📖 {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يمنحهم الحراس وقتًا طويلاً للتوقف، بل اقتادوهم مباشرة إلى داخل القلعة وصعدوا بهم إلى قاعة الولائم في الطابق الثالث
كان شاب يجلس على المقعد العالي، هالته هادئة كالماء
إنه لويس، أصغر سنًا وأكثر وسامة مما تخيلوه
لمعة من الغيرة والخبث عبرت عيني فيرا، لكنه ارتدى على السطح ابتسامة عريضة، وهمّ بتحيته بحرارة
لكن قبل أن تنطلق كلماته، سمع الحارس يقول: "تحرّكوا!"
وفي اللحظة ذاتها، اندفع أكثر من عشرة من فرسان المد الأحمر النخبة من داخل القاعة، ومن السقف، ومن كل الجهات، بسرعة تماثل وحوشًا كانت على وشك الانقضاض
تصلب قلب القائدة الأنثى فجأة، وبحركة غريزية مدت يدها نحو الخنجر المخفي عند خصرها
غير أن معصمها الأيسر خفق بألم حاد ما إن لامست قبضته
سيف قصير لمع ببريق بارد، ضرب مفصل معصمها بدقة بالغة، فجعل ذراعها بأكملها تتخدر
وفي الوقت نفسه، اندفع ثلاثة فرسان نخبة، من اليسار واليمين، وضغطت ركبهم بقوة على مؤخرة ركبتيها، ففقدت توازنها وسقطت مباشرة أرضًا
أما رفيق آخر من قسم الثلجيين، فزمجر محاولًا المقاومة، لكنه ما إن تحرك حتى هوت ضربة كف على مؤخرة عنقه، فانهار مرتخيًا على الأرض
وبالنسبة لفيرا، فلم يُتح له حتى أن يتكلم قبل أن تلتف معصماه بصوت طقطقة، ويُضغط جسده مباشرة على أرضية الحجر الباردة، عاجزًا عن الحركة
في غضون ثلاث ثوانٍ فقط، تم إخضاع الثلاثة تمامًا، وجثوا أمام لويس
صرخ فيرا وهو ملتصق بالأرض، يضغط أسنانه: "يا سيدي لويس! جئت لأقدم لك هدية! هدية كبيرة، إنها خارج المدينة! لماذا تعاملني هكذا؟!"
ترددت صرخاته في القاعة الفارغة، حادة تحمل مسحة من الهستيريا
نظر إليه لويس من علو، وعلى شفتيه نصف ابتسامة: "هدية؟ هل تقصد... أولئك الثلاثين من الثلجيين؟"
انقبض قلب فيرا فجأة عند سماع الكلمات، وبهت وجهه على الفور
تابع لويس ببطء: "لا تقلق، لقد وصلني الأمر بالفعل. فرساننا ذهبوا بأنفسهم وجلبوهم، لم تكن هناك حاجة لتوصيلك الشخصي"
كلماته البسيطة، كالسكاكين، مزقت قلب فيرا
لم يعد قادرًا على التماسك، انكمشت حدقتاه بسرعة، وسأل بصوت مرتجف: "ك-كيف يكون ذلك ممكنًا؟"
نظر لا إراديًا إلى القائدة الأنثى للثلجيين، ظنًا منه أن جماعتها هي من سرّب المعلومات
لكن القائدة رمقته ببرود، وفي عينيها سخرية وشك
تجمد المشهد للحظة
اتكأ لويس على مقعده العالي، مبتسمًا ابتسامة خفيفة: "لا تتكهّن، فقد أخبرني الجد التنين في حلم البارحة"
تصلب فيرا مكانه، ودوّت في ذهنه طنينات فارغة
عندها فقط أدرك أن الثلجيين قد أُبيدوا بالكامل
وإلا لما كان لويس سيجلس هنا هادئًا يبادلهم الحديث والضحك
ارتجف وجثا بسرعة، ضاربًا الأرض بجبهته بقوة: "سيدي لويس! أيها الحاكم! اعف عني! لقد أُجبرت! كنت أتعمد استدراج الثلجيين إلى الفخ، صدقني! أنا مخلص لك!"
لكن قبل أن يكمل، لوّح لويس بيده: "أخرسوه، إنه مزعج للغاية"
فأطاع فارس من المد الأحمر، واقترب وأمسك شعر فيرا وحشر قطعة قماش بخشونة في فمه
وعاد الصمت أخيرًا إلى قاعة الاجتماع
التفت لويس نحو القائدة الباردة الجميلة: "سأسألك أمرًا واحدًا فقط، إن أجبتِني أُطلق سراحك"
حدقت فيه القائدة ببرود دون أن تنطق
لم ينزعج لويس، بل طرح سؤاله الذي طالما أراد معرفته: "ما الذي تضحون به أنتم الثلجيون بالضبط؟"
تصلب الهواء من حولهم
لمعة صدمة عبرت عيني القائدة، لكنها لم تجب
انتظر لويس بضع ثوانٍ، ثم نهض ببطء وهو يُعدّل أكمامه
"يبدو أنك لن تجيبي أيضًا"، قال بهدوء لكن كأنها كلمة ختمت الحكم، "اسحبوهم جميعًا واقتلوهم خارجًا. لا تدنسوا هذه القلعة المجددة حديثًا"
أجاب الفرسان باحترام وبدأوا بجر الثلاثة
ركل فيرا برجليه بجنون، مخلفًا آثارًا على الأرض المتجمدة
أراد الاسترحام، لكن فمه كان محشوًا، فلم يجد إلا التحديق بلويس بعينين بائستين
لكن لويس لم ينظر إليه، بل أدار عينيه نحو النافذة متأملًا المنظر
آه، إن كالفن طيب القلب، لا يطيق رؤية مثل هذه الأمور
سُحب الثلاثة بسرعة وأُخذوا خارج القلعة
تناثر الدم على الأرض المتجمدة، وبعد صرخة قصيرة، عاد السكون إلى العالم
وبعد أن انتهى من هذه المهزلة الصغيرة، قرر لويس أن يتفقد بنفسه عملية القبض على سلحفاة الظهر الناري، ليتأكد من خلوها من أي مفاجآت
مع ذلك، شعر ببعض الأسف، فقد كان ينوي انتزاع معلومات من القائدة الثلجية، لكن لم ينجح
بين حين وآخر، كان نظام المعلومات يبلغه بأن بعض النبلاء يُختطفون من قِبل الثلجيين للتضحيات، لكن لم يكن هناك يومًا تفاصيل عن الهدف الفعلي للتضحية
وقد ظل لويس شديد الفضول تجاه ذلك، إلا أنه لم يحظ بالإجابة هذه المرة أيضًا
"لا بأس، في المرة القادمة حين ألتقي بالثلجيين سأحاول مجددًا"، تمتم لويس متنهدًا وهو يتجه نحو موقع تطويق السلحفاة
غير أنه ما إن خطا بضع خطوات خارج القلعة، حتى لمح لامبرت قادمًا بسرعة مع فريق من الرجال
وعند التدقيق، تبين أنهم مجموعة من النبلاء الفاشلين المقيدين
وكان يتقدمهم الفيكونت فيرث
وما إن رأوا لويس حتى جثا هؤلاء النبلاء البائسون، شاكرين إياه بامتنان، تتردد على ألسنتهم باستمرار: "شكرًا لك يا سيدي على إنقاذ حياتنا!"
عقد لويس حاجبيه؛ لم يكن يتوقع أن يقع هؤلاء مباشرة في قبضة الثلجيين، وأنه لم يُقتل منهم أحد
كان الأمر مزعجًا بعض الشيء، لكنه لم يكن عددًا كبيرًا لحسن الحظ
أمر بهدوء: "تخلصوا منهم"
وما إن نطق حتى تجمد الهواء لوهلة
شحب وجه النبلاء، وسقط بعضهم أرضًا مرتجفين، يضربون جباههم بالأرض متوسلين
بينما صرخ آخرون، لاهثين بالشتائم ضد لويس، ملوحين بمكانتهم ومنزلتهم
وهناك من جمد في مكانه يحدق بلويس بعدم تصديق
لم يستوعبوا أن هذا الشاب قد قال مثل هذه الكلمات فعلًا
ظنوا أنهم أساؤوا السمع
لكن لويس مضى مبتعدًا، وبعد خطوات قليلة، توقف فجأة من جديد
أضاءت عينا فيرث معتقدًا أن لويس أراد إخافتهم فقط وإذلالهم
هذا المتوحش ماكر حقًا
لكن في اللحظة التالية، قال لويس بنبرة هادئة: "آه، واحرصوا على أن تُنفذوا الأمر نظيفًا، واجعلوه يبدو كأن الثلجيين من فعلوه"
قالها كما لو كان يطلب من طباخ ذبح دجاجة
وهنا فقط استوعب النبلاء الحقيقة
لم يكن يمزح، ولم تكن مجرد استعراض قوة، بل أراد فعلًا موتهم، وكأن حياتهم لا تساوي شيئًا
هو! كيف تجرأ!
اجتاح اليأس وجوههم كالطوفان
انهار بعضهم أرضًا متوسلين بلا توقف، فيما لعن آخرون بجنون
أما لامبرت فأومأ قائلًا: "مفهوم، سأهتم بالأمر"
وسرعان ما دوّت صرخات متقطعة خلف لويس
آه، إن كالفن طيب القلب، لا يطيق سماع مثل هذه الأمور
فأسرع بخطاه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ