهم مجرد مرافقين عاديين؛ بل كانوا جميعًا فرسانًا نخبة

في الظاهر، كانوا يتقدمون باحترام، لكن في الباطن كانوا في أقصى حالات اليقظة، مستعدين للانقضاض وقتلهم عند أي إشارة

وفي الشوارع، ارتفع دخان المواقد، والمارة يرتدون ثيابًا مرتبة ويمشون بخطى سريعة

ضحكات الأطفال تتردد، والعجائز يجلسون أمام أبوابهم يتمتعون بشمس الشتاء الخافتة. وكان المراهقون المارّون ينحنون باحترام للفرسان

نظر فيرا إلى الدخان والوجوه المبتسمة، لكن قلبه امتلأ بالاشمئزاز الشديد

لم يستطع احتمال رؤية العامة يعيشون حياة جيدة

ففي عينيه، هؤلاء الدهماء لا بد أن يزحفوا في الطين، لا أن يرتدوا ثيابًا نظيفة ويبتسموا تحت الشمس

ابتساماتهم وخزت عينيه

سخر في نفسه، معتبرًا أن الحاكم لويس عاجز حقًا، إذ لم يعرف كيف يستغل رعاياه

لكن على السطح، تظاهر ببرود وهو يتابع السير مع حراس المد الأحمر

أما زعيمة الثلج المخلص التي بجانبه، فقد خفضت رأسها قليلًا، وظهرت في عينيها لمحة اشمئزاز وتشوه

بوصفها من الثلج المخلص، كانت تتمنى لو أنها تستطيع قتل جميع هؤلاء الناس

وأخيرًا، وصلوا إلى قلعة

وهذه القلعة فاقت تخيلاتهم؛ أعمدة أسطوانية سميكة تنتصب، وبنيانها العام من الحجر الخام القاسي، قبيح لكنه يبعث رهبة باردة خانقة

ولو حاول أحد مهاجمة هذا المكان، فمن يدري كم سيدفع من ثمن لإسقاطه

لم تستطع الزعيمة إلا أن تعض على أسنانها، وغشاها شعور أثقل قلبها

فأقسمت أنها عند أول فرصة ستقتل الحاكم لويس، خشية ألا يكون قد انخدع بالخروج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/22 · 195 مشاهدة · 1042 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025