📖 {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل: 127]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حفز لويس حصانه متجهًا نحو أعماق المنطقة الساخنة من أراضي المد الأحمر

ولكن ما إن خطا داخل المحيط الخارجي حتى بدأ حصانه الحربي يتململ، مطلقًا صهيلًا قلقًا

قال لويس وهو يشد اللجام: "لا يستطيع التقدم أكثر من هذا؟" ثم ترجّل وسار على قدميه

مع أن الفصل كان خريفيًا والأرض الشمالية يفترض أن تكون جليدية البرودة، إلا أن درجة الحرارة هنا تجاوزت الثمانين درجة

حتى حذاؤه السميك ذو النعل العالي لم يستطع حجب الإحساس بالحرارة، وكأنه يخطو على صفيح محمّى

خلع معطف الفرو الثقيل المصنوع من ذئب، مكتفيًا بقميص خفيف

تدفقت طاقة المعركة داخله، مشكِّلة غشاءً واقيًا رقيقًا بالكاد يصد الحرارة الزاحفة

لكن حتى مع ذلك، شعر وكأن جسده كله يُبخَّر، وتصبب العرق على ظهره في لحظة

أمامه امتدت منطقة متشققة بلون بني مائل إلى الأحمر، يتصاعد منها بخار ساخن من شقوق الصخور، حيث كانت عشرات من سلاحف الظهر الناري نصف مدفونة في المنطقة الحرارية، تنفث الهواء الساخن بكسل وحذر، وتلمع ظهورها الحمراء بضوء خافت

هذا كان عش سلاحف الظهر الناري، قلب الحرارة الجوفية المتدفقة، وأساس أراضي المد الأحمر

تنفس لويس بعمق من الهواء الحار وخطا نحو المنطقة المركزية

كان فرسان المد الأحمر قد وصلوا إلى المنطقة الحرارية قبله بوقت

ولأنهم لم يمتلكوا طاقة المعركة كحماية، فإن الصيادين العاديين لم يتمكنوا سوى من تقديم المشورة من الأطراف، بينما العمليات الفعلية كانت من نصيب هؤلاء الفرسان. لكن كل واحد منهم بدا متعبًا، مما دلّ أن العملية لم تكلل بالنجاح

"تقرير يا سيدي!" ركض فارس نحوه لاهثًا: "هذه السلاحف صعبة جدًا!

رغم أنها ليست هجومية، إلا أن حذرها شديد للغاية. ما إن تقترب منها حتى تنكمش داخل أصدافها، ودفاعها يعادل جدار مدينة، ومع حرارة سطحها لا توجد وسيلة للاقتراب!"

صمت لويس لحظة ثم قرر: "إذن نتوقف الآن. راقبوا أولًا، ولا تستفزوها"

أومأ الفرسان براحة وانصرفوا ليستريحوا

وقف لويس على الأرض الملتهبة يراقب السلاحف بدقة

كان يعلم أنه بحاجة إلى حيلة أذكى، ولم يبقَ أمامه وقت كثير

بعد نصف يوم من المراقبة، اكتشف لويس أمرًا غير معتاد

لقد دخلت السلاحف موسم التزاوج

في المنطقة الحرارية اللاهبة، تجمعت بعض الإناث المتناثرات حولهن ذكور عديدة

الذكور القلقة تنهّدوا بأنفاس ثقيلة، وامتلأت عيونهم بشهوة مكبوتة طوال موسم كامل

كلما اقترب ذكر من أنثى، نقر على درعها برأسه مطلقًا صوتًا رنانًا — إشارة المغازلة المباشرة عند سلاحف الظهر الناري

عادة، إن كانت الأنثى مهتمة، فستتكاسل وتحك جسدها بالأرض مرتين مطلقة صوت احتكاك خافتًا يكاد لا يُسمع

أما إن لم تهتم، فستنكمش مباشرة داخل صدفتها وتنفث ضبابًا أبيض حارًا، وهو رادع فعّال

لكن الإناث هنا كنّ ذكيات جدًا

فلم يوافقن ولم يرفضن، بل حافظن على موقف "لا زال هناك أمل"، تاركات الذكور يدورون حولهن في حيرة

بعض الإناث حكّت الأرض مرتين ثم انكمشت، ليجد الذكور أنفسهم يصطدمون بالهواء

أخريات أظهرن نصف ذيل، فيتهافت الذكور عليها ويتشاجرون، لتنفث هي قليلًا من البخار وتطرحهم أرضًا

أما الأكثر دهاءً، فأخرجت لسانها وطرقت الأرض: معناها بسيط — أحضروا طعامًا

فاندفع الذكور بأجسادهم الثقيلة، يبحثون في كل مكان بجنون، ثم يعودون محمّلين بسحالي مشوية صغيرة، وثمار حجرية مجففة، وغيرها من الأطعمة، يكدسونها أمام الإناث

الإناث يأكلن ببطء، يلتقطن من الطعام ما يعجبهن ويمضغنه براحة، مستمتعات بمجهود الذكور

وحين يشبعن، يهززن أصدافهن برفق تاركات تلميحًا خفيًا، ثم يعدن لمراوغة الذكور مجددًا

ضيق لويس عينيه، شاعرًا أنه رأى هذا المشهد في مكان ما من قبل

في تلك اللحظة، وصلت كبت شهوة الذكور إلى ذروتها

صاروا متوترين، قلقين، وعلى وشك فقدان السيطرة في أي لحظة

تلألأت عينا لويس بخطة ماكرة، وقال لنفسه بابتسامة: "جيد جدًا، سنفعل أمرًا خسيسًا. الاسم الرمزي: فخ الرجل السلحفاة"

فأمر على الفور بجمع بول إناث السلاحف

كان بول الإناث في موسم التزاوج قوي الرائحة ونتنًا، كأنه خليط من كبريت مشوي وطين متعفن، يكفي لإدماء العيون

اصفرّت وجوه الفرسان من شدة الرائحة، لكن أوامر سيدهم لا تُرفض

لم يكن أمامهم سوى سد أنوفهم وحمل القوارير لجمع البول بحذر

ولزيادة التأثير، استدعى لويس كيميائيًا ليصنع سوائل أخرى ويخلطها مع البول، فتضاعفت الرائحة أضعافًا

غُطي المعسكر كله كأنه بغطاء نتن ثقيل، حتى أشجع الفرسان جلسوا يسعلون بشدة

في الوقت نفسه، أمر الحرفيين بنسج أصداف سلاحف وهمية من القصب

وفي داخلها عُلّقت حجارة صغيرة، لتصدر عند تحريكها صوت احتكاك يشبه تمامًا صوت الأنثى وهي تحك الأرض

بعد اكتمال التجهيزات، بدأ التنفيذ

في اليوم التالي، قاد لويس الفرسان متخفين خلف الصخور الحارة، يستهدفون الذكور الأكثر قلقًا وشبقًا

كانت أصدافهم لامعة من كثرة الاحتكاك، وعيونهم تكاد تقذف نارًا

حتى أن بعضهم احتضن الصخور وحكّها بجنون، في مشهد لا يُطاق

وبعد تحديد الهدف، أخرج لويس الصدفة الوهمية الملطخة ببول الإناث كطُعم

بشد خيط رفيع، تمايلت الصدفة على الأرض مطلقة صوتًا مريبًا مثيرًا

ومع رائحة "العشق" الثقيلة التي قد تُسقط الذباب، كان التأثير ساحقًا

فورًا، مدّ الذكر المتحمس عنقه، اتسعت منخراه إلى أقصاهما، وكادت عيناه تخرجان

بدا كأنه لم يعد يعرف حتى أمه، بل يرى أمامه "زوجته" فقط

فأطلق زمجرات غليظة واندفع نحو الصدفة

الفرصة!

لوّح لويس بيده فورًا

تحرك الفرسان المترقبون بسرعة، وأحكموا حبلًا سميكًا من الكتّان، منقوعًا ببول الإناث نفسه، حول عنق الذكر

جذبوا بقوة!

وبـ"دوي" صاخب، جُرّ الذكر الهائج داخل قفص حديد بارد

كان القفص ثقيلًا وصلبًا، قادرًا على صد هجمات السلحفاة بكل قوتها، ومعزولًا عن ضبابها الحار الممزوج بالغضب والجوع

تمت العملية بنجاح!

خلال يومين فقط، أشرف لويس شخصيًا على أسر أربعة من أشرس وأشد الذكور جنونًا

ورغم أنهم ظلوا يرتطمون بجدران أقفاصهم مطلقين صرخات جائعة وبائسة، إلا أن حماستهم بقيت حبيسة بلا منفذ

قال لويس بصوت خافت وهو ينظر إلى السلاحف المسجونة بإحكام: "سلحفاة مسكينة"

لم يضيع الوقت، وأمر فورًا بترتيب نقلها إلى أراضي هان شان

ورغم أن هذه السلاحف لم تُروض بعد، إلا أن لويس تمكن من إعادتها سالمة إلى هان شان، مع محاولة تجنب العنف المفرط، ليضع أساسًا للترويض الحقيقي في المستقبل

كان من المتوقع أن تستغرق الرحلة أربعة أيام تقريبًا

ولتفادي شغب السلاحف في الطريق، صمم لويس أدوات واقية متنقلة بسيطة

كما جهّز الأطباء أعشابًا مهدئة خفيفة لتنويم السلاحف جزئيًا، وإبقائها شبه غائبة الوعي طول الرحلة

وفي رياح الخريف بأراضي المد الأحمر، وقف لويس على حصن المد الأحمر، ينظر إلى القافلة الراحلة تدريجيًا، آملًا أن تصل قريبًا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/22 · 152 مشاهدة · 1041 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025